تساؤلات عبدالله نصار

تساؤلات
عبدالله نصار
gomNASSAR@YAHOO. COM

في حياتنا صور وتناقضات غريبة.. ففي
الوقت الذي لا يحافظ فيه البعض علي حرمة المال العام ولديهم الرغبة
والقدرة والفرصة للتلاعب به.. هناك من يرفضون الاقتراب من المال العام
لأنهم يدركون انه مال حرام إذا أخذ بغير حق وانه مملوك للشعب كله.. استمعت
إلي قصتين متعارضتين:

الأولي.. مسئول بالقطاع الصحي بدرجة وكيل وزارة عمل في محافظة
المنوفية وكيلا للوزارة ومديراً للمديرية ونقل منها إلي محافظة
القليوبية.. كل من عملوا معه في محافظة المنوفية يؤكدون انه كان حريصا علي
المال العام وحقوق العاملين أيضا لم يكن يتواني ان يقوم بتصحيح خطأ أو
مراجعة قرار يدرك أنه لم يأخذ الدراسة الكافية.. مكتبه مفتوح لكل من يرغب
في الشكوي إليه سواء من الجمهور أو العاملين.

وقلت ربما يجاملون الرجل بعد مغادرته إلي محافظة القليوبية ولكن في
الأيام الأولي لوصوله إلي القليوبية واصل عمله بكفاءة واخلاص وتصادف ان
كان تكليفه قبل أيام قليلة من عيد الأضحي وفي عطلة العيد توضع كشوف مكافآ
وعندما قدمت له لاعتمادها وجد اسمه في كل الكشوف والنوباتجيات ورفض
التوقيع عليه قبل رفع اسمه وقال هذا واجبي ومسئوليتي ولم اقدم عملا يستحق
وإنما يستحق هذه المكافآت من عمل واجتهد في الشارع أو المستشفي لنقل
المصابين أو انتظار البلاغات وبدأ في محافظة القليوبية عملا جادا لإصلاح
المنظومة الصحية ومراجعة كل شيء في هدوء ودون اعلان ويحاسب عن الأخطاء دون
تشدد أو تهاون في المال العام.

وفي كل موقع تراه وفي كل قافلة صحية تجده معها حتي تنتهي ويفتح مكتبه
في الصباح الباكر ليدخل إليه أي مواطن دون سكرتارية أو حراس هذا الرجل هو
الدكتو ممدوح خلاف وكيل وزارة الصحة بمحافظة القليوبية حاليا والذي لم
يسعدني الحظ بمقابلته حتي الآن وهو يستحق الاحترام والتحية والتقدير لكل
ما سمعته عنه من كل من عملوا معه أو قابلهم في المنوفية والقليوبية وهذا
يؤكد ان مصر بخير دائما وان ظهرت في حياتنا بعض الشوائب.

الصورة الأخري التي تثير الضيق والأسي والمرارة في وقت واحد هي سيدة
شاء القدر ان يتولي أحد اقاربها رئيسا لمؤسسة مالية كبري فتركت عملها في
شركة أدوية صغيرة لتقوم بدور أكبر من خبرتها وقدرتها في هذا المكان.

وكان يمكن أن تمضي الأمور هكذا وتكتفي بمرتب لم تكن تحلم به لو رأت
كل الأحلام السعيدة التي يراها كل المصريين. البداية راتب 180 ألف جنيه
وسيارة مرسيدس ومزايا أخري بالجملة وكانت عليها ان تكتفي بذلك ولكنها قامت
بإلغاء نظام الرعاية الصحية في هذه المؤسسة واسندتها إلي شركة متخصصة وهذا
قد يكون قرارها أو قرار من استعانوا بها.

ولكن هل يجوز ان تلجأ هذه السيدة إلي طرد طبيب المؤسسة القديم
واهانته طالما انه لا يؤيد هذا التوجه وعندما وجهت للطبيب المحترم الذي
يحظي باحترام الجميع ولجأ إلي رؤساء لها وطلبوا منها الاعتذار رفضت
الاعتذار ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انها استعانت بثلاثة من البودي
جارد لارهاب الطبيب كبير السن والضعيف والذي لا يستطيع مقاومة واحد منهم
ولا غيره وأغلقت الصيدلية التي كانت احدي المزايا الهامة لهذه المؤسسة
واستعانت بشركة متخصصة في العلاج ليس لها فروع بالمحافظات رغم أن المؤسسة
فروعها منتشرة في كل مركز ومدينة وهذا كله يؤكد ان الخير والشر في حياتنا
وان النماذج المضيئة والمشرفة وناصعة الصفحة موجودة حتي ولو كنا احيانا لا
نراها.

والنماذج الأخري مهما فعلت وتجاوزت فإن عمرها قصير والشللية ومجموعات
الأقارب في أي شركة أو مؤسسة أو أي جهة ستزول حينما يأتي بالتغيير وهو
قادم يوما ما والقول الشائع في حياتنا.. لو دامت لغيرك ما وصلت إليك وهو
ما لا يدركه هؤلاء الذين يفرضون سطوتهم وسلطتهم لاستباحة المال العام وليس
الهدف سوي أن ندرك جميعا ان النماذج الطيبة لا تلقي الاهتمام الكافي منا
وكلمات الشكر والاحترام بينما الفئة الباغية المستغلة يجب ان تنال العقاب
يوما ما مهما اعتقد هؤلاء وصرفوا وهددوا مرءوسيهم أنهم مسنودون ولهم دعم
ورءوس كبيرة تحميهم ولا يدرك هؤلاء ان الدولة لا تحمي فاسدا أو مستهترا
بالمال العام ولكن لكل قرار أو انه وربما هم يستعملون نهاية استمرارهم في
مواقع لا يستحقونها لا هم ولا من استقدموهم وتم فرضهم فوق كفاءات ومهارات
وخبرات أفضل كثيرا منهم ولهم ايضا ميزة لا تتوافر لهؤلاء الوافدين الجدد
أنهم أصحاب ضمائر حية ولديهم رحمة وتسامح وقدرة علي صيانة المال العام
وحمايته من النهب والسلب والاهدار وعلي هؤلاء ان يدركوا ان وقت الحساب
قادم.. قادم ولن يمر خطأ أو جريمة بدون عقاب حتي لو اعتقد الضحايا
لقراراتهم ان الوقت طال ولكني أري الضوء في نهاية النفق وسيظهر الحق مهما
زادت حدة الباطل وجبروته.

كلمات لها معني:


الرجل الحكيم يعرف كل شيء


الرجل الداهية يعرف كل شخص


مثل ألماني