من الواقع محمد فودة

من الواقع
محمد فودة

لا أعرف من هو المستثمر الرئيسي في شركة
الصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية الذي تصل نسبة مساهمته فيها 70
في المائة.. ولا أعرف جنسيته هل هو مصري أو عربي أو أجنبي.. لكن يبدو اننا
نعيش مناخا غير سوي في عمليات الخصخصة.. ولا اتهم احدا بالتربح أو الفساد.
وانما اتهمهم بالتسرع والاهمال وعدم وضع الشروط والضوابط والقيام
بالمراقبة الدقيقة التي تمنع هؤلاء المستثمرين من التلاعب في شركاتنا
ومصائر عمالنا.

الشركة خسرت 170 مليون جنيه نتيجة للتلاعب.. فالمستثمر الرئيسي كما
ذكرت صحيفة الأهرام قام بالسحب علي المكشوف من البنوك دون الرجوع لمجلس
الإدارة.

ويبدو أنه حصل علي رأسماله الذي دفعه في الشركة وزيادة.. لذلك لا
يهمه مصائر عمالها ولا قيامها بدورها في التنمية الاقتصادية بالوطن.. ومن
هنا جاء طلبه الغريب برهن الشركة.

صلاح هيكل رئيس النقابة العامة للعاملين بالصناعات الهندسية
والمعدنية والكهربائية اعد تقريرا عن أوضاع الشركة المتدهورة ويرفض فيه
باسم النقابة أية إجراءات هدفها رهن الشركة كما يطالب المستثمر الرئيسي.

طالب رئيس النقابة في تقريره بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في
المخالفات التي ارتكبها هذا المستثمر.. كما طالب باعادة ملكية اسهمه
وقدرها 70 في المائة إلي الدولة لتنضوي الشركة من جديد تحت قانون قطاع
الأعمال العام لضمان استمرار نشاطها والحفاظ علي حقوق العمال.

لم يغب عن الذاكرة شركة قها للأغذية المحفوظة وما حدث فيها بعد
خصخصتها من مشاكل.. وكيف قادت النائبة جمالات رافع حملة قوية لاعادتها إلي
حضن الدولة. ولم نعد نسمع عنها أية مشاكل.

ولا يغيب عن ذاكرتنا الآن ما حدث ويحدث لشركة عمر أفندي من تدني
أوضاعها بعد الخصخصة وتشريد عمالها تحت نظام المعاش المبكر.. وعدم حصول
الباقين منهم علي مرتباتهم ناهيك عن مزاياهم.

هل الخصخصة هي قدرنا السييء الذي يلاحقنا ولا نستطيع الفكاك منه؟!
وهل عقمت مصر عن أن تلد رجالا يديرون هذه الشركات إدارة اقتصادية ناجحة؟

اعتقد ان شركات قطاع الأعمال هي الوحيدة في مصر التي نجت من زلزال
الأزمة الاقتصادية العالمية.. وهذا يكفي للرد علي دعاة الخصخصة الذين يرون
مستقبل مصر في الاقتصاد الحر بنسبة مائة في المائة.. بينما الأجدي ان يكون
اقتصادا مشتركا يجمع بين هذا وذاك حتي تسير العملية الاقتصادية بجناحين
متوازيين.