دعــاة القطـارات والمترو

دعــاة القطـارات والمترو
علمـاء الدين‏:‏ ظـاهرة تحـتاج إلي وقفـة ووضـع قوانـين تجـرم القائمين بهـا
تحقيق‏:‏ محمد ربيع


فجأة بدون مقدمات‏..‏ أثناء جلوسك في القطار أو المترو يخرج عليك رجل أو امرأة ذات صوت جهور يبدأ في الخطابة دون اي سابق انذار ويريد من الجميع الإنصات له والمواطنون بطبيعة الحال عندما يسمعون القرآن او الأحاديث النبوية يلتزمون الصمت ويبدأون في الانصات لهذا الداعية الذي اتي علي حين غفلة‏,‏ هذه الظاهرة بدأت في الانتشار اخيرا بصورة فجة في جميع وسائل المواصلات العامة او أماكن التجمعات أشخاص يمارسون الدعوة رغما عن أنف الجميع دون اي رادع او محاسب والسؤال الذي يفرض نفسه هل هؤلاء الأشخاص مؤهلون للقيام بالدعوي او الفتوي ومن الذي أعطاهم الحق في ذلك ولماذا تقف الجهات المعنية أمام ذلك مكتوفة الأيدي أمام تلك الممارسات دون اتخاذ اي إجراء إسلاميات المسائي حاورت بعض علماء الدين لمعرفة آرائهم في تلك الأمور‏.‏

وقال الدكتور محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية ان الذين يقومون بتلك الأفعال من الاعتماد علي دغدغة المشاعر وتقبل الآخرين للحديث عن طريق الدين أمر مرفوض وليس له علاقة بالدين من قريب أو بعيد لأنهم غيرمؤهلين للدعوة وبالتالي يبنغي منعهم لأن الأولي بهذه الأمور الجهات المختصة مثل الأزهر ووزارة الأوقاف‏.‏

وأضاف الدكتور الجندي أن الحديث في المترو او المواصلات العامة او أماكن التجمعات دون سابق انذار وبطريقة فرض الأمر الواقع وإجبار الناس علي سماع هذا الكلام غير متفق مع الشريعة الإسلامية متسائلا من الذي خول هؤلاء هذا الحق؟ وان الأماكن التي يتحدثون فيها ليست مناسبة لهذا الحديث الدعوي‏.‏

وقال الدكتور أحمد محمود كريمة الاستاذ بجامعة الأزهر إنه من المقرر شرعا أن الدعوة إلي الله عزوجل لها شروط في القائم بها وفي محلها ومن تتوجه إليه فأما شروط ذاتية الدعوة فقال الله عزوجل‏(‏ ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن‏)‏ فيجب أن تشتمل علي ما يلائم المدعوين من باب مراعاة مقتضي الحال فلكل مقام مقال‏.‏

وأضاف ان شروط محلها المكان الصالح المعد كمسجد ومعهد علم وقاعة درس ووسائل الإعلام بجميع أنواعها مشيرا إلي ان وسائل المواصلات والأسواق والطرقات لاسيما في أيامنا هذه ليست اماكن للدعوة لا من قريب او بعيد فقد كان من صفات النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أنه ليس بصخاب في الأسواق فمجامع الناس في أمورهم الدينوية ليست محلا للوعظ وأما شروط المدعوين فيشترط فيهم ان يكونوا علي استعداد لتلقي الوعظ ومن هنا شرع الإسلام الخطب مقترنة بصلوات كالجمع والعيدين والكسوف والخسوف والاستسقاء‏.‏

وقال إنه علي ضوء ما ذكر فإن صعود بعض العوام وأشباه المتعلمين من الرجال والنساء إلي وسائل المواصلات فهذا يناقض وسائل الدعوة ويجهض مقاصدها خاصة انهم لا يحسنون النطق اللغوي ولا الأداء السليم للنصوص الشرعية ولا الفهم البصير لدلالة النصوص فيجب منع هؤلاء ومن يماثلهم لأنهم دخلاء أدعياء ينشرون ثقافات مغشوشة لا صلة بصحيح الإسلام بها‏.‏

وأوضح الدكتور كريمة ان هؤلاء الناس اما ينتمون إلي جماعة التبليغ متصورين ان هذا من أنواع الدعوة او عزوا إلي بعض عوامهم الاجتراء علي ما يحسبونه دعوي أو انهم ينتمون إلي فكر وافد يريد نشر مذهب يسير عليه المجتمع وهذا وذاك بعيد تماما عن فقة الدعوة بمبناها ومعناها‏.‏

