من غير ليه محمد العزبي

من غير ليه
غرام أندونيسي في القاهرة
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

أمام قصر عابدين دارت كاميرات تصوير فيلم
أندونيسي عن قصة حقيقية كتبها شاب درس في الأزهر قبل سنوات. وأحب القاهرة
وناسها مثل كل أندونيسي جاء إليها زائرا أو مقيما. وقد كان عدد الطلبة من
الدول الآسيوية كبيرا يقبلون علي علوم الدين ويعيشون في حي الحسين أو
مدينة البعوث الإسلامية.

بطل الفيلم كان متفوقا في دراسته بالأزهر الشريف. غير ان والده توفي
بعد عام واحد ليصبح هو رب العائلة من بعده مسئولا عن أمه وثلاث فتيات.. لم
يكن مطلوبا أن يقطع دراسته إلي بلده وإنما عليه أن يعمل ليصرف علي نفسه
ويرسل أموالا لأسرته.

فبدأ يعد وجبات طعام أندونيسية لزملائه الطلاب وموظفي السفارة
الأندونيسية في القاهرة يساعد بها أساسا أفراد أسرته هناك حتي تزوجت
الفتيات. وان كان ذلك علي حساب دراسته في كلية الشريعة التي طالت تسع
سنوات.

يلتقي الفتي "عبدالله خير عزام" بفتاة من بلده "أنّا الطف البنات".
مغتربة أيضا تدرس في كلية البنات. وتبدأ نظرات الحب والاعجاب وبضع كلمات
تعرب عن قصة حب بريئة لكن الفتاة تعود فجأة إلي أندونيسيا وتتزوج هناك
ويعود بعدها عبدالله يبحث عن الاستقرار والزواج فلا يجد فتاة مناسبة.

بالصدفة يلتقي بحبه الأول "أنّا" في أحد شوارع جزيرة جاوة ويعرف أنها
لم توفق في زواجها الأول ويتم الطلاق. هكذا تكتمل قصة الحب التي شهدت
بداياتها شوارع مدينة نصر في القاهرة.

مؤلف الرواية "حبيب الرحمن الشيرازي" درس هو الآخر في الأزهر. وتدور
كثير من أعماله حول حياة الأندونيسيين في مصر. التي شهدت عشرات القصص
المثيرة تلمس وترا حساسا عند المشاهدين الذين انتابهم الملل من أفلام
العري والمغامرات.

ورأي المخرج "إيمان خير الأمم" أن يتم التصوير في الأماكن التي حدثت
فيها وقائع الرواية مستعينا بعدد من الفنيين المصريين.. أما الممثلون
فبعضهم يقف لأول مرة أمام الكاميرا. ومعظمهم يعرف اللغة العربية..
والممثلة الأولي ترتدي الحجاب وقد كان ذلك عائقا أمام اشباع هوايتها
ورغبتها في احتراف التمثيل حتي جاءتها الفرصة بدور يستلزم الحجاب.

ولعلها فرصة للتعرف علي السينما الآسيوية. وفتح مجالات للتعاون معها.
فهناك سوق واسعة يحتاج إليها الفيلم المصري وهناك السكان بمئات الملايين
وليسوا بالعشرات.. هذا غير أهمية اللقاء مع تلك الشعوب الصديقة والمتعاطفة
معنا لأسباب دينية وتاريخية ولأنها تواجه مثلنا نفس المشكلات. ولها آمال
مشابهة.

من غير ليه
"أبورية".. قتلوك أيضا
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

الأعمار بيد الله والموت علينا حق. ولكن
محاولة التمسك بالحياة - خصوصا لمن ينيرون لنا الطريق - فرض علينا جميعا..
ولقد تصورت أن وفاة الشاعر محمد الحسيني مؤخرا لأنه لم يجد تكاليف من يزرع
له كبدا. سوف تقلل من الجحود الإنساني والتعنت الحكومي.. ولكن الكاتب
الروائي يوسف أبورية مات أيضا لأنه لم يجد من يزرع له كبدا.. مع أن
الأموال متوفرة حبيسة في خزينة وزارة الخزانة. جاءت تبرعا من الشيخ "سلطان
القاسمي" حاكم الشارقة لاتحاد الأدباء. فوضعت الحكومة يدها عليها. ليبقي
الموت يهدد كل الأدباء.

كان يحلم بحياة أفضل ويعمل في كل مجال. حتي كتب للأطفال. ونال عددا
من الجوائز. من بينها جائزة نجيب محفوظ التي تقدمها الجامعة الأمريكية كل
عام عن روايته "ليلة عرس".

أصابه الداء اللعين مبكرا مثل كثير من المصريين فمعظمهم من أبناء
الريف. وقد ولد في ههيا بمحافة الشرقية ولم يهتم. وربما لم يعرف في الوقت
المناسب. حتي ساءت حالته.. وأصبح مطلوبا إجراء عملية "زرع كبد" تحتاج إلي
تبرع وإلي عشرات الأولوف بل ومئات الألوف من الجنيهات.. تقدم أبناء أخيه
يعرضون فداءه بأكبادهم. فهو لم ينجب ولدا. ولكنهم لم يصلحوا طبيا.. لابد
من سفره للخارج.. هذا أو يفقد الأمل.

تطلع محبوه للأموال في الخزائن. وله فيها حق. فلم يتحرك ساكنا أو يهتز وجدانا.


كان يمكن أن تعالجه الدولة علي نفقتها فلم تفعل. ولم تهتم ولم نتوقع..
ولعلها اعتمدت علي فلوس "الشيخ" ونسيت انها سبق وأخذتها بالشمال!

إلي متي نظل هكذا. لا نرحم ولا نترك رحمة الله تنزل؟!


لمن تلك الأموال التي تبرع بها تقديرا ومحبة حاكم الشارقة؟ كيف نعطلها
ونصر علي عدم تفعيلها حتي والموت يقترب.. لماذا نتعنت ونفسر القانون بغير
روحه؟

أنا معهم في انها "ليست فوضي" ولكن هناك حلولا سريعة تحفظ لكل جانب
حقه. فلا يجب أن تكون الحكومة ضد الحياة ولا يصح أن تماطل ولا أقول تغالط.
فتعمل لصالح عزرائيل.

