من الواقع محمد فوده

من الواقع
محمد فوده

طالب المهندس رشيد محمد رشيد وزير
التجارة والصناعة بتشجيع الصناعات الوطنية في مختلف القطاعات لمواجهة
تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية علي قطاعي الصناعة والتصدير. وفتح
أسواق جديدة للبضائع المصرية وتنشيط السوق المحلي.

ونحن مع الوزير في كل ما يطالب به. فلاشك أن أي مصري يهمه في المقام
الأول تشجيع صناعة بلده. وسيكون فخورا إذا رأي هذه الصناعات تغزو أسواق
العالم.

لكن المهم ــ يا سيادة الوزير ــ أن تشجع هذه الصناعات نفسها قبل أن
تطلب من المواطنين تشجيعها.. وذلك لا يتأتي إلا بأن تكون هذه الصناعات علي
درجة عالية من الجودة تجعل المستهلك يقبل عليها ويفضلها علي مثيلتها
المستوردة.. ثم أن تكون أسعار هذه المنتجات تنافسية وأرخص من الأجنبية.
لأن المستهلكين في مصر وخاصة أن الغالبية هم من محدودي الدخل يفضلون
الأرخص الذي يتناسب مع دخولهم.. فما بالك إذا كان هذا الأرخص هو الأجود.

وكم شكا المواطنون وكتب الكتاب من تدني جودة الصناعات المصرية أو من
المغالاة في ارتفاع أسعارها.. هناك صناعات غذائية وغير غذائية بدأت بداية
عالية ومع الإقبال الكبير عليها تراجعت جودتها وزادت أسعارها بطريقة لا
تصدق.. وضربنا قبل ذلك مثلا بصناعة الحلوي الطحينية التي اسود لونها بعد
أن كانت بيضاء زاهية. وأقصد بها إنتاج أشهر شركة في مصر لهذه السلعة.. ولم
تكتف بذلك بل أصبحت تعبئتها أسوأ تعبئة. وبعد أن كان الكيلو منها لا يتعدي
ثمانية جنيهات حتي وقت قريب تضاعف بالتمام والكمال.

وقس علي ذلك صناعات أخري كثيرة وفي مقدمتها صناعة المنظفات والملابس الجاهزة. وحتي صناعة الورق وكشاكيل التلاميذ وغيرها من الصناعات.


حديد التسليح ــ يا سيادة الوزير ــ لم ينخفض سعره إلا بعد أن تم فتح
باب الاستيراد الخارجي له.. ووجد المستهلكون أن المستورد جيد وبأسعار ربما
تقترب من نصف أسعار المحلي.. وعندئذ بدأت المصانع المحلية تهبط بأسعارها
إلي درجة كبيرة لتضرب المستورد.. وأصبحت هناك حرب طاحنة بين الاثنين.

أما عن فتح أسواق جديدة للتصدير. فأعتقد أننا لن نصل إلي ما نبتغيه
في هذا المضمار إلا إذا كانت هناك دراسات جيدة للأسواق الخارجية كما تفعل
الصين.. وقد زرت بلدا مثل كندا عدة مرات ووجدت البضائع الصينية علي
اختلافها وتنوعها وكل ما يهم المستهلك الكندي موجودة وبأسعار لا تقبل
المنافسة أبدا.

للتنافس ــ يا سيادة الوزير ــ شرطان أساسيان سواء في السوق المحلية
أو الأسواق الخارجية.. هما صناعة متميزة.. وأسعار في المتناول.. وبدون ذلك
نغرق في الارتجالية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.