مصيدة النصاب

تربيته الريفية ونشأته الدينية علمته الأمانة والطهارة وفعل الخير لجميع من حوله..
لكن يبدو أن النهاية والاخلاص والثقة المفرطة في أمانة الآخرين أصبحت بضاعة كاسدة في زمن اختلط فيه الحلال بالحرام عند بعض النفوس المريضة
التي تحالفت مع شيطان الطمع في مال الغير وأصبحت الشهامة تكلف صاحبها الكثير..
ضاعت تجارته وتشردت أسرته ليعيش بين فكي مأساة إنسانية لا يستطيع الفكاك منها..
يلتقط أنفاسه من بين ضلوعه الواهنة بصعوبة بالغة!!
بداية المشوار منذ عامين بعد تسوية معاشه المبكر في الشركة التي كان يعمل بها سنوات طويلة.. تكالبت علي عاتقه ضغوط الحياة ومتطلبات أولاده الخمسة بمراحل التعليم المختلفة.. هجرو أسرته العاصمة إلي مسقط رأسه بالشرقية واستأجر شقة باحدي العمارات صاحبها بلدياته .. استجاب لمطلبه في دفع خمسة آلاف جنيه كمقدم إيجار تخصم نصف القيمة من الايجار مائتي جنيه شهريا.
فوجيء بما لم يكن في الحسبان تفاقم الحياة المعيشية في الأرياف وصار مكتوف اليدين أمام احتياجات ومتطلبات أسرته أمام دخله المحدود من المعاش المتواضع.. لم يجد أمامه مفرا سوي أن يطرق باب التجارة التي اكتسبها ورسخت بين وجدانه خلال سنوات عمله الطويلة بالشركة وإيمانه الكامل بأن التجارة ليست شطارة فحسب بل وأمانة.. وبمكافأة نهاية الخدمة ومستحقاته افتتح مشروعا في تجارة المواسير البلاستيك للصرف الصحي.. وذاع صيته خلال شهور محدودة في الأسواق وبين التجار والمتعاملين معه.. ويحمد الله علي الرزق الحلال الذي يشبع بطون أولاده ويلبي متطلباتهم.
طعنة في الظهر
لم يكن يدري بأن عيون الحاقدين الحاسدين تتربص وترصد نشاطه ونجاحه في الأسواق.. وجاء اليوم الأسود في حياته يوم فوجيء بقريب صاحب العمارة التي يقطن بين جدرانها وقد قدم إليه بزعم زيارته بمقر شركته.. راح يلعب بعواطفه مستغلا طيبته وطباعه الريفية الراسخة ويهمس بين أذنيه بأسلوب ابليس بأن يمد يد العون له بمشاركته في المشروع والتوسع في نشاطه.. وسرعان ما رحب بمطلبه لكونه من أبناء قريته وعلي دراية بخبايا الأسواق.
استجاب لمطلبه في شراء سيارة نصف نقل مناصفة لتسويق وتوزيع بضاعته علي المتعاملين مع الشركة.. ولثقته المفرطة في أمانته أعطاه مبلغ نصف ثمن السيارة المزعومة ستون ألف جنيه لشرائها..ومرت أسابيع طويلة ولم يف بلدياته بوعده واعتاد المماطلة واختلاق الحجج الوهمية ليقف علي الحقيقة المرة بأنه وقع في حبائل شيطان مخادع نصاب باع ضميره للشيطان.. وسقط من فوق وجهه قناع الغش والخداع عندما رفض رد المبلغ ونهره بغلظة مما دفعه إلي تحرير محضرا ضده بقسم شرطة الزقازيق.
إتفاق الخداع!
ليقف علي الحقيقة المرة بعدما علم من أحد التجار المتعاملين معه بأن النصاب تكاتف ضده مع قريب صاحب العمارة علي تقويض أركان حياته بالاستيلاء علي حصاد عمره وبيتا النية مع سبق الاصرار والترصيد علي الزج به بين جدران السجون.. استعانا ببعض أصحاب السوابق والأقارب إنهالوا عليه بسيل من المحاضر الكيدية بمختلف نقط ومراكز الشرطة بالشرقية لتطويه جدرانها داخل غرف الحجز شهورا طويلة فاقت العام حتي جاءت الفرصة وأجهزا عليه بالضربة القاضية دون ذنب اقترفه سوي طيبته وشهامته.. استغلا تواجده بين جدران حجز مركز شرطة لتنفيذ قرار تجديد حبسه احتياطيا في أحد البلاغات الكيدية.. استعانا بذويهم من أرباب الشر والسوء وقاما في جنح الظلام بكسر باب شقته وتغيير كالون الباب لتواجد أسرته في زيارة لأقارب لهم.. وقاما وأعوانهما بالاستيلاء علي جميع المنقولات والأجهزة والأمتعة وإخفائها في مكان مجهول.. وعقب الافراج عنه تسمرت قدماه أمام باب شقته التي صارت علي "البلاط" ووقف يحملق في ذهول في وجه صاحب العمارة والنصاب وأثارا الرعب في قلبه بالتهديد بخطف أولاده.
هرول في جنون وحرر محضرا بالشرطة صار بين جدران النسيان رغم أن المعاينة أثبتت صدق واقعة اغتصاب شقته ولا تزال الأوراق رهن التحقيق والتحريات علي مدي حوالي خمسة أشهر وقلوب أولاده ترتعش من الخوف والرعب من التهديدات وتعددت مرات غيابهم من دراستهم.
وبعد ما صار فريسة لأطماع الطامعين أصبح يحترق بين "نارين" ضياع تجارته ومشروع المنحوس وحصاد عمره من جانب والشقة صمام الأمن والأمان لأسرته من جانب آخر..
صاروا مشردين يعانون الارهاق والتعب هنا وهناك بين مساكن أقاربهم.. ووقع عائل الأسرة فريسة الأمراض المضنية التي أصبحت بكل مرارتها وآلامها وتهديدها لحياته لا تساوي شيئا إلي جانب الآلام المرة التي يعانيها بسبب الخداع ليقف مكتوف اليدين أمام مأساته الانسانية التي تدمي من بشاعتها القلوب.. فالآلام التي تصيب النفس لا يتحملها سوي الذين اعتادوا عليها وتحلوا بالصبر بلا خضوع إلا لصاحب الأمر.

شكرا على نقلك الخبر بارك الله فيك

تسلم ايدك ع هيك طرح لا احلى وااروع ...

والله يعطيك العاافية..

تحيااتي لك...