وطالب الناس باسكات هؤلاء لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏

ومن جانبها اكدت الدكتورة آمنه نصير الاستاذة بجامعة الأزهر ان من المظاهرالمتكررة في هذه الآونة تحت مسألة التدين اي التدين الذي ظهر هذه الأيام البعيد عن الدين الصحيح الذي لا يخلو من حالة من الهوس مثل الذي نراه كما يحدث في المترو او اي تجمعات بشكل فيه فجاجة وجهل وعدم مسئولية للخطاب الديني لأنه ليس لكل من هب ودب بل انه خطابه فيه المسئولية والعلم الصحيح ونضج الكلمات المرسلة للمتلقي وليس هذه الهمجية التي نراها تنتشر في هذه الآونة‏.‏

وطالبت الدكتورة آمنة المؤسسات الدينية بوقف هذا الأمر بإصدار قانون له المسئولية الدستورية لوقف هذا النوع من الهوس في الخطاب الديني دون مقومات الشريعة الإسلامية التي تؤكد أن من يتصدي للفتوي لابد أن يكون أهلا ومؤهلالها وان من يخالف ذلك ويحدث بلبلة ويفسد ولا يصلح يقدم للمحاكمة لأن مضرة العقل والعقيدة مثل الطبيب الذي يدعي الطب دون حصولة علي شهادات تؤهلة فيؤدي ممارسته للمهنة إلي وفاة الآخرين‏.‏

ويقول الدكتور مصطفي الشكعة العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة عين شمس وعضو مجمع البحوث الإسلامية ان هذه مشكلة كبيرة السبب فيها وسائل الإعلام وبالذات قنوات التلفاز المختلفة والتي يتحدث من خلالها في الشريعة كل من ليس له صلة بالدين ونشاهد اخطاء بشعة لا نستطيع ان نصنع لها شيئا مطالبا المؤسسات الدينية بإصدار قانون يحدد من يتحدث في الشريعة بقصد الافتاء بشرط ان يكون متخصصا ومن يفعل ذلك دون تصريح له بالافتاء يكون قد ارتكب جريمة يعاقب عليها‏.‏ وأضاف الدكتور الشكعة انه لا يجوز الأخذ باراء من هم ليسوا أهلا للإفتاء لأن الافتاء يحتاج إلي إلمام بكتاب الله ومعانيه والحديث والسنة‏.‏

وقال إن العالم لا يتحدث في القطار والمترو وان من يفعل ذلك من العامة الذين يتشدقون ويريدون ان يلفتوا انظار الناس اليهم ومن ثم يجب عدم الالتفات اليهم‏.‏

وأوضح الشيخ محمود عاشوروكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية انه ينبغي ان تمنع تماما مثل هذه الأمور لاننا لا نعرف حقيقة هؤلاء المتحدثين بلسان الدين بالإضافة إلي ان هذه الاماكن المترو‏,‏ والقطار ليست اماكن للوعظ والارشاد وان هؤلاء الاشخاص الذين يفرضون انفسهم لهم مآرب اخري يجب التصدي لها لأنهم ربما ينقلون شيئا لا ينبغي ان يقال ويفسد أخلاق الناس‏.‏

وطالب الشيخ محمود عاشور المسلمين بسؤال المختصين في أمور الدين اذا كانوا في حاجة للسؤال طبقا لقوله تعالي‏:‏ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون

وقوله‏:‏ ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقوله ايضا إذا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون

وأشار إلي أن الأمر لابد من دراسته ومتابعته متابعة دقيقة من جانب المؤسسات الدينية المسئولة لمنع هؤلاء من التصدي للدعوي والفتوي دون وجه حق لأنهم قد ينشرون فكرا متطرفا او فسادا في المجتمع محذرا من خطورة انتشار مثل هذه الأمور وترك الحابل علي النابل‏.‏

وأخيرا وليس بآخر نقول في نهاية هذه السطور ان الدعوة ليست ساحة مفتوحة يمارسها كل من تسول له نفسه دون وجه حق وانها أعلي وأسمي وظيفة يقوم بها الإنسان لأن الشخص الذي يمارسها يكون واقفا في مكان المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ يحمل لواء الدعوة نيابة عنه لتبليغ رسالته إلي الناس لذا يجب ان تكون هناك سمات وصفات موجودة في هذا الشخص وان يكون هناك ضوابط وقوانين تضبط تلك الأمور حتي يفكر من يقوم بالدعوة دون وجه حق ألف مرة في ذلك قبل القيام بذلك‏.‏

جزاك الله خيرا

شكرا على المجهود

اخت فرح

شكرا لك اخى بارك الله يك