كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف karem الإثنين فبراير 09, 2009 12:20 pm

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

1

من
بين سخافات التحامل علي الاسلام ومحاولات تشويه التاريخ الإسلامي
المتصاعدة علي مدي السنوات الأخيرة في الغرب هو الزعم بأن العرب ليس لهم
تاريخ عسكري وأن حروبهم كانت حروبا بدائية لايمكن تصنيفها في سجلات الحروب
العسكرية وكل ما حققوه من فتوحات وغزوات لم يكن أكثر من ضربات حظ في
توقيتات تعرضت فيها الأمم القوية الأخري إلي أزمات وصراعات صنعت ضعفها‏!‏

ومع
أن هذه السخافات ترد علي نفسها فإنني سوف أضرب مثلا بمعارك الاسلام الأولي
التي قادها النبي محمد صلي الله عليه وسلم والتي كانت في البداية مجرد
معارك دفاعية ضد أهل قريش الذين خذلوه برفضهم لرسالته الالهية‏.‏

إن
التاريخ يسجل أنه تحت أجواء هذه المعارك المحدودة دفاعا عن الدعوة
الاسلامية وعملا علي نشرها بدأت أعظم عملية بناء اللبنات الأولي لجيش يعرف
معني النظام ويخضع لقيادة موحدة ويرسي مبادئ جديدة تؤهل الأمة تحت رايات
الاتحاد والنظام والعمل إلي دخول مرحلة القدرة علي تحدي الخطر الأجنبي
المتمثل في احتلال الروم والفرس لأجزاء كبيرة من الأرض العربية‏.‏

إن
هذه الحروب تحت راية الدعوة الاسلامية التي يجيء اليوم من يريد أن ينال
منها‏,‏ كانت كبيرة في معناها ومغزاها‏,‏ فقد أعطتنا اشارة لها قيمتها إلي
أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إلي جانب رسالته النبوية قائدا عسكريا
ملهما‏,‏ استطاع أن يوجد من العدم نواة جيش قام بعد ذلك بفتوحات عسكرية لم
يشهد التاريخ البشري لها نظيرا‏,‏ فضلا عن الانجازات الرائعة التي حققتها
دعوته الانسانية‏.‏

ان الرسول محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام
ـ وليس أحدا غيره ـ هو الذي رسم لجيشه ولأمته خطوط الرؤية المستقبلية
عندما أكد لأهله من سكان الجزيرة العربية مسئوليتهم عن تحرير الهلال
الخصيب العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين من حكم الروم والفرس‏,‏
وخاطب بنفسه جنود المسلمين أثناء حصار المدينة المنورة وهم في أشد أوقاتهم
حرجا وعسرا وأخبرهم بأن ان النصر قادم بإذن الله‏,‏ وأنهم الذين سيرثون
الإمبراطوريتين الفارسية والرومية‏.‏

ومن هذه الأرضية الايمانية
جاء ذهول العالم من نجاح الفتوحات العربية والإسلامية التي سجلت أرقاما
قياسية في سجلات التاريخ العسكري من أراضي الهند والسند شرقا إلي قلب
أوربا في الأندلس غربا‏.‏

لقد أجمع مؤرخو الفتح العربي الإسلامي ـ
من العرب وغير العرب ـ علي أن هذه الموجة من الفتوحات لم يسبق لها مثيل في
التاريخ‏,‏ فقد فتح العرب بلادا وأقطارا في ثمانين سنة بأكثر مما فتح
الرومان في ثمانمائة سنة‏.‏

ان نابليون أكبر قائد عسكري في تاريخ
فرنسا لم يقل عبارته الشهيرة اعتباطا ان العرب فتحوا نصف الدنيا في نصف
قرن وإنما كان يعبر عن حقائق فرضت نفسها علي سجل التاريخ الذي يراد شطبه
وتشويهه تحت رايات التعصب والعنصرية‏!‏

وغدا نواصل الحديث‏..‏

attalla@ahram.org.eg