هل يأتي رحيل يوسف أبورية مبكرا وهو لم يصل للخامسة والخمسين من
عمره. دافعا للأسراع بتنظيم وتقنين طريقة للافراج عن الأموال التي تبرع
بها حاكم الشارقة لعلاج أعضاء اتحاد الكتاب. الذي لا يحظي معظمهم بأي غطاء
تأميني. ولا يملك غالبيتهم مصاريف العلاج ولا يعرفون جميعا كيف يتصرفون لو
واجههم مرض عضال. فيبقي من تمكن منه الداء أسير سرير في مستشفي متواضع
انتظارا للموت!!

أعود إلي أصل الحكاية مرة أخري وهي ان حاكم الشارقة تبرع بعشرين
مليون جنيه. وصلت وأودعت في أحد البنوك بعد أن وافق علي قبولها وزير
الثقافة واعتمدها رئيس الوزراء ليغلق عليها وزير المالية أبواب خزانة
الدولة لتنظيم صرفها وفقا لكل حالة.. ولا يصرف شيئا حتي في الحالات
القاتلة التي لا خلاف علي تشخيصها.

وسقط شاعر ثم روائي.. وهناك آخرون ينتظرهم نفس المصير.. ويبقي السؤال: من القاتل؟!

من غير ليه
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
الذين يبيعون الأطفال؟

جريمة مركبة. بل عدة جرائم ترتكب بلا ذمة أو ضمير. تعكس وجهاً قبيحاً للمجتمع الذي فقد الكثير من القيم.


ربما سمعنا من قبل عن انحرافات هنا وهناك. وتسامحنا أو تفهمنا أو أمسكنا بالصغار بينما الكبار في أمان.


ولقد كان يشغل البال أن يصل الفساد إلي مهنة الطب الشهيرة بأنها
إنسانية وسامية.. وقصص كثيرة عن بيع أعضاء البشر. بالاتفاق أو بالسرقة
باعها فقراء وتدخل فيها سماسرة وأجراها أطباء متخصصون في مستشفيات من ذوات
النجوم الخمسة.

أما إذا كانت الحاجة ماسة والمشتري جاهزاً فلا بأس من الخداع واقتطاع "كلية" سليمة بحجة أو أخري. ودون أن يدري صاحبها!


كما سري الخوف من تردد حكايات سرقات الأطفال. من أجل الحصول علي أعضائهم. ولو بقتلهم!


أخيراً وسط جدل ديني وتشريعي حول عمليات نقل الأعضاء تم الإعلان عن
أطباء ومستشفيات متهمة بارتكاب تلك الجرائم الخفية. ولكن يبدو أن ما كشف
عنه لم يكن هو كل ما يرتكب.

وتتنوع الجرائم من سوء استغلال وقلة ذمة وعدم اهتمام حتي السرقة والنصب والقتل!


تقدمت السفارة الأمريكية ببلاغ لشرطة قسم قصر النيل عن سيدة مصرية
تحمل الجنسية الأمريكية تطلب إثبات طفلين علي جواز سفرها باسم "الكسندر"
و"فيكتوريا" عمر كل منهما شهران. كي تصحبهما معها في رحلة العودة.

أثار الطلب الريبة. ودلت التحريات إلي أن مرشداً سياحياً تعرفه
السيدة المصرية الأمريكية اتفق معها علي تزويدها بالطفلين مقابل عشرين ألف
جنيه. أخذ نصفها اثنان من الأطباء. يتستر عليهما مستشفي خاص يوفر لمسرح
الجريمة كل الامكانيات من تزييف أوراق وخلافه.

لم يكن الحادث الأول فقد سبق بيع طفلة أخري بنفس الطريقة قبل حوالي شهرين اثنين.


لزوم الشيء أن يقوم المستشفي بتوليد الفتيات اللاتي يحملن سفاحا أو
اجهاضهن لتصبح الجرائم مركبة علي كل نوع. وليبدو المستشفي وكرا لعصابة بيع
أطفال مصريين لسيدات من كندا وأمريكا.

تتلاشي أمام ما أعلن عنه باقي الجرائم الصغيرة مثل الاهمال الجسيم في
معظم المستشفيات. والمبالغة في تحديد الأتعاب. وعدم إنقاذ المرضي في الوقت
المناسب. والتراخي في نجدة المحتاجين. بل والخطأ في نتائج التحليل
والتشخيص.

في كل بيت شكوي من الطب والأطباء.. ولكن بيع الأعضاء والأطفال جرائم
لا تبرير لها. والتشكيل المتهم في الواقعة الأخيرة عصابة تتوزع أدوارها ما
بين اصطياد الفتيات الخاطئات وإجراء العمليات والاتفاق علي البيع وتسهيل
الإجراءات. مع عدد من السماسرة مصريين ومتأمركين ومرشدين سياحيين. ومن
خفي!

يضاف إلي كل ذلك اغماض العين فما خفي كان أعظم.

من غير ليه
بعد قبلة الوداع
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

يبدو اننا نسينا الصحفي العراقي الذي
ألقي بحذائه علي الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" في مؤتمر صحفي عقده
مزهواً بما أسماه نجاح سياسته. منتشياً وهو يودع سنوات حكمه بزيارة
لبغداد.

ولكن صحفياً أمريكياً هو "تيموثي وليامز" ومعه فريق من مساعديه واضح
من أسمائهم انهم عرب. تابعوا ما جري سراً منذ لحظة إلقاء القبض علي الصحفي
العراقي فور حادث الحذاء الذي أسماه "قبلة وداع".

لم يسمح بزيارة سجين حكومة بغداد سوي مرتين. قام بهما محاميه وأخوه
ثم لا أحد.. كما تأجلت المحاكمة لموعد آخر. ربما حتي تلتئم الجراح.

