منتديات فرح


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات فرح
منتديات فرح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» أفضل و أجمل طرق الجماع بالصور و شرح طرق الجماع بالصور
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2013 9:57 pm من طرف seif

» البيجامات الشتويه
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالخميس نوفمبر 14, 2013 1:44 pm من طرف نفيسة النكادي

» تعالوا نتعلم التطريز خطوة بخطوة../ غرزة الظل
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالثلاثاء أكتوبر 01, 2013 12:24 pm من طرف الوفاء اخلاص

» فيديو.. لحظة إطلاق الإخوان الخرطوش علي متظاهري الإسكندرية - See more at: http://almogaz.com/news/politics/2013/06/29/981646#sthash.LM2ITjLz.dpuf
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالسبت يونيو 29, 2013 11:41 am من طرف ashraf

» عاجل| أجهزة الأمن تلقي القبض على 6 مسلحين من التيار الإسلامي بالإسكندرية والقاهرة والدقهلية - See more at: http://almogaz.com/news/politics/2013/06/28/980720#sthash.7YiLhZQE.dpuf
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالجمعة يونيو 28, 2013 6:57 pm من طرف ashraf

» عودة القناصة بالآلي حول مقر الإخوان بالإسكندرية
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالجمعة يونيو 28, 2013 6:55 pm من طرف ashraf

» عودة القناصة بالآلي حول مقر الإخوان بالإسكندرية
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالجمعة يونيو 28, 2013 6:43 pm من طرف ashraf

» تحميل برنامج خاشع المؤذن للجوال نوكيا n73 - n95 - n70
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالإثنين ديسمبر 10, 2012 9:55 am من طرف waleedclim

» الديكور الخارجي والحدائق ...
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Emptyالخميس نوفمبر 15, 2012 1:17 pm من طرف steam84

التبادل الاعلاني
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
Admin
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
ايمان
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
محمد
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
ashraf
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
سهر الليالى
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
احمد
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
ابراهيم
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
nona
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
بهاء
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 
tete
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_rcapموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Voting_barموسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Vote_lcap 

الجزء الثالث المنتظر من فيلم الكوميديا والرومانسية "عمر وسلمى 3 " للنجم تامر حسني ومي عزالدين بحجم 466 ميجا

الإثنين فبراير 13, 2012 8:50 pm من طرف smsm

[size=21]فيلم[/size]

عمر و سلمى 3
SCR

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 330391374
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 756048764

كالعادة وزي ما عودناكم وبعد عرضه مباشرة
باعلى صوت وصورة


[size=12]الجزء ده كوميدي جدا وحلو اوووي
انصح الجميع بمشاهدته


[/size]





ملحوظة : الفيلم كامل من اول دقيقة لحد اخر دقيقة ومدته
1 ساعة و 36 دقيقة


قصة …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 0

فيلم الكوميديا " بنات العم " بطولة ثلاثي الضحك ابطال فيلم "سمير وشهير وبهير" بحجم 437 ميجا على اكثر من سيرفر

الإثنين فبراير 13, 2012 8:26 pm من طرف كامل

[size=21]فيلم[/size]

بنات العم

DVDSCR

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 242109889

في الوقت الي كل الناس لسة بترفع فيه اعلان الفيلم
جبنالكم الفيلم كامل من اول ثانية لاخر تتر


( الفيلم ده بجد ضحك للركب )

EnJoy

قصة الفيلم

الحديث عن اللعنات
التي تصيب الإنسان كثيرة وغريبة واغربها ما حدث بفيلم (بنات العم) حيث
ثلاث صديقات تصبهن لعنة غريبة فيتحولن إلى رجال....وبين الصدمة والوعي
يحاولن طوال احداث الفيلم فك …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 0

بإنفراد تام أسطورة الكوميديا عادل إمام فى فيلم العيد وقبل العيد زهايمير بجودة خرافية وتحميل مباشر على أكثر من سيرفر

الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 11:40 am من طرف ashraf

فيلم العيد
بجودة روووعـــة
ولن تجدها الا هنا وفقطـــ


عادل امام
فى

زهايمــــــــــر
NEAR DVD


الفيلم كامل من البداية للنهايــة ...
والصورة ثابتة وكاملة طوال الفيلم ,,,
والصوت واضح وكويس ..

فيما عدا اول دقيقة فقط لخلل الصوت داخل السينما نفسها موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 001_tongue




PosTer


موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 459387901

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

الفيلم الكوميدى الديكتاتور - نسخة فيديو سي دي فقط 236ميجا - على عدة سيرفرات

الجمعة أكتوبر 22, 2010 5:16 pm من طرف العنتيل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 632336633






قصه الفيلم
تدور أحداث فيلم الديكتاتور في إطار سياسي ساخر, حول حاكم يبطش بمن يرفض أو يعترض على أوامره, يخشاه الجميع بسبب دكتاتوريته الشديدة .
تدور بينه و بين أبنائه التوأم العديد من المواقف و الأحداث التي تتناول أزمات المواطن العادي إلى أن تحدث مفاجأة عنيفة تقلب الأمور رأسا على عقب

بطوله
خالد سرحان - حسن حسنى
مايا نصرى - عزت ابو عوف
ادوارد - …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

مجموعة من اقوي افلام نجم الكوميديا الرائع محمد هنيدي ( 12 فيلم ) نسخ DvDRip على اكثر من سيرفر ..

الأربعاء أكتوبر 20, 2010 11:06 am من طرف tete

مجموعة من اقوي افلام نجم الكوميديا الرائع محمد هنيدي 12 فيلم
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 2291.imgcache
- - - - - - - -
اسماعيلية رايح جاي
موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 1

RapidShare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

________________________

sendspace
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

فيلم العيد :: الرجل الغامض بسلامته :: CaM H.Q :: جودة عالية Rmvb :: نسختين 300 ميجا + 700 ميجا :: تحميل مباشر وعلى أكثر من سيرفر

الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:42 pm من طرف tete

فيلم العيد
# الرجل الغامض بسلامته #

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 18421327





القصة
شاب ( هاني رمزي) لا يجد مجال للوصول إلى النجاح إلا عن طريق ممارسة الكذب ، حيث يعتبر أن الكذب هو خير وسيلة للنجاح.
ورغم عمله كموظف في القطاع الخاص إلا أنه يراسل عدداً من الجهات الحكومية يطالبها بحل عدد من الأزمات العامة - مثل الرغيف والبطالة وأزمة الإسكان - وعندما تحدث المفاجأة و يصبح مشهوراً …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

فيلم الرعب المصرى ايناب بجوده dvdrip 200 ميجا برابط واحد على اكثر من سيرفر

الخميس مايو 13, 2010 7:47 pm من طرف احساس غريب

انياب

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 A11vs6








تتعطل سيارة بشاب وشابة فى ليلة ممطرة عند أحد البيوت فيدخلانه طلباً
للنجدة

ويكتشفان أنه منزل دراكولا ويعرض الفيلم أساساً الشخصيات المستغلة

مثل السباك والجزار أما شخصية دراكولا ليست إلا رمز لهذه الشخصيات المستغلة

على الحجار

منى جبر

احمد عدوية ـ دراكولا

طلعت زين

عهدى صادق ـ شلف

حسن الإمام



rapidshare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]





[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 2

اقوى مسلسلات رمضان - الكبير - احمد مكى - الحلقة 15 الاخيرة - على اكثر من سيرفر

الخميس سبتمبر 02, 2010 9:38 pm من طرف tete

تدور الاحداث فى احدى
قرى الصعيد ،عمدة القرية والملقب بالكبير قوى فى واخر ايامه يصارع الموت
ويحكى لابنه (الكبير) وهو وريثه الشرعى وشخص مفترى يستغل مكانة والده وهو
ينتظر اليوم الذى يحكم فيه البلد كعمدة بعدموت والده
يفاجئه الاب قبل موته بان له أخ توأم يعيش فى USA وان له 50% من الورث
الذى سوف يتركه له وفى العمودية كمان ،كما يحكى له كيف تعرف على والدته فى
احدى البارات وكيف انجبته هو وأخوه …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

حصريآ : فيلم صفر - واحد نسخه vcd ونسخه DVD بأعلى جوده على اكثر من سيرفر

الأحد مايو 30, 2010 2:19 pm من طرف tooooot

Film
O
ne - Zero

VCD &
DVD


--------

DVD

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 484270854
-------------

VCD

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 597904790

---------------------

معلومات اكتر عن
الفيلم


سيدة تبحث
عن حياتها من جديد من خلال طلاق معلق في المحاكم ..فهل تفوز السيدة
بحياتها

كما
يتناول الفيلم قصة حياة عدة أشخاص وتتزامن تلك القصص مع بطولة الأمم
الأفريقية الكروية

أثار
الفيلم …


[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 3


موسوعة التاريخ الإسـلامي

2 مشترك

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المأمون

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:01 pm

خلافة المأمون
(198-218هـ - 814-833م)
أصبح الأمر
فى المشرق والمغرب تحت سلطان المأمون وهو سابع خلفاء بنى العباس، لقد كان
المأمون فى ذلك الوقت واليًا من قبل والده على "خراسان" وكان يقيم فى
عاصمتها "مرو"، وكان من الطبيعى أن يفضِّلها بعد أن انفرد بالخلافة.
إنها
تضم أنصاره ومؤيديه، فهو هناك فى أمان واطمئنان، وكان الفرس يودون أن يبقى
"بمرو" لتكون عاصمة الخلافة، ولكنها بعيدة عن مركز الدولة، وهى أكثر
اتجاهًا نحو الشرق، مما جعل سيطرتها على العرب ضعيفة، بل إن أهل بغداد
أنفسهم دخلوا فى عدة ثورات ضد المأمون؛ حتى إنهم خلعوه أخيرًا، وبايعوا
بدلا منه عمه إبراهيم بن المهدى.
واضطر المأمون أخيرًا أن يذهب إلى
بغداد وأن يترك "مرو" للقضاء على هذه التحركات فى مهدها.
الإحسان إلى
الشيعة:
كان معظم أعوان المأمون من الفرس، ومعظمهم من الشيعة، ولهذا
اضطر المأمون لممالأه الشيعة وكسبهم إلى جانبه، فأرسل إلى زعماء العلويين
أن يوافوه فى عاصمته (وكانت مرو فى ذلك الوقت)، فلما جاءوه أحسن استقبالهم،
وأكرم وفادتهم، وما لبث بعد قليل أن عهد بولاية العهد إلى "على الرضا" وهى
طبعًا خطوة جريئة؛ لأن فيها نقلا للخلافة من البيت العباسى إلى البيت
العلوى.
ولم يكتفِ بهذا، بل غير الشعار من السواد وهو شعار العباسيين
إلى الخضرة وهى شعار العلويين.
ورغم اعتراض أقاربه من العباسيين، فإن
المأمون كان مصرًّّا على هذا الأمر، إذ كان يعتقد أن ذلك من بر على بن أبى
طالب -رضى الله عنه-.
وجاءت عمة أبيه زينب بنت سليمان بن على، وكانت
موضع تعظيم العباسيين وإجلالهم، وهى من جيل المنصور، وسألته: ما الذى دعاك
إلى نقل الخلافة من بيتك إلى بيت على؟ فقال: يا عمة، إنى رأيت عليّا حين
ولى الخلافة أحسن إلى بنى العباس، وما رأيت أحدًا من أهل بيتى حين أفضى
الأمر إليهم (وصل إليهم) كافأه على فعله، فأحببت أن أكافئه على إحسانه.
فقالت:
يا أمير المؤمنين إنك على بِرِّ بنى علىّ والأمر فيك، أقدر منك على برهم،
والأمر فيهم.
ولكن لم يلبث "على الرضا" أن مات وكان ذلك فى سنة 203هـ/
819م، وعلى كل حال لقد استطاع المأمون ببيعة "على الرضا" أن يقوى من
سلطانه؛ لأنه بهذه البيعة أمن جانب العلويين. ولكن قامت ضد الخليفة المأمون
ثورات عديدة اختلفت فى مدى عنفها وشدتها، واستطاع القضاء عليها جميعًا.
ثورة
مصر:
وكان أخطر هذه الثورات جميعًا ثورة مصر؛ ذلك أن جند مصر كانوا قد
اشتركوا فى خلافات الأمين والمأمون كل فريق فى جانب، وبعد أن انتهى الخلاف
بفوز المأمون، ظل الخلاف قائمًا بين جند مصر، وأصبح موضع الخلاف التنافس
على خيرات مصر، فكان الجند يجمعون الخراج لا ليرسل للخليفة، بل ليحتفظوا به
لأنفسهم.
وقد قامت جيوش المأمون كثيرًا بمحاربتهم مع أهل مصر الذىن
شاركوا فى هذه الثورات، ولكن هذه الثورات ما لبثت أن أشعلت من جديد حتى
أرسل إليهم جيشًا ضخمًا، فاستطاع القضاء على الثورة نهائيًا، كما تمكن
قائده "طاهر بن الحسين" من القضاء على ثورات العرب أنصار الأمين، وهكذا
سيطر على الدولة سكون وهدوء.
انتشار الإسلام:
وكان المأمون يكتب إلى
عمّاله على خراسان فى غزو من لم يكن على الطاعة والإسلام من أهل ما وراء
النهر، ولم يغفل المأمون عن قتال الروم، بل غزاهم أكثر من مرة، وخرج بنفسه
على رأس الجيوش الإسلامية لغزو الروم سنة 215هـ/830م، فافتتح حصن "قرة"
وفتح حصونًا أخرى من بلادهم، ثم رحل عنها، وعاود غزو الروم فى السنة
الثالثة سنة 216هـ، ففتح "هرقلة" ثم وجّه قواده فافتتحوا مدنًا كبيرة
وحصونًا، وأدخلوا الرعب فى قلوب الرومان، ثم عاد إلى دمشق، ولما غدر الروم
ببعض البلاد الإسلامية غزاهم المأمون للمرة الثالثة وللعام الثالث على
التوالى سنة 217هـ، فاضطر الروم تحت وطأة الهزيمة إلى طلب الصلح.
يرحم
الله المأمون، لقد كان عصره من أزهى عصور الثقافة العربية.
أخلاق
المأمون:
كان يقول: أنا والله أستلذ العفو حتى أخاف ألا أؤجر عليه، ولو
عرف الناس مقدار محبتى للعفو؛ لتقربوا إلى بالذنوب!
وقال: إذا أصلح
الملك مجلسه، واختار من يجالسه؛ صلح ملكه كله.
ورفع إليه أهل الكوفة
مظلمة يشكون فيها عاملا؛ فوقَّع: عينى تراكم، وقلبى يرعاكم، وأنا مولّ
عليكم ثقتى ورضاكم. وشغب الجند فرفع ذلك إليه، فوقَّع: لا يعطون على
الشغب، ولا يحوجون إلى الطلب.
ووقف أحمد بن عروة بين يديه، وقد صرفه على
الأهواز، فقال له المأمون: أخربتَ البلاد، وأهلكت العباد
فقال: يا أمير
المؤمنين، ما تحب أن يفعل الله بك إذا وقفتَ بين يديه، وقد قرعك بذنوبك؟
فقال: العفو والصفح.
قال: فافعل بغيرك ما تختار أن يفعل بك.

قال: قد فعلت.. ارجع إلى عملك فوالٍ مستعطِف خير من وال مستأنف.
وكتب
إلى على بن هشام أحد عماله، وقد شكاه غريم له: ليس من المروءة أن تكون
آنيتك من ذهب وفضة ويكون غريمك عاريًا، وجارك طاويًا.
وهكذا كان
المأمون.. حتى لقد وصفه الواصفون بأنه من أفضل رجال بنى العباس حزمًا
وعزمًا وحلمًا وعلمًا ورأيًا ودهاءً، وقد سمع الحديث عن عدد كبير من
المحدّثين، وبرع فى الفقه واللغة العربية والتاريخ، وكان حافظًا للقرآن
الكريم.
النهضة العلمية:
جاء فى كتاب قصة الحضارة: أنه أرسل إلى
القسطنطينية وغيرها من المدن الرومانية يطلب أن يمدوه بالكتب اليونانية،
خاصة كتب الطب والعلوم الرياضية، وعندما وصلت هذه الكتب إلى أيدى المسلمين
قاموا بترجمتها وفحصها ودراستها، وأنشأ المأمون فى بغداد "بيت الحكمة" سنة
214هـ/829م، وهو مجمع علمى، ومكتبة عامة، ومرصد فلكى، وأقام فيه طائفة من
المترجمين، وأجرى عليهم الأرزاق من بيت المال، فاستفاد المسلمون من هذه
الكتب العلمية، ثم ألفوا وابتكروا فى كافة العلوم، التى أسهمت فى نهضة
أوروبا يوم أن احتكت بالعرب فى الحروب الصليبية وغيرها.
وكان للمدارس
التى فتحها المأمون فى جميع النواحى والأقاليم أثرها فى نهضة علمية مباركة.
إلا
أن الاطلاع على بعض فلسفات الأمم الأخرى قد جعل العقل يجتهد فى أمور خارج
حدوده وتفكيره، ومن هنا نشأ الفكر الاعتزالى الذى يُعْلى من قيمة العقل،
ويجعله حكمًا على النص دون حدود أو قيود.
الإسلام قد رفع من العقل، لكنه
حدد له حدودًا يعمل فيها.
لقد سمح المأمون لأولئك الذين اعتمدوا على
العقل والمنطق فى كل شىء بالتعبير عن آرائهم، ومعتقداتهم، ونشر مبادئهم من
غير أن يتقيدوا بقيد أو يقفوا عند حد، فكان هذا من سوءاته التى أحدثت بين
علماء المسلمين فتنة دامت تسع عشرة سنة، إلى أن شاء الله تعالى لتلك الفتنة
أن تخمد، ولقد وصف الإمام السيوطى المأمون بقوله: "إنه كان من أفضل رجال
بنى العباس لولا ما أتاه من محنة الناس". وانتقل المأمون إلى مولاه -سبحانه
وتعالى- بعد حياة حافلة بالإنجازات فى مختلف نواحى الدولة.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المعتصم

