الكتابة علي ورق أزرق بقلم : بهاء جاهين

من طرف مجرد انثى الثلاثاء فبراير 17, 2009 11:41 am

كلمة
بقلم : بهاء جاهين

الكتابة علي ورق أزرق

علي
خلفية زرقاء من بحر وسماء‏,‏ بحر الغردقة وسماء الله‏,‏ تدور أحداث رواية
الأديب السينمائي رأفت الميهي‏,‏ هورجادا‏:‏ سحر العشق‏,‏ الصادرة حديثا
عن دار البستاني للنشر والتوزيع‏.‏

أمام هذه الخلفية شخصيات يأكل الزبد قلوبها‏,‏ وأخري كأنها الورد الذي لاينتهي موسمه‏.‏ ويمثل هذين النوعين أمرأتان‏:‏

الأولي‏:‏
بطاطس ـ كما كان يدعوها قدري‏,‏ حبيبها الذي تركها وراح كأن الله استدعاه
من سعادته الأرضية لسعادة أعظم وأرحب وأخلد‏,‏ راح منها وهو بين ذراعيها
في قمة الحياة ـ تموت بطاطس‏,‏ اسم التدليل من زوج وحبيب‏,‏ لتبقي سارة‏,‏
اسمها الحقيقي الجاد الحزين‏,‏ بجرحها يأكله زبد البحر بدأب بطيء‏,‏ كله
إصرار وحياد لايرحم‏.‏

ترفض سارة الوجود بدون حبيبها الذي خطف
غدرا‏,‏ حبيبها الذي كان ابن موت من فرط جماله ورقته وقوته‏,‏ كأنه كان
شيئا لاتستحقه الحياة حتي وإن كان عاشقا لها‏.‏ تأبي سارة الحياة إلا جسدا
بلا روح‏,‏ جسدا ينتظر معجزة الاكتمال من جديد بالتوحد مع الحبيب القديم
الجديد‏.‏

مشهد البحر الأزرق يوشوش محارة قلبها حتي ترضخ لأن يجرف
المد قلبها في جزر موجة العشق وتتكشف المحارة عن لؤلؤة‏.‏ لكنها شاءت أن
يأكل الملح جرحها وفاء لذكري حبيبها‏.‏

بل لم يكن وفاء بقدر ماهو
عجز عن الخروج من أسر تعزيمة سحر عشقها له فكانت النتيجة أن استحضرت وجوده
في وجودها‏,‏ فكانت تكتب باسمه خطابات لها مرسلة علي عنوان فيللتها وتكتب
ردودا علي خطاباته علي نفس العنوان‏.‏

إن سارة كبيوت الغردقة‏(‏ هورجادا بالإنجليزية‏)‏ أعطت ظهرها للبحر‏,‏ وتطور حالها حتي صار قدري يتجسد لها وتخاطبه أمام الناس‏.‏

أما
الشخصية المركزية الأخري فهي زهرة ـ فتاة يتيمة كانت تعيش في كنف قريب لها
في القاهرة‏,‏ لكن روحها كانت تتطلع للاستقلال والحرية فجاءت بعد وفاته
للغردقة‏,‏ عاملة في بازار عم فانوس الطيب‏,‏ وكونت علي الفور صداقات مع
كل شباب الغردقة لكن لم يمس أحد منهم شعرة لها‏.‏ وبعد تأب طويل علي الحب
وقعت في هوي خالد ضابط شرطة هو وافد جديد علي المدينة‏,‏ لكنه كان علي
علاقة بفتاة أخري‏,‏ وأنقذها عم فانوس من الفضيحة بعد حملها من خالد فتزوج
منها‏.‏

سارة وزهرة‏..‏ واحدة أعطت العشق ـ ويجسده البحر ـ
ظهرها‏,‏ والأخري التفتت إليه بوجهها أخيرا‏,‏ بعد أن ظل ظهرها يواجهه منذ
أعطتها الطبيعة حق الحب باكتمال نعمة الجمال‏.‏

شخصيتان مرسومتان بمزيج من الفحم والورد علي خلفية زرقاء‏.‏

في رواية تعكس عشق الحياة وسحرها ـ ونغمها الذي يأتي حزينا حين يحكي عن مصير الحب والمحبين‏.‏

بريشة
حساسة رقيقة اللمس رسم الفنان الكبير لوحة للحب‏,‏ فيها عذوبة اللون
والخط‏,‏ والوجوه ذات الملامح الفريدة المعبرة علي الخلفية الزرقاء للبحر
المطلق العظيم الأبدي والسماء الحنون التي تحتضنه وتحتضن البر‏,‏ جعل ذلك
الجمال خلفية لـ هورجادا‏:‏ سحر العشق

لكي يلمح إلي أن عاطفة الحب قوة كونية من قوي السماوات والأرض ومابينهما‏..‏

ويظل بينهما جمال الإنسان‏..‏ وعذاب الإنسان‏,‏ وغدر الحب والبحر والإنسان بالإنسان‏.‏

وقدرة الإنسان السحرية علي الإبداع‏.‏

وسحر الكتابة ذائبا في سحر العشق ذائبا في بحر هورجادا ـ
الغردقة