بعد اعتداء رجال الأمن عليه في المؤتمر الصحفي عقب إلقائه فردة حذاء
وراء الأخري علي ضيف رئيس الوزراء العراقي وفي حضوره. اختفي الرجل. ولكن
ملايين المشاهدين علي شاشات تليفزيون وفضائيات العالم رأوا الواقعة
بالتفصيل وسمعوا الأنين.

تقول أسرته انهم لا يعرفون علي وجه اليقين في أي سجن أودعوه. ولكن
الشائع انه بمركز اعتقال خاص في المنطقة الخضراء يخضع لكتيبة عسكرية تتبع
مكتب رئيس الوزراء مباشرة.

لا أحد يوافق علي تصريح بزيارته. ولا رد يصل لكل من يطلب الزيارة.
بينما المتحدث الرسمي العراقي يتساءل من قال بأن الزيارة ممنوعة؟!.. في
الوقت الذي يشاع فيه أن هناك خطراً يهدد من يطلب لقاء الصحفي العراقي.
مهما كانت صلته به.

يؤكد المتحدث الرسمي أيضاً انه لم يتعرض للتعذيب. وسوف يلقي محاكمة عادلة!


بينما يتوقع أخوه ألا يخرج من السجن حياً. مع أن أقصي عقوبة تنتظره
بالقانون هي سبع سنوات.. إلا إذا تغير الحال في العراق بعد غياب "جورج
بوش".

يقول التقرير الذي جمع مادته "تيموثي وليامز" ونشرته صحيفة "الهيرالد
تريبيون" الأمريكية انه ورد في تحريات رسمية عن حالة الصحفي العراقي
المعتقل ان كدمات تملأ وجهه وجسده خصوصاً في الساقين والذراعين وان جرحاً
واضحاً يبدو علي قصبة أنفه وآثار حريق علي إحدي أذنيه.. وكل ذلك دليل قاطع
علي تعذيبه بعد إلقاء القبض عليه.

حاول المحامي أن يحصل علي صورة من التقارير الطبية فلم يستطع.


قد يختلف البعض حول أهمية إلقاء حذاء علي رئيس. لم يصبه. وانما
أهانه.. ولكن الواضح أن الحذاء دخل التاريخ مسجلاً في حركة واحدة رأي
الكثيرين في السياسة الأمريكية وما أصاب العالم من جرائها خصوصاً العراق.

هذا ويخرج "جورج بوش" من البيت الأبيض غير مأسوف عليه. مودعاً باللعنات.. والأحذية!


ويدخل التاريخ صحفي عراقي شاب لم يسعفه قلمه ليبدي رأيه فتصرف علي هذا النحو.


وهناك من يهدد بالحذاء ويستخدمه كسلاح. ويتمني لو ألقي في وجوه كثيرة.
ولكنني أفضل ألا يساء استخدامه ويبقي مرتبطاً بالرئيس الأمريكي السابق
وحده. فهو رجل لم يكن له مثيل!!

من غير ليه
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
حين تأكل الكلاب الجثث!

حرب المدافع في غزة نشهدها علي شاشات
التليفزيون دقيقة بدقيقة رغم محاولات الحظر التي تفرضها إسرائيل علي وسائل
الإعلام وما يتعرض له الصحفيون والمصورون من خطر يصل إلي حد الموت.

كذلك نتابع بقلوب حزينة ما يلقاه شعب أعزل وأطفال أبرياء وصور دامية
من الشوارع والطرقات ومن داخل المستشفيات المزدحمة بالجرحي والمشوهين.

وقد تتعاطف شعوب العالم مع الضحايا ولكن الحكام والسياسيين
والجنرالات واصحاب القرار لهم رأي آخر. فهم يرون العدوان الإسرائيلي
الدائم الوحشي مجرد رد علي استفزاز المسلمين الإرهابيين ويصدقون ان سكان
فلسطين المنكوبين يحملون الدمار للقوة العسكرية الغاشمة المدججة بأسلحة من
جميع دول العالم!!

ماذا يقولون إذن في شهادة منظمات أهلية دولية تدافع عن العدل وحقوق
الإنسان وهي توجه في بياناتها الرسمية اتهاما صريحا لإسرائيل بخرق
القوانين التي تحرم استخدام أسلحة فتاكة أهمها "الفوسفور" الذي ظهرت آثاره
واضحة في صورة الغارات البيضاء المتطايرة في سماء غزة بعد قذفها بالقنابل
الفوسفورية ومن نتائجه حرائق سريعة للمساكن ولأجساد البشر.

سبق ان استخدمت نفس الأسلحة المحرمة في حرب لبنان الأخيرة بين
إسرائيل وحزب الله.. كما سبق ان استخدمتها الجيوش الأمريكية عند غزوها
العراق وبعد صدام وبدأت آثارها واضحة في معركة الفالوجة.

لم تستطع إسرائيل أن تنكر ولكنها بررت جريمتها بأنها استخدمت القدر المسموح به من قنابل الفوسفور الأبيض وفقا للقوانين الدولية!!


ثم تأتي شهادة أطباء مصريين مرموقين زاروا غزة لتقديم العون لأهلها.
من بينهم الدكتور أحمد عبدالعزيز أستاذ جراحة العظام الذي لاحظ وجود فتحات
داخل أجساد الضحايا من جهة ولا توجد فتحات للخروج مما يدل علي استخدام
أسلحة كيماوية.

يقول أطباء آخرون ان أسرة المستشفيات لا تكفي عدد المصابين فمازال
الكثير منهم ينزف علي الأرض وفي الطرق.. وان انقطاع الكهرباء أفسد العديد
من المضادات الحيوية التي هي أصلا لا تكفي وأن العمليات الجراحية أجريت
علي ضوء الشموع.

أما الدكتور عبدالرازق العيسي استشاري جراحة العظام فقد استقبل طفلا
تعرض لحروق شديدة أتوا بجثته بعد أن ظل في الشارع مدة طويلة. أكلت الكلاب
أجزاء منها!!

لا يحتاج الأمر إلي دليل!!

