جولة مبارك .. وعبقرية الاختيار توقيت .. في مرحلة "مفصلية" وعواصم .. تساند الجهد المصري لا يعنينا من يسعي إلي "دور" أو "شو" .. ولكن: لن يتحقق شيء .. إلا عن طريق مصر خالد إمام من باريس

..وماذا بعد؟!
جولة مبارك .. وعبقرية الاختيار
توقيت .. في مرحلة "مفصلية"
وعواصم .. تساند الجهد المصري
لا يعنينا من يسعي إلي "دور" أو "شو" .. ولكن:
لن يتحقق شيء .. إلا عن طريق مصر
خالد إمام
من باريس
E-mail:khaled@almessa.net.eg

تأتي جولة الرئيس حسني مبارك والتي بدأها
أمس بزيارة فرنسا ثم يتبعها اليوم بإيطاليا قبل أن يتوجه بعد غد إلي
تركيا.. في توقيت مهم ودقيق.

لقد تم اختيار الوقت بعناية فائقة وفي مرحلة مفصلية ما بين إنجازات
تحققت علي أرض الواقع تقابلها محاولات هدم علي الجانب الآخر من الطريق.

وفي كل الأحوال.. لن يضيرنا شيء ولن يفسد العمل الصالح شطحات من هنا
أو هناك.. فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

* * *


لا أحد يستطيع أن يسفه الجهود التي بذلتها مصر في إطار المبادرة
المصرية والتي أسفرت حتي الآن عن وقف إطلاق النار في غزة وانسحاب القوات
الإسرائيلية.. وبالتالي حقن دماء الأشقاء الفلسطينيين بعد أن كانت
أنهاراً.

.. ولا أحد يتجاسر وينكر سعي مصر الدءوب لتنفيذ بنود هذه المبادرة
سواء لتثبيت وقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة وفتح المعابر ورفع الحصار
والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة والتوافق فيما بينها تمهيداً
لاستئناف عملية السلام.

.. ولا أحد أيضاً يتجاسر وينفي عن مصر صدق النوايا وسلامة القصد في
مسعاها لعقد مؤتمر دولي يوم 2 مارس القادم لإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل
خلال عدوانها علي غزة.. إلا إذا كان موتوراً أو حاقداً أو حاسداً أو خبيث
الطوية أو صاحب مصالح هي أبعد ما تكون عن مصلحة الشعب الفلسطيني.

إنها إنجازات تحققت بالفعل علي أرض الواقع.. والباقي في الطريق لو خلصت نوايا الغير.


لكن.. وسط هذا الجهد الجبار نجد العديد من محاولات الهدم ووضع العراقيل في الطريق.


* * *


بداية.. فإن مصر ليست وسيطاً في كل هذه العملية ولا يعنيها في شيء أن
تتقدم أي دولة أو مجموعة دول لخلق أرضية تساعد علي الحل.. لكنها ترفض
تماماً نسف أسس وقواعد راسخة أو محاولة فرض أمر واقع علينا.. هذا لن يكون.

مثلاً.. عندما يعلن عميل إيران وسوريا وقطر والإخوان خالد مشعل رئيس
المكتب السياسي لحماس في دمشق بإيعاز من هذه الجهات أو تنفيذاً لتكليفاتها
عن مرجعية جديدة للفلسطينيين غير المرجعية التاريخية لمنظمة التحرير
الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين.. فهل هذا يساعد علي الحل؟

ها هي معظم الفصائل ترفض هذا الهراء والإفك والضلال جملة وتفصيلاً..
بل إن كل فلسطينيّ الداخل بما فيهم عناصر حماس في غزة لا يوافقون علي
تغيير المرجعية.. وبالتالي سيكون من الصعوبة بمكان تحقيق توافق بين
الفلسطينيين وهم علي هذا النحو من الانشقاق والتناحر والاختلاف.