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:02 pm

خلافة المعتصم
(218-227هـ - 833-842م)
تولى
"المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد" الخلافة بعد أخيه المأمون، لقد بويع
له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بـ"طرسوس".
بناء سامرَّا:
فى سنة
221هـ بنى المعتصم مدينة "سُرَّ مَنْ رَأَى" أو "سَامِرَّاء"؛ وذلك أن
بغداد ضاقت بكثرة الغلمان الترك الذين جلبهم المعتصم، فاجتمع إليه رجال من
بغداد، وقالوا: إن لم تخرج عنا بهذا الجند حاربناك. قال: وكيف تحاربوننى؟
قالوا: بسهام الأسحار. قال: لا طاقة لى بذلك، فكان ذلك سبب بنائه "سر من
رأى" وإقامته بها.
فتح عمورية:
ولا ينسى التاريخ للمعتصم "فتح
عمورية" سنة 223هـ/ 838م، يوم نادت باسمه امرأة عربية على حدود بلاد الروم
اعتُدِىَ عليها، فصرخت قائلة: وامعتصماه! فلما بلغه النداء كتب إلى ملك
الروم: من أمير المؤمنين المعتصم بالله، إلى كلب الروم، أطلق سراح المرأة،
وإن لم تفعل، بعثت لك جيشًا، أوله عندك وآخره عندى. ثم أسرع إليها بجيش
جرار قائلا: لبيك يا أختاه!
وفى هذه السنة (223هـ) غزا الروم وفتح
"عمورية"، وسجل أبو تمام هذا الفتح العظيم فى قصيدة رائعة.
هذا هو
المعتصم رجل النجدة والشهامة العربية، كتب إليه ملك الروم كتابًا يتهدده
فيه، فأمر أن يكتب جوابه، فلما قرئ عليه لم يرضه، وقال للكاتب: اكتب.
بسم
الله الرحمن الرحيم.. أما بعد، فقد قرأت كتابك، والجواب ما ترى لا ما
تسمع: (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار) [الرعد: 42].
قال إسحق الموصلى:
سمعتُه يقول: من طلب الحق بما هُو له وعليه؛ أدركه.
مواجهة الثورات:
لقد
تحركت فى عهده ثورات: ثورة الزط، وهم قوم من السند (باكستان وبنجلاديش
الآن)، وانضم إليهم نفر من العبيد فشجعوهم على قطع الطريق، وعصيان الخليفة،
وكان ذلك سنة 220هـ/835م؛ حيث عاثوا بالبصرة فسادًا، وقطعوا الطريق ونهبوا
الغلات، فندب "المعتصم" أحد قواده بقتالهم وانتصر عليهم.
وكانت هناك
طائفة أخرى تسمى "الخُرَّمية" تنسب إلى أحد الزنادقة، ويسمى بابك
الْخُرَّمى، وانضم خلق كثير من أهل فارس حول هذا الشيطان اللعين، وكان أول
ظهور لهم سنة 021هـ، واستفحل أمرهم، فلما صار الأمر إلى المعتصم سنة 220هـ/
835م، أخذ فى إصلاح ما أفسده الخرمية بقيادة الأفشين حيدر بن كاوس، فتمكن
من الانتصار عليهم، وجىء بزعيمهم بابك إلى المعتصم فأمر بقطع يدى بابك
ورجليه، ثم جز رأسه وشق بطنه لعنه الله. لقد قتل من المسلمين فى مدة ظهوره
مائتى ألف وخمسة وخمسين ألف وخمسمائة إنسان، وأسر خلقًا لا يحصون، وأباح
الحرمات، ونكاح المحرمات.
وثار أحد العلويين بـ"الطالقان" من "خراسان"
وهو محمد بن القاسم بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، فقاتله عبد الله
ابن طاهر مرة بعد أخرى حتى قبض عليه وسيق إلى السجن.
وهكذا كانت تقوم
ثورات ويقضى عليها، ولكن ذلك لم يمنع المعتصم من الاهتمام بالعمران والبناء
فبنى مدينة سامرّا أو (سر من رأى) بشرقى نهر دجلة، ومد إليها نهرًا سماه
نهر الإسحاقى.
وعندما احترقت "سوق الكرخ" عوض التجار عن خسائرهم، واهتم
بالبريد فى أيامه حتى أصبحت الرسائل تصل بسرعة أكثر مما كانت عليه من قبل.
الاستعانة
بالترك:
وإذا كان سابقوه من الخلفاء قد استعانوا بالفرس، فإن المعتصم
كان محبّا للعنصر التركى، حتى اجتمع له منهم أربعة آلاف جندى، وأقطعهم
الإقطاعات الكبيرة فى مدينة سامرّا حتى لايضايق أهل بغداد، وكما كان للفرس
دورهم فى حياة الدولة العباسية منذ نشأتها فإن العنصر التركى أصبح له دوره.
رحمه
الله، لقد كانت خلافته ثمانى سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وهو ثامن
الخلفاء من بنى العباس، ومات عن ثمانية بنين وثمانى بنات، وتولى الخلافة
سنة ثمان عشرة ومئتين، وفتح ثمانية فتوح فكان يلقب بالمثمن، وكان طيب
النفس، ومن أعظم الخلفاء وأهيبهم.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة الواثق بالله

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:03 pm

خلافة الواثق بالله
(227-232هـ/ 842-847م)
ولقى
المعتصم ربه، وجاء من بعده ابنه الواثق بالله هارون بن المعتصم سنة 227هـ/
842م.
أدب الواثق:
وكانوا يسمونه المأمون الصغير لأدبه وفضله، وكان
المأمون يجلسه وأبوه المعتصم واقف، وكان يقول: يا أبا إسحاق لا تؤدب هارون،
فإنى أرضى أدبه، ولا تعترض عليه فى شىء يفعله.
قال حمدون نديم المتوكل:
ما كان فى الخلفاء أحلم من الواثق ولا أصبر على أذى وخلاف.
دخل مؤدب
الواثق هارون بن زياد عليه، فأكرمه الواثق، وأظهر من بره ما شهّره به، فقيل
له: يا أمير المؤمنين؛ مَنْ هذا الذى فعلتَ به ما فعلت ؟ قال: هذا أول من
فَتَق لسانى بذكر الله، وأدنانى من رحمته. وقال يحيى بن أكثم: لم يحسن أحد
من خلفاء بنى العباس إلى آل أبى طالب إحسان الواثق، ما مات وفيهم فقير.
قال
الواثق لابن أبى دُؤاد وزيره، وقد رجع من صلاة العيد: هل حفظت من خطبتى
شيئًا؟ قال: نعم قولك يا أمير المؤمنين: "ومن اتبع هواه شرد عن الحق
منهاجه، والناصح من نصح نفسه، وذكر ما سلف من تفريطه، فطهر من نيته، وثاب
من غفلته، فورد أجله، وقد فرغ من زاده لمعاده، فكان من الفائزين".
هذا
هو الواثق بالله، كانت خلافته خمس سنوات، قضى فيها على الثورات التى قامت
فى عهده، ولقَّن الخارجين على الدين والآداب العامة درسًا لا ينسى، وعزل من
انحرف من الولاة، وصادر أموالهم التى استولوا عليها ظلمًا وعدوانًا، وأغدق
على الناس بمكة والمدينة حتى لم يبقَ سائل واحد فيهما.
وفى عهده فتحت
جزيرة "صقلية"، فتحها الفضل بن جعفر الهمدانى سنة 228هـ/ 843م.
وقد
رأينا أن العصر العباسى الأول قد اشتمل على عهود تسعة خلفاء يبدأ حكمهم
بأبى العباس السفاح سنة 132هـ/ 750م، وينتهى بتاسع الخلفاء العباسيين وهو
الواثق الذى توفى سنة 232هـ/ 847م.
ولم يكد عهد المعتصم ينتهى حتى ساد
الضعف والانحلال وأخذا يزيدان يومًا بعد يوم حتى انتهت الدولة العباسية على
يد هولاكو التترى سنة 657هـ/ 1258م، وكأن هذه الدولة التى عاشت خمسة قرون
لم تكن زاهرة إلا فى قرنها الأول ثم عاشت قرونها الأربعة الباقية فى ضعف
متزايد.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty العصر العباسى الثانى

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:08 pm

العصر العباسى الثانى
(عصر نفوذ الأتراك)
(232-334هـ/847
-946م)
يبدأ العصر العباسى الثانى بخلافة المتوكل سنة 232هـ/ 847م،
وينتهى فى 334هـ/ 946م، فى خلافة المستكفى بالله عبدالله بن المكتفى بن
المعتضد.
ويعرف العصر العباسى الثانى بعصر "نفوذ الأتراك" حيث برز
العنصر التركى، واستأثر بالمناصب الكبرى فى الدولة، وسيطر على الإدارة
والجيش.
وقد تمت الاستعانة بهذا العنصر التركى المجلوب من إقليم
"تركستان" و"بلاد ما وراء النهر"، استعان بهم المأمون والمعتصم فى العصر
"العباسى الأول".
وظهرت بوادر هذا الضعف فى مستهل هذا العصر الذى تختلف
ملامحه عن العصر العباسى الأول.


خلافة المتوكل
(232 - 247هـ/ 947 - 861م)
هو عاشر
الخلفاء العباسيين، المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بن الرشيد.
لقد
بويع له بعد الواثق، وبدأ عهده بداية موفقة، فقد أمر بإظهار السنة، والقضاء
على مظاهر الفتنة التى نشأت عن القول بخلق القرآن.
وكتب إلى كل أقاليم
الدولة بهذا المعنى، ولم يكتف بهذا، بل استقدم المحدِّثين والعلماء إلى
مدينة "سامرَّا" وطلب منهم أن يحدثوا بحديث أهل السنة لمحو كل أثر للقول
بخَلْق القرآن، وراح العلماء يتصدون لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، وأظهر
المتوكل إكرام الإمام "أحمد بن حنبل" الذى قاوم البدع، وتمسك بالسنن، وضرب
وأوذى وسجن.
لقد استدعاه المتوكل إليه من "بغداد" إلى "سامرا" وأمر له
بجائزة سنية، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من
ملابسه، فاستحيا منه الإمام أحمد كثيرًا فلبسها إرضاء له، ثم نزعها بعد
ذلك.
ويذكر للمتوكل تعيينه ليحيى بن أكثم لمنصب قاضى القضاة، وكان يحيى
بن أكثم من كبار العلماء، وأئمة السنة، ومن المعظمين للفقه والحديث.
هذا
ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها وأعاد الأمن والطمأنينة للبلاد.
غارات
الروم:
وفى سنة 238هـ قام الروم بغزو بحرى مفاجئ من جهة دمياط، وهم
الذين أدبهم المعتصم وأخرسهم فى واقعة عمورية، لكنهم بعثوا بثلاثمائة مركب
وخمسة آلاف جندى إلى دمياط، وقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا، وحرقوا المسجد
الجامع والمنبر، وأسروا نحو ستمائة امرأة مسلمة، وأخذوا كثيرًا من المال
والسلاح والعتاد، وفر الناس أمامهم، وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى
بلادهم منتصرين.
ولم تمضِ ثلاث سنوات على هذا الغزو حتى عاود الروم
عدوانهم على البلاد؛ فأغاروا على ثغر من الثغور يسمى "عين زربة" (بلد
بالثغور قرب المصيصة بتركيا حصَّنها الرشيد)، وأسروا بعض النساء والأطفال،
واستولوا على بعض المتاع.
واستمرت المناوشات ومعارك الحدود بين الروم
والمسلمين منذ سنة 238هـ -853م وحتى سنة 246هـ-860م بقيادة على بن يحيى
الأرمنى.
وكان الروم قد أجهزوا على كثير من أسرى المسلمين الذين رفضوا
التحول إلى النصرانية؛ لأن أم ملك الروم كانت تعرض النصرانية على الأسارى
فإن رفضوا تقتلهم، وتم تبادل الأسرى بمن بقى حيّا من المسلمين فى السنتين
الأخيرتين.
غارات الأحباش:
وعلى حدود مصر وبالقرب من بلاد النوبة،
كان المصريون يعكفون على استخراج الذهب والجواهر الكريمة، وإذا بطائفة من
الأحباش على مقربة من "عيذاب" على البحر الأحمر يعرفون باسم "البجة" يهجمون
على تلك المناجم، ويقتلون عددًا كبيرًا من عمالها المسلمين، ويأسرون بعض
نسائهم وأطفالهم مما جعل العمل فى هذه المناجم يتوقف أمام هذه الهجمات.
ويحاط
المتوكل علمًا بما حدث، ويستشير معاونيه، ولكن معاونيه أخبروه بما يعترض
إرسال الجيش من عقبات تتمثل فى أن أهل "البجة" يسكنون الصحارى، ومن الصعب
وصول جيش المتوكل إليهم، فلم يرسل إليهم فى بادئ الأمر، وتمادى البجة فى
عدوانهم وتجرءوا، فأخذوا يُغيرون على أطراف الصعيد، حتى خاف أهله على
أنفسهم وذرياتهم، واستغاث أهل الصعيد بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن
عبد الله القمى من عشرين ألف رجل، على أن يعينه القائمون بالأمر فى مصر بما
يحتاج إليه الجيش من طعام وشراب ومؤن.
والتقى الجيش مع هؤلاء المتمردين
المعتدين، حتى فرقهم وقضى على جموعهم سنة 241هـ/ 856م، قاتلهم الله! لقد
كانوا من عُبَّادِ الأصنام.
إصلاح الداخل:
وحاول المتوكل إصلاح ما
فسد، فراح يعزل الكثير من عمال الولايات، ويصادر أملاكهم بعد أن عَمَّت
الشكوى، وتفشى الفساد، مثلما عزل يحيى بن أكثم عن القضاء، وولى جعفر بن
عبدالواحد مكانه، وكذلك عزل عامله على المعونة أبا المغيث الرافعى وعين
مكانه محمد بن عبدويه.
ريح شديدة:
ولكنه لم يكد يُحكم سيطرته على
العمال والولاة حتى هبت ريح سَمُوم، أكلت الأخضر واليابس، وأهلكت الزرع
والضرع فى الكوفة والبصرة وبغداد، واستمرت خمسين يومًا أوقفت فيها حركة
الحياة، وقتلت خلقًا كثيرًا.
زالزال مدمر:
ويشاء الله أن يأتى زلزال
فيؤدى إلى قتل عدد كبير من الناس، لقد بدأت الزلازل فى السنة التى تولى
فيها المتوكل أمر المسلمين حيث تعرضت دمشق لزلزلة هائلة تهدمت بسببها الدور
والمنازل، وهلك تحتها خلق كثير.
وامتدت الزلزلة إلى أنطاكية فهدمتها،
وإلى الجزيرة العراقية فقضت عليها، وإلى الموصل فأدت إلى وفاة خمسين ألفًا.
وفى سنة 242هـ/ 857م، زُلْزِلَت الأرض زَلْزلَةً عظيمة "بتونس" وضواحيها،
و"الرَّى" و"خراسان"، و"نيسابور"، و"طبرستان"، و"أصبهان"، وتقطعت الجبال،
وتشققت الأرض، ومات من الناس خلق كثيرون.
أما فى سنة 245هـ، فقد كثرت
الزلازل، وشملت أماكن عديدة حتى قيل: إنها عمت الدنيا. وكان لابد أن تصاب
الحياة بالشلل، ويعم الخراب والدمار والبؤس.
ورع المتوكل:
هذا هو
المتوكل، وهذا هو عصره، يقول أحد المقربين إليه: قال المتوكل: إذا خرج
توقيعى إليك بما فيه مصلحة للناس، ورفق بالرعية، فأنفذْه ولا تراجعنى فيه،
وإذا خرج بما فيه حَيْف (ظلم) على الرعية فراجعنى؛ فإن قلبى بيد الله-عز
وجل-.
يقول المؤرخون: إن الخلافة طبعت فى هذا العصر بطابع الوهن والضعف
لازدياد نفوذ الأتراك فى الدولة العباسية حتى أصبح خلفاء هذا العصر
العباسى الثانى مسلوبى السلطة، ضعيفى الإرادة، بسبب تدخل الأتراك فى شئون
الدولة، وتنصيب من يشاءون، وعزل من يشاءون، أو قتله، كما طبع هذا العصر
بطابع تدخل النساء فى شئون الدولة، وكثرة تولية الوزراء وعزلهم، وتولية
العهد أكثر من واحد مما أدى إلى قيام المنافسة بين أمراء البيت الواحد.



الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المنتصر

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:18 pm

خلافة المنتصر
(247-248هـ /861-862م)
فى سنة (
247هـ /861م) ولَّى المتوكل أولاده الثلاثة: المنتصر، والمعتز، والمؤيّد
العهد، وقدم ابنه المعتز على المنتصر، فأدى ذلك إلى اغتيال الخليفة المتوكل
بيد ابنه المنتصر، وتحريض الأتراك.
ولا عجب، فقد حاول بعض هؤلاء
الأتراك اغتيال هذا الخليفة بدمشق من قبل، ولكنهم لم يفلحوا، فانتهزوا فرصة
غضب المنتصر على أبيه وانضموا إليه، وقتلوه، ويجلس الابن القاتل على العرش
مكان أبيه، وينضم إليه الأتراك ثانية للتخلص من أخويه لكيلا ينتقما منه
لأبيهما وخاصة المعتز.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المستعين

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:19 pm

خلافة المستعين
(248-251هـ /862-865م)
وعلى الرغم
من قصر عهد المنتصر (247- 248هـ)، فكانت خلافته ستة أشهر وأيامًا، فإن
الأتراك عملوا على تحويل الخلافة من أبناء المتوكل إلى أبناء المعتصم،
فولوا أحمد بن المعتصم ولقبوه بـالمستعين.
وفى عهده تفاقم نفوذ الأتراك
وعلى رأسهم: "بُغَا الكبير"، و"بغا الصغير"، و"أتامش"، و"باغر"، ولم يلبث
بعض هؤلاء الأتراك الذين أجلسوا هذا الخليفة على العرش أن انقلبوا عليه
بعدما أشيع عن عزمه الفتك بهم، ومن ثم قامت فتن وحروب، وانتهى الأمر بعزل
المستعين وتولية المعتز بن المتوكل.
ولم يكتف الأتراك بعزل المستعين
ونفيه إلى "واسط"، بل قتلوه. لقد كان المستعين -رحمه الله- مستضعفًا فى
رأىه وتدبيره، ولم يكن له حيلة مع الأمراء الأتراك.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المعتز

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:20 pm

خلافة المعتز
(251-255هـ /865-869م)
ذهب المستعين
وجاء المعتز بن المتوكل ، وكان الخليفة الجديد ألعوبة فى أيدى الأتراك،
مسلوب السلطة، مكسور الجناح!
ولا عجب فإن وجوده فى الحكم مرتبط برضا
أولئك الأتراك عنه، وياويله إن غضبوا عليه!
لقد تغلغل نفوذهم فى الدولة،
وتسلطوا على حياة الخلفاء. وكان الخليفة المعتز يخاف منهم، ولا يهنأ
بالنوم، ولا يخلع سلاحه فى ليل ولا نهار، خوفًا من أولئك الأتراك وعلى
رأسهم "بغا الصغير".
الاستعانة بالمغاربة والفراغنة:
لم يكن أمامه
إلا أن يستعين بالمغاربة والفراغنة للتخلص من الأتراك الذين عملوا بدورهم
على التخلص منه، وطالبوه برواتبهم، وثاروا فى وجهه، وقبضوا عليه، وقتلوه
بعد أن مثلوا به.



الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المهتدى

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:21 pm

خلافة المهتدى
(255- 256هـ/869 - 870م)
سيطرة
الأتراك:
لقد ودعنا المعتز لنستقبل المهتدى. ولم يكن فريدًا بين خلفاء
عصره، ولا متميزًا، بل كان كغيره من الخلفاء العباسيين الأواخر، ألعوبة فى
أيدى أولئك الأتراك وخاصة "موسى بن بغا"، وليس أدل على ذلك من أن كتاب صاحب
البريد "بهمذان" لما ورد على المهتدى بفصل موسى بن بغا عنها (وهى ثغر من
ثغور بلاد الإسلام) رفع المهتدى يديه إلى السماء، ثم قال بعد أن حمد الله
وأثنى عليه: "اللهم إنى أبرأ إليك من فعل موسى بن بغا وإخلاله بالثغر
وإباحته العدو، فإنى قد أعذرت إليه فيما بينى وبينه، اللهم تولَّ كيد من
كايد المسلمين، اللهم انصر جيوش المسلمين حيث كانوا، اللهم إنى شاخص بنيتى
واختيارى إليك حيث نكب المسلمون فيه، ناصرًا لهم ودافعًا عنهم، اللهم
فأْجرنى بنيتى إذ عدمت صالح الأعوان. ثم انحدرت دموعه واستغرق فى البكاء.
ورع
المهدى:
وإن كان يمتاز بشىء فإنه كان أحسنهم سيرة وأظهرهم ورعًا،
وأكثرهم عبادة حتى إنه تشبه بعمر بن عبدالعزيز، وجلس للمظالم، وحاول أن
يستعين ببعضهم على بعض، لكن كان من الصعب عليه أن يحقق ما يريد وزمام الجيش
فى يد الأتراك، ولانتقاض "بايكباك" عليه وكان بالأمس نصيره، وانضمامه إلى
"موسى بن بغا".
مصرع الخليفة:
وقد استعان المهتدى عَلَى موسى بن بغا
وبايكباك بالفراغنة والمغاربة، ودارت بين المهتدى وأعوانه وبين بايكباك
واقعة انتهت بهزيمة المهتدى وأعوانه من الفراغنة والمغاربة وفرارهم، وفر
المهتدى هاربًا إلى دار أبى صالح بن يزداد فدخلها ونزع ثيابه وسلاحه، فذهب
إليه نحو من ثلاثين رجلا فأخذوه من البيت وهو جريح وعذبوه حتى مات بعدها
بيومين سنة 256هـ/ 870م.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المعتمد على الله

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:23 pm

خلافة المعتمد على الله
(256-279هـ/870-892م)
أما
الخليفة الجديد وهو المعتمد على الله أحمد بن المتوكل بن المعتصم، فقد
اعتلى العرش على أيدى الأتراك الذين أخرجوه من "الجوسق" الذى حبسه فيه
المهتدى، وكان كما يقول السيوطى: "أول خليفة قهر وحجر عليه ووُكِّل به".
نفوذ
أخيه الموفق:
ولا عجب فقد شل أخوه "أبو أحمد الموفق طلحة" يده عن
مباشرة أمور الدولة حتى أصبح مسلوب الإرادة، وكانت دولته عجيبة الوضع، فقد
كان هو وأخوه الموفق كالشريكين فى الخلافة، للمعتمد الخطبة والسكة والتسمى
بإمرة المؤمنين ولأخيه طلحة الأمر والنهى، وقيادة العساكر، ومحاربة
الأعداء، ومرابطة الثغور، وترتيب الوزراء والأمراء، وكان المعتمد مشغولا
عنه بلذاته، وكان أخوه الموفق أمير جيوشه وصاحب الفضل فى القضاء على ثورة
الزنوج، وأمام هذا الوضع الغريب لم يكن أمام المعتمد إلا أن يترضى الأتراك،
ويصانعهم، وخاصة قائدهم موسى بن بغا، وقسم دولته بين ابنه جعفر وسماه
المفوض وخصه بالبلاد الغربية، وضم إليه موسى بن بغا فحكمها باسمه، وولى
أخاه أبا أحمد طلحة بعد ابنه المفوض، وسماه الموفق، وخصه بالبلاد الشرقية،
وبذلك ضعفت الخلافة فى عهد المعتمد الذى أصبح مسلوب السلطة أمام أخيه
الموفق والأتراك. ولقد شهد عصره ثورة الزنج التى استمرت أربع عشرة سنة
وأربعة أشهر، وراح ضحيتها الكثير، وأمكن فى عهده القضاء عليها سنة 270هـ/
884م.
ثورة القرامطة:
كما شهدت آخر سنتين فى خلافته ثورة "القرامطة"
بالكوفة وقد تحركوا سنة 278هـ/ 891م، وهم ينسبون إلى قرمط بن الأشعث، وقد
استجاب له جمع كثير، وتعد فرقة القرامطة من الزنادقة لانحراف تفكيرهم،
وحرصهم على هدم الدين الإسلامى والقضاء عليه.
وليس من العجيب أن نرى
القوى الهدامة تتعاون على هدم الإسلام، فقد سار قرمط إلى صاحب الزنج قبل
هلاكه ليتفق معه على هدم الإسلام وتخريب دياره، وقد تحركت جموعهم إلى بلاد
الحجاز ودخلوا المسجد الحرام، وسفكوا دم الحجيج، واقتلعوا الحجر الأسود،
وذهبوا به إلى بلادهم سنة 317هـ/ 929م.
الانتصار على الروم:
أما
بالنسبة للروم فقد أقدمت الروم فى سنة 259هـ/873م على مهاجمة "سميساط"، ثم
"ملطية" من مدن الثغور، ولكن أهلهما قاتلوا عنهما قتالا شديدًا، وهزموا
الروم، بل وقتلوا بطريقًا من بطارقة الروم كان مع الجيش الغازى يبارك
خطواته!
وظلت الحرب سجالا بين الروم والمسلمين حتى كانت سنة 270هـ/ 884م
؛ حيث انتصر المسلمون انتصارًا ساحقًا فى سنة 270هـ/884م على الروم حين
أقبلوا فى مائة ألف مقاتل، ونزلوا قريبًا من "طرسوس"، فخرج إليهم يازمان
الخادم حتى قتلوا منهم سبعين ألفًا، وقتل قائدهم الذرياس وهو بطريق
البطارقة، وجرح أكثر الباقين، وغنم المسلمون غنائم عظيمة، منها صلبانهم
الذهبية المكللة بالجواهر.
وهكذا طالت أيام ملك أحمد المعتمد بن جعفر
المتوكل. والحق يقال: إن أخاه "الموفق" عاونه معاونة كبيرة على قهر
أعدائه.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المعتضد

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:23 pm

خلافة المعتضد
(279-289هـ/892 - 902م)
تولى
الخلافة بعد وفاة عمه المعتضد. يقول المؤرخون: لما ولى "المعتضد" حسنت
آثاره، وعمر الدنيا، وضبط الأطراف، وأحسن السياسة. وقيل: إنه أفضت إليه
الخلافة وليس فى الخزانة إلا سبعة عشر درهمًا، ومات وخلّف ما يزيد على
عشرين ألف ألف دينار.
رحمه الله، ففى عهده انتعشت الخلافة العباسية،
ودبت فيها الحياة من جديد حتى أصبحت الدولة قوية مهيبة تخشاها الدول.
ويقول
الإمام السيوطي: "لقد كانت أيامه طيبة، كثيرة الأمن والرخاء، وكان قد أسقط
المكوس- ما يشبه الضرائب فى العصر الحديث-، ونشر العدل، ورفع الظلم عن
الرعية، كما كان يسمى السفاح الثانى لأنه جدد ملك بنى عباس، وكان من ذوى
الرأى والصلاح.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المكتفى بالله

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:25 pm

خلافة المكتفى بالله
(289-295هـ/ 902-908م)
لقد
مات "المعتضد" و"المعتمد" من قبله، ميتة طبيعية بعكس الخلفاء الذين فتك بهم
الأتراك، وقد آلت الخلافة من بعد المعتضد إلى ابنه أبى محمد على الذى تلقب
بـ"المكتفى بالله" سنة 289هـ/ 902م، واستمرت خلافته حتى سنة 295هـ/ 908م.
ولقد
بدأ عهده بداية طيبة؛ فأمر بهدم المطامير "السجون" التى كانت معدة
للمسجونين، وأمر ببناء جامع مكانها، وأمر برد البساتين والحوانيت التى كانت
قد أخذت من بعض الناس؛ فأحبه الناس لسيرته الحسنة، وأعماله المجيدة.
القضاء
على القرامطة:
ولكن لم يخلُ عهده -كسابقيه- من ثورات، والحديث عن
الثورات فى عهد الخلفاء متجدد، وعدوان الروم متواصل، ولا يكاد خليفة يتفرغ
للإصلاح والتعمير حتى يفاجأ بمثل تلك الثورات، وذلك العدوان، إنها
المؤامرات على الإسلام والمسلمين، التى تستهدف إعاقة المسيرة، وهدم الدولة،
وإفساد العقيدة.
لقد حاصر "القرامطة" دمشق، وضيقوا عليها حتى أشرف
أهلها على الهلاك، وكان ذلك فى سنة 290هـ/ 303م، وتواصل عدوانهم على البلاد
المجاورة، وخرجت جيوش من مصر للدفاع عن دمشق، وتحركت نجدة من بغداد، وكان
القرامطة قد عاثوا فى الأرض فسادًا وقتلوا الحجاج، واعتدوا على أعراض
المسلمات، وقويت شوكتهم، ولم تستطع النجدات سحقهم وقطع دابرهم حتى سنة
291هـ/ 304م؛ حيث استطاع جيش الخليفة أن يرد كيدهم فى نحرهم، ويقضى على
معظمهم بعد أن بلغه ما فعلوه بالحجاج.
تبادل الأسرى مع الروم:
وأغار
الروم على البلاد، وكان الرد حاسمًا وعنيفًا، وختمت العلاقات بين المسلمين
والروم فى خلافة المكتفى، بتبادل الأسرى وفدائهم، وقد استنقذ ثلاثة آلاف
نسمة من أيدى الروم ما بين رجال ونساء وأطفال.
زلزال وريح وفيضان:
رحم
الله المكتفى لم يسلم عهده من زلزلة عظيمة هزت بغداد كلها، ودامت أيامًا،
وذهب ضحيتها خلق كثير، وهبت ريح بالبصرة لم يُرَ مثلها، وزادت مياه دجلة
زيادة كبيرة ففاض الماء وأغرق الأرض، وخرب الديار والزروع، لقد دامت خلافة
المكتفى ست سنوات وستة أشهر، ولقى ربه سنة 295هـ/ 908م، وروى أنه قال عند
موته: والله ما آسى إلا على سبعمائة ألف دينار صرفتها من مال المسلمين فى
أبنية ما احتجت إليها، وكنت عنها مستغنيًا، أخاف أن أسأل عنها، وإنى أستغفر
الله منها.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المقتدر

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:26 pm

خلافة المقتدر
(295-320هـ/9 08-932م)
ولما حضرت
المكتفى الوفاة، أحضر أخاه "المقتدر" وفوض إليه أمر الخلافة من بعده، وأشهد
على ذلك القضاة.
ترى كم كان عمر هذا "المقتدر" حين عهد إليه بالخلافة،
خلافة أكبر دولة على الأرض آنذاك ؟
كان عمره ثلاث عشرة سنة وشهرًا
واحدًا وواحدًا وعشرين يومًا. ولم يلِ الخلافة قبله من هو أصغر منه.
ويرجع
السبب فى اختياره إلى صغر سنه ليكون أسلس قيادًا، ولكن "المقتدر" لم يلبث
أن خلع، وبويع "عبد الله بن المعتز" ولقب "الغالب بالله"، إلا أن أتباع
الخليفة المخلوع أعادوه إلى العرش، ولم يمكث "عبد الله بن المعتز" الذى كان
شاعرًا رقيقًا فى الخلافة إلا ليلة واحدة.
قيادة النساء:
نحن الآن
إذن مع "المقتدر" وعهده، يقول المؤرخون: إن عهده كان عهد فتن وقلاقل، فقد
ترك النساء يتدخلن فى أمور الدولة، ويصرِّفن شئونها، فقد ذكر ابن الأثير أن
هذا الخليفة اشتهر بعزل وزرائه، والقبض عليهم، والرجوع إلى قول النساء
والخدم، والتصرف على مقتضى آرائهن. ولاعجب، فقد أصبح الأمر والنهى بيد أمه
التى يطلق عليها المؤرخون اسم "السيدة".
ويا ويل من غَضِبَ عليه من
الوزراء، إن أقل مصير ينتظره هو العزل، ولا تسل عن الأحوال، فالخطاب يقرأ
من عنوانه؛ لقد اضطربت أحوال الدولة العباسية فى عهد "المقتدر" فخرج عليه
"مؤنس الخادم" أحد القواد فى سنة 317هـ/ 929م، وأرغم هذا الخليفة على
الهرب، وبايع هو وغيره من الأمراء "محمد بن المعتضد" ولقبوه: "القاهر
بالله" ، وطلب الجند أرزاقهم فى الوقت الذى قامت فيه الاحتفالات بتقليد
الخليفة الجديد للخلافة، وحملوا المقتدر على أعناقهم، وردوه إلى دار
الخلافة، وعزلوا القاهر، فأخذ يبكى ويقول: الله الله فى نفسى!
وهنا
استدناه "المقتدر" وقبله، وقال له: يا أخى، أنت والله لاذنب لك، والله لا
جرى عليك منى سوء أبدًا فطب نفسًا.
قوة القرامطة:
وكان لابد أن يتحرك
القرامطة فى خلافة المقتدر فنزلوا البصرة سنة 299هـ/ 912م، والناس فى
الصلاة، وخرج أهلها للقائهم وأغلقت أبواب البصرة فى وجوههم.
ولكنهم
عادوا سنة 311هـ/ 924م، واقتحموا أسوارها، وسعوا فيها فسادًا مدة سبعة عشر
يومًا يقتلون ويأسرون ويستولون على الأموال، ثم قفلوا راجعين إلى "هجر"
بالبحرين.
وفى سنة 313هـ/ 926م، قام القرامطة باعتراض الحجيج بعد أن
أدوا الفريضة فقطعوا عليهم الطريق، وأسروا نساءهم وأبناءهم.
وثار الناس
فى بغداد، وكسروا منابر الجوامع يوم الجمعة، وناحت النساء فى الطرقات،
وطالبن بالقصاص من القرامطة وأعوانهم.
وظل مسلسل عدوان القرامطة على
المدن والحجاج يتكرر فى كل عام، وليس هناك من يؤدبهم أو يوقفهم عند حدهم،
فلم تسلم منهم مدينة حتى مكة - البلد الحرام - اعتدوا عليها وعلى مقدساتها
فى سنة 317هـ/ 929م، وجلس أميرهم على باب الكعبة وهو يقول -لعنه الله-:
"أنا الله وبالله أنا الذى يخلق الخلق وأفنيهم أنا". وكان الناس يفرون
منهم، ويتعلقون بأستار الكعبة، وقلعوا الحجر الأسود، وصاح أحدهم متحديًا:
أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ومكث الحجر الأسود عندهم اثنتين
وعشرين سنة حتى ردوه فى سنة 339هـ/ 951م.
ولعله يجىء سؤال: لماذا نزل
عذاب الله بأصحاب الفيل، ولم ينزل بالقرامطة؟
والإجابة كما قال ابن
كثير: لقد أراد الله أن يشرف مكة عندما كانت تستقبل خاتم الأنبياء وأفضل
الرسل العظام، ولم يكن أهلها يومئذ مسلمين مأمورين بحماية البيت، وصد
المعتدين عنه، فتدخلت العناية الإلهية بالحفظ والرعاية، ألم يقل عبد
المطلب: للبيت رب يحميه ؟!
ولهذا لما سئل أحد العلماء، وكان بالمسجد
الحرام وقت أن دخله القرامطة: ألم تقولوا فى بيتكم هذا ومن دخله كان آمنا..
فأين الأمن ؟
فرد قائلا: إن الله يريد أن يؤمنه المسلمون.
إن
المسلمين جميعًا مسئولون عما فعله المجرمون فى البيت الحرام، وعما اقترفوه
من آثام.
وربنا سبحانه قد يؤخر عقوبته ليوم تشخص فيه الأبصار، فقالSad لا
يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ. مَتَاعٌ
قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ )[آل عمران: 196
-197].
الانتصار على الروم:
وماذا عمَّا تم على الجبهة بين المسلمين
والروم فى خلافة المقتدر ؟
لقد أتاحت خلافة المقتدر الطويلة فرصًا
عديدة لمحاربة الروم وفتح بعض المدن والحصون على الرغم من انشغال الدولة
بمواجهة القرامطة وغيرهم من الفسقة الخارجين، ولقد بدأ اللقاء بين المقتدر
والروم سنة 297هـ/910م، وظلت الحرب سجالا بين المسلمين الروم حتى انتهت
اللقاءات القوية بينهم فى خلافة المقتدر، وكان النصر عظيمًا للمسلمين.
لقد
كانت "الخلافة" -على ما كان يعتريها من ضعف أحيانًا أوتجاوزًا ومخالفة-
خير معين على مواجهة الأخطار المحدقة بالمسلمين من كل جانب، ومجابهة الصعاب
التى تعترض طريقهم، وتهدد حاضرهم ومستقبلهم.
إنها تجمع كل المسلمين نحو
غاية واحدة، وهدف واحد، فتتضافر الجهود، وتتوحد القلوب، وتنطلق الجموع من
جميع الأرجاء تغيث الملهوف، وتؤمن الخائف، وتهدئ من روعة المذعور، وتنصر أى
مسلم فى أية بقعة من بقاع الأرض وفجاجها، وكان هذا ملموسًا فى كل المعارك
بين المسلمين والروم؛ حيث كان المسلمون -على الرغم من ضعف الخلافة-، كالجسد
الواحد على من عاداهم، والدول الإسلامية الآن يُعتدى عليها، وتُهان وقد
غاب عنها منصب الخلافة، والذئب إنما يأخذ من الغنم الشاردة.
سيطرة
البويهيين:
وفى هذه السنوات شهدت الدول الإسلامية زوال سيطرة الأتراك
وبداية سيطرة البويهيين، وشهدت هذه الفترة أكثر من عدوان للروم على الدولة
الإسلامية، ولا يوجد من يتصدى لهذه الحملات، ويواصل الجهاد ضدها فى تلك
الفترة المظلمة من تاريخ الخلافة.
صراع القرامطة:
وظهر القرامطة
أيضًا على مسرح الأحداث فى سنة 323هـ، وزاد خطرهم فى سنة 323هـ/ 939م، حين
دخلوا بغداد مهددين الخليفة نفسه، ويشاء الله أن يجعل بأسهم بينهم شديدًا،
فاقتتلوا وتفرقت كلمتهم، وكفى الله المؤمنين القتال، ويريح الله المسلمين
من الملعون الكبير رئيس القرامطة سليمان الجنابى الذى قتل الحجيج حول
الكعبة، واقتلع الحجر الأسود من موضعه؛ حيث هلك سنة 332هـ/ 944م.



الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty عصر الأمراء

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:28 pm

عصر الأمراء
( 324 - 334هـ/ 936 - 946م )
لقد
ازداد ضعف الخليفة العباسى منذ أوائل القرن الرابع الهجرى لازدياد شوكة
القواد الأتراك، وتفاقم خطر الدول المستقلة، فقد ازدادت شوكة "على بن بويه"
في فارس، وأصبحت الرى وأصبهان وبلاد الجبل في يد أخيه الحسن بن بويه، كما
استقل بنو حمدان بالموصل، وديار بكر، وديار ربيعة ومضر، أما مصر فقد استقل
بها محمد بن طغج الإخشيد، واستقل بخراسان نصر بن أحمد الساماني، ولم تكن
الحال في المغرب أحسن منها في المشرق، فقد أعلن عبد الرحمن الثالث الأموى
بالأندلس نفسه خليفة، وتلقب بلقب أمير المؤمنين الناصر لدين الله، وأصبح في
العالم الإسلامى في ذلك الوقت ثلاث خلافات.

خلافة القاهر
(320 - 322هـ/ 932 - 934م)
ولم يكن
حظ القاهر أقل سوءًا ممن سبقه من الخلفاء العباسيين، فقد انتشرت في عهده
الفتن الداخلية، وتمرد عليه جنده، واتفق رجال دولته، وعلى رأسهم قائده مؤنس
ووزيره "ابن مقلة" على خلعه، فسالت عيناه على خده، ثم حبس، وقد ساءت حالته
حتى إنه خرج يومًا يطلب الصدقة بجامع المنصور، فأعطاه بعض الهاشميين
خمسمائة درهم، وأمر به فحبس وظل في الحبس حتى مات في خلافة الطائع سنة
339هـ/ 951م.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty رد: موسوعة التاريخ الإسـلامي

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:28 pm

خلافة الراضى
(322 - 329هـ/ 934 - 941م)
نفسه-
إزاء ضعف الوزراء وازدياد نفوذ كبار القواد، وتدخلهم في أمور الدولة
-مضطرّا إلى استمالة أحد هؤلاء الأمراء، وتسليم مقاليد الحكم إليه، ولم يعد
للوزراء عمل يقومون به، وأصبح هذا الأمير وكاتبه هما اللذان ينظران في
الأمر كله، وهذا الأمير هو أمير الأمراء، وأصبحت الخلافة في عهد الراضى من
الضعف بحيث لم يعد الخليفة قادرًا على دفع أرزاق الجند، أويحصل على ما
يكفيه حتى مات سنة 329هـ/ 491م.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المتقى

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:29 pm

خلافة المتقى
(329-333هـ/ 941 -945م)
ويأتى
الخليفة المتقى؛ ليستنجد بالحمدانيين الذين لم يلبثوا أن دخلوا بغداد،
وتقلدوا إمرة الأمراء سنة (330-331هـ/942- 943م) ولكن "توزون" التركى
يطردهم سنة (331هـ/ 943م) ويتقلد هو أعباء هذا المنصب الخطير، ويا ليته
أبقى على الخليفة، لكنه لم يلبث أن قبض على الخليفة "المتقى" وفقأ عينيه
وولى "المستكفى بالله".

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المستكفى

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:30 pm

خلافة المستكفى
( 333 - 334هـ/ 945 - 946م )
ويضيق
المستكفى ذرعًا بتوزون، ويستنجد ببنى بويه لوضع حد لهذه المنازعات التى لم
تنتهِ بين هؤلاء الأمراء للاستئثار بالسلطة، وتولى إمرة الأمراء، وانتزاع
النفوذ والسلطان من الخليفة الذى لم يعد له من الأمر شىء سوى السلطة
الدينية؛ حيث يذكر اسمه فى الخطبة، ونقشه على النقود، والتسمى بأمير
المؤمنين، كل ذلك ليحتفظ هؤلاء الأمراء بمراكزهم أمام الجمهور.
وانطوت
صفحة من تاريخ الدولة العباسية، ومر هذا العصر بطيئًا متثاقلا.
لقد ذهب
زمن أولئك الخلفاء الأقوياء كأبى جعفر والهادى والرشيد والمأمون والمعتصم،
لقد كانوا مسيطرين على الدولة، مسيرين لشئونها.
ورحم الله أيامهم
وعهدهم، لقد ذهبوا وتركوا نماذج هزيلة ضعيفة لا تستطيع السيطرة على شئون
الدولة، بل إن منهم من لم يكن نفوذه يتعدى حدود العاصمة، بل كان لا يملك حق
التصرف حتى فى قصره.

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty العصر العباسى الثالث

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:32 pm

العصر العباسى الثالث
عصر نفوذ البويهيين
(334 -
447هـ/ 946 - 1056م)
ها هى ذى الخلافة الإسلامية تزداد ضعفًا، فقد ظل
الخليفة مجرد اسم فقط، ولا يملك من أمر نفسه شيئًا، فقد استطاع البويهيون
أن يتحكموا فى الخليفة، ويسيطرون على الدولة، ويديرونها بأنفسهم، ففى
أيام "معز الدولة" جردوا الخليفة من اختصاصاته، فلم يبقَ له وزير وإن كان
له كاتب يدير أملاكه فحسب!! وصارت الوزارة لمعز الدولة يستوزر لنفسه من
يريد!!
أصل البويهيين:
وكان من أهم أسباب ضعف الخلافة وغروب شمسها،
أن البويهيين (الديلم) كانوا من المغالين فى التشيع، وهم يعتقدون أن
العباسيين قد أخذوا الخلافة واغتصبوها من مستحقيها، لذلك تمردوا على
الخليفة، والخلافة بصفة عامة، ولم يطيعوها ولم يقدروها قدرها.
وتطلع
بنو بويه إلى السيطرة على العراق نفسها -مقر الخلافة- إن أصلهم يرجع فيما
يقال إلى ملوك ساسان الفارسيين الذين شُرِّدوا، فاتخذوا من إقليم الديلم
الواقع فى المنطقة الجبلية جنوبى بحر قزوين ملجأ لهم ومقرّا.

وتزعَّم
أبو شجاع بويه قبائلَ البويهيين-فى خلافة الراضى العباسى سنة (322 -
329هـ)-، والذى ينتهى نسبه إلى الملك الفارسى "يزد جرد" وقد أنجب ثلاثة من
الذكور، هم : عماد الدولة أبوالحسن علي، وركن الدولة أبو على الحسن، ومعز
الدولة أبوالحسين أحمد.
قوة البويهيين:
وكانت بداية الدولة البويهية
باستيلاء عماد الدولة أبى الحسن علىِّ بن بويه على أرجان وغيرها، وقد دخل
عماد الدولة شيراز سنة 322هـ ، وجعلها عاصمة لدولته الجديدة، كما دخل فارس،
وأرسل إلى الخليفة الراضى أنه على الطاعة.
واستولى معز الدولة أبو
الحسين أحمد بن بويه سنة 326هـ على الأهواز، (وهى الآن خوزستان) وكاتبه بعض
قواد الدولة العباسية، وزينوا له التوجه نحو بغداد، وفى سنة 334هـ/ 946م،
اتجه أحمد بن بويه نحو بغداد بقوة حربية، فلم تستطع حاميتها التركية
مقاومته، وفرت إلى الموصل، ودخل بغداد فافتتحها فى سهولة ويسر.
ولقب
الخليفة المستكفى أبا الحسن أحمد بن بويه بمعز الدولة، ولقّب أخاه عليّا
عماد الدولة، ولَقب أخاه الحسن ركن الدولة، وأمر أن تكتب ألقابهم على
الدراهم والدنانير، ولكن أحمد بن بويه لم يكتف بهذا اللقب الذى لا يزيد على
كونه "أمير الأمراء". وأصر على ذكر اسمه مع اسم الخليفة فى خطبة الجمعة،
وأن يُسَكّ اسمه على العملة مع الخليفة، ولقد بلغ "معز الدولة" مكانة عالية
؛ فكان الحاكم الفعلى في بغداد مع إبقائه على الخليفة، غير أنه مالبث أن
قبض عليه، وفقأ عينيه سنة 334هـ/ 946م. "

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty خلافة المطيع

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:34 pm

خلافة المطيع
(334-363هـ/946- 976م)
وأصبح المطيع
هو الخليفة بعد المستكفى، وكان مطيعًا بحق، وإن شئت فقل : كان اسمًا على
مُسَمّى، جديرًا باسمه، فلقد كان أداة طيعة في أيدى البويهيين، يأمرونه
فيطيع، ويحقق لهم كل ما يريدونه منه، ثم استولى "معز الدولة" على البصرة
336هـ/ 948م، كما استولى ركن الدولة على الرى 335هـ وطبرستان وجرجان 336هـ/
948م.
وقد بلغ البويهيون قوتهم أيام عضد الدولة بن بويه الذى تولى بعهد
من أبيه عماد الدولة الذى توفى سنة 336هـ/ 948م، واتخذ لنفسه لقب
"شاهنشاه" (أى ملك الملوك)، لقد كان بنو بويه يكتفون بألقاب التبجيل
والتفخيم مثل: "عماد الدولة"، "وركن الدولة"، أما"عضد الدولة"فقد فاق
أسلافه قوة وعظمة. لقد تزوج من ابنة الخليفة الطائع، وكان ذا جبروت شديد
ونفوذ واسع، واستطاع "عضد الدولة"أن يضم إلى سلطانه مختلف الدويلات الصغيرة
المجاورة التى ظهرت على عهده فى فارس والعراق، وفى عام 369هـ عمَّر عضد
الدولة بغداد بعد خرابها من توالى الفتن، وأعاد عمارتها وجدد أسواقها،
وأجرى الأرزاق على الأئمة والخطباء والمؤذنين.
ورغم بقاء بَلاطه فى
شيراز فإنه اهتم ببغداد، ولكنه اتخذ هو وخلفاؤه قصورًا لهم فى العاصمة
العباسية القديمة، وغدت هذه القصور تسمى "دار الخلافة".
إظهار المذهب
الشيعى:
وكان من الطبيعى أن يتعمد البويهيون-وهم من غلاة الشيعة-إظهار
مذهبهم ونشره بما ترتب على ذلك من معاداة لأهل السنة، وتجاوز للحدود
والحقوق.
ولقد أثار ذلك أهل السنة، ونشأ عن ذلك حدوث فتن كثيرة، وكثيرًا
ما كان الشيعة يثيرون أهل السنة بلعنهم الصحابة -رضوان الله عليهم-،
وكتابة هذا على أبواب المساجد، ولم يكن هذا التطاول مقصورً ا على بغداد
وحدها، بل تجاوزها إلى كل بلد حَلَّ بها البويهيون، وفى كل بلد تخضع
للشيعة، وقد وقعت فتنة بين أهل "أصبهان" و "قم" بسبب سَبِّ أهل "قم"
الصحابة -رضوان الله عليهم- مما جعل أهل أصبهان يثورون عليهم، ويقتلون منهم
خلقًا كثيرًا، وينهبون أموال التجار؛ مما أثِار غضب ركن الدولة "الحسن
البويهي"، فراح يصادر أموال أهل أصبهان، وينتقم لأهل "قم" منهم، وراحت
نيران هذه الفتنة تشتعل فى كل مكان، فى الكرخ، وفى بغداد، وفى البصرة،
فقُتل فى ذلك خلق كثير.
هؤلاء هم البويهيون، وهذا هو مذهبهم، ومنذ دخلوا
بغداد لم نجد لهم موقفًا مشرفًا تجاه الروم، ففى عهدهم لم يحدث أن خرج جيش
غاز كما كان يحدث فى عهد مَنْ قبلهم، وشَنَّ الروم غارات كثيرة على الثغور
والشواطئ ولكن لا مدافع!! ولقد أدت هذه الغارات إلى تخريب المدن والمساجد
وقتل الكثيرين من الرجال والنساء والأطفال؛ بينما كانت الدولة البويهية فى
سبات عميق.
وتحرك الفقهاء سنة 362هـ/ 973م، وراحوا يُحرِّضون عز الدولة
بختيار بن أحمد بن بويه على غزو الروم، وتحرك الجيش إلى بلاد الروم
لمواجهتهم، وقتل منهم عددًا كثيرًا، وبعث برءوسهم إلى بغداد، وقد كان "عز
الدولة بختيار" شريرًا فاسدًا، وكثرت فى عهده الفتن والاضطرابات، وإراقة
الدماء.
وهنا سكنت أنفس الناس، وكأنما كانت هذه المعركة ذرّا للرماد فى
أعين أهل السنة من المسلمين.
انتشار الأوبئة والفتن:
لقد سكتوا على
مضض بعدما رأوا بأعينهم نشاط الروم خلال سنوات نفوذ البويهيين ببغداد
والعراق يقابل بصمت رهيب، التزم به البويهيون فى هذا الصراع وهم الذين
يسيطرون على الدولة ويتحكمون فيها! فى وقت ظهر فيه اللصوص ومارسوا السلب
والنهب بصورة علنية، بينما انتشرت الأوبئة، واشتد الغلاء، فى الوقت الذى
اهتم فيه البويهيون المنحرفون بالاحتفال بعيد الغدير (غدير خم) الذى يزعمون
أن الرسول ( عهد عنده بالخلافة إلى على بن أبى طالب، وهو بدعة منكرة
باطلة، وكذلك دفعوا العوام للطم الخدود والنواح والعويل فى العاشر من
المحرم حزنًا على استشهاد الحسين بن علىّ وهو ما لا يرضاه الشرع، ولم تلبث
الدولة البويهية أن أخذت فى الانهيار بسبب النزاع على السلطة بين الأخوين
"بهاء الدولة"، و"شرف الدولة"، وامتد هذا النزاع إلى سائر أفراد الأسرة،
مما عجّل بالقضاء على البويهيين، وساعد على ذلك مذهبهم الشيعى الذى بغضهم
إلى أهل السنة من أهل بغداد.

