الرئيس توقع مفاجأة أولمرت التهدئة .. ومصالح الحكومة الإسرائيلية القادمة بقلم:محمـد علي إبراهيـم

مصر المستقبل
بقلم:محمـد علي إبراهيـم
الرئيس توقع مفاجأة أولمرت
التهدئة .. ومصالح الحكومة الإسرائيلية القادمة

لا أحد يفهم الإسرائيليين مثل الرئيس
حسني مبارك بالبلدي الرئيس "عاجنهم وخابزهم" وهو يتوقع تصرفاتهم قبل أن
يفكروا فيها.. لذلك كان الرئيس مبارك دقيقاً وهو يدلي بتصريح عقب محادثاته
مع الرئيس ساركوزي في باريس يوم الاثنين الماضي عندما أشار إلي أن الهدنة
ستكون الأسبوع القادم مالم يطرأ جديد فنحن نعلن الشيء ونسمع عكسه بعد
ساعتين.

الرئيس كان يشير إلي التعنت الإسرائيلي والفلسطيني علي السواء.. لكن
مبارك كان يعلم أن حماس ستنحو نحو التهدئة في النهاية. أما إسرائيل فلا
يمكن لأحد أن يضمن منها شيئاً خصوصاً في مرحلة تشكيل الحكومة.

منذ بداية مفاوضات التهدئة التي خاضتها مصر بصبر وإصرار كان واضحاً
ان هناك فصلاً بين موضوع الافراج عن الجندي شاليط وبقية بنود الصفقة.

لكن نتيجة الانتخابات الإسرائيلية جاءت فرصة لأولمرت وحزبه كاديما ليساوما علي اطلاق سراح جلعاد شاليط.


في إسرائيل هناك فترة شك تصحب كل انتخابات لأنه لا يشترط ان يكون
الفائز بأكبر عدد من المقاعد هو القادر أو المؤهل لتشكيل الحكومة..
المقاعد التي فازت بها ليفني وحزبها كاديما أكبر من المقاعد التي فاز بها
نيتنياهو والليكود.. لكن التحالفات مع الأحزاب الصغيرة هي التي ستحسم
المقاعد.. ليفني وحلفاؤها يستطيعون جمع 61 مقعداً بينما يستطيع نيتنياهو
وحلفاؤه الحصول علي 65 مقعداً.. من ثم فإن فرصة الليكود أفضل من كاديما
حتي الآن.

نظام الانتخابات في إسرائيل يمنح رئيس الجمهورية "بيريز" ميزة سؤال
الأحزاب عمن يريدونه رئيساً للحكومة.. تحديد رئيس الحكومة الإسرائيلية
يخضع لرغبة الأحزاب وتوافقها علي شخص ما وليس ضرورياً ان يكون الفائز
بأكبر نسبة من مقاعد الكنيست كما اسلفت. لكن الأهم ان يحظي بإجماع
الأحزاب.

وطالما اننا مازلنا في فترة الشك ولم يتم الحسم بعد. فإن أولمرت وحزب
كاديما أمامهما فرصة لتنال ليفني الحظوة عند الأحزاب ويكلفها بيريز بتشكيل
الحكومة.. الإنجاز هو أن تستطيع إطلاق سراح شاليط.

انتظرت إسرائيل أن تعلن "حماس" موافقتها.. تركوها تختلف وتتفق..
الوفود تروح وتجيء.. يسافر مشعل لطهران والزهار للقاهرة.. ثم يعود الأول
لدمشق ويتجه الثاني إليه لإقناعه.. "الحمساوية" في غمرة احتفائهم بالنصر
الذي قالوا إنهم حققوه قرروا أن ينالوا كل شيء في صفقة واحدة.. فتح
المعابر ورفع الحصار وإطلاق سراح الأسري الفلسطينيين من السجون
الإسرائيلية وضمانات مكتوبة من إسرائيل بعدم خرق الهدنة التي أرادوها 18
شهراً.. تركتهم تل أبيب يختلفون في أمورهم لكن اليهود كانوا قد دبروا
أمراً.

