القمة العربية القادمة تدفن القضية الفلسطينية لابد من تحرير القرار العربي من خاطفيه أموال حماس.. وجهود المصالحة وسوريا بقلم : محمد علي إبراهيم

مصر المستقبل
بقلم : محمد علي إبراهيم
القمة العربية القادمة تدفن القضية الفلسطينية
لابد من تحرير القرار العربي من خاطفيه
أموال حماس.. وجهود المصالحة وسوريا

الأسئلة تلاحقنا من الزملاء الصحفيين
وغيرهم حول أسباب تعثر المصالحة الفلسطينية وتأخر التوصل إلي نتائج. ومن
المسئول الفعلي؟! هل هو تعنت إسرائيل أم الانقسام الفلسطيني أو أوامر دمشق
وطهران؟

والحقيقة انه ليست هناك اجابة محددة عن هذه الأسئلة.. الاجابة
الوحيدة التي نستطيع التأكد منها هي ان دمشق وطهران لم تعطيا بعد
موافقتهما علي التهدئة.. تريدان أن "تمصمصا" الاتفاق لتحصلا علي أكبر
فائدة تؤكد انتصار حماس واعتمادها ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني.

الجديد ان جميع الأطراف الخارجية "إسرائيل وأوروبا وأمريكا وحتي إيران" وجدت في الانقسام الفلسطيني فرصة ذهبية للتنصل من الالتزامات.


لا أحد يستطيع إلقاء اللوم علي واشنطن أو الاتحاد الأوروبي الآن بأنه السبب في التلكؤ للتوصل إلي حل للقضية الفلسطينية.


السباق الآن هو لاختطاف القرار الفلسطيني.. سوريا وإيران تريدانه طوع
أمرهما. وتركيا تريده لاكتساب بعد سياسي دولي يعينها عند الانضمام للاتحاد
الأوروبي كوسيط مقبول بين العرب والمسلمين وبين الغرب. وإسرائيل أيضا
تراهن علي استمرار الانقسام فكلما أقامت مصر جسرا ليعبر عليه الفلسطينيون
وتجري تحته مياه كثيرة. تكفلت تل أبيب بهز الجسر وتحطيم أساساته حتي لا
تلتزم الحكومة القادمة بشيء.

الإسرائيليون ينظرون إلي الفلسطينيين باعتبارهم سلعة "معمرة" يمكن أن
تعيش عشرات السنين باعتبارهم أصحاب قضية ظلت في ثلاجة أو "ديب فريزر"
سنوات.. يخرجونها بضع ساعات لتسخينها ووضعها علي المائدة.. وإذا شعر
الجالسون انهم أوشكوا علي الانتهاء من فواتح الشهية والبدء بالطبق
الرئيسي. تسارع تل أبيب بإدخالها مرة أخري إلي "الفريزر" زاعمة انها ستعيد
تقديمها في شكل جديد وتزخرفها ببعض المشهيات.

غير ان الفلسطينيين أنفسهم عليهم أن يفكروا بمنطق آخر غير الارتماء
في احضان سوريا وإيران.. من ثم فإنني مع افتراض ان "حماس" فازت في
المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.. فإن عليها استثمار التضحيات والدم الذي
أراقته إسرائيل بوحدة صف فلسطيني غير قابل للاختراق.

خالد مشعل قلبه وعقله مع إيران وسوريا. لذلك ستظل التهدئة مع إسرائيل والمصالحة مع "فتح" رهنا بمشيئة الملالي والعلويين.


لو كان مشعل حصيفا لعرف أن قضيته عربية وليست فارسية.. لذا فإن عليه
مهمة كبري هي أن يؤكد للعالم انه لم يعد في إمكان الدولة العبرية
الاستمرار في سياسة القوة والبطش التي أضرت بمصالح أمريكا عند العرب.

