أزمة الطبيبين المصريين بالسعودية :

من طرف فرح مصر الأربعاء نوفمبر 26, 2008 11:03 pm

سؤال فجرته أزمة الطبيبين المصريين بالسعودية :
كيف نحمي المواطنة ..خارج الوطن ؟
د. حمدي السيد : أعددنا قائمة سوداء للمنتهكين .. ومطلوب اتفاقية لتنظيم العقود ..
د. نبيل حلمي : انتهاّات نظام الّفيل .. ضد الإنسانية
السفير عوف : تحرك سياسي وقضائي .. لصيانة حقوق أبنائنا
السفير مخلص قطب : مجلس حقوق الإنسان عليه مسئولية ..
د. أشرف الدعدع : أين الميثاق العربي لحقوق الإنسان؟

.. علامة استفهام كبيرة.. تتردد داخل كل بيت مصري في أعقاب أزمة الطبيبين المصريين بالسعودية.. المحكوم عليهما بالسجن والجلد بدعوي التسبب في إدمان مريضة سعودية..
كيف نحمي كرامة أبنائنا بالخارج وكيف نحافظ علي حقوق الإنسان المصري في الدول العربية.. سؤال مشروع واجابته تحتاج إلي أكثر من التصريحات.. إلي جهود تترجم علي أرض الواقع في صورة ضمانات تصون كرامة العاملين المصريين بالخارج بإعتبارهم أعضاء منتجين وفاعلين في هذه المجتمعات وروابطهم بوطنهم مصر ودفاعه عن مصالحهم لا يجب أن يتوقف إذا غادروا حدود البلاد..
.. في سطور هذا التحقيق.. نطرح السؤال علي الخبراء والمعنيين في ظل أزمة قائمة وجهود للاحتواء.. والأهم سبل وقائية.. تحمي المواطنة.. ولو خارج الوطن..
القضية الأزمة
.. محطة البداية من القضية الأزمة التي شدت انتباه الرأي العام: قضية الطبيبين المصريين شوقي عبد ربه وعبدالرءوف العربي اللذين حكم عليهما القضاء السعودي بالسجن 20 و15 سنة علي التوالي وجلد الأول 70 جلدة مكررة 21 مرة والثاني 70 جلدة مكررة 15 مرة وسط عريضة اتهامات تثير العديد من علامات الاستفهام..
العقوبة غير الإنسانية التي وصفتها السلطات السعودية بأنها متوسطة أثارت استياء العديد من الأوساط الرسمية والشعبية حتي أصدرت وزيرة القوي العاملة مؤخراً قراراً بحظر سفر الأطباء المصريين للعمل بالمستشفيات الخاصة بالسعودية وهو القرارالذي لاقي تأييد نقابة الأطباء التي أعدت بدورها قائمة سوداء من واقع الشكاوي عن جهات سعودية تنتهك حقوق الأطباء المصريين..
.. من جانبه. يوضح د. حمدي السيد نقيب الأطباء أن النقابة لا تستطيع سوي المناشدة وتنظيم الوقفات الاحتجاجية لأن الموضوع أكبر من ذلك. فهناك حكم قضائي واجب التنفيذ لا يلغيه إلا تدخل سلطة عليا سواء بإيقاف العقوبة أو تخفيفها أو اعادة المحاكمة. لذلك يطالب نقيب الأطباء بتدخل الحكومة وممارسة واجبها الأول في الحفاظ علي حقوق المصريين متهماً إياها بالتكاسل ومطالباً بإجراءات أكثر فعالية..
.. ويؤكد نقيب الأطباء أن النقابة تحذر الأطباء من العمل بالسعودية إلا عبر وزارة القوي العاملة والهجرة موضحاً أن هناك العديد من الانتهاكات يتعرض لها الطبيب المصري بالقطاع الخاص السعودي بعكس المستشفيات الحكومية الأكثرالتزاماً ويطالب د. السيد بعقد اتفاقية للعمالة بين مصر والسعودية لتنظيم العقود ووضع الشروط والضمانات لكل مهني مصري يعمل بالسعودية من خلال اتفاق معروف يحفظ حقوق الأطراف..
