دولة المقاومة .. ومقاومة الدولة "1" مشاكل التهدئة .. وحوار حماس وفتح بقلم : محمد علي إبراهيم

مصر المستقبل
بقلم : محمد علي إبراهيم
دولة المقاومة .. ومقاومة الدولة "1"
مشاكل التهدئة .. وحوار حماس وفتح

أفادت الأنباء التي حملتها تقارير وكالات
الأنباء وكذلك المعلومات التي توفرت خلال جولة الرئيس مبارك الأوروبية أن
التهدئة ستنجح وتكتمل هذا الأسبوع خاصة وأن الردود التي تجيء من "حماس"
إيجابية حتي الآن لكن التحدي الخطير الذي سيواجه مصر هو الصورة النهائية
لقطاع غزة قبل الانتخابات الفلسطينية في .2010

المشاكل التي تتكلم عنها الصحف ويدبج المعلقون والكتاب الصحفيون
مقالاتهم عنها مثل مسألة الجندي شاليط وإعادة معبر رفح للعمل طبقا
لاتفاقية المعابر 2005 ورفع الحصار وتهريب السلاح إلي غزة. ليست جوهر
المشكلة الحقيقية.

المعضلة تكمن في العقل الذي سيدير القطاع هل ستنجح صيغة لاغالب
ولامغلوب في إدارة شئون غزة؟ المعطيات تؤكد أنها ستنجح لو كان الحسم لأهل
حماس غزة وليس حماس دمشق. لكن هذه قصة أخري.

مصر ستكون حريصة قبل أن تعلن عن التهدئة هذا الأسبوع بصورة نهائية
علي أن تقنع فتح وحماس انهما في قارب واحد.. لانريد أن نستبق الأحداث
ونقول ان الصراع علي اتخاذ القرار في غزة سيكون علي اشده.. ف "حماس" تري
أنها انتصرت وأن اتفاق التهدئة بالرعاية المصرية الذي سيشمل رفعا جزئيا
للحصار سيرفع معنويات الشعب البطل الذي صمد في مواجهة شرسة مع عدو غادر
وماكر ولئيم وشرس.

من ثم ف "حماس" ستتصور أن موافقة إسرائيل علي رفع جزئي للحصار هو
انتصار لها وستحاول تسويق ذلك إلي "الغزاوية" علي أمل اقناعهم باعادة
التصويت لهم في الانتخابات القادمة.. وليكون في هذا الرفع الجزئي ورقة
تؤكد أن "حماس" لم تحارب عبثاً!!

أما "فتح" فتنظر إلي الأمور من زاوية أخري حيث ستتصور أن إسرائيل لم
تكن لتوافق علي تهدئة ما لم تكن في جزء منها تضمن عودة السلطة الوطنية
الفلسطينية مرة أخري لإدارة القطاع بالمشاركة مع "حماس".. إذا تم تشغيل
معبر رفح طبقا لاتفاقية 2005 بحيث يكون الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والسلطة
الوطنية ممثلين في المعبر. فإن "فتح" ستستعيد سيطرتها ومن ثم شرعيتها علي
المنفذ الوحيد لغزة. وربما يخلق هذا بعض الحساسيات لدي حماس التي تطالب
بأن يكون لها تمثيل علي المعبر حتي بدون سلطات أو أن يحل الأتراك محل
الأوروبيين في إدارة المعبر.

المشكلة إذن هل ستتحول "حماس" بعد التهدئة إلي الالتزام بالمعاهدات
والاتفاقيات التي تعبت مصر كثيراً في اقرارها؟ حماس طالبت أن تكون
التفاهمات التي سيتم التوصل إليها خطية. في الوقت ذاته تطلب إسرائيل تهدئة
أو تعهدا كتابياً من "حماس" لسبب آخر هو أن تتخذه ذريعة لضربها عند أول
انطلاق لصاروخ أو انفجار في إسرائيل.. التعهدان اللذان تطلبهما الجهتان
"حماس وإسرائيل" مختلفان أو يتم إدراجهما لأسباب مختلفة.. حماس تريد الزام
إسرائيل بتعهد يعني الاعتراف بأنها كانت طرفا محاربا لها. خاصة وأن هذا
الاعتراف يكسب حماس بعض الزخم والكبرياء الذي تحتاجه في الترويج لنفسها
قبل الانتخابات.. وفي الوقت ذاته تحتاج تل أبيب لتعهد مماثل لتبرئ نفسها
أمام العالم إذا قررت الرد علي حماس بعنف.. أو للتذرع بأنها تواجه إرهاباً
وانتهاكا للالتزامات التي تعهدت بها الحركة مع مصر.

من ثم فإن المعضلة بخلاف شاليط هي أن "حماس" عليها أن تتأقلم مع
مفهوم انها جناح مقاومة للدولة.. وليست بأي حال من الأحوال دولة مقاومة.

لو ظلت "حماس" علي هذا المفهوم الذي يمتد ليشمل اصرارها علي علمها
الخاص واستنباط مرجعية جديدة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية. فإنها
بهذا تهدر مفهوم الدولة.

الدولة لها مؤسسات وحوكمة وقوانين ومسئولية.. الدولة ليست بندقية
وصاروخا يطلق في أي وقت.. والدولة يمكن أن يكون لها ذراع مقاومة مثلما
كانت "حماس" في حياة أبوعمار.. لامانع لأي دولة تحت الاحتلال أن تناضل
وتقاتل. لكن عليها أيضا أن تفاوض وتناور.. لاينفع أن نكرر تجربة حزب الله
في فلسطين.. صحيح أن حزب الله اقترب من أن يكون دولة داخل الدولة.. نفوذه
أقوي من المؤسسات اللبنانية وميلشياته أقوي من الجيش الحكومي.. لكن لبنان
دولة مستقلة.. وفلسطين لم تصبح كذلك بعد.. الدولة يمكن أن تنقسم عندما
تتصارع طوائفها واحزابها مثلما يحدث في بيروت.. لكن الفصائل عندما تتعارك
قبل قيام الدولة فإن الدولة لن تعلن أبدا. ولن تنهض.

في هذه المرحلة الشائكة لايمكن أن تفرض حماس رأيها علي فتح أو علي
الشعب.. ولايمكن لفتح أيضا أن ترغم "حماس" علي الاعتراف بإسرائيل الآن..
فترة الثمانية عشر شهرا القادمة مناسبة جدا قبل الانتخابات ليحاول
الفريقان التأقلم مع بعضهما وإدارة شئون غزة.. إذا نجحا في التهدئة
والمصالحة فإن هذا أكبر دليل علي أن الدولة يمكن أن يكون لها فصيل مقاومة.
لكن المقاومة لاينفع أن تتحول لدولة بالاغتصاب وفرض الرأي والتضحية
بالشعب.. الدولة لاينفع أن يكون لها رأسان.. ولاينفع لأي دولة أن يحكمها
شخص من عاصمة أخري.. معادلة دولة المقاومة ينبغي أن تتغير إلي مقاومة دولة
. وغدا نكمل شرح المعطيات.