لا نتنافس مع أحد .. لأن المنافسين مغرضون بقلم: محمد علي إبراهيم

مصر المستقبل
بقلم: محمد علي إبراهيم
من باريس
كرامة مصر أولاً ..
جولة الرئيس .. ومسئولية القيادة
لا نتنافس مع أحد .. لأن المنافسين مغرضون

كثرت في الآونة الأخيرة الاجتهادات التي
طرحتها قوي طامحة للعب دور سياسي ليست مؤهلة له أو أخري ناقمة علي مصر
ومكانتها وثقلها وتوازنها.. البعض تصور أنه بالنقود يستطيع أن يشتري كل
شيء. وآخرون اعتقدوا أن إمداد المقاومة بالسلاح يمكن أن يبتاع ولاء من
باعوا كل شيء في سبيل الثراء الفاحش. والأدهي أنهم تنازلوا عن الأوطان
ورضوا بتقسيمها وسفكوا دماء أشقائهم من أجل صراع مقيت علي سلطة أو مناصب..

ومصر وسط هؤلاء وأولئك تدرك أن مسئوليتها التاريخية وثقلها السياسي
والجغرافي يحتم عليها أن تطفئ نيران يشعلها آخرون لإبقاء المنطقة "ملتهبة"
لا تعرف الاستقرار أو الهدوء..

إن مَن يتأمل المواقف السياسية للمتهافتين علي الاستئثار بحل أزمة
غزة وفقاً لرؤاهم ومصالحهم. يدرك حجم العبء الملقي علي عاتق مصر.. الجميع
مرتبطون بصراع إقليمي أوسع مدي تتشابك فيه الملفات والأجندات.. فالقوي
الحقيقية التي تحرك الخيوط تقف بعيداً عن لهيب النار. والأطراف المتورطة
فيها لاعبون صغار يعملون لحساب القوي الإقليمية.. فسواء حماس أو حزب الله
أو غيرهما فإنهم يتحركون بعد تلقي الإشارات.. ومن يدفع الثمن من معاناتهم
اليومية هم المواطنون العاديون في غزة أو كما حدث في لبنان عام 2006 حينما
قرر حسن نصر الله إشعال الحرب فجأة دون أن يخطر الحكومة أو الدولة في
لبنان وورط بلداً بأكمله..

من أجل هذا كله ولكثير غيره فإن مصر هي الوسيط الوحيد النزيه الذي
يسعي للصالح العام.. جولة الرئيس مبارك الأوروبية لا تستهدف إقناع أوروبا
بالمبادرة المصرية. لأنها سبق وحظيت باعتراف العالم كله من خلال مجلس
الأمن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.. ولكنها جولة لإبراء الذمة.. مصر
تستشعر خطر ما تقوم به إيران وسوريا وقطر.. وهؤلاء لا يقدمون حلاً قابلاً
للتطبيق. ولكنهم يقدمون مصالحهم..

مصر متنبهة جداً لما يراد بغزة ولبنان والعراق وغيرها من خلال مخطط تملؤه الشرور وتحيطه الشكوك في سلامة المقاصد والنوايا..


مصر تنبه أوروبا إلي ضرورة عدم التخبط بين الحلول الواقعية المستندة
إلي الصالح العام وتلك "الافتراضية" المتكئة إلي مصالح وأهداف وطموحات
وأجندات..

إن المبادرة المصرية التي يؤكد عليها الرئيس مبارك دائماً بأنها هي
"خريطة الطريق" الوحيدة لعبور الأزمة. تمتاز بأنها صفقة متكاملة لا يمكن
تجزئتها أو التعامل مع بنودها بانتقائية.. أيضاً هذه المبادرة تعكس إرادة
حقيقية في المصالحة الفلسطينية أو في الوصول إلي حلول سياسية "دائمة"..
أما التجارب الأخري والحلول المقترحة وغير ذلك من الاجتهادات التي تغلفها
المصلحة. فإنها تسعي إلي تعميم تجربة غزة بحيث يمكن توسيعها ومدها
للجيران..

زيادة عدد الفصائل الفلسطينية ليس هو الوحيد في المنطقة. لكن هناك
أيضاً فصائل أخري يزداد عددها في دارفور.. وفصائل في اليمن وأخري في
اريتريا. وما يجري في غزة ليس سوي تجربة يسعون لتعميمها في الوطن العربي
كله..

ويهمني أن أوضح أن الرئيس مبارك وهو يتحاور مع قادة فرنسا وإيطاليا
وتركيا فإنه يؤكد علي ثوابت هامة ومنها علي سبيل المثال أن كل الحلول كانت
متاحة لفتح معبر رفح الذي تربطه اتفاقيات دولية. وكان الحل بسيطاً وهو
وجود عناصر من شرطة السلطة الفلسطينية عليه.. إلا أن "حماس" ظلت بتحريض من
إيران وسوريا ترفض إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح. كما ترفض حتي الآن
أي مصالحة تدمج سلطات غزة مع سلطات الضفة..

الهدف إذن هو هز الاستقرار في مصر.. وطبعاً القاهرة لا تقبل أن يكون
أمنها القومي مهدداً من جراء توسطها لإنهاء أزمة معقدة.. الرئيس مبارك من
منطلق مسئوليته القيادية كزعيم لدولة محورية ومركزية في منطقة من أهم
مناطق العالم وهي الشرق الأوسط يدرك أن هناك لاعبين إقليميين يستغلون
علاقاتهم وتحالفاتهم لتحريك العرائس. حتي يستأثروا هم باستخدام أوراق
أزمات العالم العربي لفتح حوار مع الغرب ليحلوا بها مشاكلهم..

مصر من منطلق مسئولياتها كرئيس للاتحاد من أجل المتوسط وكدولة ذات
تأثير دولي ملحوظ. هي شريك رئيسي في مستقبل جنوب المتوسط.. مصر دولة مؤثرة
علي الاستقرار والتنمية. ومن واقع خبرتها وحكمتها وتاريخها. فهي التي يلجأ
إليها الجميع.. مصر لا تلجأ لأحد.. تقدم النصح ولا تفرض الرأي.. من ثم فإن
الآخرين مهما حاولوا اختطاف الريادة. أو دفع أموال أو شراء فصائل
فلسطينية.. فإنه لا يصح إلا الصحيح. ولا توجد مرجعية محايدة ونزيهة إلا
مصر..