قرآن وسنة د. عبد الله النجار

من طرف نونو السبت فبراير 14, 2009 11:26 am

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

يبدو انه لم يبق من وسائل مكافحة جريمة
توظيف الأموال سوي أن نقوم بمعاقبة المودعين وليس النصابين الذين يستغلون
فيه أفراد الطمع والرغبة في الحصول علي عائد كبير للأموال من غير كد أو
تعب حتي يزيدوا مستوي الرخاء الذي يعيشون فيه. فقد تعددت التجربة ووقعت
الجريمة أكثر من مرة منذ عهود الريان الكبير والصغير ثم الشريف. ثم أشرف
ذي اللحية الطويلة والملامح الجميلة الذي مازال يعيش حتي الآن في عاصمة
الضباب بأموال التعساء الذين ضحك عليهم. وها هم التلامذة الذين أنجبتهم
المدرسة "الريَّانية" القديمة يسيرون علي الدرب ويقومون بالمهمة علي خير
وجه فاستطاعوا بنفس الأسلوب الكاذب والخداع المفضوح أن يجمعوا من ضحاياهم
تلك الأرقام الفلكية حتي بلغ من استفحال الجريمة في تلك المرة انها تجاوزت
النطاق الوطني إلي عالمنا العربي وافتتحت فرعا لها في احدي البلاد
الخليجية التي أمسكت بتلابيب آخر أولئك النصابين ليفوز مودعوها باقتناص ما
بقي بين يديه من غنائم أموالهم التي استولي عليها منهم ويقال انه نقل
أمواله من فرعها المحلي إلي فرع آخر يحمل اسما أجنبيا بمكان غير عربي.
وهذا يدل علي أن الظاهرة في تطور كبير وأن الجريمة في استفحال خطير مع انه
لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.

وقد جربنا مراراً عقاب النصابين فلم يفلح معهم العقوبات ولم يصلحهم
السجن الذي استطال إلي سنوات بل ولم يردعهم ما نشر عنهم من الفضائح
والسخائم طوال مدة التسويات والمحاكمات. ومن ثم فانه لم يبق أمامنا سوي أن
نجرب عقاب المودعين علي تلك الجريمة.

وفكرة عقاب المودعين لا تأباها السياسة العقابية ولا تتنافي مع
المباديء التشريعية رغم ما قد تثيره من غرابة فان من مباديء فكرة العقاب
أن يحمي الإنسان من نفسه إذا ارتكب ما يعرضها للخطر ومن هذا القبيل عقاب
من يقصر في توفير تدابير الوقاية من الحوادث أو لم يقم بربط حزام الأمان
في سيارته مثلا أو عقاب المدخن أو من يتعاطي المخدرات وغير ذلك ومن يضيع
ماله يجب أن يعاقب بالإجراء الذي يحمي أمواله من طيشه وتسرعه وعدم تدبر
عواقب ذلك التعامل الضار الذي يرتكبه بدافع الطمع والرغبة في الكسب السريع
دون أن يقوم بعمل ودون أن يجهد نفسه في مشروع نافع يعود بالخير علي بلده
وذويه. ومن يفرط في التعامل الرشيد مع ماله يشبه من يهمل في رعاية ما تحت
يده من الودائع والأمانات. فالأم إذا أهملت رعاية وليدها حتي هلك تعد
مرتكبة لجريمة قتل بالامتناع عن المحافظة عليه وكذلك الطبيب إذا ترك
المريض دون علاج حتي مات ومن يفرط في أمواله كمن يفرط في تلك الحالات التي
يجري العقاب بشأنها وهذا من باب العقاب لحماية الإنسان من نفسه ضد
التصرفات التي تهدد حياته أو ماله فالفكرة وان كانت تبدو غريبة إلا أن لها
أصلا في المباديء التشريعية والسياسة العقابية وإلا قولوا لنا بالله عليكم
ماذا نصنع لوقف تلك الجريمة؟.. دبرونا يرحمكم الله.