تفاصيل مرورية بقلم : يوسف القعيد

من طرف lzeem الإثنين فبراير 16, 2009 12:25 pm

تفاصيل مرورية
بقلم : يوسف القعيد

هذا
هو رهاني رغم أني أنظر إلي الرهان علي أنه نوع من قمار المفلسين‏,‏ من
يدلني علي مواطن مصري بيده نسخة من قانون المرور الجديد‏,‏ الذي لم يعد
جديدا‏,‏ والذي نقرأ عنه كلما أصدر وزير الداخلية حبيب العادلي قرارا
بتأجيل تنفيذ ما ينص علي وجود حقيبة الاسعاف والعاكس الليلي في كل
سيارة‏,‏ وكأنهما معضلتا القانون‏,‏ مع أن القانون فيه لغم أخطر منهما‏,‏
اسمه السير عكس الاتجاه والأكثر خطورة عندما تضيف كلمة تعمد له‏,‏ لا يجوز
التصالح حول التعمد‏,‏ ولا مفر من الحبس والغرامة التي تبدأ بالألف
جنيه‏,‏ مع أن التأكد من التعمد يفترض وجود قدرة لدي رجل الشرطة علي قراءة
الضمائر ومعرفة ما في النفوس‏.‏

نص القانون لا وجود له إن أردت
الحصول عليه‏,‏ فعليك بالذهاب لميدان الأوبرا القديمة هناك مكتبة قوانين
الحكومة كما يسميها الناس‏,‏ ويمكن أن تدب المشوار وتجدها مغلقة‏,‏ وإذا
كنت سعيد الحظ ووجدتها مفتوحة ربما لا تجد بها نسخة من القانون‏,‏ الذي
لابد من وجوده بيدي حتي أحاسب بناء عليه‏,‏ أما إن فكرت أن تحصل علي مضبطة
جلسة البرلمان التي أقر فيها القانون وحتي لو كانت معك تأشيرة صريحة من
الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب مع استحالة الحصول علي التأشيرة
فلن تتمكن من الحصول عليها‏,‏ وكأنها من أسرار الدولة العليا‏..‏ هدفي من
كل هذا التعب‏:‏ ماذا يعني التعمد؟ هل معناه أن الضابط ضبط من يسير عكس
الاتجاه وأفهمه بالحسني أنه أخطأ‏,‏ وأصر سائق السيارة علي اكمال السير
عكس الاتجاه للنهاية؟ ومن الذي يمكن أن يفعل هذا؟ ثم هل لدينا العدد
الكافي من ضباط المرور في كل شارع وعند كل ناصية؟ وهل توجد علامات علي كل
شارع وحارة وناصية؟ القانون صريح في أن الذي يدون المخالفة لابد أن يكون
ضابطا‏.‏ ثم يعامل السير للخلف بالسيارة علي أنه سير عكس الاتجاه؟

القانون
ينص علي ثلاثة أيام‏,‏ يكون من حق سائق السيارة التصالح خلالها ودفع
الغرامة وهل يحدث هذا؟ المستشار عبد المجيد محمود الذي سعدت كثيرا برحمته
التي شملت الفلاحين المصريين المتعثرين أمام بنك القرية واعطائهم فرصة
جديدة‏,‏ ازعجتني تعليماته الجديدة للنيابات بالحسم في مخالفات المرور لأن
الأهم من الحسم ـ وهو مطلوب ولابد منه ـ آليات التنفيذ‏,‏ أين هي في أرض
الواقع؟ إن ما يجري في الواقع أمور وفي الورق المكتوب أمور أخري‏,‏ من
يدون المخالفة جندي ومعرفته بالقراءة والكتابة مشكوك فيها‏,‏ أو أمين شرطة
أو مندوب شرطة‏.‏ والمخالفات حتي تلك التي لا تصالح فيها ترسل إلي
النيابات وربما المحاكم وتصدر بشأنها أحكام غيابية ضد سائقي السيارات ثم
تصل في النهاية إلي نيابات المرور‏.‏

وتبقي في انتظار تجديد
الرخصة‏,‏ يذهب المواطن ليكون مصيره السجن بدلا من العودة بالرخصة‏,‏ وهل
لدينا في نيابات المرور وفي إدارات المرور امكانيات تسمح باستدعاء المواطن
خلال أيام التصالح الثلاثة وإجراء التصالح‏,‏ ومادامت الامكانية معدومة‏,‏
فالكل يرحل المشاكل حتي نصل إلي الجديد‏,‏ ويوم التجديد يكرم صاحب السيارة
أو يهان‏.‏ إن تدوين المخالفة غيابي دون توقيع سائق السيارة بالعلم يفتح
الباب أمام ما لا تحمد عقباه‏,‏ إن الأمر يمكن أن يصل لتصفية الحسابات‏,‏
أو الانتقام الشخصي‏,‏ خاصة عندما يصل لفكرة الحبس وتقييد الحرية‏,‏ أو
الغرامات التي لا يقدر عليها إنسان‏,‏ سمعت أن بعض الغرامات أرقامها تفوق
ثمن السيارة لو بيعت في مزاد علني‏,‏ فماذا يفعل المواطن عندما يفاجأ
بإجراء اتخذ ضده دون أن يدري ولم يبلغ عنه‏,‏ ولم يمكن من الدفاع عن
نفسه‏,‏ أو شرح ظروفه‏,‏ إنهم يقولون إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته‏,‏
فما بالك بالمخطئ الذي يتعدي خطؤه أمام أوراق الحكومة الجنحة إلي
الجناية‏.‏

ثم إن اللوحات الجديدة المستوردة من ألمانيا فيها أرقام
صغيرة‏,‏ ولا واسطة في الحصول علي أرقام مميزة‏,‏ لأنه كما علمت من مرور
مدينة نصر‏,‏ فإن الأرقام المميزة موجودة علي الإنترنت‏,‏ أثمانها مرتفعة
والغاوي ينقط بطاقيته‏.‏ في اللوحات بجوار الرقم ثلاثة حروف‏,‏ دلوني علي
عسكري مرور واحد قادر علي نقش الحروف الثلاثة‏,‏ اللوحات كانت تتطلب ميكنة
المرور‏,‏ أن تكون هناك كاميرات تعمل ليلا ونهارا وتصور كل ما يمر
أمامها‏,‏ والصورة أصدق أنباء من التدوين الذي يقوم به عسكري يفك الخط
بصعوبة بالغة‏,‏ ويمكن الرجوع للصور في حالة حدوث حادثة‏,‏ معني هذا
الكلام أنك إن كنت من المشاة وتعرضت لحادث من سيارة أودي بحياتك ـ لا قدر
الله ـ لن يتمكن أحد من تحديد السيارة‏,‏ التي قد تهرب في الحال‏.‏

هذا
الكلام الخطير يجعلنا نتوجه بسؤال لمجلس الشعب هل يمكن تخفيف بعض عقوبات
القانون؟ وكيف يوافق الأعضاء علي مثل هذه المواد التي ترسل كل مالك سيارة
إلي المجهول بمجرد خروجه من بيته بسيارته؟ وتصبح عودته إلي بيته سالما
مجرد احتمال فقط‏,‏ ثم هل يرضي اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة عن
الأكمنة السرية وكأن ضابط الكمين في حالة حرب مع قائدي السيارات؟‏!.‏