عيد الحب .. المزيف بقلم:محمد علي إبراهيم

من طرف وفاء الأربعاء فبراير 18, 2009 11:02 am

مصر المستقبل
بقلم:محمد علي إبراهيم
عيد الحب .. المزيف

لا أدري حتي الآن سببا للاحتفال بعيد
الحب في مصر.. لقد تحولنا إلي انانيين وشرهين وطماعين وحاقدين.. للأسف
الشديد لم يعد لدينا قلوب.. استبدلناها بآلات حاسبة.. لم يعد لدينا مشاعر
أو عواطف.. كلنا أصبحنا آليين.. لا أحد يقدم الآخر علي نفسه.. أصابتنا كل
التشوهات النفسية وأصبحت أخطر من العيوب الجسدية.

يقولون اننا جميعا نسعي إلي المشاعر.. ونحن والله كاذبون.. جميعنا نسعي وراء المصلحة.. نهرع إلي المادة.. نتسابق إلي مخالفة القانون.

نحتفل بعيد الحب ونحن نكره أنفسنا.. نهدي احباءنا زهورا ونحن نحمل
الخناجر وراء ظهورنا.. ندور حول محلات الهدايا نختار القلوب الحمراء
والصناديق الفاخرة الملفوفة بأوراق زاهية ملونة.. مع أننا لانجيد سوي نفث
سموم الحقد.

إنني أعجب لتناقضات مصر البشعة.. الأغنياء يحتفلون بعيد الحب
والفقراء كذلك.. هل هي أمنية أن يسود هذا الشعور الجميل قلوبنا..؟ مع أننا
فرحون بما نحن فيه وما تحولنا إليه..! انظروا إلي ما فعلناه في الأيام
الأخيرة.. قررنا أن نغلق الصيدليات ليموت من يموت ويحيا من كتب له عمر..
أضرب سائقو القطارات وليذهب الركاب إلي الجحيم.. أضرب مالكو المقطورات
وليس مهما أن ترتفع أسعار السلع في ظل أزمة مالية عالمية.

ياسادة لاتنافقوا أنفسكم فانتم لاتحبون أحداً.. أنتم وراء مصالحكم
تطاردونها بشباك الغدر واللؤم والخديعة.. تدبرون مصالحكم وتقولون انها
مشاعركم.. تخططون لغنائمكم وتزعمون أنها جاءتكم لعلم عندكم وأنتم أجهل من
دابة.

مجتمع الرشوة والفساد والنميمة والكذب والتزوير والخيانة يحتفل بعيد
الحب! لماذا؟ هل نلتمس المغفرة لذنوبنا وسيئاتنا؟. هل نلتمس مدي ما وصلنا
إليه من بشاعة فقررنا أن نتجمل ويكون لنا عيد للحب كسائر شعوب الأرض.

اننا نعيش في مجتمع يخلو من العواطف ويمتليء بالوشاية والنميمة
والحقد.. الفاشل يغير من الناجح ويدس له.. والناجح يريد مزيدا من النجاح
علي حساب زملائه.. كلنا نسن السكاكين لبعض وتجدنا في وجوه بعضنا البعض
ضاحكين مستبشرين!!

لابد أن ندرك أن الأعياد والمناسبات لاتكتمل إلا إذا آمنا بمبادئها واحتفلنا بها علي الوجه الأمثل.

انظروا إلي تناقضاتنا لتعرفوا أن طائر الحب لايمكن أن يعشش في
مجتمعنا.. الاطباء يؤدون قسم ابوقراط ويخونونه في اليوم التالي.. المدرسون
كانوا اشرف مهنة. وأصبحوا يتكسبون من أشياء أخري كثيرة كالدروس الخصوصية
ومراكز تعاطي الدروس الخاصة بعيدا عن المدارس التي لا يذهب إليها أحد..
الصيادلة باعوا الأقراص المخدرة.. بعض أطباء الأسنان يتحرشون جنسيا
بالمريضات.. الغش امتد لكل شيء.. للدواء والفاكهة والخضراوات والموبيليا
والملابس وغير ذلك من اشياء.. أصبح الغش أكثر من الحقيقة.. و"المضروب"
انتشر علي حساب الأصلي.

بأي عيد حب تحتفلون.. تحتفلون بالحقد والحسد والتآمر.. تحتفلون بانكم
تنكرون نعمة الله التي انعم بها عليكم. وتطالبون بالمساواة مع الآخرين في
الرزق.. تطيلون السجود في الصلاة لتدعوا علي زملائكم! اهذا هو الإسلام..
كنا في مدارسنا نطالع في كراسات الوزارة تعليمات أو إرشادات.. وعلي ظهر كل
منها قرأنا "حب لأخيك ما تحبه لنفسك"! من فينا يطبق هذا..! لقد وصلنا إلي
مرحلة القتل.. قتل الآباء والأمهات.. قتل فلذات الأكباد.. انتهت الأسرة
والأبناء والآباء.. ذهب إلي غير رجعة حقوق الجار.

مجتمعنا أصبح مجتمع النفاق.. كل يسعي الي مصلحته.. ثم بعد ذلك نتكلم
عن الحب ونحتفل به.. أي حب.. إذا كنا نحتفل بحبنا لأنفسنا فدعونا نحتف..
إذا كنا سعداء بحب الأذي وتدبير المكائد لنحتفل.. وإذا كان مفهومنا للحب
هو أن نحب الفلوس لأنها تجعل لنا قيمة فدعونا نحتفل.. لكننا لن نحتفل
أبداً بعيد حب حقيقي.. فالحب تضحية.. ونحن انانيون!