النصاب والطماع‏!‏ بقلم‏:‏ عبدالمحسن سلامة‏

نقاط ساخنة
بقلم‏:‏ عبدالمحسن سلامة‏
النصاب والطماع‏!‏
طالما كان هناك الكثير من الطماعين الذين يريدون الحصول علي أكبر قدر من المكاسب دون مجهود فسوف تستمر ظاهرة النصب ويزيد أعداد النصابين‏,‏ ولن يتغير هذا الوضع إلا بتغيير ثقافة الاستسهال السائدة هذه الأيام‏,‏ وغرس قيم جديدة لدي أفراد المجتمع لتعميق قيمة العمل وتحويله إلي عقيدة راسخة داخل كل فرد منذ التحاقه بسنوات التعليم الأولي ليجتهد في استذكار دروسه واعتبار ذلك عملا مهما يعلي من شأنه وشأن وطنه‏,‏ وليس مجرد النجاح والحصول في نهاية المطاف علي شهادة ورقية ليست لها قيمة علي أرض الواقع ليبدأ في البحث عن واسطة لتعيينه أو يلجأ إلي مغامرة غير محسوبة في الهجرة غير الشرعية‏,‏ أو حتي السفر لدولة بترولية ليغرف منها ـ كما يتخيل ـ ثم يعود لينفق ما اكتنزه في سلع استهلاكية تافهة دون أن يفكر في ضرورة الاجتهاد والبحث عن عمل محترم ومنتج وأن يسير ذلك بالتوازي مع طموح النمو المستمر ليتحول العامل إلي صاحب مصنع في يوم من الأيام‏.‏

افتقاد ثقافة العمل وراء حالات النصب المتزايدة منذ فترة طويلة في مصر التي بدأت بشركات توظيف الأموال المشهورة‏,‏ وبرغم الضجة الخطيرة التي أثيرت حول تلك الشركات لا يزال الطماعين متوافرين بكثرة وأكبر دليل ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية وظهور شركة جديدة لتوظيف الأموال لسيدة سوهاجية واكتشاف أمر تلك السيدة بعد أن جمعت ما يقرب من‏40‏ مليون جنيه‏,‏ وبعد أيام قليلة ظهرت كارثة نبيل البوشي الجديدة وهي كارثة من العيار الثقيل لأن الأرقام الأولية تشير إلي أنه جمع ما يقرب من‏3‏ مليارات جنيه من المواطنين‏,‏ وهو المبلغ الذي كان يكفي لإقامة عشرات المصانع المنتجة والمحترمة للإنتاج المحلي أو التصدير‏..‏ لكن لماذا يلجأ هؤلاء الطماعين إلي إقامة المصانع ووجع الدماغ طالما أن هناك من وعدهم بأرباح لا تقل عن‏30%‏ من قيمة إيداعاتهم‏,‏ وعدم تحملهم أي خسارة والالتزام برد أموالهم كاملة حين طلبهم لها‏,‏ ولم يفكروا للحظة في أن هذا الكلام غير عملي ولا يمكن قبوله‏,‏ حتي وإن تمت صياغته في عقود استثمار موقعة من الملياردير الهارب‏.‏

أعتقد أن وزارات التعليم والإعلام والثقافة مطالبة بوضع خطة متكاملة لإعادة نشر ثقافة العمل وغرسها داخل أفراد المجتمع وإعادة التقدير والاحترام للعمل المنتج وإلا سوف نستيقظ كل يوم علي كارثة جديدة ونصاب جديد وسوف يظل النصب بخير طالما كان الطمع موجودا‏.‏
abdelmohsen@ahram.org.eg