قنوات دبلوماسية
.. ولأن القضية تحظي باهتمام شعبي ورسمي. هناك تحرك حثيث تقوم به وزارة الخارجية عبر القنوات الدبلوماسية.. يشرحه السفير محمود عوف سفير مصر بالسعودية موضحاً أن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بعث برسالة إلي نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل كما التقي السفير بمدير الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية السعودية مسلماً أياه خطاب زوجة د. عبدالرءوف بالعفو عن زوجها والتقي بالأمير سلمان عبدالعزيز أمير منطقة الرياض للوساطة في هذا الأمر.. والتحرك السياسي يقابله تحرك قضائي كما يؤكد السفير المصري حيث يعد المحامي لرفع القضية إلي مجلس القضاء الأعلي وهو أعلي درجة تقاضي سعودية بعد نظر القضية بالمحكمة الجزئية ثم التمييز..
.. وبشكل عام.. يري السفير عوف أن حقوق المصريين مصانة سواء عند التقاضي حيث تتأكد القنصليات والسفارات من وجود محام عن المتهم المصري وأن المحاكمة لا تتم بشكل استثنائي ثم يتم التعامل مع الحكم بعد صدوره. مشدداً علي عدم التدخل في أعمال القضاء أو انتقاد أحكامه حرصاً علي السيادة الداخلية لكل دولة..
دور السفارات
.. ويؤكد السفير أن السفارات المصرية تتعامل مع الخلافات بين المصريين والكفلاء قبل وصولها إلي ساحة القضاء من خلال التدخل الودي للمستشار العمالي في القنصلية المصرية للتوسط بين الطرفين وفي حالة عدم نجاح جهود الوساطة. يتوجه المواطن المصري إلي لجان فض المنازعات وهي جهة القضاء العمالي لحين صدور أحكام باعتبار أن التقاضي يأخذ وقتاً طويلاً.
.. ويري السفير عوف أن انشاء هيئة لرعاية المصريين بالخارج سيكون إضافة في هذا الصدد باعتبار الهيئة ليست بديلاً وإنما بمثابة الذراع المالي للقنصليات بما يتيح توفير تمويل لتوكيل محامين عن المصريين وايجاد مورد رزق للمواطن الذي يلجأ للقضاء حتي يتمكن من الصمود ومتابعة قضيته بدلاً من الوضع الحالي الذي يضطره إلي التنازل عن مستحقاته وفعل أي شيء ليعود إلي وطنه تاركاً حقوقه..
ويعلق السفير المصري بالسعودية علي تكرار مشاكل المصريين في بعض الدول العربية بأنه أمر طبيعي في أي مجتمع انساني لا يخلو من مشكلات وعدد هذه المشكلات يرتبط بحجم الجالية المصرية في البلد العربي ولكن بشكل عام ليس هناك تعمد الإساءة للمصريين مشيراً إلي أن الجهات المصرية أثارت أكثر من مرة مشكلة تعنت الكفيل ومخالفاته ويوجد حالياً مراجعات سعودية لهذا النظام بغرض تخفيف سلطاته بالتدريج..
وعن عقوبة الجلد التي يصفها الحقوقيون بغير الإنسانية يوضح أنها جزء من قانون العقوبات السعودي وموجودة في الشريعة الإسلامية وتطبق حتي علي السعوديين وهي شأن داخلي لا نستطيع التعليق عليه إلا في حالة تطبيقها علي جنسية دون أخري وهو ما لا يحدث وفقاً لتأكيده..
ضد الإنسانية
ووفقاً لمعايير حقوق الإنسان.. التي يطرحها د. نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق أن مايتعرض له المصريون بالدول العربية من انتهاكات تحت مظلة نظام الكفيل هو ضد الإنسانية فمن جهة هناك تمييز وعدم مساواة وهذا النظام ليس له قاعدة عامة علي كل الأجانب وإنما بعضهم فقط مما يخالف قاعدة المساواة في القانون الدولي لحقوق الإنسان كما أن حرية التنقل حرية مصونة ولا يجوز تقييدها إلا بقرار قضائي. لذلك فسحب جوازات السفر من المصريين العاملين بالخليج يعد مخالفة لقواعد حقوق الإنسان.. ويرفض استاذ القانون الدولي وصف الجلد بالعقوبة الجنائية مؤكداً أن حتي العقوبات الجنائية لا يجوز أن تخرج عن اطار العدالة الجنائية الدولية.. ولابد من احترام حقوق الإنسان ومن أهم قواعدها احترام المدان وعدم الاضرار بصحته خصوصاً أن الإسلام دين سماحة ورحمة..
ميثاق شرف
.. ومن جانبه. يري د. ادوارد غالي رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب أن حسن معاملة المصريين في الخارج حق من حقوقهم ومسئولية علي السفارات والقنصليات بأن ترعي هؤلاء ولا تتهاون في مصالحهم. محملاً بعض المسئولون علي المصريين الذين يصفهم بأنهم يتسببون أحياناً في إهدار حقوقهم بالتسلل غير الشرعي للبلاد الأخري أو بقبول شروط مجحفة في العمل بدعوي الحفاظ علي لقمة العيش..
