حماك الله يا مصر من المتآمرين .. والمتطاولين .. وأصحاب الأجندات

..وماذا بعد؟!
حماك الله يا مصر
من المتآمرين .. والمتطاولين .. وأصحاب الأجندات
انتهي زمن الحرب .. حتي آخر جندي مصري
جيشنا للدفاع عن الوطن .. لا نخضع للابتزاز .. ولن نسمح بعودة نكسة 67 مرة أخري
تحليل يكتبه: خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

اعتاد الرئيس حسني مبارك علي أن يكون
صريحاً وواضحاً في تعامله مع شعبه.. لأنه في الأول والآخر لا يخشي في الله
لومة لائم. ولا يخطو خطوة إلا إذا كانت لصالح الوطن والمواطن. ولا يتخذ
قراراً إلا بعد دراسة وافية ترعي حاضر ومستقبل مصر والمصريين في الداخل
والخارج.

نعم.. لدينا مسئوليات تاريخية تجاه قضايا أمتنا العربية عامة والقضية
الفلسطينية علي وجه الخصوص لاعتبارات الجغرافيا والتاريخ وحجم مصر
ومكانتها عربياً وإقليمياً ودولياً.. إلا أن الأولوية الأولي تكون دائماً
لأمن مصر ومصالحها ومقدرات شعبها.

هذه كانت البوصلة التي تعامل بها الرئيس مبارك مع الحرب علي غزة..
قبل وأثناء وبعد العدوان وما صاحب كل ذلك من ملابسات وأسباب وتداعيات
ومواقف وأدوار وتوجهات.

وانطلاقاً من الصراحة والوضوح.. تحدث الرئيس مبارك أمس إلي الأمة
بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة.. كان حديث القلب للقلب.. رد من خلاله علي
ثلاثة إدعاءات وعراها وكشف أسبابها. ووجه رسائل محددة لكافة الأطراف سواء
كانت الفاعلة أو التي تحاول أن يكون لها دور والقوي الإقليمية المعروفة
للكافة التي تسعي لتحقيق أجندتها. وطرح تساؤلات مشروعة بعد قراءة عميقة
ربط فيها الماضي القريب بالحاضر المريب.. فتعالوا نعيد قراءة الخطاب بتأن
وفهم.

* * *


* الإدعاء الأول اطلقه خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من
قصره المنيف في دمشق بعيدًا بعيدًا عن أنهار الدم التي تراق في غزة..
حينما رفض هو وأتباعه المبادرة المصرية وقالوا إنها لا تلبي مصالح الشعب
الفلسطيني!!

شعب يباد. وأطفال ونساء وشيوخ يسقطون بالمئات في حرب همجية تستخدم
فيها إسرائيل كافة الأسلحة المسموح بها والمحظورة في استعراض علني للقوة..
ولا أحد قادر علي تقديم أي شيء يحمي هذا الشعب من الذبح اللهم إلا خطب
رنانة وشعارات جوفاء عفا عليها الزمن ولم تعد تصلح لهذا الزمان.. وعندما
أطلقت مصر مبادرتها التاريخية لوقف الحرب خرج مشعل واذنابه بتوجيهات من
إيران والجماعة المحظورة والكيانات الصغيرة لتسفيه المبادرة.. طوق النجاة
الوحيد لـ5.1 مليون فلسطيني.

مع ذلك.. فرضت المبادرة نفسها عربيًا ودوليًا.. وأكد عليها بعد ذلك
قرار مجلس الأمن الصادر بهذا الشأن.. وبالتالي تمكنت مصر من التوصل لوقف
إطلاق النار وتواصل سعيها لاحترامه وتثبيته.

فهل كانت مصر مخطئة حينما بادرت بحماية شعب فلسطين في غزة من
الإبادة؟ ومن قدم شيئًا بديلاً؟ هل رفض المبادرة كان للرفض أم لأن مصالح
الفصائل "ومحور الشر الجديد" المتمثل في إيران وتوكيلها الرسمي المسمي
بحزب الله والأحلاف العربية الصغيرة التي شكلت جبهة رفض والجماعة
المحظورة- هذه المصالح- تتعارض تمامًا مع وقف إطلاق النار وإعادة التهدئة
والسعي لاتفاق الفصائل وفتح المعابر ورفع الحصار؟

* * *


* الإدعاء الثاني أطلقه أيضًا خالد مشعل ورفاقه القابعون في دمشق
وجنوب لبنان والدوحة وطهران وأعلنوا من خلاله انتصار المقاومة وإجبار
إسرائيل علي وقف الحرب والانسحاب!!

أي انتصار؟..


