أفغانستان لايت بقلم : سجيني دولرماني

من طرف مجرد انثى الثلاثاء فبراير 17, 2009 11:15 am

سياسة خارجية
بقلم : سجيني دولرماني

أفغانستان لايت

تزامنت
الجولة الأولي لريتشارد هولبروك المبعوث الأمريكي الخاص لجنوب آسيا مع
مرور‏20‏ عاما علي الانسحاب السوفيتي من أفغانستان بعد تدخل عسكري دام تسع
سنوات‏,‏ أي تقريبا نفس الفترة الزمنية التي قضتها قوات التحالف في مهمتها
للقضاء علي تنظيم القاعدة وتمرد حركة طالبان‏,‏ ومع قيام الحركة بأكثر
هجماتها جرأة في قلب كابول‏,‏ ومع تقرير مخابراتي أمريكي لا يضع ارهاب
القاعدة وللمرة الأولي منذ هجمات سبتمبر علي رأس التهديدات الأمنية بل
يعتبر تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية وما يمكن أن يترتب علي بلوغ عدد
العاطلين في العالم‏50‏ مليونا من اضطرابات اجتماعية وسياسية في مقدمة
التهديدات المؤثرة علي المصالح الاقتصادية الأمريكية وقيادتها العالمية‏.‏

هذه
العوامل الثلاث قد لا يكون هناك رابط بينها ولكنها معا تؤدي الي ان تنتهي
المراجعة التي ستجريها ادارة أوباما علي سياستها ازاء المنطقة الي اهداف
لايت بالنسبة لافغانستان‏.‏

فقد اختفت مبكرا من قاموسها مفردات مثل
ان الحرب في العراق كانت خاطئة وتلك التي ستخوضها قوات التحالف في
أفغانستان مبررة وصحيحة‏,‏ وحل محلها واقعية فرضتها الاوضاع علي الارض‏,‏
فلا أحد يتحدث عن تثبيت نظام ديمقراطي ينتهج الحداثة في مواجهة التطرف
الاسلامي‏,‏ بل انكمش الهدف الي حد احتواء حركة طالبان داخل مواقعها
القوية وتم اعادة صياغة معني النصر ليكون الحيلولة دون تهديدها للغرب‏.‏
جانب من هذه المراجعة الواقعية مبعثه تأكيد دينيس بلير المدير الجديد
للمخابرات القومية في تقويمه السنوي‏:‏ تقلص فاعلية القاعدة كثيرا عما
كانت عليه قبل عام مضي‏,‏ والاعتراف بان الفرصة التي لاحت في البداية
لاقتلاع قواعد طالبان قد ضاعت واستعادت الحركة سيطرتها علي مناطق واسعة
بحيث يصعب اقتلاعها دون عمليات عسكرية باهظة التكلفة بشريا وماديا وغير
مضمونة‏.‏

أفغانستان لايت ستتطلب الدفع بقوات كافية لوقف التدهور
الامني السريع الي حين اجراء الانتخابات الرئاسية في افغانستان في اغسطس
لتأتي برئاسة جديدة قادرة علي مد جسور الحوار مع القيادات المعتدلة داخل
الحركة وفي هذا الاطار تأتي الهجمة الشرسة المبررة جزئيا علي فشل حكومة
الرئيس الافغاني حامد كرزاي في اقامة مؤسسات نزيهة وفعالة وغير فاسدة تحظي
بالشعبية والضغط المشدد علي الرئيس الباكستاني اصف زرداري لانهاء تردد
اجهزته الامنية في مواجهة المد الطالباني في المناطق القبائلية وفي قلب
مدن باكستانية‏,‏ لكن مشروع افغانستان لايت لن ينجح بالتهديد والوعيد فقط
بل باستخدام العصا والجزرة والتوقف عن عمليات عسكرية تسبب ضحايا مدنيين
وتسمم الاجواء امام حوار اقليمي هو الضمان الوحيد الباقي لنجاحه‏.‏