بمجرد أن أعلنت حماس موافقتها المشروطة علي هدنة 18 شهراً. عاجلتهم إسرائيل بالتلويح بضرورة إطلاق سراح شاليط أولاً.


المعني السياسي الذي تريد إسرائيل أن ينقله حزب كاديما للناخبين انهم
علي أتم الاستعداد لدخول حرب مرة أخري وإزهاق أرواح الفلسطينيين من أجل
شاليط.. لا يهم لو قتلوا 1.5 مليون فلسطيني في سبيل إطلاق سراح الجندي
الإسرائيلي.. وتمعن تل أبيب في التعجيز وتقول إنها تريد هدنة مفتوحة
بالإضافة إلي إطلاق سراح شاليط.

حماس تسعي لمكاسب انتخابية تماما مثل إسرائيل.. حماس لا تريد أن تقول
لأهل غزة بعد كل هــذا الدمار والخـــراب والحطـــام إننــا لم نحقق لكم
شيئا. وكاديما الإسرائيلي يريد أن يقول للإسرائيليين إنه علي أتم
الاستعداد لإحالة غزة إلي أنقاض إذا لم يتم الإفراج عن الجندي.

للأسف الشديد حماس هي التي زادت في تقدير قيمة شاليط وتطلب نظير
الإفراج عنه كل السجناء الفلسطينيين في إسرائيل. بمن فيهم الذين تقول عنهم
إن أياديهم مخضبة بدماء الإسرائيليين.

حماس تريد ألف سجين مقابل شاليط.. وشاليط هو "الكارت" الوحيد الذي
تملكه حماس وتريد أن تحل به كل مشاكلها. وطبيعي أن تقابلها تل أبيب تشددا
بتشدد!.

أهدرت "حماس" وقتا طويلا وأرواحاً كثيرة وفرصا كثيرة كان يمكنها أن
تقطع الطريق علي إسرائيل.. لكن اليوم الأمور تسوء.. والمصالحة الفلسطينية
ستتعطل بسبب عدم اتمام التهدئة أو تجميدها..

هنا أعود لدور المقاومة في الدولة وأقول ان حماس فهمت المقاومة خطأ
بعد فوزها في الانتخابات فتصورت انها الدولة ومن حقها أن تقرر نيابة عن
الشعب في أمور الموت والحياة والحرب.. تصوروا انهم أصبحوا ولاة الأمور..
وبالتالي حدث ما حدث.. ولابد الآن أن يتجه الفلسطينيون للمصالحة حتي لو لم
تتحقق التهدئة.. لابد أن تتوصل اللجان الخمس التي شكلتها مصر لاتمام
الوفاق الفلسطيني إلي نتائج محددة.. علي اللجنة الخاصة بتشكيل حكومة
التكنو قراط أن تسارع بتوزيع المقاعد بين الفصائل وعلي لجنة الإعداد
للانتخابات الفلسطينية أن تتوصل إلي صيغة مقبولة لعقد الانتخابات الرئاسية
والتشريعية العام المقبل كما علي لجنة الأمن انهاء الخلافات حول تعدد
أجهزة فتح وحماس أما لجنة تطوير منظمة التحرير الفلسطينية فعليها التوصل
إلي رأي نهائي يؤكد انه لا مرجعية إلا مرجعية المنظمة باعتبارها الممثل
الشرعي الوحيد للفلسطينيين..

الكرة الآن في ملعب الفلسطينيين وقد نبههم الرئيس مبارك أكثر من مرة
لتجنب عوامل الانقسام. والفرصة سانحة الآن لاغلاق الثغرات التي تلاعبهم
بها إسرائيل. وتنفذ منها إليهم..

باختصار إذا كانت التهدئة ستطول أو ستتعثر فإننا لا ينبغي أن نربطها
بالمصالحة.. فالمصالحة الداخلية الفلسطينية أهم من أي شيء في الوقت
الحالي. وهي التي ستحدد الكيفية التي ستتعامل بها إسرائيل مع الفلسطينيين
في المستقبل..