إيران العظمي‏!‏بقلم: محمد صابرين

من طرف لميس الجمعة فبراير 13, 2009 3:47 pm

سياسة خارجية
بقلم: محمد صابرين

إيران العظمي‏!‏

بثقة
شديدة أعلن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن شبح تهديد إيران زال إلي
الأبد‏,‏ وأن بلاده اصبحت قوة عظمي فعلية‏,‏ ومن الغريب أن هذه الثقة
الكاملة في زوال التهديد تتعارض مع المطلب الأول والدائم لإيران من
واشنطن‏.‏ فطهران دائما وأبدا تطالب الإدارة الأمريكية بالتوقف عن تهديد
النظام الإيراني‏,‏ والاعتراف به من بين أمور أخري‏.‏

ولان من
الاقرار هنا أن حكومة طهران قد سجلت بعض المكاسب العسكرية‏,‏ كما أن أحدا
لا يستطيع أن ينكر علي إيران وضعها وقوتها‏.‏ إلا أن المبالغة والذهاب
بعيدا إلي تأكيد الاستقرار وزوال التهديد والقوة العظمي يبدو لي ذلك شيئا
آخر يحتاج إلي إعادة نظر‏!‏

وأول ما يمكن للمرء ملاحظته أن إيران
لم تتمكن من إحداث نقلة نوعية علي المستوي الاقتصادي‏,‏ بل إن أحمدي نجاد
جاء إلي سدة الحكم استغلالا لحالة الاستياء في أوساط الفقراء في إيران من
تردي أوضاعهم‏.‏ بل إن محمد خاتمي برغم كل أحاديثه عن الانفتاح والحرية
النسبية لفئات واسعة من الشباب والنساء‏,‏ لم يتمكن من تحقيق برنامجه‏,‏
ولم يتمكن من تلبية تطلعات الناس في حياة أفضل برغم مضي سنوات طويلة علي
رحيل الشاه‏.‏

ولا تبدو إيران برغم مرور ثلاثة عقود علي الثورة قد
حسمت أمرها‏,‏ فلم تزل في حالة ثورية وتتبني شعارات تصدير الثورة‏,‏ كما
أنها لاتزال في حالة من التوتر نظرا لأن علاقاتها مع دول الجوار إما
متوترة أو في حالة من الشكوك والتربص‏.‏ ويكفي أن نشير هنا إلي احتلال
الجرز الإماراتية‏,‏ والتهديدات المتكررة لدول الخليج‏,‏ والاحاديث عن
البحرين‏,‏ وأخيرا المخاوف من أن الصواريخ الإيرانية بعيدة المدي يمكن أن
تصل إلي جنوب أوروبا‏.‏

ولا تبدو حكومة أحمدي نجاد حريصة علي تهدئة
مخاوف جيرانها أو بقية دول العالم‏,‏ نظرا الي استخدامها لغة نارية سواء
ضد واشنطن وإسرائيل بل بقية دول المنطقة وفي المقابل فإن الأفعال لا ترقي
إلي الاقوال‏,‏ وهو ما رأيناه في حرب لبنان‏,‏ وحرب غزة‏.‏ الأمر الذي
يربك خصوم وجيران إيران‏.‏ فلايبدو علي وجه اليقين من الذي يدير دفة
السياسة الخارجية الإيرانية‏,‏ ولا تدرك مطابخ صنع السياسات الاقليمية
والدولية أيهما الأصدق‏:‏ القبضة الإيرانية المتصدية أم الرغبة المعلنة
أحيانا وعبر الرسائل والأروقة السرية الداعية للحوار وعقد الصفقات؟‏!‏
لاشك أن طهران تتعمد‏,‏ وربما ما نراه انعكاسا لحالة التخبط والخوف في
أروقة النظام الإيراني‏.‏

ويبقي أن إيران العظمي مطالبة ـ إذا كانت
فعلا قد تجاوزت مرحلة التهديد ـ أن تبعث بما يفيد ذلك‏,‏ فلا يعقل
الاستمرار في احتلال الجزر الإيرانية‏,‏ وتخريب جهود إحلال السلام
والاستقرار بالمنطقة‏.‏ وأحسب أن طهران الواثقة من نفسها مطالبة بخطوات
جريئة لإثبات حسن النوايا‏,‏ ولن يفيد في هذا السياق لا كلمات خاتمي
الناعمة أو تهديدات أحمدي نجاد‏.‏ إن الثقة المطلوبة تتحقق بأفعال محددة
تجاه الدول العربية وعلي رأسها مصر‏!‏

‏mohsabreen@yahoo.com
‏