ويطالب د. غالي بتفعيل ميثاق شرف مع الدول العربية ينص علي معاملة المصريين معاملة انسانية والتي تضمن ظروف المعيشة الكريمة لهؤلاء.. باعتبارهم ثروة قومية تساهم في نهضة البلاد التي يعملون بها ويفيدون وطنهم الأصلي.
احتواء ومعالجة
.. يتفق معه النائب سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب مشدداً علي الروابط القوية بين الدول العربية بما يجعل المصري في أي بلد عربي لا يشعر بالغربة فالقاعدة العامة هي احترام المصري لاسيما الملتزم بالقوانين والبعيد عن المخالفات أو مواضع الشبهات وإذا كان هناك استثناءات أو حالات فردية علي حد تعبيره لابد من استيعابها ومعالجتها عبر القنوات الدبلوماسية دون تعقيد الأمور أو التهديد بالقطيعة بين الدول لذلك فالمنظومة الدبلوماسية عليها عبء كبير أولاً في تبصير المصريين بالقوانين في البلد التي يقيمون بها وثانياً في حفظ كرامتهم ورد أي ظلم عنهم.
جهود حقوقية
.. اهتمام منظمات المجتمع المدني بقضية الطبيبين ساهم في القاء المزيد من الضوء عليها والمجلس القومي لحقوق الإنسان تواجد في بؤرة الحدث من بدايته من خلال جهود د. بطرس غالي لحل المشكلة.. وكجزء من رسالة المجلس للدفاع عن حقوق المواطنين المصريين كما يوضح السفير مخلص قطب الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان مؤكداً أن واجب المجلس هو تعزيز حقوق الإنسان المصري أياً كان موقعه أو مكان تواجده. لذا أي انتهاك يتعرض له المواطن المصري في أي مكان. يكون هناك مسئولية ليس فقط علي الدولة وإنما علي المجلس والمنظمات الحقوقية الأخري..
ومنذ الإعلان عن أزمة الطبيبين والكلام مازال لأمين مجلس حقوق الإنسان. أجري المجلس الاتصالات المتعددة مع وزارة الخارجية والسفارة المعنية وعلي الصعيد الموازي قام المجلس بالاتصال بالهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان بالسعودية للفت النظر إلي ماحدث. باعتبار أن القرارات التي صدرت بحق المصريين تمت في مناخ لم تتوفر فيه ضمانات العدالة الناجزة. كما صدر بحقهما عقوبة الجلد وهي التي تتنافي مع المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعدم تعرض المواطن للتعذيب أو الحد من كرامته أو تعرضه لمكروه بدني وطلب المجلس من الجهة الموازية بذل مساعيها مع السلطات السعودية خاصة وأن هناك محفلا دوليا بالقاهرة في أول ديسمبر ستكون مهمته التعرف علي نتائج المساعي التي قامت بها الهيئة للدفاع عن هؤلاء المصريين..
درجة عاشرة
.. ويعلق د. أشرف الدعدع مستشار حقوق الإنسان ورئيس مجلس الأمناء لمؤسسة الانتماء الحقوقية أن هذه الأزمة وأزمات سابقة عكست ضعف دور السفارات المصرية بالخارج وتركيزها علي توطيد العلاقات وإهمال دورها الأهم وهو حماية رعاياها من المصريين مما أدي إلي تفضيل المصري في حالة تعرضه لأي انتهاك اللجوء إلي المنظمات الحقوقية بدلاً من السفارات.
.. ويري الدعدع أن المصريين في الدول العربية أصبحوا مواطنين "درجة عاشرة" علي حد تعبيره نتيجة موروثات سابقة و"فهلوة" البعض ويطالب بتوعية المواطن بحقوقه وواجباته قبل السفر وإعلامه بأن السفارة هي بيته الأول في حالة تعرضه لأي مشاكل وتشديد الرقابة علي شركات توظيف العمالة بالخارج بعد تعدد مخالفاتها فضلاً عن تفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي لم توقعپعليه سوي 6 دول "ليس من بينها مصر" وينقصه تصديق دولة أخري ليدخل حيز التنفيذ باعتباره التزاماً طوعياً نابعا من الدول العربية ويمكن أن يسهم في حل الخلافات بدلاً من تراشق الاتهامات..