هل يعتبرون سقوط 1500 شهيد فلسطيني انتصارًا؟


هل يعدون إصابة 5500 فلسطيني انتصارًا؟


هل وصلت بهم الاستهانة بمقدرات ومكتسبات الشعب بعد هدم نصف منازل غزة
وتدمير معظم بنيتها الأساسية واقتلاع كل مزروعاتها واستمرار إغلاق المعابر
والحصار برًا وبحرًا وجوًا.. انتصارًا؟

أم يظنون الانتصار هو خروج مقاتلي حماس أحياء من الحرب ولو علي حساب الـ5.1 مليون فلسطيني في القطاع؟


علمت وبشكل مؤكد أن القوات الإسرائيلية كانت علي بعد 180 مترًا من
مستشفي الشفاء في قلب غزة والتي كان يتحصن تحته قادة المقاومة بالكامل بما
فيهم أعضاء الحكومة المقالة.. ومع ذلك رفضت ضرب هذا المستشفي بالذات دون
باقي المستشفيات.. لماذا؟

ألا يرد حصيف من المقاومة ويجيب علي هذا التساؤل؟


ولأنهم لن يردوا.. فإنني أتولي الرد أيضا..


باختصار شديد.. لأن إسرائيل لم تبدأ العدوان علي غزة للقضاء علي حماس ولكن لتحجيم قدراتها فقط.


مصلحتها أن تبقي حماس هشة ضعيفة ولكن شوكة في قلب السلطة الوطنية..
ويستمر الصراع بينهما.. ويظل الفلسطينيون مشتتين بين الضفة والقطاع..
وبالتالي.. لايمكن حل القضية..والسنوات تتوالي. وقيادات تل أبيب تتعاقب..
ويظل الحال علي ما هو عليه.. كما كان عليه في السابق علي مدي 60 عاماً.

ما حدث لم يكن نصراً للمقاومة.. بل عدم تقدير للمسئولية والموقف..
فالمقاومة -كما قال الرئيس- ليست شعارات تستخف بأرواح الشهداء وتتاجر
بدماء الجرحي ومعاناة المدنيين الأبرياء.. والمقاومة -كما يؤكد من جديد-
لابد أن تخضع لحساب الأرباح والخسائر.. وهي مسئولة أمام الشعوب.. تحاسبها
بقدر ما تحققه من مكاسب لقضاياها.. أو ما تؤدي إليه من ضحايا وآلام ودمار.

ووفق هذا المعيار.. ليقل لي أي مخلوق علي وجه الأرض.. بعد كل هذه
الخسائر الضخمة والكارثية في الأرواح والممتلكات والبنية الأساسية والتي
كان يمكن تفاديها حيث لم تكن الحرب بالنسبة للمقاومة خياراً وحيداً
مفروضاً عليها أو مدفوعة إليه.. هل هذه المقاومة انتصرت؟

***


* الادعاء الثالث ما روجته إسرائيل علي مدي عامين منذ استيلاء حماس
علي غزة وطرد رجال السلطة الوطنية منها وقتل واعتقال عناصر فتح عن أنفاق
التهريب.. ثم معاودة التركيز علي نفس الموضوع بعد عدوانها علي القطاع
وخلال اتصالات مصر بها لوقف إطلاق النار.. لذا.. رد الرئيس علي ذلك علي
اتجاهين لاثالث لهما في هذا الشأن.

* الاتجاه الأول.. أن تهريب البضائع هو نتيجة للحصار.


وهو رد منطقي جداً.. فماذا تنتظر من إنسان تضغط علي عنقه محاولاً
خنقه؟.. لابد أن يحاول الخلاص من الموت بأي وسيلة كانت.. وقد اختار الشعب
الفلسطيني في غزة ايسر السبل.. تهريب البضائع والأغذية والأدوية وباقي
مستلزمات الحياة التي تضمن له البقاء.

* الاتجاه الثاني.. أن الاتفاق الإسرائيلي الأمريكي لمراقبة تهريب
السلاح والموقع بين تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل وكونداليزا رايس
وزيرة خارجية أمريكا السابقة في عهد بوش - لايلزمنا في شيء.. ونحن كأي
دولة مسئولة قادرون علي تأمين حدودنا.. لن نقبل بأي تواجد لمراقبين أجانب
علي الجانب المصري من الحدود.. ونتمسك بأن تبتعد أية ترتيبات إسرائيلية
دولية عن أرض مصر وسمائها ومياهها الإقليمية.

