العصفورة والصقر وحقول المحرقة بقلم : محمد عيسي الشرقاوي

من طرف مشمشة السبت فبراير 07, 2009 1:08 pm

حكايـة سياسية
بقلم : محمد عيسي الشرقاوي

العصفورة والصقر
وحقول المحرقة

ذات
صباح‏,‏ عندما استيقظت عصفورة من سباتها‏..‏ لم تندهش‏,‏ أو يستبد بها
القلق لأنها تحولت الي صقر‏,‏ بل ان شعورا طاغيا بالزهو تقافز في
أعماقها‏..‏ فلم يعد في وسع أحد أن يقلل من شأن جسارتها وقوتها‏..‏ كانت
هذه الحالة هي ما ألمت بتسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما ووزير الخارجية يوم
شن حرب الإبادة الاسرائيلية علي الفلسطينيين في غزة‏.‏

هذه الحالة
العجيبة التي ولجت في طياتها تسيبورا وهذا هو اسمها كاملا‏,‏ ويعني
بالعبرية العصفورة وقد سبق للروائي الألماني ـ التشيكي فرانتس كافكا ان
تناولها في روايته الشهيرة المسخ فعندما استيقظ الشاب جريجور من نومه هاله
وروعه انه صار حشرة قبيحة‏..‏ ولذلك انفض الناس من حوله حتي مات‏.‏

ولم
يخطر بخيال كافكا المعتم بالرؤي الكابوسية ما حدث لتسيبي ليفني‏..‏ ولو أن
العمر امتد به‏,‏ ربما أمكنه نفي صفة التشاؤم التي ألصقها به النقاد
والمثقفون‏..‏ ولبرهن لهم ان خياله لم يفرز ضلالات تصور‏..‏ ولكان دليله
علي ذلك تسيبورا ليفني التي تخوض حملة انتخابية للفوز برئاسة الوزراء‏,‏
في ظلال محرقة غزة‏..‏ وتفاخر بأنها حرضت عليها‏,‏ وأشعلت حرائقها‏,‏
وانها لم تعد عصفورة وانما غدت صقرا‏..‏

ولم تكن تسيبورا عصفورة‏,‏
علي نحو ما شاء يوري افنيري مؤسس حركة السلام الاسرائيلية ان يخدع نفسه‏,‏
عندما دعاها الي ان تحلق عاليا في أجواء مفاوضات السلام مع الفلسطينيين‏,‏
اثر فوزها بزعامة كاديما في سبتمبر‏2008,‏ ذلك انها تجاهر بأن هدفها هو
اقامة دولة يهودية خالصة‏,‏ بلا شوائب فلسطينية‏..‏ وهذا يعني ترحيل
فلسطينيي‏1948‏ الي دولة خيال المآتة في الضفة وغزة‏,‏ المحاصرة دوما
بأسنة الرماح الصهيونية‏.‏

لكن يوري أفنيري‏,‏ والحق يقال‏,‏ أشار
الي انه حتي نفهم ليفني يتعين علينا ان ندرك أفكار فلاديمير جابوتونسكي
الزعيم الصهيوني المتطرف‏,‏ فقد نشأت في بيت يقيم طقوسا يومية لتعاليمه‏,‏
فكان والدها إرهابيا صهيونيا من اتباعه‏,‏ وكذلك كانت أمها‏..‏ أما
ابنتهما تسيبورا فقد عملت في المخابرات‏(‏ الموساد‏)‏ وشاركت في اغتيال
قيادات فلسطينية‏.‏

وفي صباح اليوم الأول لمحرقة غزة‏,‏ تصورت
تسيبورا ومعها ايهود باراك ان حقول الابادة والموت للفلسطينيين هي طريقهما
للفوز في انتخابات فبراير‏2009,‏ وهذا ما بشرتهما به استطلاعات رأي
المحرقة‏..‏ لكن ما إن بدأ وقف اطلاق النار‏,‏ حتي انقض عليهما اليمين
القومي والديني المتطرف لان غزة لايزال بها أحياء فلسطينيون‏..‏

ومن
ثم أنذرتهما استطلاعات الرأي بأن بنيامين نيتانياهو زعيم حزب الليكود هو
المرشح لتشكيل الحكومة‏..‏ وان افيجدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا
سيصبح رقما يعتد به في المعادلة السياسية‏,‏ فقد دعا الي إلقاء قنبلة
نووية اسرائيلية علي غزة لإزالتها من الوجود‏,‏ وبذلك تتحقق الأمنية
المستحيلة لاسحق رابين رئيس الوزراء الأسبق الذي تفاخر بتكسيره عظام أطفال
الانتفاضة الفلسطينية‏,‏ وكان يأمل ان يبتلع البحر غزة‏!‏

ولاتزال
أصداء كلمات الجنرال ارييل شارون تدوي‏,‏ ان حرب‏1948‏ لاتزال معاركها
دائرة‏,‏ ولذلك يتأهب اليمين القومي والديني الذي نصب الارهابي مناحيم
بيجين رئيسا للوزراء عام‏1977,‏ لإحكام سيطرته علي اسرائيل‏..‏ حتي يمكنه
تنفيذ المهمة التي لم تنته‏,‏ برغم محرقة غزة‏.‏