لا غالب..ولا مغلوب حماس استوعبت الدرس ومصر الوحيدة القادرة علي الحل بقلم:خالد إمام

..وماذا بعد؟!
لا غالب..ولا مغلوب
حماس استوعبت الدرس
ومصر الوحيدة القادرة علي الحل
بقلم:خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

استوعبت حركة حماس جيداً درس العدوان
الإسرائيلي علي غزة.. سواء من حيث الأسباب أو المسببات أو النتائج.. وما
يمكن عمله وما لا يمكن.. وما تستطيع أن تحصل عليه وما لا تستطيع.

وحماس.. أيقنت تماماً مَن في يده مفاتيح الحل ومَن لا يملك سوي
الكلام وتأجيج المشاعر وتعقيد الأمور أكثر وأكثر.. خاصة بعد أن تحول هذا
القطاع إلي بؤرة صديدية تستوجب علاجاً ناجعاً وسريعاً.

* * *


وحتي نكون منصفين مع أنفسنا ومع الغير.. فيجب أن نفرق بين فلسطينيي الداخل في غزة وبعض فلسطينيي الخارج.


الفلسطينيون في غزة ومن بينهم جل أعضاء حماس تعبوا جداً وأجهدتهم
الحرب والحصار.. ومن هنا فإنهم يتطلعون بشغف إلي حل سريع يضمن الحياة
الكريمة لهم ويحقن الدماء ويرضي جميع الأطراف.

أما بعض الفلسطينيين بالخارج.. فإنما يطلق عليهم "كدابين الزفة".. لا
يهمهم تهدئة. ولا مصالحة. ولا حقن دماء. ولا إعمار. ولا حتي سلام.. كل ما
يعنيهم أن يظلوا متمتعين بما هم فيه من رغد العيش في القصور الوارفة
والنضال بالحنجرة.. دون أن يشغل بالهم شظف العيش الذي يحياه 1.5 مليون
فلسطيني يتعرضون منذ سنتين للحصار الخانق والموت البطيء ثم أخيراً الإبادة
الجماعية.

وإسرائيل علي الجانب الآخر.. ليس من مصلحتها أبداً أن يستمر التوتر وحالة التعبئة المستديمة لقواتها وإطلاق الصواريخ علي بلداتها.


* * *


الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مقتنعان بأن مصر هي الدولة الوحيدة
القادرة علي الحل والوصول إلي اتفاق يثبت وقف إطلاق النار ويعيد التهدئة..
وفي نفس الوقت الوصول إلي اتفاق مصالحة وطنية فلسطينية لا غالب فيه ولا
مغلوب.. ولكن المهم هو الصالح العام لحين إجراء انتخابات فلسطينية.

هذه القناعة لم تأت من فراغ.. ولكن لأن مصر هي أكبر دولة عربية. ولها
معاهدة سلام مع إسرائيل. ومواقفها ثابتة. وبوصلتها واضحة. وهدفها محدد.
ولن يتحقق أي حل بدونها لوجود حدود مشتركة مع الطرفين.

.. وهذه القناعة تأتي من أن مصر ليست وسيطًا بين طرفين يمكن استبداله
بوسيط آخر أيًا كان.. ولكن لأن مصر المحور الرئيسي في عملية السلام بالشرق
الأوسط وهي المسئولة والوحيدة عن التهدئة ثم المصالحة فالإعمار وأخيرًا
التفاوض من أجل تحقيق السلام.

* * *


من هنا.. فإن كلاً من حماس وإسرائيل لديهما الدافع والنية للتهدئة حتي
ولو وصلت حكومة أشد تطرفًا إلي سدة الحكم في تل أبيب.. فلدينا كمصر هدف
استراتيجي مع إسرائيل بأي حكومة لها وهو الحفاظ علي السلام وعدم تعرض قطاع
غزة مرة أخري للعدوان.

لكن أي اتفاق للتهدئة في غزة يصطدم بأربع مشكلات هي ضمان عدم اطلاق
صواريخ علي البلدات الإسرائيلية ووجود منطقة عازلة بشمال وشرق غزة
والالتزام بعدم تهريب أسلحة إلي داخل القطاع وأخيرًا رفع الحصار.

أما الافراج عن الجندي الأسير شاليط فإنه ليس مشكلة.. إذ أن اطلاق
سراحه يمكن أن يتم من خلال صفقة تبادلية مع أسري فلسطينيين بالسجون
الإسرائيلية.

كل مشكلة من المشكلات الأربع أخذت جهدًا كبيرًا من مصر.. ولأن مصر
ليست وسيطًا ولكن كمسئولة وحيدة عن هذا الملف.. فقد كانت تراجع إسرائيل
وكذلك حماس في بعض الطلبات حتي تبدو معقولة ويمكن الموافقة عليها خاصة
فيما يتعلق بعمق المنطقة العازلة ومدة التهدئة وكيفية رفع الحصار وفتح
المعابر لدخول المواد الأساسية ومواد الإعمار إلي القطاع.

ومصر في تعاملها مع هذا الملف.. تسعي إلي اتفاق شامل للتهدئة
والمصالحة كمقدمة للعودة إلي مفاوضات السلام التي تنتهي بتحقيق حلم إقامة
الدولة الفلسطينية.

* * *


هذه الجهود الجبارة التي بذلتها وتبذلها مصر.. لاحت في الأفق بوادر
نجاحها بموافقة حماس أمس علي التهدئة لمدة 18 شهراً يتم بمقتضاها فتح
المعابر الستة بين غزة وإسرائيل ووقف أي أعمال عسكرية بما في ذلك إطلاق
الصواريخ علي البلدات الإسرائيلية والعدوان الإسرائيلي بكل أشكاله علي
القطاع.

وهي نتيجة جيدة.. قد تحدث تعديلات طفيفة عليها.. ولكنها في الأول
والآخر خطوة صحيحة علي الطريق سوف تتلوها خطوات أخري في الأيام القادمة.

* * *


يأتي بعد ذلك.. بند المصالحة الوطنية الفلسطينية.. ومصر أيضاً تعمل به لأنه أساس أي مفاوضات سلام.


القاعدة التي تسير عليها مصر في هذا البند أن يكون اتفاق المصالحة بلا
غالب أو مغلوب.. لا حماس فازت علي فتح. ولا فتح كسبت الجولة الأخيرة..
ولكن يتم التوافق بين الفصائل من خلال لجنة خاصة تختار حكومة مؤقتة للسلطة
الوطنية حتي يتم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.

* * *


يتضح من كل ذلك.. أن مصر هي رمانة الميزان في هذا الملف.. وأن موقفها
من أي حكومة إسرائيلية سابقة أو لاحقة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح
الفلسطينيين.

ومن أجل ذلك.. فإنها لا غني عنها في أي مرحلة من المراحل.. سواء
التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار. أو المصالحة الفلسطينية الفلسطينية. أو
فتح المعابر. أو رفع الحصار. أو الإعمار.. ووصولاً لإقامة الدولة
الفلسطينية.

هل وصلت الرسالة إلي إيران وعملائها؟