كلام واضح جداً ومباشر جداً جداً ولايحتمل أي لبس أو تأويل أو حتي
فهم خطأ.. فنحن ضد تهريب السلاح.. نراقب حدودنا ونؤمنها بشكل فاعل
وبامتياز وبالتالي.. غير مسموح أبداً بوجود مراقبين أجانب علي حدودنا..
أما الترتيبات الإسرائيلية الأمريكية أو حتي الدولية فهي شأن خاص بهذه
الجهات بعيداً عنا.. فلم نكن طرفاً فيها.. ولاتجبرنا علي شيء.

واعتقد أن هذه هي المرة الثانية التي يتحدث فيها الرئيس عن هذا الموضوع وبنفس التعبيرات الحاسمة والحازمة.


لذا.. أتمني أن يتوقف المزايدون والمتجاوزون عن هرائهم وإفكهم وضلالهم.


***


أما الرسائل المحددة للشرق والغرب. والعدو والصديق. والسليم والعليل. والإنسان السوي أو الذي في قلبه مرض.. فيمكن إيجازها في:


* إن مصر لا تخضع أبداً للابتزاز.


* هناك تقدير دقيق للموقف قبل اتخاذ أي قرار.


* لن نسمح أبداً لأحد أياً كان باستدراجنا لخطوات غير محسوبة العواقب تنساق وراء مخططات قوي إقليمية معروفة وتخدم أهدافها ومصالحها.


* إننا أقمنا سلاماً في العلن مع إسرائيل.. في حين أن بعض من يزايدون
علينا لهم علاقات وثيقة بها وراء الأبواب المغلقة. والبعض الآخر مازال
يسعي جاهدا للسلام معها.

* لمصر جيش قوي قادر.. ولن ننجرف لما يقامر بأرواح أبنائه إلا دفاعاً عن أرض مصر وسيادتها ومصالحها العليا.


* نواصل تعزيز قدرات جيشنا مؤمنين بأن السلام تحميه القوة.. ملتزمين
بالسلام حريصين عليه طالما بادلتنا إسرائيل حرصاً بحرص والتزاماً بالتزام.

* أبناء القوات المسلحة مستعدون دائماً لرد الصاع صاعين إن وقع عدوان علي أرضنا وسيادتنا والمصالح العليا لهذا الوطن.


* مصر ستبقي صاحبة الدور الأول والمسئولية الرئيسية في كل نواحي
القضية الفلسطينية وتوابع العدوان علي غزة.. وستظل أكبر بكثير ممن يحاولون
النيل منها دون أن يقدموا شيئاً مفيداً للشعب الفلسطيني وقضيته.

* جاء تحركنا لوقف العدوان علي غزة واحتواء تداعياته سابقاً لأي تحرك
آخر.. وملتزما في الوقت نفسه بمصالحنا العليا.. بعيداً عن أي قرارات
متسرعة تسعي لشعبية زائفة ولا تراعي مصالح الوطن.

* نواصل دعم شعب فلسطين وقضيته بأقصي جهد.. إلا أن الأولوية سوف تظل
لمصر أولاً وأبداً وفوق كل اعتبار.. في أمنها ومصالحها ومقدرات شعبها.

* باب المصالحة العربية الذي فتحناه في قمة الكويت يظل رهنا بسلامة
القصد وصدق النية وتطابق الأقوال والأفعال ومراجعة المواقف والتوجهات من
جانب الذين تطاولوا علي مصر.. ولا يزالون.

***


هذه الرسائل يجب أن يفهمها جيداً ويعيها كل من علي "رأسه بطحة"..
واقصد بالتحديد إسرائيل. وإيران. وحزب الله. والفصائل الفلسطينية.
والجماعة المحظورة. والكيانات الصغيرة التي شكلت حلف الرفض لكل ما هو مصري
ويخدم الأجندات الإسرائيلية والإيرانية والإخوانية.

من يحاول منهم ابتزازنا.. يوقع نفسه في وهم كبير لأنه لن يجد سوي الخسران المبين.


.. ومن يحاول منهم أن يجرنا لمواجهة مع إسرائيل تنسف عملية السلام
وتعيدنا 42 عاماً للوراء واهم أيضاً.. لقد دفعنا فاتورة الحرب كاملة
وليتحمل غيرنا جزءاً ولو يسيراً إن استطاع وما أظنه يستطيع. يكفينا اننا
ظللنا في حالة حرب منذ عام 48 وحتي ..73 كفانا تأخراً وخسائر في كل شيء..
في الأرواح. والممتلكات. والبنية الأساسية التي تأخر النهوض بها طوال هذه
المدة. وفي التنمية والمشروعات والوظائف والتقدم التكنولوجي.

