بنت ال 14 بين نارين

من طرف لميس الإثنين يناير 19, 2009 12:19 pm

بنت ال 14 بين نارين

ذاقت مرارة الذل والهوان بين يدي من كان
يجب أن يكون لها السند عند الشدة بين الأهل والجيران فهو شقيقها الأكبر
الذي تربت بين يديه في الصغر ووهبت له حياتها في الكبر.. كانت له الشقيقة
والابنة المطيعة.. لكن هانت عليه ومزق بأسنانه صلة الأرحام دمر حياتها
الزوجية بسبب الطمع لتعيش مأساة إنسانية عنوانها لعنة المال والميراث.

* حرمت منذ نعومة أظفارها من رعاية وحنان الأبوة بعدما اختطف الموت
والدها في ريعان الشباب وكأن فراقه جاء بمثابة الإنذار لرحلة العذاب
والتعاسة والشقاء التي تنتظرها.. لفظت والدتها الزواج واعتكفت علي تربيتها
وشقيقاتها وأخوهن الأكبر وانطلقت "الأم" الأرملة بعدما جففت دموع الحزن
والألم علي فراق شريك عمرها الجفن الذي كان يحميها وأطفالها من قسوة
الأيام راحت تشرف علي زراعة فدانين و12 قيراطاً ادخرها لهم عائل الأسرة
بكد وعرق السنوات.. استعانت بعمال زراعيين بالأجر اليومي لزراعة الأرض
ترويها بالعرق والدموع لتجني حصادها الوفير لإشباع بطون فلذات كبدها
وتلبية متطلباتهم بسخاء حتي كبروا وترعرعوا بين أحضان أمومتها الدافئة..
وتزوج الابن الوحيد الأكبر وأقام في مسكن الزوجية بين جدران المنزل الريفي
المتسع المساحة.. وفجأة وقع ما لم يكن في الحسبان فوجئت شقيقته الصغري
يصحب معه جارهما الشاب صاحب العزوة والمال يمتلك عمارة وجرارات زراعية
وسيارات نصف نقل لنقل المحاصيل بالأجر لأهالي القرية راح يطلب الزواج منها
رغم أن عمرها لم يتجاوز حينذاك "14 سنة".. وعندما رفضت الأم والابنة مطلب
العريس كشر الشقيق عن أنيابه وثار وأصر علي تزويج شقيقته القاصر ورضخ
الجميع لجبروته وأعد لشقيقته "شهادة تسنين" من مكتب الصحة ببلوغها السن
القانونية للزواج وتم عقد القران وعاشت بين أحضان زوجها الثري الحياة
الوردية وامتلأت الفرحة العارمة قلبها.. لكن سرعان ما تحطمت فرحتها
وحياتها المستقرة الهادئة فوق صخرة طمع وعناد شقيقها.. ولم يكن يمضي علي
زواجها سوي خمسة شهور.. فوجئت به يطرق باب مسكنها وراح يطلب من زوجها
اقراضه مبلغ من المال لشراء سيارة نصف نقل ورفض الزوج في هدوء مطلبه وسقط
قناع الغش والطمع من فوق وجه الشقيق راح يعلنها صراحة في وجه زوج شقيقته
لا يمنعه وازع من خجل أو حياء بأنه زوجه أخته الصغري لمعاونته في تحقيق
رغباته!! وانصرف في غضب من المكان.. استشعر الزوج بمشاعر الغضب وقد ارتسمت
علي وجه زوجته الصغيرة نهرها بغلظة وراح يردد بأن شقيقها شيطان طماع..
تحول إلي وحش كاسر وانهال بالضرب المبرح علي جسدها النحيل.. وبعدما علم
شقيقها في اليوم التالي بالواقعة هرول إلي شقيقته واحتدم النقاش بينه
وزوجها تطور إلي مشاجرة مثيرة وتدخل الجيران ليلقي بينهم زوجها قسم
الطلاق.. وعادت إلي مسكن والدتها التي هدها الزمن وأقعدها المرض تحمل
تعاستها لتتسلم بعد يومين ورقة الطلاق وقلب الأم يئن ويتوجع علي حال
ابنتها "الطفلة" ودمار حياتها الزوجية.. وكرست المطلقة حياتها لخدمة
ورعاية والدتها التي صارت سجينة فراش المرض علي مدي حوالي ثلاث سنوات راحت
بعدها لزيارة عمتها بالعاصمة هرباً من قسوة وجبروت زوجة شقيقها ومن غلظته
وتحجر مشاعره.. وكان القسمة والنصيب.. فوجئت بجار عمتها وقد تقدم ليطلب
الزواج منها لم تتردد لحظة واحدة رغم أنه يكبرها بحوالي ربع قرن وبساطة
عمله كصبي بقال بإحدي محلات السوبر ماركت ودخله المحدود.. وارتضت عمتها
لاقتناعها بالمثل الشائع القائل "ضل راجل ولا ضل حيط".. ورفض شقيقها وقدمت
والدتها تتوكأ علي عصا العجز والشيخوخة وباركت زواجها لتعيش في كنف زوجها
البسيط الحال بمسكن عمتها لضيق ذات اليد بين يديه ووعوده المزيفة بتوفير
مسكن متواضع لحياته الزوجية.. ومرت السنة الأولي من حياتها الزوجية لتكتشف
خداعه والبخل الشديد للإنفاق علي ضروريات الحياة مما دفعها إلي السعي وراء
لقمة العيش ببيع "الخضراوات" علي الرصيف وتحاملت بالصبر والمثابرة حملها
في الشهور الأولي.. وباعت مصاغها من زوجها الأول واستأجرت غرفة متواضعة
مقابل مقدم إيجار ألف جنيه تقاضاها المؤجر.. وبعدما رزقت بالمولود الأول
ارتأت أن تلتحق بالعمل بإحدي دور الحضانة لتقي رضيعها قسوة البرد وتحمد
الله علي الرضا والستر.

* وفجأة.. هاجم المرض اللعين جسد زوجها وصار طريح فراش الألم..
ولكونها زوجة أصيلة ارتأت أن تقف بجوار شريك عمرها بكل مشاعرها الإنسانية
وعاونها أهل الخير بإلحاقها في العمل عاملة خدمات بإحدي المدارس الخاصة
ومد يد العون لها في الخفاء.

* وفي أوائل العام الماضي.. اختطف الموت والدتها وودعت فيها نعم
الأمومة وبعد فترة الحداد وفي هدوء تام راحت تطلب من شقيقها حقها الشرعي
في ميراث والدها وراحت تذكره بما غرسته والدتهما في قلبيهما من المحبة
والمودة والترابط العائلي لكنه ضرب بكل القيم الأخلاقية والإنسانية عرض
الحائط وتربع شيطان الطمع في قلبه ورفض حقها الشرعي الذي شرعته عدالة
السماء.. لم تجد أمام جبروته ورفضه نصائح الأهل سوي أن تقيم دعوي قضائية
بفرز وتجنيب حصتها الشرعية في ميراث والدها من الأرض الزراعية التي استحوذ
شقيقها عليها طوال سنوات واستحل حقها في الحصاد لنفسه ومازالت القضية
متداولة في ساحة العدالة.. ومازالت تحاول التغلب علي مشاعرها الدفينة التي
تكاد تنفجر من عينيها ناراً بسبب قسوة وتحجر قلب شقيقها "الأب" لا يرحم
ولا يلين.. وقلبها يحترق ألف مرة كل يوم بين "نارين".. قسوة شقيقها
والآلام المضنية التي يعانيها شريك عمرها!!