الملاحظ الآن أن سوريا لاتريد للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية أن تتم
لأنها تريدها في دمشق.. دمشق رغم كل شجبها وتنديدها وهجومها علي مصر
ومزاحمتها في الإعمار وفي هرولتها لعقد قمة الدوحة لافساد قمة الكويت. لم
تحصل علي تأييد دولي لموقفها كالذي حصلت عليه المبادرة المصرية عبر قرار
مجلس الأمن رقم 1860 والذي اعتبرها آلية التنفيذ الوحيدة له.

المعضلة الآن هي سوريا.. فهي ترغب في تفعيل مبادرة خادم الحرمين
الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في إنهاء الخلافات العربية.. من ثم
هناك نية للتصالح بين دمشق والرياض فقط. أما العلاقة بين دمشق والقاهرة
فمازالت علي توترها.. دمشق لا تريد تسهيل محادثات المصالحة الفلسطينية في
القاهرة.. ولها مطلب غريب يعكس التعنت ولايدل علي التفاهم وهو ضرورة
معاملة خالد مشعل علي قدم المساواة مع أبومازن.. والعالم كله يعرف ويدرك
انه لا تعامل مع "حماس" قبل أن تعترف بإسرائيل. فلماذا ندور في حلقة
مفرغة؟!

الاجابة يسيرة وهي أن دمشق وطهران ترتبان للقمة العربية القادمة في
الدوحة حيث يسلم الرئيس السوري بشار الأسد رئاسة القمة إلي أمير قطر الشيخ
حمد بن خليفة. وليس هناك مكان أفضل من الدوحة لإعلان تتويج خالد مشعل
رئيساً لفلسطين وممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني ويكون ذلك من خلال مظلة
عربية شرعية هي القمة العربية.

وكما دخلت إيران ضيفاً علي قمة الدوحة الماضية التي انعقدت بعيداً عن
مظلة الجامعة العربية. سنجدها في القمة العربية القادمة عضواً مراقباً علي
الأقل لأعمال القمم العربية. وليس بعيداً أن يتم اعتماد تركيا وإيران
كعضوين دائمين في القمم العربية القادمة.

هناك سباق محموم تقوده إيران وسوريا وقطر لاختطاف القرار العربي من أصحاب المصلحة الحقيقيين.


وتبقي حادثة بسيطة أري أنها يجب ألا تمر بغير حساب وهي ضبط أيمن طه
القيادي بحركة حماس وعضو فريق التفاوض مع مصر ومعه 9 ملايين دولار و2
مليون يورو.

لم تكن المرة الأولي التي يعبر فيها أعضاء لحماس معبر رفح بأموال ففي
يونيو 2006 عبر محمود الزهار وزير خارجية حماس منفذ رفح إلي غزة ومعه 20
مليون دولار في 12 حقيبة وبعدها عبر برلمانيان بالمجلس التشريعي لحماس هما
مشير المصري ود. أحمد بحر وبحوزتهما 4 ملايين دولار وفي نوفمبر 2006 عاود
الزهار الكرة وعبر إلي غزة بعشرين مليون دولار أخري.

هذه هي الأموال التي مرت إلي غزة.. وأنا أذكر الجميع بها لأؤكد أن
مصر ليست ضد حماس.. بل أن إيهود أولمرت عندما قال في مؤتمر صحفي مع الرئيس
مبارك عام 2006 إن هذه الأموال "مُجرمة طبقاً للقانون الإسرائيلي. رد
الرئيس مبارك بحسم وقوة وسرعة: هذه أرض مصرية ويسري عليها القانون المصري
فقط.

وأتحدث إلي أشاوس سوريا ولبنان وأقول هل تستطيعون تحمل ما تحملته مصر
من مرور أموال إلي تنظيم مسلح يراه العالم كله إرهابياً باستثناء مصر! لا
تزايدوا علي دور القاهرة. واعلموا أن الحمساوية في غزة. وليس في لبنان
ودمشق يقدرون جداً ما تبذله مصر.. وأتمني أن يصل هذا التقدير لمن أغلقوا
قلوبهم وعقولهم!