وأقولها ـ كمواطن بمنتهي الصراحة.. لو لم نكن طوال هذه السنوات في حالة حرب.. لكنا أفضل حالاً من الآن بكثير.


.. ومن يحاول نسف السلام الذي صنعناه بالدم والدموع فلن يفلح.. ليس
لدينا شيء نخفيه.. أقمنا السلام علانية وعلي رءوس الأشهاد لأن في ذلك
مصلحتنا ومصلحة الأجيال القادمة.. في الوقت الذي أقام غيرنا علاقات مع
إسرائيل في الخفاء مثل قطر وغيرها. أو يحاول البعض الآخر عقد سلام سري في
حين يظهر غير ما يبطن مثل سوريا.

إننا لن نقامر أو نغامر ببلدنا وبأرواح أولادنا.. وفي نفس الوقت فإن
جيشنا منتبه وجاهز لرد أي عدوان.. كما يتم تطويره أولاً بأول لقناعتنا
بضرورة أن يكون قوياً ومسلحاً بأحدث المعدات حتي يكون قادراً علي حماية
السلام.

.. ومن يحاول تقزيم دورنا في القضية الفلسطينية سيجد الرد صفعة
قوية.. فمصر صاحبة المسئولية الأولي في هذا "الملف" بحكم التاريخ والجوار
الجغرافي ومكانتها العربية والإقليمية والدولية وحجمها بين شقيقاتها وفي
العالم أجمع.. فلا غني للقضية الفلسطينية عن مصر.. ومصر هي الملجأ والمأوي
والحاضنة وصاحبة المواقف الثابتة والتضحيات الضخمة.

.. ومن لا يستجيب للمصالحة العربية فإنه الخاسر.. لن ننخدع بمجاملات
حول مأدبة غداء أو فناجين قهوة ثم يستمر التطاول علي مصر حتي الآن.

المصالحة لابد أن تسبقها المصارحة.. وأن يشعر المخطئ بأنه أخطأ وأن
خطأه بمثابة جريمة.. وبالتالي فإن هذه المصالحة لن تكون دون سلامة قصد
وصدق نية وأن تتطابق الأقوال مع الأفعال.. والأهم أن يراجع كل متطاول ما
ارتكبه سواء كان أقوالا أو توجهات.. ثم نتحدث عن مصالحة.

هذه باختصار شديد رسائل الرئيس إلي القاصي والداني.. لعلهم يهتدون.


* * *


ثم نأتي للتساؤلات المشروعة وتتلخص في استفسارات وعلامات استفهام
عديدة حول أسباب رفض فصائل المقاومة محاولات تمديد التهدئة أو الاستماع
إلي التحذيرات من أن هذه المواقف تمثل دعوة مفتوحة لإسرائيل للعدوان
ولصالح من كل ذلك إذا كان مخططاً ومقصوداً.. وأيضا حول اعتراف
الإسرائيليين بالخطأ.. وشعارات المقاومة التي ترتفع فوق أشلاء الشهداء
وانقاض التدمير والخراب وأسباب الحديث الآن عن مرجعية جديدة للشعب
الفلسطيني..وعن الدعوة لسحب مبادرة السلام العربية.

إنها تساؤلات ـ كما قلنا ـ مشروعة.. تكشف بجلاء أطراف الصراع
والمتورطين في العدوان والمواقف التي تشق الصف العربي والفلسطيني بشكل
أكبر مما هو عليه الآن وبنتائج كارثية.

الأحداث تؤكد أن الفصائل رفضت تمديد التهدئة وأصرت علي إطلاق
الصواريخ علي إسرائيل رغم تحذيرات مصر بتوجهات مباشرة من إيران تارة وعبر
حزب الله والجماعة المحظورة تارة أخري واحتضان بعض النظم العربية لقيادات
الفصائل الشاردة وتغذيتها بكل ما ينسف الجدار العربي.

لم يتحمل أي طرف من هذه الأطراف مسئولياته تجاه الشعوب.


إسرائيل لا يهمها سوي الناخب اليهودي وصوته.. وقد علت الأصوات في
إسرائيل تندد بأخطاء العدوان.. وكل فسر الخطأ علي هواه.. البعض اعتبر
العدوان في حد ذاته خطأ وجريمة. والبعض الآخر اعتبر الخطأ في عدم القضاء
علي حماس.

المقاومة انجرفت وألقت بنفسها في أحضان إيران وحزب الله والجماعة
المحظورة.. ووجدت تأييداً لمواقفها من بعض النظم.. في حين أن إيران كان
هدفها تحقيق أجندة خاصة بها. والجماعة المحظورة أيضاً لها أجندتها.
والكيانات الصغيرة لها طموحاتها وأحلامها غير المشروعة أو المنطقية والتي
لا تتفق أبداً مع حجمها ومكانتها.. وبالتالي دفع المواطن الفلسطيني في غزة
الضريبة كاملة.