***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty العصر العباسى الرابع

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:35 pm

العصر العباسى الرابع
عصر نفوذ السلاجقة
(447 -
656هـ/ 1055 - 1258م)
فى عهد المقتدر (295-320هـ) أشرفت الدولة العباسية
على الانحلال والموت بظهور سلطان المستقلين فى أطراف الخلافة والثغور.
وحسب
القارئ أن يعدد هذه الدويلات التى أعلنت سلطانها فى أجزاء الخلافة
الإسلامية؛ ليعلم ما وصلت إليه الحال من خلل وتفسخ وانحدار ! لقد قامت فى
فارس دولة بنى بويه، وبسط الإخشيديون سلطانهم على مصر وسورية، وأعلن
الفاطميون سيادتهم فى إفريقية والمغرب، وساد الأمويون فى إسبانيا، واستقلّ
بنو سامان فى خراسان وما وراء النهر، والقرامطة بمنطقة البحرين وما حولها
من ثغور وبلاد، واستقر الديلم فى جُرجان وطبرستان، وأعلن أحد أمراء العراق
واسمه البريدى حكمه على البصرة وواسط.
وقامت دولة الحمدانيين فى الموصل
وديار بنى ربيعة وقسم كبير من أراضى العراق.
وكانت الدولة الإسلامية
تغلى غليانًا فى جحيم الاضطرابات والدسائس!كل منهم يحارب الآخر حربًا لا
هوادة فيها، ويحفر مقبرة الخلافة بهذا التفكك الذى أطمع البيزنطيين أن
يعيدوا الكَرَّة على بلاد الإسلام، فدخلوا كليكيا وسورية على يد القائد
البيزنطى نقفور، الذى اشتبك فى معارك دامية مع سيف الدولة على أبواب حلب
مما سيأتى تفصيله.
وكانت البلاد تواجه خطرين: خطر الانقسامات الداخلية،
وخطر هجمات الروم الخارجية. وشاءت الأقدار أن تتقد نيران هذه الاضطرابات،
وقد عقمت الأرض عن أن تلد منقذًا يقضى على هذه المطامع، وظلت الأمور بين
أيدى خلفاء ضعاف أقصى أمنياتهم من الحياة بعض هذه الأموال التى يدرها
العمال عليهم؛لينعموا مرفهين برغد الحياة.
أصل السلاجقة:
من أولئك
السلاجقة ؟ وكيف امتد نفوذهم حتى وصلوا إلى بغداد ؟ إنهم أتراك ينتسبون إلى
جدهم سلجوق، وينتمون إلى قبيلة تركية كبيرة تسمى "الُغزّ".
وقد نزلوا
على نهر "سيحون"، واتصلوا بخدمة التركمان فى بلاد ما وراء النهر، وراح جدهم
"سلجوق" يتقدم فى خدمة ملك الترك حتى وصل إلى قيادة الجيش، وكان بارع
الحديث، كريمًا، فاستمال الناس إليه، وجمعهم مِن حوله، فانقادوا له
وأطاعوه.
وخافت زوجة ملك الترك على زوجها منه، فأغرته بقتله، وعرف
"سلجوق" ما يدبِّر له فى الخفاء، فجمع مَنْ حوله، وسار بهم حتى مدينة
"جَنَد"، وأقام هناك فى جوار المسلمين ببلاد تركستان.
ولما جاور سلجوق
المسلمين، وتعرف على أخلاق الإسلام أعلن إسلامه على مذهب أهل السنة، واعتنق
الغُزُّ الإسلام معه.
وعندئذ بدأ فى غزو "كفار الترك"، وكان ملكهم يأخد
إتاوة من المسلمين فى تلك الديار، فقطعها سلجوق وطرد نوابه.
كان لسلجوق
من الأولاد أربعة هم: أرسلان، وميكائيل، وموسى، ويونس.
انتصارات طغرل":
ولقد
أعد سلجوق أبناءه وأحفاده للغزو والفتح، فلقد استطاع أحد أحفاده وهو
"طغرل" أن يستولى على إقليم مرُو "خراسان" سنة 429هـ فى الشمال الشرقى من
فارس، ثم استولى على نيسابور 432هـ، وعلى حَرَّان وطبرستان عام 433هـ، وعلى
خوارزم عام 434هـ، وأصبهان عام 438هـ/1047 م.
واستمر "طغرل" يتقدم فى
بلاد فارس والعراق، وفى سنة 447هـ/ 1055م وقف طغرل على رأس جماعة من جنده
الأتراك أمام أبواب بغداد، كما وقف "بنو بويه" قبله، فسلمت له المدينة دون
مقاومة، واستقبل الخليفةُ طغرل زعيمَ السلاجقة كما استقبل أحمد أبا شجاع من
قبل، وراح الخليفة العباسى "القائم" يعترف بطغرل سلطانًا ويمنحه لقب "ملك
المشرق والمغرب".
نشر المذهب السنى:
تدفقت القبائل التركية على
العراق بعد انتصار طغرل، ولقد سخَّر السلاجقة مركزهم -إلى جانب الخلافة
العباسية- لخدمة الإسلام، فراحوا يعملون على توسيع سلطانه، ولم يكن هدفهم
تقوية مركز الخليفة العباسي، وإنما عمدوا إلى نشر المذهب السنى الذى دانت
به الخلافة العباسيَّة، ومحاربة الشيعة الفاطميين، أملا فى إعادة وحدة
الأمة ومواصلة نشر الإسلام فى أرمينيا وآسيا الصغرى، ويحسب لهم أنهم
احترموا منصب الخلافة، وأجلُّوا الخلفاء واحترموهم، فلم يسيئوا إليهم، ولم
يعتدوا عليهم كما كان الأتراك فى العصور السابقة.
جيوش "ألب أرسلان":
وتولى
"ألب أرسلان" ابن أخى طغرل القيادة العليا للجيوش السلجوقية سنة456هـ/
1063م، وجعل جيشه ثلاث شعب: شعبة منه سارت إلى الشام، وشعبة ثانية إلى بلاد
العرب، وكلتاهما تابعة للدولة الفاطمية الشيعية. أما الشعبة الثالثة فقد
كان هو رأسها واتجه بها نحو "أرمينيا الصغرى" و"آسيا الصغرى"، وهى "بلاد
الروم" كما كان يسميها المؤرخون المسلمون.
موقعة ملاذكرد:
واستولت
الجيوش السلجوقية على "حلب" سنة 463هـ/ 1070م، واستعادت "مكة" و"المدينة"
بعد ذلك بقليل، بينما انتصر "ألب أرسلان" على الإمبراطور البيزنطى "رومانوس
ديوجينيس" سنة 464هـ/ 1071م، فى موقعة "ملاذكرد" فى الشمال الشرقى من
بحيرة "فان"، وأباد معظم الجيش البيزنطى حتى باتت آسيا الصغرى تحت سيطرته،
فانتشرت جيوشه فيها إلى قرب "البسفور" و"الدردنيل"، ومن هذه الفتوح تأسست
دولة سلاجقة الروم فيما بعد.
ويموت ألب أرسلان عام 465هـ/ 1072م مقتولا،
وقد قال وهو على فراش الموت : "ما كنتُ قط فى وجه قصدتُه ولا عدّو أردتُه
إلا توكلتُ على الله فى أمرى، وطلبت منه نصرى، وأما فى هذه النوبة، فإنى
أشرفت من تلّ عالٍ، فرأيت عسكرى فى أجمل حال، فقلت أين من له قدرة مصارعتي،
وقدرة معارضتي، وإنى أصل بهذا العسكر إلى آخر الصين، فخرجتْ علىَّ منيَّتى
من الكمين".
وهكذا اتسعت رقعة الدولة السلجوقية عامًا بعد عام، وعلى
الرغم من أن السلطة الفعلية فى بغداد كانت لهم، فإنهم لم ينتقلوا من
"أصفهان" إلى "بغداد" ويتخذوها عاصمة لهم إلا سنة 484هـ/ 1091م، وكان ذلك
فى عصر ملكشاه السلجوقى.
نهضة علمية وعمرانية:
وفى عهد ملكشاه بلغت
الدولة السلجوقية أقصى عظمتها، فبنى ملكشاه المساجد، وأنشأ الخانات
(الفنادق) على طرق القوافل لنزول المسافرين، ومهد طرق الحجاج إلى مكة،
وزودها بالحراس.
وأمر بتجميل بغداد وتنظيمها، وإقامة شبكة لتصريف مياه
الحمامات إلى غير نهر دجلة.
وكان يساعده فى إدارة المملكة وزيره "نظام
الملك"، الذى ألف كتابًا فى "فن الحُكْم" يعرف باسم "سياسة نامة"، وراح
يشجع الشخصيات المشهورة فى العلوم والآداب، فتمتع "عمر الخيام" بعطفه، وهو
العالم الكبير، والشاعر الفارسى الشهير.
وأنشأ المجامع العلمية فى
بغداد، وأشهرها المدرسة النظامية التى تم بناؤها سنة 460هـ/ 1067م.
وحسب
هذه المدرسة التى أنشأها نظام الملك وزير ملكشاه السلجوقى أن من تلاميذها
السعدى مؤلف "بستان السعدى"، وعماد الدين الأصفهانى، وبهاء الدين بن شداد
(الذى كتب سيرة صلاح الدين)، وهما اللذان خدما صلاح الدين والدولة الأيوبية
فى مصر، وعبد الله بن تُومَرْت الذى أسس دولة الموحِّدين فى إفريقية
والمغرب، ومن أساتذتها أبو إسحاق الشيرازى مؤلف كتابى "المهذب" و"التنبيه"
فى الفقه الشافعى، والغزالى العالم المتصوف، وإذا كانت عظمة السلاجقة قد
استندت إلى ما قاموا به من أعمال، وإلى شخصية سلاطينها، فإن الدولة قد أخذت
فى التفكك بعد وفاة ملكشاه سنة 485هـ/ 1092م.
تفكك السلاجقة:
ولم
تظهر بعد ذلك من البيت السلجوقى شخصية قوية تملأ فراغ ملكشاه، وراح أبناء
البيت السلجوقى يقتسمون تلك المملكة الواسعة الأطراف، ويستقل كل منهم
بنصيبه منها.
وفى ظل هذا التفكك ساد الضعف، واضطربت الأحوال لكثرة
الحروب الداخلية إلى أن زال نفوذها سنة 590هـ/ 1194م، وهكذا الأيام، تذهب
دولة لتأتى أخرى. فقد حلت محلَ دولِة السلاجقة دولة "الأتابكة" بالعراق
وفارس، كما حلت دولة الأتراك العثمانيين محل سلاجقة الروم بآسيا الصغرى سنة
700هـ/1300م.
كلما ذكرنا "سلاجقة العراق وكردستان" الذين حكموا من سنة
511هـ/ 1118م إلى سنة 590هـ/ 1194م، لا يمكن أن ننسى السلاجقة العظام الذين
كانوا يحكمون فارس والأهواز والرى وخراسان والجبل من سنة (429 - 552هـ/
1038 - 1060م) من أسرة خوارزم شاه.
كما أننا لا ننسى "سلاجقة الشام "
الذين حكموا حلب ودمشق من سنة (487 - 511هـ/ 1094 - 1108م)، وخلفهم
البوريون والأرتقيون (من الأتابكيين).
وإلى جانب هؤلاء، "سلاجقة كرمان"
الذين حكموا من سنة (433 - 583هـ/ 1042 - 1187م) وخلفهم التركمان الغز.
ويبقى
سلاجقة الروم الذين حكموا آسيا الصغرى من سنة (470 - 700هـ/ 1078 - 1300م)
وخلفهم المغول والأتراك وغيرهم.
موقف السلاجقة من الإسلام:
كان
الفرق واضحًا بين معاملة البويهيين للخلفاء العباسيين ومعاملة السلاجقة لهم
!
فعلى العكس من معاملة البويهيين للخلفاء العباسيين أظهر السلاجقة
الاحترام الكامل، والأدب الجم، والمعاملة الحسنة الطيبة للخلفاء العباسيين،
وكانوا صورة للإنسان الفطرى الذى هذبه الإسلام، وليس أدل على ذلك من قول
"طُغْرُلْبِك" حين دخل على الخليفة "القائم" سنة 449هـ/ 1057م: "أنا خادم
أمير المؤمنين، ومتصرف على أمره ونهيه، ومتشرف بما أهّلنى له، واستخدمنى
فيه، ومن الله أستمد المعونة والتوفيق". وهنا ألبسه الخليفة "الخلع" فما
كان من "طغرلبك" إلا أن قَبَّل يد الخليفة أكثر من مرة. وراح الخليفة يوصيه
بتقوى الله والعدل فى الرعية، وزادت أواصر القربى بينهم، فقد تزوج الخليفة
"خديجة" ابنة أخى السلطان "طغرلبك" بينما تزوج طغرلبك من ابنة الخليفة
القائم سنة 454هـ/ 1062م.
وإذا كانت السلطة الفعلية قد أصبحت فى يد
السلاجقة فإن الاحترام صاحبَ هذه السلطة. وقد حاول الخلفاء استعادة سلطتهم
الفعلية إلى جانب زعامتهم الروحية، فتمكنوا من ذلك أحيانًا، وساعد على ذلك
اختلاف السلاجقة على أنفسهم بعد وفاة ملكشاه سنة 485هـ/ 1092م، وتعد أقوى
هذه المحاولات محاولة الخليفة الناصر لدين الله، كما أن خلافته تعد أطول
مدة فى تاريخ الخلفاء العباسيين.
السلاجقة والباطنية:
من يُقلب صفحات
التاريخ فى الدولة العباسية يجد أن هناك فروقًا كثيرة ودعوات باطلة فاسدة،
وأفكارًا غريبة وعقائد ضالة، كانت وراء الفتن والاضطراب والحروب فى
المجتمع الإسلامى آنذاك.
وقد كانت "الباطنية" مصدر خطر كبير على الإسلام
والمسلمين منذ أن وجدت، فكانت بعقائدها الباطلة وفتنها الماكرة لونًا
جديدًا من الأفكار الضالة للنيل من الإسلام والمسلمين، وذلك بالتستر وراء
حب "آل البيت"، والعمل على إفساد عقيدة الإسلام وأركانه وشريعته.
ومن
يقرأ تاريخ الباطنية يتبين له أنها تضرب بجذورها إلى "عبد الله بن سبأ"،
وأنها تشمل خليطًا من أصول دعوات فاسدة تحتويها، منها: القرامطة، والدروز،
وإخوان الصفا، والإسماعيلية، وغيرها من مذاهب باطلة ظهرت فى تاريخنا
الإسلامى.
وفى عهد ملكشاه وفى سنة 483هـ/ 1090م راح "الحسن بن الصباح"
يدعو الناس إلى التشيّع والزندقة، واستولى على قلعة "الموت" فى نواحى
قزوين، وزاد خطره، وكثر أتباعه، فأرسل إليه نظام الملك مَنْ يحاصر قلعته،
ولكنه بعث من قام باغتيال نظام الملك، وفك الحصار عن القلعة.
وتمر
السنون بعد وفاة ملكشاه، وتقع معارك مع الباطنية يقوم بها أبناؤه وأحفاده
من بعده، ينجحون فيها بفضل الله فى تقليم أظافرهم الشرسة، ولو تتبعنا
اللقاءات الحربية بين الباطنية والزنادقة وبين المسلمين لطال ذلك وامتد،
ولكن الملاحظ أن "الباطنية" لم يكتفوا بقتل القواد والعلماء والقضاة فى
بلاد فارس وما وراء النهر، بل كانت منهم باطنية ببلاد الشام لعبوا الدور
نفسه مع حكام المسلمين، وقادتهم وفقهائهم وعلمائهم، فقتلوا منهم عددًا
كبيرًا.
ويشهد الله، كم كانت الباطنية خِنْجرًا مسمومًا فى ظهر قادة
الإسلام، وزعماء المسلمين، وفقهائهم، وحسبهم تلك الأفكار المنحرفة التى
تدعو إلى: نفى صفات الله، وإبطال النبوة والعبادات، وإنكار البعث، وإبطال
نسبة القرآن إلى الله، وتأويل أصول الدين تأويلاً قاطعًا يخرج بالواحد منهم
إلى الكفر، وغير ذلك من الأفكار الضالة المضلة.
المغول وسقوط الخلافة:
من
هم المغول؟ كيف كان ظهورهم الهمجى على صفحة التاريخ؟ فى عهد مَنْ مِن
الخلفاء كانوا؟
هذه سنة الحياة فى الناس والأشياء، فبعد أن ظلت بغداد
عاصمة لبنى العباس على مدى خمسة قرون راحت تتهاوى تحت ضربات المغول
والتتار، وتسلم الراية لهم، ليملئوا الدنيا قتلا وتشريدًا ونهبًا وسلبًا
وفسادًا!
أصل المغول:
إنهم قبائل تركية آسيوية كانت تسكن فى الجزء
الشرقى من "بلاد التركستان" وما يليها شرقًا من "غرب بلاد الصين"، وهم بدو
رعاة يدينون بالوثنية، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ويبحثون عن
الرزق أينما وجد، وينتقلون وراءه حيث كان، ويقتتلون من أجل الحصول عليه،
نساؤهم فى هذا كرجالهم سواء بسواء.
المغول والتتار:
وكانت بين "قبائل
المغول" و"قبائل التتار" أواصر نسب وجوار، ولكن على الرغم من هذا، فإن
محاولة الحصول على الرزق كانت تدفعهم إلى التنازع والتناحر والتقاتل، وتسفر
المواجهة بينها عن انتصار "التتار" وهزيمة "المغول"، ويعود المغول
فينتصرون على "التتار" ولكن الزعيم التترى "جنكيز خان" جمع شمل هذه القبائل
لتصبح النقطة السوداء فى التاريخ الإنسانى بسبب ما أنزلوه به من الكوارث
التى لم يحدث مثلها.
انتصارات جنكيز خان:
فكيف كان هذا الذى حدث؟ وما
قصة خروج التتار إلى بلاد الإسلام والمسلمين؟ وكيف تهاوت الخلافة على
أيديهم بهذه الصورة المهينة؟!
إن "ابن الأثير" المؤرخ الكبير حين أراد
أن يسجل تلك الأحداث فى كتابه "الكامل" تمنى أن يكون قد مات قبل أن يسمع
عنها أو يراها، فيقول : "لقد بقيت عدة سنين مُعْرِضًا عن ذكر هذه الحادثة
استعظامًا بها، كارهًا لذكرها، فأنا أقدم رِجْلا وأؤخر أخرى، فمن الذى يسهل
عليه أن يكتب نعى الإسلام والمسلمين، ومن الذى يهون عليه ذكر ذلك، فيا ليت
أمى لم تلدنى، ويا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيّا، إلا أَنى حثنى
جماعة من الأصدقاء على تسطيرها، وأنا متوقف، ثم رأيت أنَّ ترك ذلك لا يجدى
نفعًا، فنقول: هذا الفعل يتضمن الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التى عقمت
الأيام والليالى عن مثلها، عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل : إن
العالم منذ خلق الله-سبحانه وتعالى- آدم إلى الآن لم يُبتلَ بمثلها كان
صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها".
وهكذا
فعندما تمكن "جنكيز خان" من إخضاع القبائل المجاورة له فى دهاء واقتدار
محطِّمًا خصومه مستوليًا على كل ما يملكون، مُدَعِّمًا جيشه بالمحاربين راح
يتطلع إلى "إمبراطورية الصين" التى كانت شرقى بلاده.
واستطاع أن يستولى
على معظم أجزاء "الإمبراطورية الصينية" المتداعية سنة 612هـ/ 1215م.
واجتمعت
كل ملل الكفر من الصليبيين والبوذيين والرافضة من أهل الشيعة.
لقد ظنوا
فى هؤلاء الأشرار من المغول والتتار المعاول القادرة على هدم الإسلام
وحضارته.
اجتماع الصليبيين والمغول:
لقد كان الصليبيون يحتلون بلاد
الشام، وكان المجاهدون المسلمون قد أنزلوا بهم فى عهد عماد الدين زنكى،
ونور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبى هزائم ساحقة، ولولا ضعف المسلمين
بعد موت صلاح الدين لكانت نهاية الصليبيين بالشام قد تحققت.. ولكن
الصليبيين ظلوا يعانون الضعف البالغ ويصمدون رغم ذلك فى مواجهة المسلمين
حتى ظهرت قوة المغول، وتأكَّد عداؤهم للإسلام وما أنزلوه بأهله من هزائم
ومصائب فى بلاد خراسان وفارس على أنقاض دولة السلاجقة هناك، فاجتمعت مصالح
الفريقين الصليبيين والمغول فى عداء المسلمين وحربهم، وبدأت الاتصالات
بينهم لتنسيق الجهود فى هذا الصراع.
وأعمل الصليبيون حيلهم الخبيثة،
فعرضوا على التتار النصرانية، فتنصَّر منهم عدد كبير، وجعلوا يزوجونهم من
النصرانيات الحاقدات على الإسلام وأهله، فاشتعل الحقد الصليبى والبوذى فى
الهمجية الشرسة، وانطلقت جحافل التتار تدمر الخير فى كل مكان.
وإذا كان
ضعف الدول يغرى بالعدوان عليها، فإن "جنكيز خان" قرر أن يتجه إلى
"تركستان"، وراح يستولى على المدن والعواصم واحدة بعد أخرى حتى استولى على
جميع تلك البلاد، نذكر منها "كاشغر" و"بلا سفون".
وراح يفكر من جديد: إن
"إمبراطورية الخطا" غربى بلاده تقع حائلا بينه وبين "المملكة الخوارزمية"
فما العمل؟ وكيف السبيل إلى مملكة خوارزم، ومن بعدها كل بلاد المسلمين؟
راح
يستولى على أجزاء من "ملك الخطا" ويقترب بذلك من "المملكة الخوارزمية
المسلمة".
وكان لابد له من مهاجمتها بما لديه من قوة ساحقة ماحقة ليصنع
ملكًا على أنقاض الحضارات وأشلاء الإنسانية، وهكذا كانت الأحلام تراوده!
مواجهة
المسلمين للتتار:
من هنا بدأت اللقاءات الدامية بين التتار والمسلمين،
فلقد أرسل "جنكيز خان" خطابًا إلى السلطان "علاء الدين محمد خوارزم شاه"
يتباهى فيه بقوته، ويحيطه علمًا بأنه فى الطريق إليه للاستيلاء على مملكته.
وكان لابد من أن يبادر "خوارزم شاه" بالخروج لملاقاة التتار فى عقر دارهم.
ويصل "خوارزم شاه" إلى بيوتهم فلا يجد فيها إلا النساء والصبيان.
ويبعث
بمن يأتيه بأخبارهم فيعلم أنهم خرجوا لمحاربة "ملك من ملوك الترك"،
وهزموه، وغنموا أمواله، وهاهم أولاء فى طريق العودة.
وعلى الطريق التقى
الجيشان: جيش "جنكيز خان"، وجيش "خوارزم شاه" واستمر القتال ثلاثة أيام دون
أن يحقق أحدهما نصرًا على الآخر، وقد قتل من المسلمين فى هذه الوقعة عشرون
ألفًا، فعاد "جنكيز خان" إلى بلاده، وعاد "خوارزم شاه" هو الآخر إلى
بلاده، وكلاهما ينتظر اللقاء الحاسم، وأصدر "خوارزم شاه" أوامره إلى أهل
"بخارى" و"سمرقند" بالاستعداد لحرب قادمة، وعليهم أن يجمعوا الذخائر،
ويستعدوا لحصار قد يطول، وعاد هو إلى خراسان، ومرت خمسة أشهر، وفجأة خرج
التتار إلى أهل بخارى مقاتلين محاصرين، ودارت بين الفريقين معركة شرسة
استمرت ثلاثة أيام، سقطت بعدها "بخارى" فى أيدى التتار أعداء الإسلام
والمسلمين.
فظاعة التتار:
وراح التتار يرتكبون جرائم يشيب لها
الولدان، وراحوا يقتلون الفقهاء والعلماء، ويسبون النساء، وينتهكون أعراضهن
أمام أهليهن، وقد ثار لذلك كثير من المسلمين، وكانوا يفضلون الموت على
رؤية هذا الجرم الفاحش والسكوت عليه، فكان كثير من المسلمين يقاتلون التتار
حتى الموت، ومن كان يسكت على ذلك فإنه رغم سكوته يمثل به ويعذب بأشد أنواع
العذاب، ويلقى فى النار.
ومن الذين ثاروا لذلك الإمام الفقيه ركن الدين
إمام زاده وولده، فإنهما لما رأيا ما يفعل بالحرم قاتلا حتى قتلا، وكذلك
فعل القاضى صدر الدين خان.
وأخذوا يشردون الأبرياء، ويهدمون المساجد
والمدارس، ويحرقون كل المصاحف التى وجدوها فى مساجد بخارى.
وأخذ التتار
بعض الأسرى من "بخارى" وعلى رأسهم واليها من قبل خوارزم شاه فى أقبح صورة
إلى سمر قند، ومن لم يقدر على السير معهم قتلوه.
ولما وصلوا إلى "سمر
قند" كانت هناك مفاجأة، لقد وجدوا عددًا كبيرًا من أهلها ومعهم خمسون ألفا
من الخوارزمية قد استعدوا لمواجهة التتار.
ولكن التتار عمدوا إلى المكر
والخديعة، للتغلب على أهل سمرقند ومن معهم من الخوارزميين، لقد أظهروا
الخوف منهم، وراحوا يتراجعون أمامهم، وراح المسلمون يتقدمون وراءهم
ويتابعونهم، وهنا قام جيش التتار بمحاصرة المسلمين والقضاء عليهم وإبادتهم،
فلم يسلم منهم أحد، واستشهدوا جميعًا، وكانوا سبعين ألفًا.
ولم يكتف
التتار بهذا، بل تقدموا ودخلوا "سمرقند"، يقتلون من بقى من أهلها، وفعلوا
بسمرقند ما فعلوه ببخارى من نهب وسلب، وقتل وسبى، وحرق للمساجد، وهتك
لأعراض المسلمات! وكان ذلك فى عام 617 هـ.
وفاة خوارزم شاه:
ويصدر
"جنكيز خان" قائد التتار أوامره إلى رجاله أن يأتوه برأس "خوارزم شاه"
فعبروا النهر الفاصل بين سمرقند وخراسان، ولكنهم لم يظفروا به، ولم يمكنهم
الله منه، فقد صعدت روحه إلى باريها ولقى ربه سنة 617هـ/1220م، بعد حياة
حافلة بخدمة الإسلام والمسلمين، وكان ملكه ممتدّا من حدود العراق إلى
تركستان إلى جانب "غزنة" وبعض بلاد الهند، وسجستان، وكِرمان، وطبرسان،
وجرجان، وبلاد الجبل، وخراسان، وبعض فارس، والخطا.
لقد كان "خوارزم شاه"
عالمًا فقيهًا، معظِّما لأهل الدين، مكرّمًا لهم، مقبلا عليهم، كما كان
يعمل للآخرة، فلم يركن إلى الدنيا ويغنمها، ولم يقبل على الشهوات أو ينهمك
فى الملذَّات. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام خير الجزاء.
زحف
التتار:
لم يتوقف "التتار" عند هذا الحد من العدوان على بلاد الإسلام
والمسلمين، بل واصلوا الزحف نحو "مازندان" فملكوها، وسقطت فى أيديهم
"الرَّى" و"همذان" وساروا إلى "أذربيجان" حتى وصلوا إلى "تبريز"، فلم يخرج
إليهم صاحب "أذربيجان" لاشتغاله بملذاته وشهواته، وإنما أرسل إليهم الهدايا
وصالحهم على مال وثياب ودواب، ففارقوه إلى بلاد "الكرج" وأوقعوا بهم
الهزيمة.
وظل التتار ينتقلون من بلد إلى آخر يقتلون ويشردون، وما استعصى
عليهم من المدن تركوه إلى حين.
وعاد التتار إلى "همذان" فقاومهم أهلها
مقاومة باسلة جبارة، حتى فكروا فى العدول عنها لكثرة ضحاياهم، لكنهم
تماسكوا حتى غلبوا "أهل همذان" ولم يَنْجُ منهم إلا من اتخذ له نفقًا فى
الأرض، ومن "همذان" انتقل التتار إلى "أذربيجان" فاستولوا على بعض مدنها،
وصالحوا ما كان منها محصنًا.
وانتقل التتار بعد ذلك إلى "دربند شروان"،
وفيها أمم كثيرة وطوائف لا حصر لها من الترك، فقتلوا منهم الكثير، وبخاصة
فى "بلاد القفجاق"أو (القفقاس) التى اتخذ منهم الملك "الصالح نجم الدين
أيوب"مماليكه البحرية وهم ملوك مصر بعد الدولة الأيوبية، وهم "المعز أيبك"،
و"المظفر قطز" و "المنصور قلاوون" وغيرهم.
وانتقل التتار من "بلاد
القفجاق" إلى بلاد الروس مما يجاورها فظفروا بها، ثم قصدوا "بلاد بلغار"،
فلما سمعوا بقدوم التتار إليهم، خرجوا وكمنوا لهم فى الطريق، وخرجت إلى
التتار مجموعة استدرجتهم حتى جاوزوا مواضع الكمين، فخرج عليهم الكمناء من
الخلف، فأصبح التتار محصورين، فقتلهم أهلها، وفرَّ التتار إلى ملكهم، ورجع
من سلم منهم إلى بلادهم.
ويعود التتار بعد غزوهم الوحشى إلى القلاع
الحصينة التى كانت قد استعصت عليهم، ليفتحوها بعد قتل وأسر وسبى ونهب
وتدمير وإحراق، ويتجهون إلى "خراسان"، فأخذ أهلها يقاتلون ببسالة وشجاعة
ليلا ونهارًا، حتى قتلوا من التتار خلقًا عظيمًا، فاشتكى التتار إلى جنكيز
منعتها، فسار إليها بنفسه ومن معه، ولما عجز عنها أمر بجمع أكبر قدر ممكن
من الحطب، فكان يضع صنفًا من الحطب وصنفًا من التراب، حتى صار هذا الحطب
بارتفاع القلعة، فدخلها التتار وفر المقاتلون المسلمون منها، فسبى التتار
النساء ونهبوا الأموال وانتهكوا الأعراض، واستولوا على "غزنة" وبلاد
"الغور"، ويشاء الله أن يواجههم "جلال الدين بن خوارزم شاه" ومعه من سلم من
عسكر أبيه فى "بلق" وأن ينهزم التتار بعد معركة حامية، ويغنم المسلمون ما
مع التتار، ولم يكن قليلا بل كان كثيرًا وعظيمًا.
والتقى التتار مع
المسلمين ثانية عند "كابُل" وكان النصر للمسلمين، فغنموا من الغنائم ما
غنموا، وفكوا أسراهم واستنقذوهم من أيدى أعدائهم الذين لارحمة فى قلوبهم
ولا إنسانية.
وكان كل شىء يوحى بأن التتار مصيرهم إلى الانهيار، وأن
المسلمين سوف يعلو أمرهم، ويعود لهم مجدهم من جديد، لكن فتنة الغنائم
والأموال قضت على وحدة الصف، وفرقت الشمل، فنجد أميرين من أمراء الخوارزمية
يختلفان على الغنائم ويقتتلان، وتمتد اليد الآثمة، فتقتل أخا الأمير "سيف
الدين"، وهو ممن أبلوا بلاء حسنًا فى حرب التتار، ويغضب "سيف الدين" لمقتل
أخيه بعد أن هزم التتار وكاد يقضى عليهم، ويفارق الجيش، ومعه ثلاثون ألفًا،
سار بهم إلى الهند، ويحاول "جلال الدين بن خوارزم شاه" إنقاذ الموقف؛ فذهب
إلى سيف الدين، وذكره بالجهاد، وخوفه من الله، وبكى بين يديه وقبلهما، لكن
ذلك لم يؤثر فيه، ولم يجعله يتراجع.
ولما يئس "جلال الدين" وقل العدد
معه، أخذ من معه من الجند وسارعوا نحو الهند، وحاولوا عبور النهر، فلم
يجدوا سفنًا، فأدركهم "جنكيز خان"، وقتل "جلال الدين" ومن معه، ثم سار إلى
خوارزم، فخربها ودمرها.
وهكذا يكون لشهوات النفس والثأر لغير الله أثر
كبير فى ضياع ملك المسلمين وتخريب ديارهم.
لقد تم بذلك لجنكيز خان مملكة
عظيمة واسعة مترامية الأطراف تبتدئ شرقًا من بلاد الصين، وتنتهى غربًا إلى
بلاد العراق وبحر الخزر وبلاد الروس، وجنوبًا ببلاد الهند، وشمالا بالبحر
الشمالى.
تم كل ذلك فى مدة قصيرة مما جعل المؤرخ "ابن الأثير" وقد عاصر
تلك الأحداث، يقول: "لقد جرى لهؤلاء التتار ما لم يسمع بمثله فى قديم
الزمان وحديثه، طائفة تخرج من حدود "الصين"، لاتنقضى عليهم سنة حتى يصل
بعضهم إلى بلاد "أرمينية" من هذه الناحية ويجاوروا العراق من ناحية
"همذان"!
وتالله لا شك أن من يجىء بعدنا-إذا بَعُد العهد-، ويرى هذه
الحادثة مسطورة ينكرها، ويستبعدها، والحق بيده، فمن استبعد ذلك فلينظر أننا
سطرنا نحن وكل من جمع التاريخ فى أزماننا هذه، فى وقت كل من فيه يعلم هذه
الحادثة، استوى فى معرفتها العالم والجاهل لشهرتها".
فلما أحس جنكيز خان
بقرب نهاية أجله راح يقسم مملكته بين أبنائه الأربعة إلى أربعة أقسام، فقد
أراد أن يملك أولاده الدنيا بأسرها، ولا يبقى فيها لغيرهم كلمة ولا سلطان.
ولولا
ما حصل بعده من الخلاف لتم كل ما توقعه، وفى سنة 624هـ/ 1227م أدركته
منيته، وكان ذلك فى عهد الخليفة العباسى المستنصر بالله وهو المنصور بن
محمد الظاهر (623هـ-640هـ).
وظهر من آل جنكيز خان أربعة بيوت، ورثت
الملك، وتممت الغزو الغاشم حتى تهيأ لها أن تملك معظم بلاد المسلمين،
وجزءًا كبيرًا من أوربا، وامتد سلطان "التتار" على الجزيرة والشام وبلاد
الروم.
سقوط الخلافة العباسية:
وقعت هذه الحوادث وخليفة بغداد لاهٍ،
بينما التتار يسيرون فى بلاد المسلمين قتلا وأسرًا وتخريبًا، ثم سارت جيوش
هولاكو قاصدة بغداد فى عهد المستعصم. ففى منتصف المحرم سنة 656هـ/ 1258م،
نزل بنفسه على بغداد، وأعد عدة الحصار، ولم يكن عند الخليفة ما يدفع به ذلك
السيل الجارف، واكتفى بإقفال الأبواب، فجدَّ المغول فى القتال حتى ملكوا
الأسوار بعد حصار لم يزد على عشرة أىام. وبملك الأسوار تم لهم ملك البلد.
وهنا
برزت صفحة دنيئة من الخيانة التى مثلها الوزير الشيعى الرافضى محمد بن
العلقمي، ذلك الذى كان يراسل التتار، ويرغبهم فى دخول بغداد، وكان يعمل
جهده فى تقليل قوة المسلمين بتسريح جيشهم وإهمال شأنه حتى لم يعد قادرًا أن
يقف ولو ظاهريّا أمام التتار، وكان هذا الوزير أول من خرج لاستقبال هولاكو
لما أحاط بالمدينة، ثم عاد ينصح الخليفة بالخروج لاستقبال هولاكو، وأن
يجعل للتتار نصف خراج العراق.
فخرج الخليفة ومعه العلماء والقضاة
والفقهاء والأمراء، وحمل له الخليفة الذهب والحلى والمصاغ والجواهر
والأشياء النفيسة.
أشار ابن العلقمى والرافضة على هولاكو ألا يقبل من
الخليفة نصف الخراج، بل أشار على هولاكو أن يقتله، وقد كان هولاكو رغم
وثنيته وكفره يتهيب قتل خليفة المسلمين، لكن هذا الوزير الشيعى الرافضى هون
عليه أمر الخليفة فقتله، وقتل كل العلماء والفقهاء، فعل ابن العلقمى كل
ذلك طامعًا أن يزيل السنة.
ولم يبق آمنًا من هذه المذبحة الرهيبة غير
اليهود والنصارى الذين عملوا أدلاء لجحافل التتار الكافرة، يدلونهم على من
اختفى من علماء المسلمين أو تجارهم ليذهبوا إليهم فى مخابئهم فيذبحوهم،
وكان هذا هو الجزاء الذى تلقاه المسلمون على تسامحهم العظيم مع أهل الذمة
من اليهود خاصة.
وبهذا القتل كسفت شمس الخلافة العباسية بعد أن مكثت
مشرقة 524 سنة.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty الدولة المستقلة عن الخلافة العباسية

