كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف نورا نورا الخميس فبراير 19, 2009 9:28 am

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

صدق
أو لا تصدق‏...‏ أحدث تقديرات المنظمات الدولية تقول إن مايزيد علي مليار
ونصف المليار نسمة من سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر‏,‏ وإن تسعين
بالمائة منهم يعيشون في الدول الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية التي
تتسم بمعدلات إنجاب مرتفعة للغاية‏!‏

وإذا صحت هذه التقديرات ـ وهي
علي الأرجح صحيحة ـ فإن الخطر الذي يهدد البشرية بالفناء لا يتمثل فقط في
خطر الانتشار النووي‏,‏ إنما في خطر القنبلة السكانية التي توشك علي
الانفجار وساعتها فإن الانفجار لن يستثني أحدا من الأغنياء والفقراء‏.‏

والحقيقة
أن هذا الخطر ليس وليد اليوم‏,‏ إنما دلالاته ظهرت علي السطح بوضوح منذ
بداية النصف الثاني من القرن الماضي في شكل ازدياد متصاعد لمعدلات الهجرة
غير المشروعة من دول الجنوب الفقير نحو دول الشمال الغني وبأساليب لم تفلح
معها كل محاولات إغلاق الحدود بعد أن تفتقت أذهان الراغبين في تحقيق حلم
الهجرة إلي بلاد الوفرة عن أساليب ووسائل تصعب مواجهتها وبينها وسائل
التسلل عبر مياه البحر سباحة بعد أن تلقي بهم السفن في عرض المياه ويلقي
عدد كبير منهم حتفهم غرقا أو موتا برصاص حرس السواحل‏!‏

ومع
التسليم بأن كل مشكلات الفقر والجوع في العالم ترجع في المقام الأول إلي
سيطرة الاقتصاد العالمي الذي تدير الدول الغنية دفته منفردة‏,‏ وبالذات في
مجال الغذاء‏,‏ فإن ذلك لاينفي مسئولية استسلام الدول النامية لهذا الواقع
الذي بدأ في شكل استسلام سياسي وتكرس وجوده باستسلام اقتصادي مخيف‏!‏

ومعني
ذلك أن الذين سيتركون الحبل علي الغارب لمثل هذه الأوضاع المتردية‏,‏ سوف
يزدادون فقرا علي فقرهم‏..‏ والفقر ـ والعياذ بالله ـ آفة مرعبة لأن الفقر
ليس مجرد احتياج واستدانة وعجز عن الوفاء بالمطالب الأساسية‏,‏ إنما الفقر
كارثة متعددة الأجنحة‏,‏ خصوصا مع أزمة الغذاء العالمي وتلوث البيئة
وتناقص المخزون الاستراتيجي العالمي من الموارد والطاقة‏.‏

وفي ظل
الفقر تنتشر أمراض التخلف الاقتصادي والاجتماعي التي ـ كما تقول إحصائيات
وتقارير المنظمات الدولية ـ تؤدي إلي توقف عجلة التنمية بشكل عام‏,‏
وانتشار أمراض سوء التغذية‏,‏ وتعذر توفير مساكن لإيواء البشر‏,‏ وتراجع
إمكانات توفير فرص التعليم والرعاية الاجتماعية الواجبة‏,‏ فضلا عن تزايد
معدلات إصابة الأطفال بالأمراض المعوقة أو بلوغ حالة الوفاة في سن مبكرة‏!‏

وإلي
أن يسود العدل الاجتماعي والاقتصادي الغائب في النظام العالمي‏,‏ والذي هو
انعكاس لغياب العدل السياسي‏,‏ فإن علي الدول الفقيرة والنامية أن تتأهب
لمواجهة الأخطار المحتملة من استمرار تفاقم خطر الزيادة السكانية‏.‏

فهل آن الأوان لكي نعيد وضع قضية ضبط الزيادة السكانية علي رأس أولويات عملنا الوطني؟

سؤال
قد يراه البعض غريبا في وقت تتوجه فيه كل الأنظار بالخوف المجرد من
تداعيات الأزمة المالية العالمية الراهنة‏..‏ ولكنني أري أنه السؤال الأهم
قبل وبعد الأزمة المالية‏!‏

attalla@ahram.org.eg