إن كان كلامنا خطأ.. فلماذا تحاول حماس الآن تغيير المرجعية
الفلسطينية واهدار الشرعية التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية.. إلا إذا
كانت هذه أوامر عليا من طهران وغيرها وهو ما ظهر جلياً خلال زيارة مشعل
لإيران؟!

ولو كان هذا غير صحيح.. فما معني المطالبة بسحب المبادرة العربية للسلام دون إيجاد بديل لها؟


هل الحل الأمثل هو إلغاء أو تجميد المبادرة وسحب السفراء وإغلاق المكاتب التجارية؟


وماذا بعد؟!


لا شيء سوي تكريس الانقسام الفلسطيني بين الضفة وغزة.. وإرجاء الدولة
الفلسطينية الحلم.. واستمرار الحصار وإغلاق المعابر والتنكيل بالفلسطينيين
المدنيين الأبرياء.

هل هذا هو المراد فقط؟


بالطبع لا.. لأن كل هذه الأحداث والأجندات لن تساوي شيئا دون الاضرار بمصر.. وهذا هو بيت القصيد.


***


نعم.. مصر بدورها ومواقفها كانت مستهدفة من البداية.. ومن يتابع بدقة
تسلسل الأحداث قبل وخلال وبعد العدوان الإسرائيلي علي غزة سوف يتأكد من
ذلك.

البداية.. تحرش المقاومة بإسرائيل التي تنتظر هذا علي أحر من الجمر.


الخطوة الثانية.. العدوان الإسرائيلي.


الخطوة الثالثة.. الصراخ والعويل ولطم الخدود لأن مصر ترفض فتح منفذ
رفح.. وبالتالي اختزلوا قضية - عمرها 60 سنة في قطاع غزة - وغزة في
المعابر والمنافذ وأخيراً اختزلوا المعابر والمنافذ السبعة في منفذ رفح
فقط وكأنه أهم أبواب الجنة السبعة.

الخطوة الرابعة.. التطاول علي مصر في بعض العواصم وتسخين الشارع المصري ضد نظام الحكم.


الخطوة الخامسة.. دعوة قطر لعقد قمة طارئة يتم خلالها تجميد المبادرة
العربية واغلاق السفارات ووقف التعامل مع إسرائيل.. ولو علي الورق!!

الخطوة السادسة.. جر مصر إلي مواجهة مع إسرائيل ثم الحرب حتي آخر جندي مصري.


هذه هي خطوات استهداف مصر واستدراجها وتوريطها.. لكنها جميعاً فشلت
وحمي المولي مصر لأنها لا تخضع للابتزاز ولا تستدرج لخطوات غير محسوبة
العواقب ولا تنساق وراء مخططات وأجندة إيرانية تسعي للهيمنة والسيطرة
وتغمية العالم حتي تمرر برنامجها النووي علي حساب شعب قوامه 80 مليون نسمة
عاش 60 عاماً في "ضنك" بسبب القضية الفلسطينية وأعطي لهذه القضية ما لم
يعطه أهلها أنفسهم.

وما أشبه اليوم.. بالبارحة.. ومازال مشهد 5 يونيه 67 ماثلا أمام
أعيننا حينما تم استدراجنا إلي حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل وهزيمة قصمت
ظهورنا..

وللأسف.. فإن ما رأيناه من العرب والفلسطينيين وقتها.. هو نفس أو معظم ما نراه اليوم من نفس الجهات.


لن نلدغ من جحر واحد مرتين.. كفانا مرة.. ضعنا فيها وتوقفت الحياة في مصر تماماً وقتها.


لن ندخل حرباً ضد إسرائيل إلا إذا فرضت علينا.. دفاعاً عن الأرض والعرض والإنسان وحاضره ومستقبله.


لن نسمح باحتلال سيناء مرة أخري.


ولن نسمح بتهجير مدن القناة.


ولن نسمح بأن تعربد طائرات إسرائيل فوق سمائنا تدك المدارس والمنازل والمستشفيات والمصانع.


ولن نسمح بوقف عجلة التنمية والاستثمار وفرص العمل.


باختصار.. تعلمنا الدرس جيداً.. ولن نعيد المأساة ثانية لأننا لا نقبل
الابتزاز.. ولسنا عملاء مثل خالد مشعل وحسن نصر الله ومرشد المحظورة
وغيرهم كثيرون.