سياسة خارجية بقلم: محمد صابرين

44594 ‏السنة 133-العدد 2009 يناير 9 ‏12 من محرم 1430 هـ الجمعة

سياسة خارجية
بقلم: محمد صابرين
حرب بلا نصر؟‏!‏
المجزرة الإسرائيلية البشعة الدائرة في غزة توشك أن تنجح في أن تعيد المنطقة برمتها إلي المربع رقم‏(1),‏ الي لحظة بداية النكبة الفلسطينية‏,‏ وخيبة الأمل العربية التي زلزلت أركان الأنظمة العربية وقتها‏,‏ وبدء حقبة جديدة من الأنظمة الثورية استمدت الشرعية من شعار تحرير فلسطين‏!,‏ واليوم نحن نشهد نكبة أخري‏,‏ وعجزا عربيا شديدا‏,‏ ومحاولة إسرائيلية خبيثة لتصدير القضية الفلسطينية وهي في أقسي لحظاتها مأساوية الي العالم العربي لتفجيره من داخله‏,‏ والأهم محاولة أن تنفض يديها من مسئولياتها كقوة احتلال‏!.‏

إلا أنه وبالرغم من الضباب الكثيف الذي يغيم علي الأجواء كلها‏,‏ فإن إسرائيل ذاتها تغامر بتدمير القبول العربي للتعايش معها‏,‏ بعدما كشفت عن عدم رغبة حقيقية في السلام وسقط قناع الشرق الأوسط الجديد‏,‏ وتزايدت النقمة عليها في العالمين العربي والإسلامي‏,‏ كما أن المجزرة قد أثارت ضمير الرأي العام العالمي‏,‏ وأغلب الظن أن الحكومات العربية سيكون من الصعب عليها تجاهل مخاطر الفجوة بين ما يريده الرأي العام ومواقفها الرسمية‏,‏ ورأينا ذلك في جميع الدول‏.‏

ولن تتوقف تداعيات مانراه عند ذلك الحد‏,‏ بل ان المجزرة قد زادت بالفعل من حجم التأييد لحماس‏,‏ وزادت من حجم السخط والنقمة علي محمود عباس وفتح في الضفة الغربية‏,‏ وهذا أمر بديهي‏,‏ لأن خيار الاعتدال مع إسرائيل لم يحقق النتائج التي جري الترويج لها وأهمها‏:‏ السلام العادل‏,‏ واذا استمرت المجزرة وتصاعدت بفعل عدم القدرة علي تحقيق انتصار كاسح‏,‏ ومن جراء سقوط المزيد من الأطفال والنساء الأبرياء في غزة‏,‏ وارتفاع القتلي في الصفوف الإسرائيلية‏..‏

فإن العملية التي بدأت محدودة مرشحة للانفلات‏!‏ وهنا قد يجد الأطراف جميعا أنفسهم في حرب أكبر‏,‏ حزب الله يحاول تجميل صورته بعدما تزايدت الدعوات التي تطالبه بدخول المعركة

ولحظتها تتسع الحرب وتهاجم إسرائيل لبنان وربما سوريا‏,‏ وعندها تجبر إيران ربما للدخول في رحي المعركة‏,‏ وعند هذه النقطة قد تتفجر المنطقة بوقوع الحرب التي طال انتظارها ما بين أمريكا وإسرائيل من جهة‏,‏ وإيران وسوريا ولبنان وفلسطين من جهة أخري‏,‏ وساعتها ستكون دول الخليج ساحة للقتال‏!‏

وتبقي الأيام المقبلة حبلي بالمزيد من المفاجآت لعل أشدها إثارة‏:‏ التراجع عن حافة الهاوية‏,‏ ومحاولة تجنب تفجر الموقف‏,‏ والعودة الي وقف اطلاق النار‏,‏ والتفاوض علي شروط جديدة للتهدئة‏,‏ وبدء مفاوضات إسرائيلية مع حماس بعد التوصل الي اقتناع بأنها في غزة لتبقي‏,‏ ونظرا للمخاوف من تهديد نتائج غير متوقعة علي فرص باراك وليفني في الانتخابات المقبلة‏,‏ ومخاوف جميع الأطراف من الحسابات الخطأ‏,‏ والرغبة في تقليل الخسائر‏,‏ والانتظار لوقت آخر‏..‏ أي باختصار حرب أخري بلا نصر‏!‏