أمثال علاء الديب محمد العزبي

من غير ليه
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com
أمثال علاء الديب

لم أعرفه شخصياً.. ربما التقينا مرة وليس
أكثر من التحية والسلام. ولكنه بقي دائماً في قلبي. بما أقرأه له من أعمال
أدبية. وكل ما كتبه في باب "عصير الكتب" انتقل معه من "صباح الخير" التي
خسرته إلي جريدة "القاهرة" التي تعرف قيمته.

عرفته- وكأنني عايشته- من كلمات الحب والتقدير التي كان يذكره بها
دائماً شقيقه الكبير وصديقي العزيز الأستاذ بدر الديب رحمه الله وقد كان
مثقفاً عظيما وانسانا رقيقا.. أحب "علاء" كابن له. وأعجب به كاتبا
مرموقاً.

ولقد أسعدني أن "نصطبح" بمقال لبلال فضل عن "علاء الديب" لبلوغه سن السبعين.. تري كم من المقدرين لفن وشخص علاء تذكره؟!


وهو لا يبالي. مع حبه لكل الناس. فأحلي ما فيه كبرياؤه المتواضع وعزوفه عن الشهرة والحركات وصدقه الشديد مع نفسه وقرائه.


أحسبه يجلس هادئاً واثقاً من نفسه يطل علي حديقته الصغيرة ويستمتع بحياته راضياً.


إذا أطفأ المقربون منه الشموع احتفالاً به. فسوف يوقدها من جديد لتنير الطريق لهم وللآخرين.


وحتي عندما تعرض لمحنة مرض عضال قبل سنوات. لم يتاجر بالمأساة. ولم
ينطق بالشكوي أو كان عنده كل الحق. لما لقي من معاملة لا تليق بقدره.
وتخلي المسئولون عن تحمل مصروفات علاجه التي لا يقدر عليها أحد. وهو
يستحقها.. وكانت قصة سخيفة أغضبتنا جميعاً. تخطاها في صمت واحترام لشخصه.

يسعده ويشغل باله كل جميل في الحياة. وكل فن يرفع من مستوي الإنسان.. أما باقي الأمور وقشورها فليست علي باله. حقيقة وليس ادعاء.


"علاء الديب" ليس وحده. ولكن أمثاله قليلون. قد يبدو أنهم لا يأخذون
حقهم من الحياة. بينما هم في الواقع الذين يصنعون الحياة.. بهم تستمر
المعاني الجميلة ويستقر الأمل في النفوس ويتقدم كل شئ رغم ما يسود الدنيا
من فساد.

تقديرنا له- الذين يعرفونه جيدا والذين يحسون به عن بعد- هو تمسك
بالقيم الجميلة وتكفير عن سيئاتنا. وكلمة حق صادقة لكل صاحب موهبة وتواضع
وكبرياء.

يقول بلال فضل إنه يقرأ كأنه لن يكتب أبداً ويكتب كأنه لن ينشر أبدا
ويستمتع بصحبة الأصدقاء وإن رحلوا عن الدنيا. كل هذا دون أن يضطر لبيع
شرفه وقلمه ومواقفه.. ودون أن يفقد قدرته علي الاندهاش أو الرغبة في
مقاومة العفن المحيط.. وأخيراً دون أن يحفل ولو للحظة بأن يعرفه كل الناس
طالما كان قادراً علي الاستمرار في محاولة التعرف علي نفسه.