من غير ليه
خال الوزير
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
سبقني الكاتب المتميز "سليمان جودة" في
التعبير عما دار بخاطري منذ فقدنا رجلاً عظيماً مثل الدكتور "عبدالعظيم
أنيس" العالم المقاتل صاحب المبدأ الذي لا يساوم والمواقف الوطنية دون
تردد. منذ ترك كل أبواب المجد الممتد أمامه في "لندن" وانتقل من التدريس
في أهم جامعاتها إلي الخطابة في حديقة "هايدبارك" مهاجماً الحكومة
البريطانية التي شنت عدواناً مشتركاً علي مصر مع فرنسا وإسرائيل. وفاضحاً
الأساليب الاستعمارية التي عادت تطل من جحورها.. ثم عاد إلي الوطن ليدخل
بعدها المعتقل سنوات طويلة تعرض فيها لألوان من التعذيب لم تفقده يوماً
اعتزازه بكرامته.. مثلما تعرض بعد ذلك لإغراء المناصب والرضا السامي. فلم
يتغير أو يهتز إيمانه بما عاش من أجله سياسياً وطنياً وعالماً مرموقاً.

ودعه محبوه والذين عرفوا قدره بكل ما يستحق. وتوالت مشاركات العزاء
في الصحف لمن يقدرون علي التعبير عنها بأموالهم.. ولكن كثيرين اقتصروا علي
مواساة ابن اخت الراحل العظيم. لأنه وزير.. وأحسب أن معظمهم لا يهدف إلا
مجاملة معاليه. وهو رجل مشهود له وعالم أيضاً ومتواضع. ولكن ماذا نفعل في
داء النفاق الذي يستشري.

لم يفكر الذين امتلأت صفحات الوفيات بإعلاناتهم في أن يذكروا اسم
الفقيد وذكر الاسم يشرفهم وإنما اكتفوا واختصروا وساروا مباشرة إلي هدفهم
بتقديم العزاء للوزير الدكتور "طارق كامل" في وفاة خاله.. ولقد كان أكثر
احتراماً ومصداقية لهم أن يذكروا اسم الخال.. إلا إذا كانوا لا يعرفون
قدره.. وذلك ممكن في زمن تتلاشي فيه القيم.

يقول "سليمان جودة": ما أفدح الخلل الذي نعيش فيه!


تماماً مثلما حدث عند وفاة الدكتور "كمال الإبراشي" أشهر طبيب أسنان
في مصر وأجدع مواطن يتمسك بمواقفه ويعلن فكره وله قصة شهيرة كان أطرافها
الرئيس السادات والسفير الإسرائيلي انتهت باعتقاله في حملة سبتمبر
الشهيرة.

كانت أغلب إعلانات صفحة الوفيات في "الأهرام" مواساة للوزير "أنس
الفقي" في فقده خاله دون ذكر اسم الدكتور "الإبراشي" وكأنهم لا يعرفون عن
الراحل العظيم فقيد عصره إلا أنه خال الوزير.

من غير ليه
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
أسوار حول "منحة" الحياة

أخيرا تحرك اتحاد الأدباء وقرر رفع دعوي
قضائية - علي استحياء - ضد وزارة المالية يطالب بالافراج عن المنحة
المالية وتقدر بعشرين مليون جنيه قدمها حاكم الشارقة لرعاية الأدباء صحيا.

أسبوع مفاوضات ودية قبل رفع القضية رسميا.. وكأن الوقت الذي مضي
والأدباء الموهوبين الذين سقطوا صرعي للمرض الرهيب مؤخرا وربما تم إنقاذهم
لو ان المالية افرجت ولو بصفة خاصة عما يكفي لعلاجهم وكأن أرواح يوسف
أبورية ومحمد الحسيني ولا أعرف ان كانت الراحلة الكريمة نعمات البحيري لم
يدركها وصول المنحة. ليست كافية للافراج عن حق الأدباء في الحياة.

كثيرون من أعضاء الاتحاد لا يتمتعون بغطاء تأميني أو صحي وحتي لو كان
من حقهم بعض العلاج والدواء مثل باقي المواطنين في الدولة. فإن مصروفات
المرض الخبيث بغير حدود وعندما يصل الأمر إلي داء الكبد الذي يستلزم الزرع
والتغيير فليس في قدرة فرد أو حتي جماعة أن تدفع مئات الألوف من الجنيهات.

كان أبورية في حاجة إلي 400 ألف جنيه لزراعة الكبد في مصر تصل إلي
مليون جنيه إذا اضطر لإجراء العملية خارج مصر بسبب عدم صلاحية أكباد
المتبرعين من الأقارب وعدم صدور قانون يسمح بنقل الأعضاء في مصر.

ساهمت وزارة الثقافة "بقرار" بخمسين ألفا ووعدت وزارة الصحة بمائة
وخمسين ألفا ولكن أبورية مات قبل تنفيذ القرار والوعد الذي لم يكن يكفي!

هذا مع ان للأدباء في ذمة الدولة عشرين مليونا تم تجميدها هي وأرباحها لحساب وزارة المالية.


ثم تكشف المالية ان المنحة تحت تصرف اتحاد الأدباء منذ ورودها وقد
أودعها الاتحاد في حساب خاص كوديعة لمدة خمس سنوات في البنك العربي بفائدة
تسعة في المائة.. مثلما أودع منحة أخري قدمها أيضا حاكم الشارقة بمبلغ
مليون ومائتي ألف جنيه وديعة سنوية بعائد أقل من ستة في المائة ببنك
القاهرة فرع قصر النيل.

بذلك اقتصر دور وزارتي المالية والثقافة علي انهاء الإجراءات الإدارية لقبول المنحة فقط بعد أن وافق علي قبولها رئيس الوزراء.


تتساءل وزارة المالية عن السبب الذي من أجله امتنع اتحاد الكتاب عن الانفاق علي يوسف أبورية؟!


صحيح ان هناك شرطا في أحد بنود قرار تأسيس الاتحاد بحظر قبول تبرع أو منحة أكثر من عشرة آلاف جنيه إلا بعد موافقة وزير الثقافة.


وقد وافق الوزير ورئيس الوزراء وتدخل "بصفته" وزير المالية والملايين
في البنوك وديعة طويلة الأجل. أي يصعب الصرف منها إلا في حدود أرباحها.