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:36 pm

الدولة المستقلة عن الخلافة العباسية
فى عهد الخلافة
العباسية استقلَّت بعض الدول عنها استقلالا تاما، بينما أخذ بعضها يتجه
نحو استقلال جزئى تصبح البلاد فيه تابعة للخلافة اسمًا (فقط) بحيث تستمد
منها مكانتها الروحية وقدرها العظيم فى نفوس المسلمين.
ويقف المؤرخون
والمحللون أمام قيام بعض الدول وانهيار أخرى وقفات تأملية يبحثون عن
الأسباب والعوامل التى أدت إلى قيام هذه وانهيار تلك.
وعلى كلّ، فقد كان
قيام الدويلات نتيجة لضعف الخلافة، وسببًا لمزيد من الانحلال، وخطوة على
طريق النهاية، لقد قامت أولى هذه الدويلات فى أقصى الغرب؛ لبعده عن عاصمة
الدولة، ومركز السلطان فيها، فقامت دولة الأمويين فى الأندلس، وبقيامها فى
سنة 137هـ/756م ضعف نفوذ العباسيين على الغرب، وسرعان ما نشأت الدويلات فى
شمال إفريقية.
وحين تطرق الضعف إلى جسد الخلافة العباسية جميعًا، نشأت
الدويلات فى بقية أجزاء الدولة، وقد تسببت هذه الدول فى ضعف الدولة
العباسية وانحلالها؛ ذلك لأنَّ علاقة هذه الدويلات بالدولة العباسية كانت
مختلفة اختلافًا كبيرًا، فقد انفصل بعضها عن الدولة انفصالا تامّا، ونافسها
بعضها على تولى الخلافة نفسها.
كما ظل قسم آخر على علاقة اسمية
بالدولة، فيكفى الخليفة أن يذكر اسمه على المنابر، ويصك اسمه على العملة،
وفى حقيقة الأمر أنها دولة مستقلة تمامًا لا تخضع له فى شىء. وهناك دويلات
ظلت على صلة متغيرة بالدولة، تقوى حينًا، وتضعف حينًا آخر تبعًا لتغير
الأحوال.
وفيما يلى نذكر هذه الدول والإمارات، التى انفصلت عن دولة
الخلافة العباسية، وهى:
أولا: الإمارة الأموية فى الأندلس.
ثانيًَا:
الدول فى بلاد المغرب وهى:
1- الدولة الرستمية.
2- دولة الأدارسة.
3-
دولة الأغالبة.
ثالثًا: الدول فى بلاد الشرق، وهى:
1- الدولة
الطاهرية.
2- الدولة الصفارية.
3- الدولة السامانية.
4- الدولة
الغزنوية.
رابعًا: الدول فى مصر والشام، وهى:
1- الدولة الطولونية.
2-
الدولة الإخشيدية.
3- الدولة الحمدانية.
4- الدولة الفاطمية.
5-
الدولة الأيوبية.
6- الدولة المملوكية.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty الإمارة في الأندلس

