من غير ليه زيارة لدار الهلال محمد العزبي

من غير ليه
زيارة لدار الهلال
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
كدت أن أفقد ثقتي في زميل عزيز. طلبته
فلم يرد لحظتها. أو فيما بعد. فتصورت انه قد لحق به داء الأبواب المغلقة
والهواتف السرية والسكرتارية حلوة اللسان.

ليس من عادتي أن أثقل علي أحد. مهما كان قربي منه ولكنني تأثرت بقصة
الأستاذة الأمريكية من أصل لبناني التي استبد بها الحنين وتاقت للحضور إلي
مصر وفاء لذكري أبيها الذي عاش بيننا سنوات.

حدثني الفنان الإنسان "أحمد طوغان" عن الدكتورة القادمة من أمريكا في
زيارة عابرة للقاهرة. وكلها أمل أن تذهب إلي "دار الهلال" تتعرف علي
جدرانها والحجرة التي كان يجلس فيها أبوها وقد كان أحد مديري الدار
المشهود لهم قبل التأميم أيام الأخوين "زيدان" أصحابها. قبل تأميمها مع
غيرها من دور الصحف. وقد كان للأخوة اللبنانيين فضل ريادة إصدار المطبوعات
في مصر. اشتهر منها "الأهرام" و"الهلال". قبل أن يدخل المصريون المجال علي
يد "مصطفي وعلي أمين" و"أسرة أبوالفتح" و"روزاليوسف"التي كانت رغم جذورها
الشامية مصرية مائة في المائة.

سمعت اسم "البير انكونا" المدير الشهير بالخير والمديح من الأستاذ
"حلمي سلام" الذي عمل طويلا في دار الهلال قبل أن ينتقل إلي مجلة
"الإذاعة" و"الجمهورية" بعد قيام ثورة يوليو وقد كان صديقا لقادتها قبل
قيامها وشديد الإيمان بهم موثوقا فيه.. ومع ذلك انقلبت عليه الثورة التي
عادة ما تأكل أبناءها المخلصين. واسكتت قلمه.. وتلك قصة أخري.

وسمعت اسم المدير اللبناني بكل تقدير من الأستاذ "مصطفي بهجت بدوي"
الذي عمل فترة في دار الهلال بعد قيام الثورة. قبل عودته إلي "الجمهورية".

حتي حدثني "طوغان" عن رغبة ابنة "البير انكونا" التي عاشت عمرها في
أمريكا ونالت شهادة الدكتوراه وعملت أستاذا بإحدي جامعاتها وكانت تسمع من
أبيها عن "دار الهلال" فأرادت أن تأتي لرؤية المكان الذي طالما حلمت به
وسمعت عنه.. وطلب مني "طوغان" أن نتعاون لتحقيق أمنيتها. فوعدته خيرا
لمعرفتي برئيس مجلس إدارة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة المصور الأستاذ
عبدالقادر شهيب وما يتحلي به من صفات جميلة.

اتصلت تليفونيا ولم أشأ ان استخدم "الموبايل".. أجابني سكرتيره بعد
تردد وقال انه خرج لفترة قصيرة وسوف يطلبني عندما يعود. وتأكيدا سألني عن
رقم تليفوني.. ثم ساد الصمت.

أخبرت "طوغان" واتفقنا أن يحاول بدوره حتي ولو لم يكن بينه وبين شهيب
صلة سابقة مباشرة. فمن المؤكد أنه يعرف الفنان الوطني الكبير ويقدره.. وقد
كان.

اتضح انه سافر لحضور مؤتمر القمة الأخير في الكويت. ولابد أن هذا ما
شغله ولكن سكرتيره عندما عرف بالأمر. وعد بإبلاغه عندما يتصل به من الخارج
ويعرف منه ماذا يمكن عمله.

زارت الضيفة "دار الهلال" واستقبلت بكل ترحيب. ورأت المكان الذي كان
يعمل به أبوها ويحبه. وجلست علي نفس المكتب الذي كان يستخدمه. وشربت
الشاي.. وكان رئيس مجلس الإدارة قد عاد من سفره وأمكنه أن يرحب بها
شخصيا.. وعادت السيدة سعيدة وأنا أيضا سعيد بما جري. ابتداء من حنينها
ووفائها ورغبتها في الزيارة. وحتي تحقيق أمنيتها بكل الحب والتقدير.