في رحـــــاب الاســـــــــلام

من طرف هاوى الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 3:41 pm

لأن الدين عند الله الاسلام‏,‏ ولأن الاسلام خاتم الرسالات السماوية‏,‏ ولأن النبي محمد صلي الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل وسنته هي المصدر الثاني للتشريع الاسلامي‏,‏ ولأن القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع وخطاب الله ودعوته الأخيرة لأهل الأرض جميعا علي امتداد الزمان والمكان‏..‏ فقد حفلت رسالة الاسلام بمباديء وقيم تستوعب الحياة الدنيا والوصول بها الي المحطة الأخيرة حيث الخلود في حياة أبدية هي النهاية السعيدة لمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر‏..‏ أو هي الشقاء لكل من انحرف عن تعاليم الله ومنهج القرآن والسنة واتبع هواه وسار في طريق الشيطان‏.‏

والاسلام كله قيم ومباديء تقيم المجتمع الصالح القوي الطاهر والنقي والبعيد عن العنف والكراهية والحقد والتي تشيع في صفات المودة والحب والاخاء والتضامن والتكامل الاجتماعي وتغليب المصلحة العامة علي الخاصة والمعاملة الطيبة لكل الناس بعيدا عن التعصب والخلاف والاختلاف في اللون والجنس والعقيدة‏..‏ ولهذا كانت رسالته عامة لكل البشر وتستهدف الارتقاء بهم والأخذ بيدهم نحو الاستقامة في كل أمورهم‏.‏

ومن أعظم مباديء الاسلام البر بالناس والامتناع عن ايذائهم في انفسهم وأموالهم وكرامتهم واقرأوا معي قول النبي صلي الله عليه وسلم‏:‏ البر حسن الحلق والبر ما اطمأنت إليه النفس وصدقه العمل والا ثم ماحاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس‏.‏

والبر‏,‏ كما يقول عليه الصلاة والسلام أن تطعم الطعام وتقرأ السلام علي من تعرف ومن لم تعرف‏.‏

ولأن السلام بكل مفاهيمه الأخلاقية والانسانية والسياسية مبدأ مقرر في الاسلام فقد حض عليه ودعا إليه وأدخله في شعائر الاسلام كما في التشهد السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته‏.‏ السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين وفي حديث النبي صلي الله عليه وسلم لما خلق الله آدم صلي الله عليه وسلم قال‏:‏ اذهب فسلم علي نفر من الملائكة جلوس فاستمع مايحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك‏,‏ فقال‏:‏ السلام عليكم‏,‏ فقالوا‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله‏.‏ زادوه ورحمة الله‏.‏ وهي تحية كما نري تتجاوز المعني المتداول بيننا الي معني أكبر هو السلام كمبدأ وشعار يحقق الاخاء الانساني بين البشر والتعايش بينهم في عدل ورحمة ومساواة‏.‏

وخير الناس أنفعهم للناس‏,‏ وأقربهم من رحمة الله أوسعهم عفوا‏,‏ وأكثرهم راحة في الدنيا أشدهم زهدا لما في أيدي الناس‏..‏ كما يقول صلي الله عليه وسلم ثلاثة أقسم عليهن‏:‏ ما نقص مال عبد من صدقة‏,‏ ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله بها عزا‏,‏ ولافتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ولايرضي الاسلام للانسان كمبدأ من مبادئه أن يذل نفسه‏.‏ كما يوجهنا الي ذلك النبي صلي الله عليه وسلم من أعطي الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا ولذا أوجب الاسلام علي المرء الاعتزاز عند طلب الحاجات‏,‏ بمعني ألا تعمل عملا مع من تطلب منه لا يقرك الاسلام عليه وألا تضع نفسك في موضع الاهانة‏,‏ كما يقول صلي الله عليه وسلم اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير‏.‏ ويحب الاسلام من الانسان أن يتنزه عما في أيدي الناس مما ليس له حق فيه وهو توجيه للنبي صلي الله عليه وسلم عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغني‏,‏ وإياك والطمع فانه الفقر الحاضر‏,‏ وصل صلاتك وأنت مودع‏,‏ وإياك وما يعتذر منه‏.‏

ولايرضي الاسلام للانسان أن يسير مع التيار يحركه كيف يشاء‏,‏ حسنا أو قبحا‏,‏ كما في توجيه المصطفي صلي الله عليه وسلم لايكن أحدكم إمعة‏,‏ يقول أنا مع الناس‏,‏ إن أحسن الناس أحسنت‏,‏ وإن أساءوا أسأت‏,‏ ولكن وطنوا انفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا‏,‏ وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم‏..‏ ولهذا كان الفاجر في نظر الاسلام هو من لايعبأ بذنوبه‏,‏ ونري هذا التصوير النبوي لشعور كل من المؤمن والفاجر تجاه الذنوب والفرق بين الشعورين حيث يقول صلي الله عليه وسلم إن المؤمن إذا أذنب ذنبا نكتت نكتة سوداء في قلبه‏,‏ فإن تاب واستغفر ثقل قلبه‏,‏ وان لم يتب زادت حتي تعلو قلبه وقوله إن المؤمن يري ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه‏,‏ وان الفاجر يري ذنبه كذباب وقع علي أنفه وهذا كناية عن أنه لا يشعر بأي مسئولية أو ندم علي ما ارتكب من خطأ‏.‏

وجزاء من انحرف عن منهج الله معروف في دنياه وأخراه‏..‏ وجزاء من التزم بطاعة الله وطاعة رسوله وسار علي منهج الاستقامة بشري النبي صلي الله عليه وسلم أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا‏,‏ وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا‏,‏ وببيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه‏.‏ ‏العالم المستنير فضيلة الدكتور محمد المسير في رحاب الله‏

رحل عن دنيانا الي رحاب ربه عالم مستنير وداعية صدق في دعوته ولم يبتغ بها غير وجه الله عز وجل فأثمرت دعوته ووجدت آذانا مصغية وقلوبا مفتوحة تقرأ ما يكتب وتستمع لما يقول وتعيش منهجه في دروسه وكتبه وسلوكه وعلمه وأخلاقياته التي اتسعت للجميع‏..‏ فكان بها وبعلمه وبنظراته في القرآن والسنة والعقيدة المثل والقدوة لنا جميعا‏.‏

وربما كان من سوء حظي أنني لم ألتق شخصيا بهذا الداعية الكبير وإن كنت أعزي نفسي وأجد لها السلوي في أنني عشته منهجا وسيرة‏,‏ وقرأته مقالا وكتابا واستمعت إليه محدثا ومجيبا عن أسئلة الناس عبر الفضائيات وقدرت له مجهوده واجتهاده في تزكية النفوس بالدين الصحيح‏.‏

مولانا الامام الراحل د‏.‏ محمد المسير‏..‏ عشت بيننا علما وعالما ومجتهدا ومبلغا دعوة ربك ورسالة نبيك‏..‏ وتعيش الآن في السموات العلا مع ربك الذي اختارك لجواره عبدا صالحا وقلبا نقيا وجسدا طاهرا وإنسانا كريما علي الله وعلي الناس‏..‏ فلك النعيم والرضا في جنات أعدت لاستقبال الأخيار من البشر‏..‏ وسلام عليك حتي يجمعنا لقاء في رحاب وجه الله الكريم‏.‏