غموض. أو التواء. أو حقائق مبتورة.. يقول البعض إنه لو اعتصم الأدباء
أمام مجلس الوزراء أو هبوا في وجه المالية مثل موظفي الضرائب العقارية أو
وقفوا في وجه "التوربيني" مثل سائقي القطارات. ربما كان رد الفعل مختلفا!

من غير ليه
رجال من صفيح
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

ليست شكوي. وإنما حالة. حالات.. عادي.


ترددت في ارسال برقية عزاء. مع ان المرسل إليه المشهور حاليا كان
صديقا أو يبدو كذلك.. تابعت نشاطه واحدا من زعماء الطلبة. ثم مهاجرا من
أجل رزقه. فيفتح الله عليه ويعود.. قرأت رسالة الدكتوراه التي فاجأنا
بحصوله عليها من بلاد برة رغم مشاغله.. اتسعت دائرة معارفه والمستفيدين
منه والمستفيد منهم. فابتعد عن الماضي وانطلق لينسي في الزحام أقل
المجاملات بعد ان أصبح كل شيء لديه بحساب.. نسي أن يسأل في السراء أو
الضراء ولو في المناسبات. فاستحق أن اتردد في ارسال برقية عزاء وأعرف أنه
تلقي الألوف من المجاملات ممن حتي لا يعرفهم! مصالح!

فنان كبير أحبته الملايين. لم يختلف عليه أحد إلا عندما يتكلم في
السياسة ويفتي ولو ان هذا حقه كمواطن. يجب أن يبدو مشغولا بالشأن العام
ويردد أحاديث المثقفين مستخدما أساليبهم عند فلسفة الوقوف مع السلطة..
كانت دائرة معارفه واسع ورغبته في مد الجسور مع الآخرين متجددة. مجاملا
ودودا عبقريا في اظهار تقديره ومحبته مع كل الاعتزاز بالنفس والاحتفاظ
بقيمته.. ثم فجأة يتغير أو علي الأصح يفقد الاهتمام أو يتوقف عن ان يدخلك
في حساباته.. انتهي الأمر حتي يقع في مأزق وضع نفسه فيه فيفتش في كل
دفاتره ويبحث عن قلوب وايد تلتف حوله.. مازالت الملايين تدافع عنه ولكن
إلي متي؟!

رجل مهم يتقربون إليه ففي يده أن يرفع الأذي ويمكن أن يصبح حماية لمن
يعرفه.. ما ان تولي منصبه حتي تلقي الكثير من المجاملات. من بينها اشتراك
مجاني لممارسة مختلف أنواع الرياضة في فندق كبير قدمه له صاحبه المعروف..
هدية مقبولة لا غبار عليها ومعاملة تليق بالباشوات ولا خوف من ارتكاب
المخالفات.. علما حدث للرجل المهم ما يحدث لكل الناس واحيل إلي المعاش أو
الاستيداع وترك الخدمة وأصبح مثل خلق لله لم يجدد له الاشتراك وبدون كلمة
اعتذار.. للحق تركوه يستخدمه حتي نهاية العام!

وهذا أفضل بكثير من رجل الأعمال والسياحة الذي يبني القصور في المياه
وعلي قمم الجبال يفعل مثلما يفعل غيره ويرجو زميلا صحفيا أن يتكرم ويشرفه
في أحد مطاعمه الراقية وفي الوقت الذي يريده والضيوف الذين يدعوهم
وبالمجان. ببطاقة خاصة تشبه الفيزا كارد قدمها له بكل الحب والاحترام.
ويبدو ان لديه من مثل تلك البطاقة الكثير.. قبلها الزميل ممتنا ولم
يستخدمها طوال العام فلما انتهت صلاحيتها أرسل غيرها وكان من نصيبها ان
تستخدم لعشاء واحد علي سبيل التجربة لم يتكرر وجاء العام الثالث ببطاقة
جديدة وكل شيء علي ما يرام.. حتي تغيرت الظروف ولم يعد الزميل مسئولا عن
الصفحة أو الصفحات المتخصصة في السياحة بالجريدة الكبيرة.. يوم واحد بعد
معرفة الخير. طلب مندوب عن رجل الأعمال لقاء الصحفي علي عجل وكانت رسالته
هذه المرة مقتضبة وحاسمة من فضلك هات البطاقة.. لم ينتظر حتي تنتهي
صلاحيتها فلا يجددها.. علي ودنه!!

من غير ليه
بس هس
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

رئيس الشركة القومية للتشييد لا يحبذ
تجدد الحديث حول صفقة "عمر أفندي".. فالشركة اتباعت وإثارة موضوعها من حين
لآخر لا جدوي منه.. يستهدف البلبلة فقط.. يعني خلاص بس هس.. مع أن هناك
خلافاً معروضاً حالياً علي لجنة تحكيم حول ثمانية وخمسين مليون جنيه مبلغ
بسيط!!.. كان قد تم تجميده من الثمن المدفوع في الصفقة تحسباً لأي خلاف
بين البائع والمشتري.

هذا وهناك طعن أي شك في ميزانية "عمر أفندي" السعودي هذا العام
وخسارة 300 مليون جنيه. وما يترتب علي ذلك من حقوق للعمال وللشركةالقومية
المصرية التي مازالت تملك عشرة في المائة!

ولقد كان الخوف من بيع المالك الجديد ما لا يلزمه من فروع "عمر
أفندي" المتعددة. والخوف الأكبرمن إشاعة أن المعروض للبيع فرع "عبدالعزيز"
الرئيسي وربما غيره مما له قيمة أثرية.

البيع وارد وحق للمستثمر إن عاجلاً أو آجلاً.. أما ما قيل عن بيع
الفروع التاريخية فممنوع وفقاً للعقود الموقعة. ولتأكيد رئيس الشركة
القومية للتشييد. وإذا كان هناك كلام. فهو إما دس ووقيعة أو إثارة للبلبلة
أو إشاعة بغير أساس. أو بالون اختبار لجس رد الفعل؟!