.. ومثلاً.. أيضاً عندما يعلن وزير خارجية قطر الحاكم الفعلي للإمارة
العربية الأمريكية عن نية بلاده في عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة رغم إعلان
الرئيس مبارك أمام قمة الكويت عن عقد مؤتمر دولي في مصر يوم 2 مارس القادم
يشارك فيه المجتمع الدولي. بل وتم توجيه الدعوة إلي قطر للحضور
والمشاركة.. فماذا تعني تصريحات الوزير القطري؟ ولمصلحة مَن؟ ومن يخدم
بالتحديد؟ أليس القصد منها الدخول في منافسة علي أمر لا يعنينا ولا يعنيه.
ولكن حتماً يعني جهات أخري؟

.. ومثلاً كذلك.. عندما تتدفق الأموال الإيرانية والقطرية والسورية
علي بعض عناصر الفصائل بلا أسباب منطقية اللهم إلا شراء الذمم والضمائر
وتنفيذ أجندة فارسية خالصة ولتحقيق أهداف بعينها تختلف كل الاختلاف عما
يتم الترويج له إن لم يكن تتناقض معه.. أليس هذا يدعو للتساؤل والدهشة؟

* * *


أقولها ثانية وثالثة ورابعة.. لسنا ضد أحد. ولا يعنينا في شيء أن يسعي هذا إلي "دور" وذاك إلي "شو".


لكن.. ليعلم الجميع.. القاصي والداني علي السواء أن أحداً مهما كان وضعه أو حجمه أو مكانته لن يفرض علينا شيئاً نرفضه أو يضرنا.


ففي مسألة غزة علي وجه التحديد.. يجب أن تعي كل الأطراف التي تحاول
فرض نفسها علي الساحة أن أي حل سيتم اقتراحه لن ينفذ إلا عن طريق مصر. وأي
إجراء لن يتخذ إلا من خلال مصر.. أتدرون لماذا يا أذكياء؟

لأن لمصر حدوداً مشتركة مع غزة وإسرائيل.. ومصر لن تسمح بأي شيء يهدد
أمنها القومي.. وبالتالي لن توافق إلا علي ما يحفظ هذا الأمن ويؤمن العمق
الاستراتيجي لها.. وغير ذلك.. انسوا.

ولدينا مثال واضح لا يقبل التشكيك هو الاتفاق الأمني الإسرائيلي ــ الأمريكي. والاتفاقات الإسرائيلية مع بعض الدول الأوروبية.


لقد أعلنا موقفنا بصراحة ووضوح أن هذه الاتفاقات لا تعنينا ولم نشارك فيها بل ولم نحضر اجتماع كوبنهاجن لهذا الشأن.


وقلنا أيضاً إن حدودنا نحن قادرون علي ضبطها وحمايتها. وغزة رغم
الانسحاب الإسرائيلي الأحادي منها فمازالت أرضاً محتلة. حيث تسيطر إسرائيل
علي معابرها وبحرها وجوها.

وأعلنا أيضاً.. أن إسرائيل لها أن تنفذ اتفاقاتها كيفما شاءت بعيداً عن أرضنا وسمائنا ومياهنا الإقليمية.


هذا موقفنا الذي لا يقبل "الفصال".. لأن الحدود والسماء والمياه الإقليمية لمصر خط أحمر لن نسمح لكائن مَن كان باجتيازه أو اختراقه.


* * *


جهود مصر منذ بدء العدوان حتي اليوم. ومحاولات البعض لإفساد أي نجاح.
ومؤتمر 2 مارس لإعادة الإعمار. وموقف الدول المانحة.. كل هذا سوف يتصدر
مباحثات الرئيس مبارك في باريس وروما وأنقرة.

ألم أقل إن هذه الجولة تأتي في مرحلة مفصلية.. بين ما كان وما هو عليه الآن وما سيكون؟


وهذه عبقرية اختيار التوقيت. والمكان.. بعدما قدمته العواصم الثلاث أو
يحتمل تقديمه من مساعدات ومواقف تتسق مع المواقف والجهود المصرية والتي
ستغير حتماً من شكل ونوعية الحياة في غزة إلي الأفضل.