سليمان ديميريل بقلم‏:‏ سـيد عبدالمجــيد

من طرف koko الإثنين فبراير 09, 2009 12:55 pm

للعقل فقط
بقلم‏:‏ سـيد عبدالمجــيد

سليمان ديميريل

لم
يفاجأ الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل بهذا السلوك الصبياني من فتيين
يافعين عندما أمطراه قبل سنوات باللعنات والسباب‏,‏ لكنه واصل صلاته في
المسجد الأقصي رغم أنهم وقفوا أمامه رافعين المصاحف في وجهه وصرخاتهم لا
تتوقف‏:‏ يا عدو الله‏,‏ يا صهيوني‏,‏ عد من حيث أتيت‏.!!‏

لكن
ديميريل كان قد هيأ نفسه بأنه في رحاب مقدسة فانصرف مترفعا عن الصغائر
يتلو في صمت آيات بينات داعيا المولي عز وجل أن يحفظ بلاده وشعبها ويجنبها
شر الانفعال والسقوط في تلك الغوغائية المقيتة التي لا تقدم بل تؤخر‏.‏

وفي
مؤتمره الصحفي عقب مباحثاته مع الرئيس الراحل عرفات عاود ديميريل التأكيد
علي موقف تركيا الثابت المؤيد للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني
وحينما سأله الصحفيون عن واقعة التعدي اعتبرها تطرفا وهو حتما نتاج طبيعي
لتعنت مقابل في الطرف الآخر‏.‏

ولأنه مدرك لمصالح أبناء الأناضول
كان يرد بكل ثقة علي الذين ينتقدون أنقرة لإبرامها اتفاق التحالف
الاستراتيجي مع إسرائيل مفندا مزاعمهم نافيا أن يكون الاتفاق موجها لطرف
ثالث‏.‏

وانطلاقا من حماية المصالح ذاتها لم يتوان ديميريل في
التهديد بشن حرب عسكرية ضد سوريا إذا أصرت علي إيواء عبد الله أوجلان
والانفصاليين أتباع منظمة حزب العمال الكردستاني‏.‏

المثير أن تل
أبيب حثت أنقرة علي ضبط النفس ولكن هيهات فالقرار اتخذ ولا مناص من ضرب
قواعد الإرهاب ولكن ما أن لاحت في الأفق بوادر الانفراج بفضل الوساطة
المصرية لم تتماد أنقرة وبالفعل حصلت علي ما كانت تريده وأكثر‏.‏

الغريب
أن القائمين علي إدارة السياسة الخارجية لم يزايدوا علي دمشق وتراجعها
المذل وديميريل نفسه بدا ممتعضا من مانشيتات بعض صحف بلاده والتي قالت في
تشف لولا العين الحمراء ما تراجع حكام الشام الضعفاء لكنها الميديا التي
لا تملك الدولة من أمرها شيئا ولا تستطيع بالتالي مثل البعث الرهيب التدخل
فيما تقوله‏.‏

وعندما توفي حافظ الأسد سارع أحمد نجدت سزر الذي لم
يمض علي تبوئه منصب الرئيس العاشر للجمهورية الكمالية إلي العاصمة السورية
لتقديم واجب العزاء وكانت هذه الخطوة غير مرغوبة من قبل نافذين في الحياة
السياسية وكذا الإعلام خصوصا المقروء الذي كان يري في الأسد نموذجا
للدكتاتور المخادع‏!!‏ لكن المصالح مع الجوار وغير الجوار لها لغة أخري‏.‏

تلك
هي تركيا وأداؤها المتوازن ولكن عندما يريد لها البعض أن تجنح مثلما حدث
في دافوس السويسرية فعليهم أن يدركوا أن للجنوح ثمنا لن يدفعوه هم فقط
ولكن تركيا هي التي ستدفع‏,‏ هذا ما قاله أخيرا ديميريل الذي زادته
السنوات خبرة وحنكة‏.‏