بعد كل هذا مطلوب منا أن نسكت ولا أحد يفتح فمه أو يراجع.. مع أن
المسألة مازالت في أذهان البعض غير واضحة. والطريقة التي تم بها البيع
أثارت معارضة وشكوكاً.. ليس في ذمة المسئولين لا سمح الله. وإنما للسرعة
وشبهة التساهل. وعدم التدقيق في وضع الحدود!

ولعلنا نتساءل بدهشة عن عقود بالغة الأهمية توقع وفيها ثغرات. دائماً
لصالح الطرف الأجنبي. وهو ما حدث أيضاً في حالة شركة "أجريوم". ولم تنكشف
إلا عندما رفضها شعب دمياط.. وما حدث في اللف والدوران حول اتفاقية تصدير
الغاز لإسرائيل.. مع أن لدينا خبراء ورجال قانون وأصحاب علم وتجربة. لا
يصح أن تفوتهم عند التفاوض والتوقيع مثل تلك البنود التي تفرط وتضعنا في
مأزق فإما أنها بمزاجنا أو بأوامر ممن لا يعرف.. أو ماذا؟!

أذكر أنه منذ سنوات في رحلة علي أعلي المستويات لبلد آسيوي بعيد يريد
ونريد أن ندعم علاقاتنا الاقتصادية بين شركاته الخاصة وملكيتنا العامة..
تعثرت المفاوضات لأن خبراءنا المصريين وجدوا أن مطالب الآخرين وشروطهم
مجحفة.. ولكن الزيارة الرسمية محدودة الأيام وعلي وشك الانتهاء. وهناك
عجلة في التوقيع قبل الانصراف. والجانب الآسيوي بدوره يشكو مما أسماه عدم
مرونة رجالنا.. وكانت المفاجأة أن مسئولاً يفهم أيضاً في الاقتصاد أبدي
قلقه من التأخير. أو علي الأصح التدقيق.. وطلب التخليص..والحمد لله أن
وقتها لم يتحقق ما يريده وإنما تأجل الأمر لجولة أخري من المفاوضات لم
أتابع تفاصيلها. إذ كانت في صناعة النسيج!!

الحق أنه يجب ألا نسكت. ففي الصالح العام. ومع التسرع أحياناً والعناد كثيراً وعوامل أخري يجب ألا يتوقف السؤال!

من غير ليه
أنين الكاميرا
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

ضباط الشرطة وأمناء وجنود شرفاء يعرفون رسالتهم ويتصرفون بشجاعة الرجال. استعدت ذكراهم. ومنهم من قدم حياته دفاعا عن الوطن والإنسان.


شهداء افتقدناهم. سوف نظل نذكر أسماءهم وأعمالهم بكل الحب والتقدير
والعرفان "محمد المتناوي" الذي أنقذ بحياته فتاة من الاغتصاب وعبدالخالق
أبوزيد وعمروعبدالمنعم وإبراهيم سلامة وغيرهم من الأبطال الذين قاوموا
الإرهاب واطفأوا النيران وطاردوا تجار المخدرات وكل المستهترين المستهينين
المهددين لسلامتنا وأمننا.

حسنا أن قدمت وزارة الداخلية صورة مضيئة لأعمال رجالها المجيدة في فيلم "لوحة الشرف".


إذن ما الذي يحدث فيثير مشاعر المواطنين وينسيهم وينسي ضباط الشرطة مهمتهم الحقيقية؟


كيف يتنامي العداء ويسود الخوف والتربص وتبدأ الشوارع وكأنها ساحة حرب. والاخوة المدنيون وكأنهم أعداء؟


استبد الغضب - مثلا - بمصوري الصحف بعد أن فاض الكيل. فوقفوا احتجاجا
أمام مبني نقابة الصحفيين. يرفعون أسلحتهم "المحرمة" وهي لقطات مصورة
وكاميرات محطمة.. ويستعدون لتنظيم معارض في خمس عشرة دولة أجنبية تشكو
حالهم بلقطات تدين ما يتعرضون له من ضرب وسب واهانة ومصادرة لكاميراتهم
وهواتفهم ذات العدسات واحتجاز لساعات.. كله مسجل ومنشور بما لا يقبل
الأنكار والجدل.. آخرها ما حدث أثناء قيامهم بعملهم وتغطية مظاهرات
الاحتجاج علي ما يجري في غزة.

يتعرض الصحفيون أيضا لمثل تلك المعاملة الخشنة.. وتشكو زميلة من
تعرضها لتحرش جنسي وضيع وتحكي "رشا عزب" قصة الهجوم عليها وسبعة صحفيين
آخرين ووضعهم بالقوة في لوري إلي سجن طرة ليبقوا ساعات قبل اطلاق سراحهم..
كما تحكي "نهي مهني" ما حدث لها عندما طاردوها وصحفيين آخرين في شوارع
القاهرة.

ويقدم المصورون صلاح الرشيدي ومحمد حسام واحمد معروف وأسماء وجيه
وصلاح ابراهيم ومجدي حنا وآخرون صورا حية لما نالهم من أذي وأصاب
كاميراتهم غالية الثمن من تكسير.

هذا وتنشر وكالات الأنباء الأجنبية صورا لما يتعرض له مصوروها عمرو
نبيل الذي مازال يعالج عينه التي فقدها أثناء تغطيته لانتخابات مجلس الشعب
قبل أكثر من ثلاثة أعوام في احدي دوائر مدينة الزقازيق وعبدالناصر النوري
الذي يعمل بوكالة رويترز والصورة التي التقطها خالد دسوقي لأحد الضباط
يدوس بقدمه علي وجه متظاهر بحذائه بعد ان سقط علي الأرض فتناقلتها وكالات
الأنباء.

لابد من ايجاد صيغة لاحترام عمل الصحفيين والمصورين فليس من المنطق
أن تكون مهمة ضباطنا هي مطاردتهم بهذا العنف وعلي تلك الصورة المهينة
والمسيئة.. وإذا كان حفظ الأمن ضروريا فهناك وسائل أخري كثيرة لتحقيقه
وإذا كان لا يجوز أن تقع تلك الأحداث العنيفة بغير ضرورة فإننا لا نحب
ايضا التشهير بأنفسنا ونشر صورنا القبيحة علي العالم.

