الجهاد في السنة الشريفة بقلم‏:‏د‏.‏ علي جمعة

من طرف سامح المسامح الإثنين فبراير 02, 2009 2:27 pm

الجهاد في السنة الشريفة
بقلم‏:‏د‏.‏ علي جمعة
مفتي الجمهورية

الجهاد في السنة الشريفة بقلم‏:‏د‏.‏ علي جمعة 44618_4m

الجهاد في السنة الشريفة هو الجانب التطبيقي لهذه الفريضة‏,‏ نظم رسول الله صلي الله عليه وسلم الأمر وبينه أحسن بيان‏:‏
‏1
‏ ـ روي الإمام مسلم عن أبي هريرة‏:‏ تكفل الله لمن جاهد في سبيله لايخرجه
من بيته إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلي
مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة‏.‏

‏2‏ ـ وعن معاذ
بن أنس الجهني عن أبيه قال غزوت مع نبي الله صلي الله عليه وسلم غزوة كذا
وكذا فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق فبعث نبي الله صلي الله عليه وسلم
مناديا نادي في الناس ان من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له أورده
الإمام أبي داود في سننه‏,‏ فالجهاد مبني علي النظام وعلي مصلحة المجموع
وعلي تحقيق الهدف‏.‏

‏3‏ ـ وعن سعد بن زيد بن سعد الأشهلي أنه اهدي
إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم سيفا من نجران فلما قدم عليه اعطاه محمد
بن مسلمة وقال‏:‏ جاهد بهذا في سبيل الله فإذا اختلفت أعناق الناس فاضرب
به الحجر ثم ادخل بيتك وكن حلسا ملقي حتي تقتلك يد خاطئة أو تأتيك منية
قاضية‏,‏ قال الحاكم‏:‏ فبهذه الأسباب وماجانسها كان اعتزال من اعتزل عن
القتال مع علي رضي الله عنه وقتال من قاتله رواه الحاكم في مستدركه‏,‏
وفيه نهي عن قتال المسلمين بعضهم لبعض وشق الصف واختلاف القلوب‏.‏

‏4‏
ـ ومن هذا عن سعيد بن جبير قال‏:‏ خرج علينا أو إلينا ابن عمر فقال رجل
كيف تري في قتال الفتنة فقال وهل تدري ماالفتنة كان محمد صلي الله عليه
وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة وليس كقتالكم علي الملك‏(‏
البخاري‏).‏

‏5‏ ـ وعن أبي هريرة أنه قال‏:‏ قال رسول الله صلي
الله عليه وسلم اعد الله لمن خرج في سبيله لايخرجه إلا جهاد في سبيلي
وإيمان بي وتصديق برسلي فهو علي ضامن ان ادخله الجنة أو ارجعه إلي مسكنه
الذي خرج منه نائلا ما نال من اجر أو غنيمة‏,‏ ثم قال‏:‏ والذي نفسي بيده
لولا ان اشق علي المسلمين ماقعدت خلاف سرية تخرج في سبيل الله أبدا ولكن
لا اجد سعة فاحملهم ولايجدون سعة فيتبعوني ولاتطيب أنفسهم فيتخلفون بعدي
والذي نفس محمد بيده لوددت أن اغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل‏(‏
ثم أعزو فأقتل‏(‏ أورده ابن ماجة في سننه‏).‏

‏6‏ ـ وكان رسول الله
صلي الله عليه وسلم إذا بعث أميرا علي جيش أو سرية امره في خاصة نفسه
بتقوي الله ومن معه من المؤمنين خيرا‏,‏ ثم قال‏:‏ اغزوا باسم الله‏,‏
فقاتلوا في سبيل الله‏,‏ وقاتلوا من كفر بالله اغزوا ولاتغلوا ولاتغدروا
ولاتمثلوا ولاتقتلوا وليدا‏(‏ اخرجه مسلم في الصحيح‏).‏

‏7‏ ـ ويتضح من هذه الأحاديث أن هدف الحرب في الإسلام يتمثل في الآتي‏:‏ـ

أ ـ رد العدوان والدفاع عن النفس‏.‏

ب ـ تأمين الدعوة إلي الله وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها‏.‏

ج ـ المطالبة بالحقوق السليبة‏.‏

د ـ نصرة الحق والعدل‏.‏

ويتضح لنا أيضا ان من شروط وضوابط الحرب‏:‏

أ ـ النبل والوضوح في الوسيلة والهدف‏.‏

ب ـ لاقتال إلا مع المقاتلين ولاعدوان علي المدنيين‏.‏

ج ـ إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال فلا عدوان إلا علي الظالمين‏.‏

د ـ المحافظة علي الأسري ومعاملتهم المعاملة الحسنة التي تليق بالإنسان‏.‏

هـ
ـ المحافظة علي البيئة ويدخل في ذلك النهي عن قتل الحيوان لغير مصلحة
وتحريق الأشجار‏,‏ وإفساد الزروع والثمار‏,‏ والمياه‏,‏ وتلويث الآبار‏,‏
وهدم البيوت‏.‏

و ـ المحافظة علي الحرية الدينية لأصحاب الصوامع والرهبان وعدم التعرض لهم‏.‏

‏8
‏ ـ أما عن الآثار المترتبة علي الجهاد‏,‏ فيتضح لنا مما سبق أن الجهاد في
الإسلام قد اتسم بنبل الغاية والوسيلة معا فلا غرو ان تكون الآثار والثمار
المتولدة عن هذا الجهاد متناسقة تماما في هذا السياق من النبل والوضوح لأن
النتائج فرع عن المقدمات‏,‏ ونلخص هذه الآثار في النقاط التالية‏:‏

أ ـ تربية النفس علي الشهامة والنجدة والفروسية‏.‏

ب ـ إزالة الشر الذي يؤدي إلي الإفساد في الأرض بعد إصلاحها‏.‏

ج ـ إقرار العدل والحرية لجميع الناس مهما كانت عقائدهم‏.‏

د ـ تقديم القضايا العامة علي المصلحة الشخصية‏.‏

هـ ـ تحقيق قوة ردع مناسبة لتأمين الناس في أوطانهم‏.‏

‏9
‏ ـ يقول الله سبحانه وتعالي في سورة الحج‏:‏ أذن للذين يقاتلون بأنهم
ظلموا وإن الله علي نصرهم لقدير‏.‏ الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن
يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع
وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله
لقوي عزيز‏,[‏ الحج ـ‏39‏ ـ‏40],‏ أي لولا ماشرعه الله سبحانه وتعالي
للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء‏,‏ لاستولي أهل الشرك وعطلوا ما بينه
ارباب الديانات من مواضع العبادات‏,‏ ولكنه دفع بأن وجب القتال ليتفرغ أهل
الدين للعبادة‏,‏ فالجهاد امر متقدم في الأمم‏,‏ وبه صلحت الشرائع واجتمعت
المتعبدات‏,‏ فكأنه قال‏:‏ اذن في القتال‏,‏ فليقاتل المؤمنون‏,‏ ثم قوي
هذا الأمر في القتال بقوله‏:‏ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض أي لولا
القتال والجهاد لتغلب الباطل علي الحق في كل أمة‏.‏