تعليق يكتبه ـ عبدالعظــيم درويش

من طرف قسمة ونصيب السبت يناير 31, 2009 1:55 pm

تعليق
يكتبه ـ عبدالعظــيم درويش

علوج الهوا‏..‏وإله الصمت‏!!‏

مثلما
تشطر أي مباراة لكرة القدم مشاهديها ـ علي شاشات التليفزيون أو في مدرجات
الإستاد ـإلي مراقب رياضي أو كوتش للفريق أو حكم للمباراة أو علي أقل
تقدير أحد اللاعبين علي المستطيل الأخضر‏,‏ جاءت مشاهد غزة الدموية لتعيد
فرز البعض منا مابين جنرال عسكري أو محلل سياسي أو علي أقل تقدير دبلوماسي
محنك إن لم يكن وزيرا للخارجية‏!!‏

المشهد أقرب إلي الكوميديا
السوداء‏..‏ فمثلما ينفعل مشاهد المباراة صارخا ـ بعد أن تطيح يده بخمسينة
الشاي من أمام من يجاوره في المقهي لزوم الانفعال ليوضح خطته لاكتساح
الفريق المنافس‏8‏ صفرـ تتطاير رخات الرزاز من فم أحد المتحدثين ـ الذي
يعد نفسه خبيرا إستراتيجيا ـ علي شاشات القناة العربية الشهيرة الجريمة ـ
ليملأ بها شاشة التليفزيون ـ حتي وإن كانت ال سي دي‏45‏ بوصة ـ شارحا
الخطة العسكرية التي ستحيل علوج تل أبيب ـ وفق نظرية صحاف بغداد ـ إلي
شواء داخل دباباتهم بمجرد اقترابهم من غزة بل وستفتح أبواب عاصمة الكيان
الصهيوني أمام أي عابر سبيل أمامها‏!!‏

تأكيدات الخبير الإستراتيجي
ـ التي دائما ما يسقط سهوا منها مشاهد أشلاء الأطفال والمدنيين والنساء
والعجائز التي تتصاعد منها الأدخنة بسبب العدوان الصهيوني الأحمق ـ لا
تأتي من فراغ بل تستند إلي مؤهله العلمي دبلوم مدارس التمريض الذي يكسبه
خبرة عسكرية و قتالية ويؤهله للموقع الذي يطل منه علي مشاهدي قناة الجريمة
بعد أن أسكره وهم الشهرة وشرح ما لا يفهم فيه‏!!‏

في مشهد آخر
وخلفيته نيل القاهرة يطل من يري في نفسه أحد الدبلوماسيين المحنكين أيضا
من قناة الجريمة ليشرح ويحلل تأثير تقاطعات ألأجندة الخارجية لدول الإقليم
ومعها بنود ألأجندة الدولية علي المجزرة الإسرائيلية ليصل في نهاية تحليله
ـ في المعمل ـ إلي أن القضية ستحل نهائيا ويعلن قيام الدولة الفلسطينية ـ
بعد‏60‏ عاما من الصراع العربي الإسرائيلي ـ بمجرد أن تفتح مصر معبر رفح
حتي وإن أدي ذلك إلي مواجهة عسكرية بين الطرفين‏!!‏

الغريب أن من
يجعل مصر دائما هدفا لانتقاداته علي شاشات الفضائيات العربية ويتوهم أن
دغدغة مشاعر الشارع بخطب حماسية سوف يدفع القيادة المصرية إلي الإقدام علي
عمل لا تحسب نتائجه بدقة يغيب عن ذهنه أن لمصر قائدا أمضي حياته في الدفاع
عن الوطن وعن القضية الفلسطينية حربا وسلاما وأنه يمتلك من الأدوات ما
يجعله يجيد جيدا كيف يدير أزمة دولية مشتعلة خمدت بالفعل بين أيدي مصر من
خلال مبادرة أطلقها القائد واستجاب لها العالم‏!!‏ ولم يشفع لهذا
الدبلوماسي مؤهله معهد الكفاية الإنتاجية في تعيينه وزيرا للخارجية أو
سفيرا في أحد العواصم العالمية علي أقل تقديروفق رؤيته لنفسه‏!!‏

علي
جانب آخر ظل إله الصمت الواقع علي نيل ماسبيرو علي عهده ـ طوال هذه الأزمة
ـ وأخيرا نجح ما قدمه البعض من برنامج أو اثنين قربانا له في أن يخرجه عن
صمته ولكن بعد أن فات الميعاد‏!!‏

‏azimdarwish@ahram.org.eg