سياسة خارجية بقلم : سجيني دولرماني

من طرف مشمشة الثلاثاء يناير 27, 2009 1:28 pm

سياسة خارجية
بقلم : سجيني دولرماني

البوصلة مفتوحة

بتبكيره
باتخاذ قراره باغلاق معتقل جوانتانامو‏,‏ وتضمينه خطاب تنصيبه دعوة لعلاقة
احترام ومصالح متبادلة مع العالم الاسلامي‏,‏ واختياره جورج ميتشل مبعوثا
خاصا له في الشرق الاوسط يكون الرئيس الامريكي باراك اوباما قد حقق
القطيعة الكاملة مع سياسات بوش وترك البوصلة مفتوحة لكل من يريد الاصغاء
والتعامل معه بجدية من اجل وضع افضل للمنطقة‏.‏

فمجرد اختفاء
النزعة الايديولوجية والدينية من الخطاب السياسي الرسمي والحديث عن دور
امريكي اكثر تواضعا واكثر اتساقا مع ما يريده العالم من القوي العظمي يعني
ان هناك بابا مفتوحا للتمييز بين حركة اسلامية متطرفة لها أجندة دولية
وتنتهج الارهاب والقتل سبيلا لتحقيقها مثل القاعدة وبين حركات ترفع شعارا
اسلاميا‏

‏ولكنها تحتضن حقوقا وطنية مشروعة حتي إن دفعها اليأس
والاستسلام لأجندات اطراف خارجية تمولها أو تؤي قادتها الي انتهاج مقاومة
عنيفة لم تحقق لها أهدافها في نهاية الأمر بل اضعفت قوتها التفاوضية‏.‏

هناك
داخل الإدارة الجديدة حوار مفتوح حول كيفية التعامل مع حماس سياسيا بطرق
مباشرة أو عبر أطراف ثالثة دون التصديق علي اسلوبها المقاوم الذي يتناقض
مع ثوابت أمريكية تتعلق بأمن اسرائيل‏,‏ مع الاعتراف في الوقت نفسه بأن
هزيمة حماس عسكريا في غزة لن تلغي قوتها السياسية‏

‏ وأنه لاسبيل
لإنجاح صيغة الدولتين دون تشكيل حكومة فلسطينية موحدة قادرة علي فرض
السيطرة علي غزة والضفة معا‏,‏ وانه بدون تفكيك الازمة الحالية لن تنجح
الإدارة في تشكيل تحالف استراتيجي يقوي أوراقها في التعامل مع الخطر
النووي الإيراني‏.‏

من هنا تأتي أهمية اختيار ميتشل ليس فقط لأصوله
العربية أو لسابق خبرته بتعقيدات القضية الفلسطينية وطرحه اجراءات لبناء
الثقة كانت يمكن ان تثمر لولا اختلاطها بأوراق الحرب ضد الإرهاب ولكن لأن
ميتشل علي عكس باقي أعضاء الفريق الدبلوماسي بوزارة الخارجية يعرف من سابق
خبرته بحل الأزمة في أيرلندا الشمالية ان اشراك وجذب كل الأطراف المسلحة
وغير المسلحة هو الضمان الحقيقي لإنجاح أي تسوية ممكنة‏.‏

التركيز
علي فتح المعابر والانسحاب الإسرائيلي واطلاق سراح المعتقلين حيوي
وضروري‏,‏ ولكن الأهم ان تختار حماس بسرعة بين كونها حركة وطنية لها أهداف
قابلة للتحقيق أو حركة دينية تنفذ أجندة خارجية‏.‏

الأول يضعها داخل أفق الدولتين والحسابات المحتملة والثاني يضعها خارج السياق‏.‏

الوقت
يمر بسرعة واليمين الإسرائيلي يتأهب للفوز في انتخابات تمكنه من قتل صيغة
الدولتين‏,‏ والحشد العسكري الدولي يمضي علي قدم وساق لحصار حماس كبديل
أخير‏,‏ وأوباما قد يفقد بسرعة قوة الدفع التي تمكنه من الضغط علي اسرائيل
لوقف توسعها الاستيطاني‏,‏ فبوصلته مثل المبادرة العربية لن تظل مفتوحة
الي الابد لحقن دماء الأبرياء‏.‏