مرة أخري أجدني أعود إلي الصورة الجميلة الأولي في "لوحة شرف"!

من غير ليه
ما أحلي السفر
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

خبر علي الصفحة الأولي من جريدة
الجمهورية توقفت أمامه رغم أنه لم يدهشني بقدر ما ذكرني بحلاوة السفر..
يقول الخبر ان ربع الحكومة خارج البلاد فخمسة وزراء حملوا حقائبهم وأخذوا
مرافقيهم وغادورا مطار القاهرة في يوم واحد هم أحمد أبوالغيط وزير
الخارجية في طريقه إلي بروكسل وحسن يونس وزير الكهرباء إلي ألمانيا وزهير
جرانة وزير السياحة إلي فرنسا وسامح فهمي وزير البترول إلي المجر وفايزة
أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي إلي طاجيكستان.

كل منهم لديه مهمة فلا حسد.. وكل منهم كثير السفر بحكم منصبه ولا
ننسي إمامهم في الترحال وأصغرهم في السن محمود محيي الدين وزير الاستثمار.

وهناك آخرون يغادرون ويعودون في أمان الله دون أن نسمع عنهم كثيرا أو لعله من كثرة اسفارهم لم يعد خروجهم ودخولهم خبرا يلفت النظر.


أما النتائج والبيانات وما تحقق من انجازات فهي تقريبا متشابهة ولولا
ان بعض السفريات يتاح لها لسان حسود - أي صحفي أو مجموعة الإعلاميين -
يصاحبون الوزير ضيوفا علي معاليه يذكرون محاسنه. لما عرفنا بالتفصيل جدول
لقاءات الوزير وانتصاراته.

قد يكون السفر ضروريا غير انه أحيانا لا يستلزم هذا المقام العالي
وذلك العدد الكبير وقد تكون هناك مهام تنقضي بالرسائل والتليفونات وعن
طريق السفارات والمكاتب المتخصصة المتعددة الملحقة بها.

وكنا نتندر زمان ببعثات سنوية لشراء ياميش رمضان من خارج البلاد.
تتكون من مسئولين كبار مع ان البائعين علي استعداد لتسويق بضائعهم بكل
الطرق الممكنة.

وكنت أسمع عن حج سنوي إلي موسكو حيث كان الاتحاد السوفيتي أكبر شريك
في الأعمال التجارية التي كانت جميعها تديرها الدولة.. وكان خط السير
والسفر يمر بالعاصمة الفرنسية "باريس" رايح جاي مع ان هناك خط طيران مباشر
بين القاهرة وموسكو.. يتوقف الوفد أياما وهو عادة ولسنوات برئاسة شخص
محظوظ ومعه طاقم من سكرتاريته ومن يرضي عنهم إلي جانب زملاء صحفيين..
الإقامة في الاتحاد السوفيتي علي حساب الاشتراكية وفي باريس علي حساب
الحكومة المصرية في أفخم فنادقها القريب من "لافاييت" واحد من أكبر
المراكز التجارية وأكثرها أناقة. لتسهيل المشتريات التي تحول فواتيرها إلي
الفندق فيدفعها حامل حقيبة المصروفات بالوفد الرسمي.. ربما تطور هذا إلي
بند بدل السفر أو الكاش من رجال القطاع الخاص ومن باب التنويع تقام في كل
عام مهرجانات للحج علي متن طائرات خاصة يحمل فيها كل وفد اسمه واحد من
أصحاب الملايين والمصالح!

حكايات السفر كثيرة وعجيبة في الخروج وعند الوصول وما كان يعاد
الحديث عنها لولا ان صحفيا شاطرا رصد حركة المشاهير في مطار القاهرة لفترة
زمن محدودة ذكر فيها مغادرة الوزراء الخمسة وسفر علي المصيلحي وزير
التضامن إلي أسوان وتوديع عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة لابنها
المسافر علي الطائرة البريطانية ولولا ان "ديسك الجمهورية" اختار الخبر
للصفحة الأولي واختار عنوان "ربع الحكومة خارج البلاد"!