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:37 pm

الإمارة في الأندلس
(138-422هـ/ 750-1031م)
عبدالرحمن
الداخل:
لما قامت الخلافة العباسية طارد العباسيون الأمويين، ويشاء
الله أن يفلت من أيديهم واحد من بنى أمية : أتدرى من هو؟ إنه عبدالرحمن بن
معاوية بن هشام حفيد هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين.
لقد هرب
إلى فلسطين، ومنها إلى مصر ثم المغرب بعد خمس سنوات من التجول والتخفى عن
عيون العباسيين ومكث عند أخواله الذين أكرموه.
ومن هناك راح ينتقل من
"برقة" إلى "المغرب الأقصى" حتى وصل إلى مدينة "سبتة" سنة 137هـ/ 755م،
وراح يُعِدّ العدة ويلتقط أنفاسه، ويرسم الخطوط العريضة لإقامة دولة يحيى
بها مجد آبائه وأجداده الأمويين.
وأخذ يتطلع إلى "الأندلس الإسلامية"
ليقيم فيها الخلافة الإسلامية الأموية من جديد، فهى البلاد التى فتحها
الجيش الإسلامى بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير، زمن الأمويين منذ سنة
92هـ/711م، وإليهم يرجع الفضل فى فتحها!
ولقد استقرت بها طوائف من أهل
الشام وجُنْدِه الموالين للبيت الأموى.
وهنا أرسل "عبد الرحمن" أحدَ
أتباعه، وهو مولاه "بدر"؛ ليجمع كلمة الذين يدينون لبنى أمية بالولاء
والانتماء، ورَحّبَ به أنصارُ بنى أمية، ورأَوْا فيه شخصًا جديرًا بأن
يتولى زعامتهم بدلا من ذلك الوالى العباسى، وعبر البحر إلى شاطئ الأندلس،
وهناك انضمّ إليه أنصارُ بنى أمية، فقد انتهز عبد الرحمن الداخل فرصة
الخلافات بين العرب المُضَريِّين والعرب اليمنيين فى الأندلس، فانضم إلى
اليمنيين لأنهم كانوا مغلوبين على أمرهم، وهزم المضريين بقيادة يوسف الفهرى
فى موقعة "المصارة" فى 138هـ/ 756م، فاستولى على مدن البلاد الأندلسية
الجنوبية دون مقاومة، ثم راح يستولى على "قرطبة" عاصمة "ولاية الأندلس" سنة
141هـ/ 759م، بعد هزيمة الوالى العباسي، وأعلن نفسه أميرًا، وأصدر عفوّا
عامًا غداة دخوله قرطبة ليمكن لنفسه فى البلاد، وتم له ما أراد بعد بضع
سنوات فقط من تولى العباسيين عرش الخلافة فى بغداد، وبهذا انفصلت ولاية
الأندلس، عن الخلافة فى بغداد انفصالا رسميّا.
ولكن ماذا كان موقف
العباسيين من هذا الذى زاحمهم فى الأندلس، بل وأنهى حكمهم هناك؟
ظل "عبد
الرحمن الأموى" يعمل طوال مدة حكمه التى استمرت ثلاثة وثلاثين عامًا على
تأمين مركزه فى جميع أجزاء دولته الجديدة، فأخمد الفتن، وأحبط الدسائس،
وقضى على تلك المحاولات التى قام بها العباسيون لإخراجه من الأندلس.
صقر
قريش:
لقد أرسل أبو جعفر المنصور إليه جيشًا بقيادة العلاء بن مغيث
لإخضاع، الأندلس فهزمه عبد الرحمن بن معاوية وقتل العلاء.
فماذا فعل
المنصور؟ وكيف كان رد الفعل؟
لم يحاول المنصور العباسى أن يُعيِّن على
الأندلس أحدًا بعد هذا الذى قُتل.
ولم يحاول أن يرسل جيشًا لحربه، بل
فَضَّل أن يقر بالأمر الواقع ويعترف له بلقب: "صقر قريش"، فقد أطلق عليه
أبوجعفر المنصور هذا اللقب لاعترافه بشجاعته وقوته، فيروى أن أبا جعفر قال
يومًا لبعض جلسائه: "أخبرونى من صقر قريش من الملوك،؟ قالوا ذلك أمير
المؤمنين الذى راضى الملوك، وسكن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسم الأدواء
(يقصدون أبا جعفر المنصور). قال : ما قلتم شيئًا. قالوا : فمعاوية ؟قال:
لا. قالوا: فعبد الملك بن مروان؟ قال ما قلتم شيئًا. قالوا: فمن يا أمير
المؤمنين ؟ قال صقر قريش عبدالرحمن بن معاوية الذى عبر البحر، وقطع القفر،
ودخل بلدًا أعجميّا منفردًا بنفسه فمصَّر الأمصار، وجنّد الأجناد، ودَوَّن
الدواوين، ونال ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة شكيمته، إن معاوية نهض
بمركب حمله عمر وعثمان عليه وذلَّلا له صعبه، وعبد الملك ببيعة أبرم عقدها،
وأمير المؤمنين بطلب عترته واجتماع شيعته، وعبد الرحمن منفرد بنفسه، مؤيد
بأمره مستصحب لعزمه، فمد الخلافة بالأندلس، وافتتح الثغور وقتل المارقين
وأذل الجبابرة الثائرين".
أخلاق عبدالرحمن:
وقد كان عبد الرحمن
جوادًا بسيطًا متواضعًا، يؤثر لبس البياض، ويصلى بالناس الجمع والأعياد،
ويحضر الجنائز، ويعود المرضى، ويزور الناس ويخاطبهم، وكان نقش خاتمه "عبد
الرحمن بقضاء الله راض " و "بالله يثق عبد الرحمن به يعتصم"، وكان شاعرًا
بليغًا عالمًا بأحكام الشريعة.
ولقد اكتفت الخلافة العباسية ببقاء عبد
الرحمن الأموى بعيدًا عنها فى إمارته.
النهضة العمرانية:
وراح عبد
الرحمن يبنى، ويعمر، ويُعيدُ الحياة الآمنة الهادئة إلى ربوع الأندلس أكثر
من ثلاثين سنة.
ولقد قابلته صعوبات وعقبات، منها تلك الفتن التى نشبت
بين المضرية واليمنية، وهما من العرب، وكان هناك خطر جاثم يتمثل فى "دولة
الفرنجة" (فرنسا الآن)، وكانت هناك أسبانيا النصرانية التى استطاعت أن تكون
مملكة فى الشمال الغربى من شبه جزيرة أيبيريا (أسبانيا).
ولقد استطاع
أهل مدينة سرقسطة مع واليهم أن يصدوا هجوم شارلمان سنة 161هـ/ 778م.
وقد
استطاع عبد الرحمن أن ينافس العباسيين فى بغداد، وفاقت حضارة بلاده حضارات
الدولة الأوربية المعاصرة لها، فقد أعاد عبد الرحمن بناء مسجد قرطبة،
وأنشأ فيها الحدائق والبساتين والقصور، واهتم بالعلم والعلماء.
وعاش من
فى الأندلس من مسيحيين ويهود عيشة هانئة آمنة سعيدة فى ظل التسامح
الإسلامى، حتى توفى عبد الرحمن سنة 172هـ/97_م، وعاشت الدولة من بعده قرنين
ونصف قرن من الزمان!ترى من سيخلف "عبد الرحمن الأموي" وهل سيصفو الجوُّ
لَهُ كما صفا لمن سبقه؟
هشام الأول:
لقد حكم الأندلس بعد وفاة "عبد
الرحمن الداخل" ابنه "هشام الأول"، وكان وَرِعًا تقيّا يتشّبه بعمر بن عبد
العزيز -رضى الله عنه-، وكان شغفه بالجهاد، وإعلاء كلمة الدين من أخص مظاهر
تقواه، فقد أرسل الحملات الكثيرة التى هزمت الفرنجة، واستولى على مدنهم،
ونشر الإسلام فيها، وكان ينفق الأموال الطائلة فى افتداء أسرى المسلمين حتى
لم يَبْقَ فى قبضة العدو منهم أحد، رتب فى ديوانه أرزاقًا لأسر الجند من
الشهداء، وفى عهده جُعلت اللغة العربية لغة التدريس فى معاهد اليهود
والنصارى، وكان ذلك سببًا فى استقرار البلاد وهدوء الخلافات بين النصارى
والمسلمين، ووقوف النصارى على حقيقة الإسلام، ودخول الكثيرين منهم فى
الإسلام.
وكان يحب مجالس العلم والفقه والأدب، وكان معاصرًا للإمام
مالك، وكان الإمام مالك يحبه ويعجب بسيرته، ولذلك انتشر مذهب الإمام مالك
فى الأندلس فى عهد هشام، ولشدة عدله وتقواه قصده كثير من العلماء والفقهاء.
وكان
يرسل الوعاظ إلى جميع أجزاء مملكته للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكان
يعود المرضى، ويخرج فى الليالى العاصفة وهو يحمل الطعام لأحد الزهاد، حتى
إذا بلغ داره جلس بجانبه يؤنسه ويرعاه، ويرسل من يثق فيهم من رجاله إلى
بلاد الأندلس ومدنها، يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا
انتهى إليه أن أحدهم أسرف عزله عن عمله، وكان يهتم بالزكاة فيجمعها وينفقها
فى وجوهها. ولقى هشام ربه سنة 180هـ/ 796م.
الحكم الأول:
وجاء بعد
هشام ابنه الحكم الأول، وكان حازمًا شجاعًا قويًا على أعدائه، كريمًا يميل
إلى العفو، فطنًا، حسن التدبير، واسع الحيلة، يؤثر العدل، ويحرص على
إقامته، ويختار لقضائه أفضل الناس وأكثرهم نزاهة وورعًا، وكان يسلط قضاته
على نفسه وولده وخاصته، وكان قاضيه محمد بن بشير من أعظم القضاة نزاهة
واستقلالا فى الرأى والحكم، وكان الحكم خطيبًا مفوهًا وشاعرًا مجيدًا، نظم
الشعر فى مناسبات مختلفة.
واهتم بالعمران والصناعة والزراعة، وكان محبّا
للثقافة، نصيرًا للعلوم والآداب، يحشد حوله جمهرة من أكابر العلماء
والأدباء والشعراء، مثل العلامة الفلكى الشهير عباس بن فرناس.
وقد اشتهر
ببره بأهل بيته، وإغداقه النعم على أقربائه، وكان يعشق الفلك، ويهتم
بدراسته، وكان ابن فرناس، وعبيد الله بن الشمر من أساتذته فى هذا الفن،
وكان يقربهما ويجرى عليهما الأرزاق.
وفى عهده ازداد شأن الحكومة
الإسلامية عند بلاد الفرنجة، وصارت لها مكانتها ومنزلتها بين حكومات هذه
البلاد الفرنجية، وصارت الدولة الإسلامية توفد سفاراتها إلى كل هذه الدول،
وتوفى سنة 206هـ/228م.
عبدالرحمن الثانى:
ويتولى الأمر فى "الأندلس"
عبد الرحمن الثانى (الأوسط) ولكن الوضع فى عهده كان يختلف عمن قبله.
لقد
امتاز عهده بالهدوء والسلام الداخلى بعد أن قضى على الثورات والفتن
الداخلية، وقضى على غارات النورمان على الأندلس، فنهض لإصلاح البلاد؛ مما
أدى إلى ازدهار الحياة بها ونمائها حتى راحت تنافس دولة العباسيين فى
النهضة العلمية، وفى التقدم الاقتصادى والحضارى. وقد أنشأ دارًا كبيرة فى
أشبيلية لصناعة السفن، كانت نواة للأسطول الإسلامى الأندلسى الذى ازدهر فى
أيام عبد الرحمن الناصر.
وظلت الأندلس تنعم بحياة مزدهرة حتى لقى الأمير
عبد الرحمن الأوسط ربه سنة 238هـ/ 853م.
ثلاثة أمراء:
وتمر السنوات
سراعًا فيتغير حال الأندلس، وتضطرب الأمور نتيجة للثورات الداخلية، ويتوالى
على الحكم ثلاثة من الأمراء:
الأول: محمد بن عبد الرحمن (الأول)، وكان
فاضلا مهتمّا بأحوال المسلمين، والعناية بمصالحهم وثغورهم، حاول الحفاظ
على الدولة الإسلامية بالأندلس من التفكك والضعف. ولكن الأحداث كانت تجرى
على غير ما يشتهى، ومع ذلك فقد أرسل الحملات الكثيرة لتأديب الثائرين وقمع
المعتدين، وكان يخرج بنفسه على رأس حملات لغزو النصارى ورد كيدهم، وقوّى
الجيش وأعد الحصون، وخفف الضرائب عن الناس رغم كثرة الحروب، واكتفى بدعوتهم
للتطوع للجهاد فى سبيل الله، وكان يُقرب العلماء والفقهاء، ونال الفقهاء
فى عصره كثيرًا من الرعاية، ومع أن مدته كانت حربًا عسكرية فإنه قام
بالعديد من الإصلاحات، مثل بعض التجديدات والإضافات الكثيرة فى المسجد
الجامع بقرطبة.
الثانى: المنذر بن محمد وكان قويّا شجاعًا حازمًا مع
زعماء الفتنة يخافونه ويهابونه، ولولا وفاته المفاجئة لقضى على هذه الفتن،
وكان من أصلح أمراء بنى أمية وأحسنهم خلقًا، وكان يؤثر مجالس العلماء
والشعراء ويعظمهم، وكان يلجأ إلى أهل العلم لاستشارتهم.
الثالث: عبد
الله بن محمد الذى استمر حكمه حتى سنة 300هـ/913م.
وكان الوضع السياسى
خلال فترة هؤلاء الثلاثة منذرًا بأسوأ حال، فلقد تمزقت وحدة البلاد، وانحسر
الحكم الأموى عن البلاد، ولم يبقَ فى يد الأمراء المسلمين إلا قرطبة،
بينما انقسمت الدولة الأندلسية إلى دويلات مستقلة حتى قيض الله لها فى
القرن الرابع الهجرى، العاشر الميلادى من يأخذ بيدها، فقد بلغت البلاد من
القوة والازدهار وذيوع الصيت ما لم تبلغه من قبل فى عهد عبد الرحمن الناصر
(300 - 350هـ/ 913 - 961م) كذلك كانت ولاية حكم
المستنصر(350-366هـ/961-977)، والأسرة العامرية خيرًا وبركة على الدولة
الإسلامية حتى نهاية القرن الرابع الهجرى.
ملوك الطوائف:
شاء الله أن
تدخل الأندلس فى القرن الخامس الهجرى، الحادى عشر الميلادى دورًا طويلا من
التفكك الداخلى بين أجزائها على أيدى ملوك مسلمين أَطلق عليهم التاريخ اسم
"ملوك الطوائف"، وما زال هؤلاء الملوك يتناحرون فيما بينهم حتى سقطت
طُلَيْطِلَة فى أيدى الأسبان، وهنا ظهر المرابطون، وهم جماعة من البربر
الأشداء ظهروا فى بلاد المغرب، واستطاعوا حكمها حتى استنجد بهم المسلمون فى
الأندلس بعد سقوط طليطلة، فأوقعوا بالأسبان الصليبيين هزيمة ساحقة على يد
الزعيم المرابطى العظيم يوسف بن تَاشَفِين، ومضى خلفاء يوسف على ذلك العهد
من الجهاد للأعداء والحفاظ على الأندلس حتى ضعفت دولتهم، وورثها الموحدون
وهم يشبهون المرابطين فقد كانوا أيضًا من البدو الذين حكموا المغرب، ثم
عبروا إلى الأندلس مجاهدين ليمدوا فى عمر المسلمين هناك عصورًا أخرى من
الغزو والحضارة، فلما ضعف الموحدون انقسمت الأندلس بين زعمائها حتى ظهر بنو
الأحمر فى "عُمْر ناقة" فأقاموا بها ملكًا عظيمًا.
مظاهر الحقد
الصليبى:
لقد ظهر الحقد الصليبى فى أبشع صوره بعد سقوط طليطلة، فقد
حولوا جامعها إلى كنيسة على يد الفونس السادس، الحاكم الأسبانى، ولم يسلم
مسلم من أذاهم، وتجلى حقدهم الأعمى على الإسلام والمسلمين، فأعملوا فيهم
القتل والتعذيب والإحراق، وما تزال صحائف محاكم التفتيش السود تنطق بما
حَلّ بالمسلمين، تلك التى أقاموها للمسلمين بعد أن زال سلطان المسلمين
نهائىّا من أسبانيا عندما استسلم أبو عبد الله ملك "غرناطة" سنة 898هـ/
1492م. وضاع ذلك "الفردوس" من أيدى المسلمين. لقد كان البيزنطيون يقيمون
المذابح فى البلاد القريبة من الحدود البيزنطية فى الشام والجزيرة من بلاد
العراق. كما ارتكبت الجرائم على أيدى الصليبيين الذين غزوا مصر والشام.
وراح التتار يشنون حرب إبادة وتعذيب فى بلاد ما وراء النهر وخراسان والعراق
والشام. كلهم تكالبوا على المسلمين، ونكلوا بهم، بينما كان الفتح الإسلامى
كله عدل ورحمة ومحبة وتسامح وحرية للأديان، واحترام لحقوق الإنسان. لقد
هدموا المساجد فى الأندلس التى تدل على تاريخ المسلمين بها، بينما بقيت
الكنائس فى كل البلاد التى ظلت تحت حكم الإسلام والمسلمين، ألا فلتشهد
الدنيا سماحة الإسلام والمسلمين!
ترى هل تعود الأندلس إلى أحضان
المسلمين ثانية؟ لن تعــود إلا بالعمل الجاد والإيمان العميق والعلم
والتقدم، ووحدة الصف الإسلامي.
لقد رفضت الدولة الرومانية الدعوة
السلمية التى بعث بها رسول الله ( إلى ملكها ليدخل فى دين الله، وتحركت
بدافع صليبى لمحاولة القضاء على الإسلام، فنشأ الصراع الحربى الذى
انتهى بدخول المسلمين الشام ثم آسيا الصغرى، بالإضافة إلى مصر والنوبة
وشمال إفريقية وإجلاء الرومان عنها، فزادت الضغينة، وتراكمت المرارة فى
قلوب الصليبيين، فظلوا يتربصون لهذا الدين، يتمنون فرصة مواتية يكرُّون
عليه فيها، ويُجْلونه عن الأماكن التى فتحها وفتح قلوب أهلها للحق.
لكنهم
ما كانوا يفكرون فى ذلك والدولة الإسلامية فى قوتها وسطوتها أيام
الأمويين، وأيام قوة الدولة العباسية .
فلما انتشر الترف؛ تراخى
المسلمون عن رسالتهم وسادت النزاعات والشقاقات فيما بينهم.
وهنا جاءت
الصليبية، واستولت على ساحل الشام فى القرنين الخامس والسادس الهجريين، ثم
هب الشرق ممثلا فى الأتراك العثمانيين فأسقط الدولة البيزنطية، واستولى
على البلقان.وعاد الغرب فى القرنين التاسع عشر والعشرين ممثلا فى
الاستعمار الأوربى ليستولى على كثير من بلاد الشرق.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty الدولة الرستمية

