خذوا ما حدث من ولشركة الألبان الصينية.. عظة وعبرة! بقلم: سمير رجب

غداً مساء جديد
أخيراً .. خضع البنك المركزي للأمر الواقع
وقام بخفض سعر الفائدة .. مثلما فعل الجميع منذ اندلاع الأزمة
المهم الآن .. تحرير الأيادي المرتعشة وإيجاد الوسائل العاجلة والفعالة لاستثمار السيولة المالية الهائلة
انخفضت نسبة النمو في دول الخليج من 6.8% إلي 3.5% فهل هذا عيبهم..؟!
رغم هول التداعيات.. حذار.. وألف حذار من الغش والتدليس .. وخذوا ما حدث من ولشركة الألبان الصينية.. عظة وعبرة!
بقلم: سمير رجب
E-mail:samirragab@eltahrir.net


أخيراً.. اضطر البنك المركزي المصري للخضوع للأمر الواقع.. وقام بخفض
أسعار الفائدة الأساسية 1% وهذا ما كنا نطالب به مراراً. وتكراراً.. غير
أن سيادة المحافظ "فاروق العقدة" طالما قابله بالرفض باصرار غريب..!!

قلنا إن دول العالم كله اتجهت إلي خفض أسعار الفائدة بعد حدوث الأزمة
المالية.. حيث وجدت في ذلك نوعاً من العلاج المؤقت لعل وعسي.. وضربنا
المثل بكل من أمريكا. واليابان. وفرنسا. وبريطانيا. وألمانيا.. حتي الصين
نفسها فعلت ما فعله الآخرون.. لكن دون جدوي..!


***



لقد تعودنا في الآونة الأخيرة.. أن نصور أنفسنا علي هيئة مختلفة.. وكأننا نريد أن نخترع نموذجاً فريداً من نوعه..!


الكيانات الاقتصادية ترنحت في مناطق شتي.. أما نحن فظللنا نردد بأننا
بعيدون عن التداعيات وأن سياستنا غير سياستهم.. ودرجة نمونا غير درجة
نموهم إلي أن وقع المحظور.. وتراجعت بالفعل نسبة النمو لأسباب عديدة لم
تذكر الحكومة منها سوي انخفاض دخل قناة السويس. وتراجع تحويلات المصريين
من الخارج.. بينما كان ينبغي أن تضيف إليهما أيضا تراجع السياحة.
والتصدير..!


***



المهم.. ها هو البنك المركزي.. بادر بخفض سعر الفائدة.. لكن
هل مجرد الخفض يكفي.. في ظل زيادة حجم السيولة المالية.. وبطء الاقتصاد..
وتوقف العديد من المشروعات الصناعية والتجارية والسياحية..؟!

الإجابة بالنفي طبعاً.. فالمفروض أن تقدم البنوك تسهيلات ائتمانية
أكبر. وأوسع.. وأن يتم وضع صياغة جديدة لتشجيع إقامة المشروعات الصغيرة..
التي تكاد تعد الآن.. الأمل الوحيد في دفع عجلة الاقتصاد..!

لكن المشكلة.. أن الأيادي المرتعشة مازالت تحكم البنوك التي لم تعد
تملك القدرة علي إصدار القرارات التي تتيح الفرصة أمام عملائها.. ليقتحموا
مجالات من شأنها الاسهام في تغيير وجه الحياة..!


***



علي الجانب المقابل.. فإن ما يشد الانتباه.. ذلك البيان الذي
أصدره البنك المركزي والذي أشار فيه إلي أن لجنة السياسات النقدية بالبنك
قررت تخفيض أسعار الفائدة نظراً لانخفاض معدل التضخم.. وأضاف البيان أن
التراجع الحاد في أسعار السلع العالمية الذي بدأ في شهر أغسطس الماضي لم
ينعكس بشكل كامل علي مستويات الأسعار في الأسواق المحلية نتيجة جمود
تحركات الأسعار في الاتجاه النزولي..!

في نفس الوقت.. الذي أعلنت فيه جمعيات حماية المستهلك نتائج دراسة
أجرتها أكدت تراجع أسعار 13 سلعة.. من بينها الزيت. واللحوم. والدقيق.
والأرز. والفول المعبأ. والسمن الصناعي. والعدس. والمكرونة..!

وهكذا يتناقض كلام "جمعيات حماية المستهلك".. مع تبريرات البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة..!



***



علي أي حال ليس عيباً فينا أبداً أن يتعثر اقتصادنا.. وبالتالي
أن تنخفض نسبة النمو عندنا.. فلسنا نحن أصحاب الأزمة العالمية.. ولم نشارك
فيها.. ولم ندفع إليها.. وبالتالي فإن تعاملنا معها يجب أن يكون بفكر
مختلف.. وبرؤية مختلفة.. وأيضاً بتصريحات غير تلك التي تتردد علي أسماعنا
صباحاً.. ومساءً..!

ولنأخذ ما حدث في دول الخليج مثلاً حيث انخفضت نسبة النمو بها إلي
"3.5%" بعد أن كانت "6.8%".. ليس هذا فقط.. بل لقد أعلن صندوق النقد
الدولي أن انخفاض الصادرات الخليجية من النفط سوف يتسبب في تقليل إيرادات
تلك الدول بمقدار 300 مليار دولار.. فهل هذا ذنب حكوماتها..؟؟

بالقطع لا..!


وصندوق النقد يري.. أن التباطؤ العالمي سيكون له تأثير كبير علي
معدلات النمو من خلال انخفاض معدلات الصادرات. والسياحة. والتحويلات.
وارتفاع تكلفة الاقراض.. فماذا تريدون من شهادات إضافية بعد صندوق
النقد..؟!


***



.. ومع هذا كله نحمد الله سبحانه وتعالي علي أننا أقل المتضررين
حتي الآن.. وبالتالي لا ينبغي أبداً أن ينتهز رجال الأعمال الفرصة لكي
يقلصوا من حجم العمالة.. وألا يتلاعبوا بسياسة العرض والطلب بما يحقق
مصالحهم فقط.. لأن الآثار السلبية لذلك سوف تنعكس عليهم قبل غيرهم..!

ثم.. ثم.. وهذا هو الأهم.. حذار.. وألف حذار.. من الوقوع في براثن
الغش. والتدليس. والخداع.. لأن الثمن في مثل تلك الحالات يكون باهظاً..
وباهظاً جداً.. وأمامنا ما حدث في الصين مؤخراً.. عظة. وعبرة.. حيث صدر
مؤخراً حكم بإفلاس مجموعة شركات "سانلا" التي قامت بخلط لبن الأطفال
بالميلامين مما أدي إلي تسمم الكثيرين وبالتالي حظر تداول هذا اللبن
الصيني المعيب في كل بلدان العالم..!

طبعاً.. لقد اضطرت "المجموعة" إلي دفع تعويضات باهظة للضحايا فضلاً
عن غرامة قدرها 49 مليونًا و37 ألف "يوان" صيني مع سجن رئيس المجموعة 25
سنة.. وإعدام ثلاثة من المتورطين في الحادث بينهم "واحد" مع وقف
التنفيذ..!



***




يعني.. مهما سببت الأزمة المالية من تداعيات.. لابد وأن يتم التعامل معها بالشرف. والأمانة . والصبر. والجد. والاجتهاد..!