من قال إن دورينمات‏..‏ مات بقلم‏:‏ جمال الشاعر

من طرف صفاء الأربعاء فبراير 11, 2009 4:24 pm

من قال إن دورينمات‏..‏ مات
بقلم‏:‏ جمال الشاعر

منذ
أن فشل السياسيون هذا الفشل الذريع‏..‏ والناس يأملون في أن تنجح الشرطة
علي الأقل في نشر النظام في العالم‏..‏ غير أن هناك للأسف احتيالا من نوع
آخر تماما يمارس في هذه القصص البوليسية‏,‏ ولا أعني بهذا أن مجرميكم
ينالون دون عقابهم‏..‏ فهذه الأسطورة الجميلة ضرورية بالتأكيد من الناحية
الأخلاقية‏..‏ إنها من الأكاذيب التي تقوم عليها دعائم الدولة مثل القول
الورع الشائع‏..‏ الجريمة لاتفيد‏..‏ منذ قديم الأزل وأنتم أيها الكتاب
تضحون بالحقيقة من أجل القواعد الدراسية‏..‏ حان الوقت لكي ترسلوا هذه
القواعد إلي الجحيم‏..‏ دورينمات كما يقدمه المترجم المصري سمير جريس في
مقدمة الطبعة العربية لرواية الوعد‏..‏ اختار الشكل البوليسي لكي يجذب
القارئ‏..‏ إثارة وتشويقا‏..‏ ولكننا في مصر والعالم العربي ننظر إلي
الرواية البوليسية نظرة دونية‏..‏ وتجد المؤلفين والأدباء في أحاديثهم
التليفزيونية يقولون لك بكثير من الخجل انهم كانوا في البدايات يقرأون
الروايات البوليسية مثل أرسين لوبين وأجاثا كريستي وخلافه‏,‏ ولا يعتبرون
ذلك أدبا رفيعا أو مرموقا‏..‏ علي العكس تماما يري دورينمات أن الأدب
البوليسي فيه طاقة إبداعية وروائية جبارة وفيه فضاءات ومساحات جديدة
ومثيرة للكتابة‏..‏

في مصر نجد أعمال الكاتب المبدع محمود سالم من
أكثر الكتب إمتاعا وتوزيعا‏..‏ أيضا نبيل فاروق وأعماله تلقي رواجا
كبيرا‏..‏ قبل ذلك كانت أعمال رأفت الهجان للكاتب صالح مرسي تحقق إقبالا
كبيرا‏,‏ خاصة بعدما تحولت إلي عمل درامي‏..‏ وأخيرا ظهر كاتب جديد
للرواية البوليسية في مصر وهو عبدالله يسري الذي احتفل بصدور روايته
الأولي‏..‏ الجاسوس‏388..‏ نحن في حاجة إلي المزيد من الابداعات الأدبية
البوليسية والمخابراتية والمغامراتية‏,‏ لأنها سوف تعيد قطاعات كبيرة من
الشباب إلي عالم القراءة‏..‏ حيث القراءة التفاعلية التي يتحول فيها
القارئ إلي أحد أبطال الرواية‏..‏ ربما وكيل النيابة أو ضابط البوليس أو
الطبيب الشرعي أو النفسي الذي يحاول فك الألغاز والوصول إلي الحقيقة‏..‏
ومحمود صلاح أيضا أحد الكتاب المتفردين الذين كسبتهم الصحافة وخسر الأدب
كثيرا من إبداعاتهم‏..‏ المنجم مازال مكتظا بالكنوز التي تصلح مادة رائعة
للرواية البوليسية‏..‏ أقصد صفحات الحوادث في الصحف المصرية‏..‏ ناهيك عن
تجارب المبدعين المتماسة مع الأدب البوليسي مثل يوميات نائب في الأرياف‏,‏
لتوفيق الحكيم‏,‏ وهارب من الأيام لثروت أباظة‏,‏ ومن قتل مريم الصافي
لمحمد المنسي قنديل‏..‏

والمتأمل مثلا للنجاح الساحق الذي حققته
رواية شفرة دافنشي لدان براون علي المستوي العالمي‏..‏ سوف يكتشف أن
البناء الفني قائم علي فك الألغاز وعلي جريمة القتل‏,‏ إضافة إلي الانفجار
المعرفي المتشظي في أرجاء الرواية‏..‏ مازلنا في عالمنا العربي غارقين في
فخ البلاغة ولم ننتبه لحكمة الأشياء‏..‏ فمثلا نكرر عبارة الجريمة لا
تفيد‏,‏ أو فتش عن المرأة ولا نحاول مثل دورينمات اكتشاف آفاق جديدة للعبة
الصراع بين الخير والشر تجعلنا نعيد اكتشاف أنفسنا مرات ومرات‏..‏ إنه أدب
حي متجدد لا يموت بموت كاتبه‏..‏ ولكن من قال إن دورينمات‏..‏ مات‏.‏

‏gamal_elshaer@hotmail.com‏