[tr][td class=nav dir=rtl align="center"]من غير ليه
المؤلف والأمير
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
[/td][/tr][tr][td dir=rtl align="right"]صورته وراء القضبان مكبل بقيود من حديد في قدميه مرتدياً ملابس السجن البنية الباهتة اللون تثير العطف. فهو لم يقصد ارتكاب الجريمة. التي حوكم بسببها واستحق ثلاث سنوات في سجون تايلاند يقضيها غريباً فهو كاتب رواية استرالي في الأربعين من عمره.. مع أن العقوبة مخففة روعيت فيها ظروفه. إذ كان من الممكن أن يحكم عليه القاضي بخمسة عشر عاماً وفقاً للقانون.
لم يتصور "هاري نيكولا يدس" أن تقوده روايته الأخيرة. وتدور أحداثها في "تايلاند" إلي أن يدخل السجن بسبب فقرات تناولت إشاعات عن الحياة الخاصة لولي العهد.. هذا ولم تزد عدد النسخ التي بيعت من الرواية في "تايلاند" علي سبع نسخ. فلابد وأنها قد صودرت!
ازداد الهجوم والغمز واللمز علي القصر الملكي في تايلاند. وهو شبه مقدس. فاستلزم الانضباط التشدد في مواجهة الذين يتجاوزن حدودهم. سواء بالمحاكمة والقوانين التي تجرم العيب في الذات الملكية بكل الصور. أو إغلاق ألفين وثلاثمائة موقع إلكتروني. والتدقيق في التصريح لمئات أخري بالبث عبر الإنترنت. ومصادرة صفحات من ثمانمائة وستين "فيلم فيديو" علي "اليوتيوب" ومقال من مجلة "الايكونوميست".
جاءت رواية "نيكولايدس" في ظل هذا المناخ المتشدد المتشكك. وهو لا يدري خطورة صفحات قليلة من روايته ورد فيها ذكر ولي العهد بما لا يستحب.
طلب الصفح والغفران أمام قاضي محكمة "بانجكوك" وبكي بعد أن أدين وصدر ضده الحكم بالسجن رغم تخفيفه من ست سنوات في محكمة الدرجة الأولي إلي ثلاث سنوات. ووصف حالته بأنها كابوس وحلم مزعج لم يكن علي البال. فلم يكن يتصور نفسه يوماً في زنزانة تايلاندية مع أربعين مجرماً.
آخر فرصة أمامه هي التماس إلي جلالة الملك البالغ من العمر واحداً وثمانين عاماً. فهو وحده الذي يملك الصفح عنه.
يبدو أن الأمور تغيرت في "تايلاند" إذا كان للملك قدسية خصوصاً أنه يتمتع بالحكمة ويشتهر بين الناس بحبه لهم وتعاطفه مع فقرائهم.. حتي أيام الأزمات السياسية الحادة ووقوع انقلاب عسكري وثورة الجماهير في الشوارع لتغيير حكومة لا يرضون عنها واحتلالهم للمطارات. كان القصر الملكي بعيداً عن أي مهاترة. وجلالته يتدخل في الوقت المناسب. والكل ينتظر أشارته.
ضاق الناس بعيشتهم وخلافاتهم. فازداد التذمر ليصل إلي أعتاب القصر. وتبدأ مواقع "الإنترنت" تنتقد وتهاجم. لتصبح أي كلمة تنال من الأسرة الملكية. تصريحاً أو تلميحاً. جريمة أمن دولة تستحق السجن.. فاشتدت الحملة الأمنية والعسكرية والقضائية. تقدم اثنان وثلاثون قضية سب في الذات الملكية.. وكان حظ الروائي الاسترالي العاثر أن يدخل في زمرة الغضب الرسمي التايلاندي.
إنه الصراع الأبدي بين الأمراء والوزراء وبين المؤلفين والصحفيين. [/td][/tr]

من غير ليه
ألغاز زراعية
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
ماذا تفعل وزارة الزراعة في هذا البلد؟
شوية ارشادات لفلاحين لا يعرفون القراءة مفضلين خبرتهم وما توارثوه عن سر
الأرض. فتنشرها الوزارة إعلانات بفلوس للسادة المثقفين في المدينة.. شوية
موظفين يعذبون الفلاحين. يكاد يقتصر عملهم علي تحرير المحاضر التي يتبعها
أو يسبقها الذي منه.. تعليمات غير عملية بتحديد نسب زراعة القمح أو القطن.
أو أي مما يخطر علي البال لا يستمع إليها أحد لأنها غالبا خارجة من مكاتب
مكيفة الهواء.. هذا إذا كان الذي يصدرها يعرف أو يهتم!

زرعنا الفراولة والكانتالوب. فأصبحتا رمز الفشل.. وأفسدنا القطن
فتراجعت مزاياه التي كنا نفخر بها في العالم كله وأصبحنا نستورده وقلصنا
القمح فمددنا أيدينا لمن يتاجر بشدة احتياجنا سياسيا.

والأدهي ما حدث من تلاعب بصحة وحياة الناس لسنوات سمحنا فيها بدخول
مبيدات مسرطنة جعلت في كل بيت مريضا لا يشفي.. يتم ذلك عيني عينك وتحت
رعاية وزارة الزراعة!

حتي عندما تولي أمرها الوزير أحمد الليثي وحاول الإصلاح مستعيدا
سياسة توفير قوت الشعب بالعودة لزراعة القمح ومحاولة الوقوف في وجه المد
الزراعي السرطاني معترفا لأول مرة رسميا بانتشاره من أجل حفنة ملايين
يحققها تجار ومستوردون وموظفون كبار.. لم يتحملوا "الليثي" طويلا مع انه
واحد منهم وتخلصوا منه سريعا ولولا أنه كان عضوا بمجلس الشعب بالانتخاب
لتخلصوا منه نهائيا. مع ذلك يصرخ الرجل من حين لآخر ولا حياة لمن تنادي!

وزارة الزراعة كلها ألغاز!!


ومناسبة تجديد الحديث عنها هو ما ذكرته زميلتنا فايزة الجنبيهي في
محافظة البحيرة حيث اجتاح مرض مجهول أشجار الجوافة بحوض الرمال بمدينة
ادكو يزرع.. أو كان يزرع حوالي خمسين ألف فدان. أصابها الجفاف فجأة
وتساقطت أوراق ثمانين في المائة.. بدأت الإصابة منذ عامين واستشرت رغم
المقاومة بالمبيدات.. تقدم المزارعون بالشكوي للمسئولين وعلي رأسهم الوزير
والمحافظ ومديرية الزراعة بالبحيرة فلم يلتفت للشكوي أحد.. لم يلتفت أحد!!

اعتمدوا علي أنفسهم واستعانوا بمهندسين زراعيين وأساتذة جامعة
متخصصين. أجروا دراسات وقاموا بتحليل التربة. ليكتشفوا وجود بكتيريا ضارة
بالأرض لم يتوصلوا لسببها وبالتالي لم يحددوا طريقة علاجها ومقاومتها
لإنقاذ ما تبقي من أشجار.. فكانت النتيجة المزيد من الخراب. والصورة
المنشورة لأشجار الجوافة الجرداء تكسر القلب. فما بال الذين تعبوا في
استصلاحها وزراعتها حتي تحولت من أرض رملية إلي حدائق مثمرة وما بال عشرات
الألوف من العمال الذين تشردوا؟! ما هذا الهدوء والبرود الذي أصاب وزارة
الزراعة.. أم انه تصرفها العادي؟

كم من الوزارات تستحق الإغلاق بالضبة والمفتاح لصالح الناس؟ وكم من
الجرائم ترتكب رسميا وسط تهليل وتصفيق بإعلانات مدفوعة الأجر أو تقارير
إعلامية من مسافرين علي كفوف الراحات لدق طبول الدعاية والإنجازات؟!