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:39 pm

الدولة الرستمية
(160-296هـ/ 777-909م)
قامت
الدولة الرستمية فى المغرب الأوسط (الجزائر)، وتنسب إلى مؤسسها "الرحمن بن
رستم " زعيم الخوارج الإباضية، ومنذ خرج "الخوارج" على "على بن أبى
طالب" -رضى الله عنه- وتسببوا فى قتله على يد الخارجى "عبد الرحمن بن
ملجم"، وهم يتبنون سياسة الخروج والثورة على الخلافة الإسلامية، يكفِّرون
من خالفهم من المسلمين، وتستبيح بعض فرقهم دماءهم!
وكان الخوارج قد فروا
فى مرحلة مبكرة من الأمويين بدمشق والشام إلى المغرب.
وحاول الخوارج
نشر مبادئهم هناك، وكانت الدولة العباسية كالدولة الأموية تحاول القضاء على
الخوارج بسبب أفكارهم الغريبة ومعتقداتهم، واستقر عبد الرحمن بن رستم فى
إقليم "تاهرت" بالمغرب الأوسط، وقام بنشر مذهبه هناك حتى بويع بالإمامة
سنة 160هـ/777م، فأعلن قيام دولته التى صارت ملجأ لإباضية العراق وفارس
وغيرهما، وهم أحد الفرق المعتدلة؛ حيث تتعايش مع خصومها وتعدل عن قتلهم.
نجح
عبد الرحمن بن رستم فى توطيد دعائم دولته خلال الفترة التى قدر له أن
يحكمها (144-168هـ) وقد خلفه من بعده ابنه عبد الوهاب الذى بقى فى حكم
الدولة الرستمية عشرين سنة، ثم "أفلح بن عبد الوهاب" الذى حكم أكثر من
خمسين عامًا (188-238هـ)، ثم تتابع فى حكم الدولة الرستمية خمسة من
الأمراء، هم: أبوبكر بن أفلح، وأبو اليقظان، فأبو حاتم، فيعقوب ابن أفلح،
فاليقظان ابن أبى اليقظان آخر أمرائهم.
وظل أتباع هذه الدولة يتصارعون
ويختلفون حتى انقرضت الدولة الرستمية سنة 296هـ/ 909م، فى عهد اليقظان بن
أبى اليقظان على يد داعى الفاطميين أبى عبد الله الشيعي.
لقد كانت
علاقة الدولة الرستمية متوترة مع الأغالبة الذين يمثلون الدولة العباسية،
ولكنهم كانوا على علاقة طيبة بالأمويين فى الأندلس، وذلك لأن الأمويين
كانوا يبادلون العباسيين الكراهية والعداء.
وانتهت دولة الرستميين رغم
ما تمتعت به من حياة سهلة رغيدة مدة من الزمان؛ لأن الذى يخرج عن جسم
الأمة لابد أن تحاصره النهاية.
وكانت هنا دويلة أخرى قامت فى جنوب
المغرب الأقصى إلى جانب دولة الأغالبة والأدارسة والدولة الرستيمة، إنها
دولة سجلماسة (أو الدولة المدارية) فى جنوب المغرب الأقصى (140-296هـ/
758-909م) وقد يتساءل البعض عَمْن أسسها؟ وكيف كانت علاقة هذه الدولة
بجيرانها؟
لقد أسسها "موسى بن يزيد المكناسي" وهى دولة كالرستمية
أسسها خوارج لكنهم على المذهب الصفري، ولهذا توطدت العلاقات بين هذه
الدولة والدولة الرستمية فى شتى المجالات، ومؤسسها سودانى بنى العاصمة
"سجلماسة"، وقد قضى الفاطميون عليها كما قضوا على غيرها.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty دولة الأدارسة

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:40 pm

دولة الأدارسة
(172-364هـ/789-975م)
ذُكِرَ أنه
فى أيام الخليفة الهادى قامت ثورة "علوية" فى الحجاز، وهى من تلك
الثورات التى كان العلويون يشعلون نارها طوال خلافة العباسيين. وقامت قوات
"الهادي" بالقضاء على هذه الثورة فى موقعة "فخ". ولكن بعض رءوس هذه
الثورة وقادتها قد أفلتوا من أيدى العباسيين وهربوا إلى أماكن نائية
بعيدًا عن أيديهم.
وكان ممن هربوا عَلَوِى يسمى "إدريس" بن عبد الله
بن الحسن ابن على -رضى الله عنه-. وراحت قوات العباسيين تطارده، عيونهم
وجواسيسهم تبحث عنه، فظل ينتقل من قطر إلى قطر آخر حتى وصل إلى مصر. وفى
مصر التقى بصاحب البريد، وكان قلبه مع العلويين، فدبر لإخفائه، واحتال حتى
أرسله إلى أبعد أجزاء الدولة حتى يكون فى مأمن من سطوة الخليفة.
وكان
له ما أراد فوصل إلى أقصى المغرب.
وهناك أعلن أنه من سلالة النبى (،
فأسرع البربر بالالتفاف حوله غير أن جيش أنصار الخليفة العباسى تمكن من
هزيمته، ولكن ابنه إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن على تمكن من
جمع أهل المغرب من حوله، وما أسرع ما بايعوه، ولم يجد صعوبة فى قيادتهم
والاستيلاء على الإقليم جميعه، والقضاء على أى أثر للنفوذ العباسى فيه،
واتخذ عاصمته فى فاس، وأقام دولة هناك نُسبت إليه فعُرفت بدولة الأدارسة،
وهى نموذج للدولة المعادية للدولة العباسية، وهى أول دولة شيعية تظهر فى
التاريخ، على أنَّ تَشَيُّعَها لم يكن يتجاوز حب آل بيت رسول الله >
والولاء لهم، وهى صفة يشترك فيها السنة والشيعة معًا، وإن بالغ فيها أهل
التشيع.
فلم يكن تشيع هذه الدولة ينال من حقيقة الإسلام الصافية شيئًا.
ولهذا أحبها أهل السنة وانتصرت بهم، وكانت القبائل البربرية السنية فى
المغرب حاميتهم وعماد دولتهم، ولهذا أيضًا عاشت دولة الأدارسة نحوًا من
قرنين من الزمان.
لقد كانت "دولة الأدارسة" ضعيفة نسبيّا وذلك لسببين:
أولهما:
أنها كانت محصورة بين الصحراء والمحيط والأمويين فى الأندلس ثم الأغالبة
فى إفريقية.
ثانيهما: هو أنها كانت تعتمد على البربر وهم متقلبون
يؤيدونها اليوم بينما يثورون عليها غدًا.
وكانت سياسة الدولة نفسها
متقلبة تميل مع مصالحها لتضمن البقاء والاستمرار، فهى يومًا تميل مع
الفاطمين، فتدعو لهم، وتعتمد عليهم، وعندما يهددها الأمويون فى الأندلس
تميل معهم وتدعو لهم، وهذا يفسر لنا بوضوح سر ضعف دولة "الأدارسة".
وأراك
تسألنى عن نهايتها، وأقول: لقد كانت نهايتها كنهاية دولة "الأغالبة" فى
تونس -التى سيأتى ذكرها- على يد الفاطميين سنة 364هـ/ 975م بعد أن عاشت
ما يقرب من قرنين، وأدت دورًا حضاريّا رائعًا فى المغرب الإسلامي، إذ
انتشر بهم الإسلام فى المغرب بين البربر، وأسّسوا جامع القرويين الذى كان
منارة للثقافة الإسلامية، وكانت فى المغرب كالأزهر فى المشرق.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty دولة الأغالبة

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:43 pm

دولة الأغالبة
(184-296هـ/800-909م)
هل تعلم أن
نية العرب يوم فتحوا شمالى إفريقية كانت تتجه إلى توحيد إدارتها وإدارة
الأندلس فى ولاية واحدة أسموها "إفريقية" وعاصمتها "القيروان"؟!
ولكن
موقف "البربر" المتقلب، والبعد عن الخلافة، ونفوذ الأمويين فى الأندلس، كل
ذلك ساعد على قيام الدويلات، فقامت "دولة الأدارسة" فى المغرب كما
عرفتَ، وحاول الرشيد أن يوقف نفوذهم وتقدمهم، فاختار صديقًا له يدعى "ابن
الأغلب" وولاه على القيروان (تونس). وأفهمه أن مهمته الأولى هي: إيقاف
"الأدارسة" عند حدهم. واستطاع إبراهيم بن الأغلب بعد أن وصل إلى "القيروان"
أن يوقف زحف الأدراسة العلوية، وأن يقى الدولة العباسية شر غزوات البربر
والإغارة على الأقاليم الشرقية للدولة، وحقق إبراهيم بن الأغلب للرشيد ما
أراد.
وكانت هذه الدويلة تمثل الدويلات ذات العلاقة الاسمية بالدولة
العباسية بخلاف دولة الأدارسة التى كانت معادية للخلافة العباسية. لقد
استطاع "إبراهيم بن الأغلب" أن يوقف الأدارسة. وبعد مناوشات بين الطرفين
اقترحوا عليه ألا يعتدى أحد الطرفين على الآخر، وأن يبقى كل فى إقليمه،
فقبل "ابن الأغلب".
واستقل "إبراهيم بن الأغلب" بالإقليم، ولكنه ظل على
علاقة بالخلافة العباسية، فهو يذكر اسم الخليفة فى خطبة الجمعة، ويضع
اسمه على العملة، ولكن فيما عدا هذين الأمرين فليس للخليفة العباسى أى
نفوذ على دولة الأغالبة، فهم يتوارثونها أبًا عن جد، ويصرِّفون أمورها كما
يشاءون دون رقيب.
ولما قويت شوكة الأغالبة بدءوا التوسع، ولكن الأدارسة
حدوا من توسعهم غربًا، والصحراء حدتهم جنوبًا، والعباسيون شرقًا، فلم يبقَ
لهم سوى الاتجاه شمالا حيث البحر!
فهل توقف الأغالبة؟ كلا، فها هم
أولاء ينشئون أسطولا ضخمًا، يبنونه فى سنوات معدودات، ويبدءون جهادهم
المبارك ضد الصليبيين بقيادة "أسد بن الفرات" فى البحر الأبيض المتوسط،
ترى إلى أين؟ هاجموا جزيرة "صقلية" مرارًا على مدى ثمانين عامًا حتى
استطاعوا القضاء على مقاومة الرومان من أهل الجزيرة وحكامها، وضموها
لأراضى المسلمين، ثم استولوا على جزيرتى "مالطة" و"سردينيا" ونزلوا بعد
ذلك فى كثير من السواحل الأوربية، وبخاصة سواحل إيطاليا الجنوبية
والغربية، والسواحل الجنوبية لفرنسا.
لقد عاشوا أكثر من قرن من الزمان
يحكمون تونس وملحقاتها، ويحكمون صقلية، ويفرضون هيبتهم على الدول
الأوربية.
وقد استطاعوا فى بعض هذه السواحل إقامة حاميات وحصون دائمة،
وإن لم يستطيعوا التوغل فى بعض هذه البلاد والاستيلاء عليها من أيدى
أهلها.
وقد يتساءل البعض: ما قيمة هذه الفتوح وهى ليست إلا بعض جزر،
وبعض نقاط السواحل؟
إنها فى حقيقة الأمر على جانب كبير من الأهمية،
ذلك أن هذه الجزر والسواحل الضيقة كانت جسرًا عبرت عليه الحضارة الإسلامية
إلى أوربا فى زمن كانت فيه أوربا فى ظلام حالك.
كما أن السيطرة على
هذه الجزر كان يؤمن التجارة الإسلامية فى غرب البحر المتوسط وكانت الثقافة
الإسلامية الضوء الوحيد فى العالم الذى أنار وجه الأرض حينذاك.
وعاشت
دولة الأغالبة قرنًا وتسعة أعوام من سنة800م إلى سنة 909م، وازدهرت الحياة
الاقتصادية والعمرانية فى تونس على عهدهم، ولعبت مساجدهم فى تونس دورًا
كبيرًا فى دعم الحضارة الإسلامية، وكان جامع الزيتونة جامعة إسلامية
عظيمة.
وقد انتهت حياتها على يد الفاطميين يوم دخلوا القيروان فاتحين.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

موسوعة التاريخ الإسـلامي - صفحة 2 Empty الدولة الطاهرية

مُساهمة من طرف الجارح الأحد مايو 30, 2010 1:44 pm

الدولة الطاهرية
(205-259هـ/821-873م)
قامت هذه
الدولة فى خراسان، وقد أسسها طاهر بن الحسين أحد كبار قواد الجيش فى عهد
الخليفة المأمون.
ولكن كيف يتسنى له أن يقيم دولة والدولة العباسية فى
أول عهدها، وفى عصر المأمون الذى يعد العصر الذهبى للدولة العباسية؟!
إن
لقيام هذه الدولة قصة، فقد كان لإقليم خراسان وضع خاص فى الدولة العباسية
منذ نشأتها، إذ كان هؤلاء الخراسانيون-كما علمتَ فى قيام الدولة
العباسية-يشعرون بأنهم أصحاب فضل على الدولة العباسية، وبأن سيدهم "أبا
مسلم الخراساني" هو المؤسس الأكبر لهذه الدولة، ورغم ذلك لم يحسن العباسيون
جزاءهم حين قتل المنصور أبا مسلم.
والواقع أن الخلافة العباسية كانت
تتجاوز كثيرًا عن الخراسانيين، وتحاول إرضاءهم؛ اعترافًا بفضلهم على
الدولة. وفى عصر المأمون، كان طاهر بن الحسين وابنه عبد الله من كبار رجال
الدولة وخيرة قادتها فى ذلك الوقت؛ الذى بدأ فيه الصراع بين الأمين
والمأمون.
ولقد وقف طاهر بن الحسين إلى جوار المأمون فى كثير من
المواقف الحرجة حتى تمكن من الخلافة. ولم يمرَّ إلا عامان حتى أقدم "طاهر
بن الحسين" على خطوة جريئة فى سنة 207هـ/ 823م. أتدرى ما هي؟ لقد قطع
الدعاء فى الخطبة للمأمون، وكان قطع الدعاء يعنى الاستقلال عن الخلافة.
ولكن
يشاء الله أن يموت طاهر فى العام نفسه، ترى هل تعود الدولة الطاهرية إلى
الدولة العباسية بعد موت مؤسسها؟
لقد تولى ابنه طلحة بعد أبيه بأمر من
الخليفة المأمون، وظل الطاهريون يحكمون خراسان، ولكنهم يتبعون "الدولة
العباسية" تبعية اسمية مما جعل الخلافة العباسية تلجأ إلى الطاهريين، تلتمس
منهم المؤازرة والمساندة ضد الخارجين على سلطانهم.
لقد حارب عبدُالله
بن طاهر نصرَ بن شبث حين قام بثورة فى شمال حلب سنة 209هـ، وأتى به
أسيرًا إلى المأمون. وظل الطاهريون على ولائهم للعباسيين حيث اشترك عبد
الله بن طاهر فى إخماد فتنة وقعت فى عهد المعتصم بطبرستان، وهكذا استقل
الطاهريون استقلالا داخليا هادئًا فى خراسان، وظلوا يتولون أمرها،
ويتوارثون الإمارة فيها، ولم يمنعهم استقلالهم من مساندة الخلافة العباسية،
ومساعدتها فى كل ما واجهته من فتن وثورات.
ولكن عندما جاءت سنة 259هـ/
873م، استطاع يعقوب الصفار أن يقيم دولته على أنقاض دولة الطاهريين.
***

الجارح
عضو ذهبى

عدد الرسائل : 665
نقاط : 767
تاريخ التسجيل : 08/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى