علي هامش معرض مدريد السياحي الدولي "الفيتور": في انتظار ضوء.. نهاية النفق صلاح عطية

كلمة الأسبوع:
صلاح عطية
salahattia@hotmail.com
علي هامش معرض مدريد السياحي الدولي "الفيتور":
في انتظار ضوء.. نهاية النفق

* أسبانيا الآن.. ككل بلاد العالم ..
تموج بأنباء وأحاديث الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.. والكل وعلي
جميع المستويات يعيش في خوف مما هو آت.. لأنه ببساطة لا أحد يعرف ما سوف
يأتي بالضبط في قادم الأيام.. الأحاديث عن البطالة فيها تؤرق الجميع..
زادت البطالة مليوناً في سنة واحدة.. عدد السياح إلي أسبانيا هبط في عام
2008 بمقدار مليون ونصف المليون سائح إلي 5.57 مليون سائح.. نسبة الهبوط
عن العام السابق وصلت إلي 6.2%.. وتصاعدت نسبة الهبوط في الربع الأخير من
عام 2008 إلي 5.9%.. وهي مؤشر لتصاعد هذه النسبة في عام .2009

1.9 مليار دولار تنفقها اسبانيا علي السياحة


* ولكن اسبانيا لا تستسلم.. وزارة السياحة في اسبانيا قررت أن تنفق
9.1 مليار دولار علي الترويج لسياحتها.. والارتفاع بمستوي خدماتها كجزء من
خطتها الاستراتيجية للمستقبل.. ولديها.. مثلنا والحمد لله خطة للسياحة
لعام ..2020 لكي تبقي في حلبة المنافسة.. ولكي تضمن استمرار منابعها من
الأجيال الجديدة من السياح.. فبعد عقود من النجاح في اجتذاب عشرات
الملايين من السياح لشواطئها ولأقاليمها السبعة عشر.. أدرك المسئولون
الأسبان في انه في ظل ظروف دولية صعبة لابد من استراتيجية جديدة طويلة
المدي تستمر إلي عام 2020 مخططة لتحسين الجودة السياحية.. وتخيلوا معي
اسبانيا تخطط لتحسين الجودة السياحية.. فماذا يمكن أن نفعل نحن؟! والرقم
المرصود والمتكرر سنويا من الآن لهذه المهمة السياحية الأسبانية مليار
و900 مليون دولار..!! والرقم مهدي لمن يحسدون السياحة المصرية علي عدة
عشرات من الملايين من الدولارات للترويج لمصر في الخارج.. مع انه ثبت أن
كل مائة دولار تدخل مصر. يأتي منها من السياحة 3.19 دولار.. وكل دولار
ينفق علي الدعاية للسياحة.. يجلب دخلاً قدره 275 دولاراً. كما أن أحضار
سائح إلي مصر يكلف الدعاية 3 دولار فقط وتوفر 200 ألف فرصة عمل تكلف
الدولة بالتالي ثلاثة ملايين دولار اي ان فرصة عمل اضافية في السياحة تكلف
15 دولاراً فقط .

وهو أمر لا يمكن أن تأتي به أي صناعة أخري غير السياحة.. ولكن كل هذا
لا يشفع للسياحة المصرية.. أن تطلب المزيد من الرعاية.. والمزيد من
المساندة.. والمزيد من الانفاق.. خاصة في هذه المرحلة التي يمكن كأول
الصناعات القابلة للتعافي بمجرد إشارات إيجابية لانتهاء الأزمة. أن تقود
الاقتصاد المصري كله إلي التعافي بإذن الله تعالي.

* نعود للأزمة في اسبانيا.. واللقطة هنا لزهير جرانه.. وزير
السياحة.. في حفل الليلة المصرية التي حضرها في مدريد كبار منظمي الرحلات
الأسبان ورجال منظمة السياحة العالمية.. تكلم الوزير عن الأزمة.. التي
يعمل العالم كله علي مواجهتها.. ولكنه مع هذا كانت اللقطة التي صفق لها
الحاضرون.. قال الوزير: الكل يعيش الأزمة.. الكل يتخوف من البطالة.. الكل
يخشي أن ينخفض دخله.. ولكن مع هذا هل يستطيع أحد منكم أن يجد بسهولة
مكاناً في أحد مطاعم مدريد؟!.. كان يشير بهذا إلي أن الأزمة لن تجعل الناس
يتوقفون عن الحياة.. ولن تجعل الناس يتوقفون عن السفر.. بالتالي..

* أما شدة الأزمة فقد عبر عنها زهير جرانه أيضاً تعبيراً ساخراً.. أو
لنقل مرحاً في كلمته التي ألقاها خلال رئاسته للجنة الصمود ومواجهة
الأزمات التي عقدتها منظمة السياحة العالمية علي هامش معرض "الفيتور"
السياحي في مدريد.. استعار الوزير كلمات جيوفري ليبمان مساعد سكرتير عام
المنظمة التي قال فيها: ان هذه الأزمة أسوأ من "الطلاق" كما يحدث في الغرب
.. لأنك تفقد نصف ثروتك.. ومع ذلك تظل تحتفط بزوجتك.. فأزمة الطلاق حلت
بفقد نصف الثروة.. أما الأزمة العالمية.. فنصف الثروة فقد.. ومع ذلك بقيت
الأزمة.. أي "الزوجة" هنا في هذا التشبيه.. الذي استعاره الوزير من
ليبمان.. ليبرهن علي صعوبة التحدي الذي يواجه العاملين في صناعة السياحة..
والذي يتطلب منهم اتخاذ قرارات أكثر شجاعة..

* وقد منحت الأزمة للعاملين في صناعة السياحة مصيراً مشتركاً يدفعهم
كما قال الوزير .. إلي أن يشاركوا بعضهم البعض تجاربهم في مواجهة الأزمة
ووسائلهم لمواجهتها والتغلب علي مضاعفاتها.. مدركين انه لابد أن تكون هناك
نهاية للأزمة.. مهما بدا الطريق طويلاً أكثر مما نأمل.. وأن هناك الكثير
الذي يمكن أن يشارك فيه الجميع لتفعيل هذه المواجهة.. حتي لا يأتي يوم
يختفي فيه بعض من نتعامل معهم.. سواء من منظمي الرحلات.. أو وكلاء السفر..
أو شركات الطيران.. وربما بعض المقاصد السياحية نفسها.. لقد أخذت هذه
العلاقات سنين طويلة حتي بنيناها ونميناها.. ولا ينبغي أن نفقدها إذا
تباطأنا عن العمل الآن.. ومباشرة.

* وأمام هذه اللجنة شرح زهير جرانه خطوات المواجهة المصرية لأزمة
السياحة العالمية والتي تسير في اتجاهين أولهما النقل وتيسير وصول السياحة
إلي مصر وثانيهما الطلب. والعمل علي ابقاء مصر في القمة في ضمير وعقل
المستهلك وكذلك العاملين في صناعة السياحة خلال الأزمة وبعدها.

* وكان خبراء منظمة السياحة العالمية قد عقدوا اجتماعاً سبق بيوم
اجتماعات لجنة الصمود ومواجهة الأزمات. وآخر في اليوم التالي لاجتماعات
اللجنة.. وفي الاجتماعين اللذين مثل مصر فيهما هشام زعزوع. المساعد الأول
لوزير السياحة استعرض الجميع عناصر الأزمة ووسائل مواجهتها.. ففي الاجتماع
الأول. عرض هشام زعزوع أيضا التجربة المصرية في إطار استعراض أفضل
الممارسات في مواجهة الأزمة.. وتنبأ المشاركون في الاجتماع باستمرار
انخفاض الحركة السياحية في عام ..2009 متوقعين أن تكون نسبة النمو في هذه
الحركة ما بين صفر و -2%.. ولكنهم في الوقت نفسه توقعوا أن يكون اقليمي
الشرق الأوسط وافريقيا أقل تأثراً من باقي الأقاليم..

* وقد برزت في هذا الاجتماع الدعوة إلي مساندة الحكومات لصناعة
السياحة. وعدم فرض أي ضرائب جديدة عليها. والتخفيف عنها في الضرائب
القائمة..

..ومع ذلك تستمر الحركة


* ومما يدعو إلي التفاؤل ان الجميع توقعوا استمرار الحركة مع تغير في
طبيعتها. وأن يتم اللجوء إلي الحجوزات المتأخرة.. فمعظم الحركة السياحية
يقوم بها ذوي الدخول المنحفضة.. وهؤلاء ليسوا بعد متأكدين من تأثير الأزمة
المالية والاقتصادية عليهم.. ولذلك ينتظرون إلي آخر لحظة.. فإذا جاء موعد
السفر قاموا بالحجز بعد اتخاذ قرار السفر علي ضوء الموقف..

* في هذا الاجتماع أيضاً توقع المشاركون فيه أن تكون بورصة برلين
الدولية للسياحة نقطة انطلاق.. وهو نفس ما توقعناه هنا عدة مرات.. وقد
اتفقوا علي مراجعة الموقف كل ثلاثة أشهر..

* ولكننا مرة أخري في نهاية هذا الاجتماع نخرج بالخلاصة التي تحدد
شكل الأزمة.. وهو عدم اليقين.. أو عدم التأكد مما يمكن أن يحدث.. فبينما
تتوقع شركات شاركت في الاجتماع ألا تتجاوز نسبة الانخفاض 10%.. تتوقع أخري
نسبة 60%.. ولكن الجميع يجمعهم أمر واحد.. هو عدم القلق من المستقبل..
فمستقبل هذه الصناعة بعد انتهاء الأزمة.. أو بمجرد ظهور الشعور بقرب
انتهائها.. ينهي أزمة السياحة.. كما انه رغم الأزمة.. فإن السياحة لن
تتوقف.. وسيظل الناس يسافرون.. مهما كان الأمر.

* أما الاجتماع الثالث.. فقد جاء بعد اجتماع لجنة الصمود ومواجهة
الأزمات.. وكان التمثيل في هذا الاجتماع أوسع بالنسبة لشركات السياحة
والطيران ومنظمة الطيران المدني الدولية.. ولعل أبرز ما انتهي إليه هذا
الاجتماع هو ما سبق أن أشرنا إليه بإتاحة دور أكبر للقطاع غير الحكومي في
منظمة السياحة العالمية. في القيام بدور في توصيف الأزمة. وفي وضع حلول
مواجهتها. فضلاً عن متابعة تتطورها.. وكما أشرنا من قبل تم تشكيل لجنة
خماسية تمثل مختلف الأقاليم السياحية التي تقسم إليها منظمة السياحة
العالمية. مناطق العالم المختلفة.. وقد اختير هشام زعزوع ليمثل منطقتي
الشرق الأوسط. وافريقيا.. وستجتمع هذه اللجنة مرتين في السنة. علي أن يكون
أول اجتماع لها. في بورصة برلين الدولية للسياحة في مارس ..2009 وهكذا
تتضح الأهمية القصوي التي تمثلها هذه البورصة. التي تعتبر الآن المعرض
والسوق والمنتدي السياحي الأول في العالم. والتي ستشهد قمة السياحة التي
يشارك فيها أكثر من 150 وزيراً للسياحة من كل أنحاء العالم بالإضافة إلي
نواب الوزراء والسفراء ورؤساء المنظمات والهيئات الدولية.. كما تشهد أيضاً
اجتماع لجنة الصمود ومواجهة الأزمات.. كما ستشهد كذلك اجتماع اللجنة التي
تمثل القطاع الخاص والأعضاء المنتسبين في منظمة السياحة العالمية.. إلي
جانب مئات الاجتماعات والمؤتمرات.. وأقول مئات.. بلا أي مبالغة.. لأن ما
تشهده هذه البورصة من أنشطة يستحيل علي أي مشارك أن يتابعها كلها.. ولابد
أن ينتقي.. ثم يحاول أن يحصل علي مستندات ومذكرات باقي المناسبات التي
تهمه.

* ونعود إلي أحاديثي مع بعض المشاركين في معرض "الفيتور" في مدريد من
رجال وسيدات صناعة السياحة. حول الأزمة السياحية وتطلعاتهم إلي انتهائها
وآرائهم في مواجهتها..

ولاء لمصر ..استمر 34 عاماً


* وأفضل أن أبدأ بحديث مع واحد من أكبر ثلاثة منظمي رحلات في أسبانيا
وهو لحسن الحظ صديق ومحب لمصر.. ويعمل علي السوق المصري منذ 34 عاماً..
ولذلك فإن ولاءه لهذا السوق نابع من حبه لمصر.. وقد التقيت به مع الأخ
والصديق العزيز نبيل طاهر "دبلوماتيك سيرفس". وهو أيضاً واحد من أكبر
ثلاثة يتعاملون في السوق الأسباني.. وهو خوزيه بلاسكو " JM BLASCO"

* وقد وجدت من الاثنين. نبيل طاهر وخوزيه بلاسكو. روحاً بالغة
الإيجابية في مواجهة الأزمة.. قالا لي في البداية.. لقد كسبنا في الماضي..
وعلينا أن نضحي الآن لنحتفظ بالسوق.. علينا أن ننفق ليبقي السائح علي
توجهه إلي مصر.. فكل المقاصد السياحية متأثرة.. فالأزمة أثرت علي كل شيء..
كل ما يمكن شرائه أو استهلاكه.. والسفر يأتي في المرتبة الثانية.. وستستمر
الأزمة ما بين عام وعامين.. وسنعاني.. وسيعاني العالم.. ولكن هذا لا يعني
أن الناس لن تسافر..

* يضيف خوزيه بلاسكو: أتوقع أن الأمر لن يستغرق أكثر من ستة أو سبعة
أشهر.. ثم تعود الحركة إلي طبيعتها.. سيسافر الناس.. فليس لديهم خيار
آخر.. وفي اليوم الأول من عودة الناس إلي الحركة ستزيد هذه الحركة بما لا
يقل عن 20%.. ولهذا أقول لك أنا متفائل رغم الأزمة.. ولكني أقول في نفس
الوقت.. هذا وقت التضحية.. وقت الانفاق.. لكي نحتفظ بالسوق.. وتكون في أول
الصف عندما تعود الحركة..

كسبنا كثيراً..ويجب ان ننفق اكثر


* إذن خوزيه بلاسكو متفائل.. ويدعو في نفس الوقت إلي العمل.. نفس
الشيء أجده مع الأخ والصديق العزيز محمد حسنين.. وربما كان هو أكبر من
يتعامل في السوق الاسباني.. وقد زاد من مساحة جناحه في الفيتور حتي وصل
إلي 85 متراً مربعاً.. وهي مساحة مكلفة جداً.. إلي جانب ديكوراته وتقديم
الطعام والشراب طوال أيام المعرض نفس ما فعله نبيل طاهر .. محمد حسنين
يعمل بروح شديدة التفاؤل.. السوق لم يتوقف.. ليست هذه نهاية العالم..
كسبنا في الماضي كثيراً.. وجاء وقت التضحية.. يجب أن نستمر في العمل
والحفاظ علي السوق.. ومهما حدث فالناس ستسافر.. وعندما تتناقص الحركة نلقي
بكل ثقلنا في السوق.. حتي لا يهرب منا هذا السوق.

* الأخ والصديق العزيز عمرو عباس المدير الاقليمي لمصر للطيران في
اسبانيا والبرتغال قدم نموذجاً آخر في مواجهة الأزمة.. بقرار الاستمرار في
عدد رحلات مصر للطيران دون أي نقصان.. لن يدع الأزمة تؤثر علي معدلات مصر
للطيران من اسبانيا. بعد أن تزايدت الحركة عاماً بعد عام فارتفعت من 46ألف
راكب في عام 2006 إلي 57ألف راكب في عام 2007 إلي 71 ألف راكب في عام 2008
ولذلك سنبقي علي معدل الرحلات كما هو رحلة يوميا إلي مدريد.. و4 رحلات
أسبوعياً إلي برشلونة ورحلتان أسبوعياً إلي لشبونة.. وقرر المساهمة مع
هيئة التنشيط السياحي في تنظيم رحلات تعريفية للصحفيين وشركات السياحة
لزيارة مصر.

تقديم الحوافز للسياح..أصبح ضرورة


* الأخ والصديق العزيز عاطف جبران "فنادق أوبروي" له رأيه في مواجهة
الأزمة دون الإضرار بصناعة السياحة المصرية.. باتباع سياسة القيمة المضافة
بدلاً من تخفيض الأسعار.. وهي نفس السياسة التي يدعو إليها زهير جرانه
وزير السياحة.. عاطف يري ان السوق الاسباني قد تأثر.. ولكنه مع ذلك مازال
يعمل.. وعلينا ألا نتوقف..

* الاخت الفاضلة مها شرف "نوبيان سي" تري ان السوق بالنسبة للفنادق
العائمة العاملة في بحيرة ناصر.. قد تأثر.. رغم قلة هذه الفنادق "7 فنادق"
وتري أن هذا مؤشر لباقي السياحة النيلية.. ولكنها مع ذلك تأمل أن يتحرك
السوق..

* الأخ والصديق العزيز ناجي عريان عضو مجلس إدارة غرقة الفنادق
السابق يري ان هناك أزمة. وان الأزمة ستطول.. ولذلك فلابد أن نقدم للسائح
حوافز عديدة حتي يأتي.. بحيث نقلل الأعباء عليه.. مثل الغاء رسوم
التأشيرات والمطارات وغيرها.. ويطلب ناجي عريان التفكير في حزمة من
الإجراءات الاقتصادية لا تضر الدولة وتفيد قطاع السياحة.. وتشجيع شركات
الطيران.. وتقديم حوافز لشركات السياحة العالمية مثل منحهم حوافز علي كل
عدد من السياح يأتون به.. ويزاد الحافز إذا زاد عدد السياح عن المستهدف..

* والأفكار كثيرة.. وموجة التفاؤل.. رغم شدة الأزمة.. تغلب موجة
التشاؤم.. وستستمر الحركة السياحية حتي وان نقصت.. ولكنها حتماً ستعود
بأقوي مما كانت عليه.. بمجرد ظهور بصيص ضوء في نهاية النفق.