سلاحنا في سيناء بقلم: محمد علي إبراهيم

حكايات اسبوعية
بقلم: محمد علي إبراهيم
سلاحنا في سيناء


"الاستعداد للحرب اليوم يمنع وقوعها غداً" شعار ترفعه القوات المسلحة
ويعني لنا الكثير.. فرجالنا الابطال مستعدون دائماً تحت أي ظرف وفي أي وضع
للدفاع عن مصر..

ليس سراً ان الجيش المصري هو مبعث فخر الأمة وصمام أمنها وأمانها...
نتعرض لازمات اقتصادية طاحنة تنوء بحملها الجبال.. تخرج علينا صحف مسمومة
وقنوات مغرضة تشككنا في كل شيء وتنغص علينا أحلامنا وتنتزع منا آمالنا
وتزرع فينا الاحباط واليأس.. ورغم كل طيور الظلام المحيطة بنا فاننا عندما
يغلقون دوننا أبواب الأمل. لا نجد الا واحة ظليلة نستظل بها من حرارة
مفتعلة وسخونة الاجواء المحيطة بالمنطقة دون استثناء .وأعني بها القوات
المسلحة المصرية.

لقد تداعت إلي ذاكرتي القدرة العسكرية المصرية وانا أطالع ما كتب عن
المناورة بدوي-3 في عمق سيناء أمس الأول وهي المناورة التي شاركت فيها
مختلف تشكيلات وأفرع القوات المسلحة.. المناورة إلي جانب دلالتها العسكرية
تحمل عدة رسائل أهمها موجه إلي الذين يقولون ان سيناء منزوعة السلاح وان
مصر حكمت عليها اتفاقية كامب ديفيد بالسلام الدائم الذي لن تستطيع منه
فكاكاً ولا عنه حولاً.. كلا.. هذه المناورة رسالة إلي الأستاذ هيكل
ودراويشه وصحفه ان مصر مستعدة.. وانها أقوي بمراحل من حرب ...1973 وأنها
استفادت من كل الحروب الاقليمية والعمليات العسكرية التي جرت طوال 35 عاما
في منطقتنا.. وان هذه العمليات تم تدريسها والتدريب عليها وخلق ظروف
مشابهة للتصرف حيالها بل واستنباط ظروف ومواقف أخري لتحصين قواتنا ضدها.

من مناورة أمس الاول وبعد مضي كل هذه المدة من آخر حرب خاضتها مصر
أذكر الجهابذة الذين يكتبون في الصحف والمعلقين الموتورين الذين يظهرون
علي شاشات التليفزيونات ان اسرائيل بكل جبروتها واسلحتها النووية وقدراتها
التسليحية والتأييد العالمي الذي تتمتع به. فانها لا تخشي إلا مصر..

بعد مناورة بدوي- 3 أستطيع القول بقلب مطمئن أنه لو كانت اسرائيل
تستطيع الاحتفاظ بما تبقي تحت سيطرتها من سيناء بعد وقف اطلاق النار وبدء
مفاوضات فك الاشتباك والكيلو 101. ما كانت اعادته إلي مصر بمفاوضات كامب
ديفيد.

وبصراحة أكثر لو لم تكن مصر قادرة علي استعادة باقي سيناء بالسلاح. لما كانت تل أبيب قد فاوضت أو انسحبت.


الأهم من ذلك كله. ان اسرائيل المتقدمة عسكريا بأقمارها الصناعية
وخبراتها القتالية وتكنولوجيتها الأمريكية لو عرفت ان مصر "استرخت" بعد
كامب ديفيد ونامت في العسل وأهملت بناء قدراتها. لكانت تل أبيب أول من نقض
اتفاقية السلام واستباحت أرضنا ومياهنا وسماءنا.. فمنذ متي تحترم اسرائيل
الاتفاقيات والمعاهدات؟!

ان مصر عندما اختارت السلام لم تتغافل عن ضرورة وجود قوة تحميه. ليس
قوة فقط ولكن ردع وتمكن وسيطرة.. عوامل القوة الثلاثة لأي قوات مسلحة في
الدنيا ونحن من أهمها..

صحيح اننا ربما لا نكون أكبر الجيوش عدداً ولا أفضلها تسليحاً أو
امتلاكاً للقدرات التكنولوجية لكننا نملك الجندي والضابط والمجند وهم أفضل
اجناد الأرض كما وصفهم الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال في حديث شريف
"اذا فتح الله عليكم مصر. فاتخذوا من أهلها جنوداً فهم خير أجناد الأرض
وهم في رباط إلي يوم الدين".

الجندي والضابط والقائد في مختلف أفرع القوات المسلحة اكتسب ثقته في
نفسه وفي سلاحه من قسوة التدريب الذي يخوضه وهو يدرك تماما من هو العدو
الحقيقي ومن هو مصدر الخطر وتهديد الأمن.

انني أتجاسر وأقول ان مصر تملك من وسائل الردع ما يجعلها درعا عصية
علي الاختراق.. "ردع" و"درع" اختلاف في ترتيب الحروف يعطي كلمتين مختلفتين
بمعنيين. لكنهما في النهاية يقدمان هدفاً واحداً وهو أنك تملك ما يجعل
عدوك يتراجع عندما يفكر- مجرد تفكير- في العدوان عليك..

انني لن أتكلم هنا عن الطائرات الحديثة لسلاحنا الجوي من طراز إف- 16
والاباتشي وهي أحدث صيحة في الهليكوبتر صائدة الدبابات ولكني أقول ان
المعجزة ان القديم يعمل مع الحديث.. الميج يخدم مع الفانتوم.. عبقرية
القيادة العسكرية المصرية انها نوعت مصادر السلاح فصرنا نستخدم الدبابة
إم-1 إلي جانب المدرعة إم-113 ولم نخجل من ان تكون لدينا شقيقتها "فهد"
المصرية التي أثبتت كفاءة ومقدرة وتفوقا وسرعة.

ويبقي الدرس الهام الذي علينا ان نتعلمه من قواتنا المسلحة. وهو ان
الفرد المقاتل أيا كانت رتبته يعاني من كل ما نعاني منه من اسعار السلع
وتدني خدمات وصعوبة الطرق وارتفاع تكلفة العقارات والدروس الخصوصية ولكن
الفارق بيننا وبينهم انهم عاشقون لحبات رمال هذا البلد.. الوطنية عندهم
ليست حكومة تقدم لهم ما يريدون أو انخفاض أسعار أو نقوداً يتسلمونها من
جهات خارجية أو جماعات محظورة في الداخل.. الوطنية عندهم تعني الاستعداد
لبذل الدم عند أي نداء.. وان كل حبة رمل من رمال هذا الوطن تساوي عندهم كل
الوطن.

هؤلاء الابطال- وحدهم- الذين ارغموا اسرائيل علي الامتثال للتحكيم
الدولي حول طابا.. لان الدولة العبرية نشأت علي عدم احترام القانون..

وهؤلاء الابطال نفخر بانتسابهم الينا وان كانوا أمضي عزما وأوضح هدفا
وأكثر ايمانا.. أبناؤنا لا تشتريهم أموال ولا تجذبهم اغراءات ولا ينشدون
مغانم ولا تؤثر فيهم السموم الناقعات لأنهم ببساطة وطنيون حقيقيون.. مصر
محفورة في قلوبهم وتسري في دمائهم وليست مجرد اسم في بطاقاتهم الشخصية أو
جوازات سفرهم.




بلاش صحافة أفضل!



في تحرك ذكي ومحسوب منع المستشار أحمد الزند رئيس نادي
القضاة أعضاء مجلسه من التصريحات الإعلامية أو الحديث للصحفيين.. غير أن
الإجراء لم يعجب بالطبع الصحافة الخاصة التي نشطت في الفترة الأخيرة علي
خلافات نادي القضاة السابق مع وزارة العدل. وأذكت تلك الخلافات التصريحات
التي أدلي بها أصحاب المقام الرفيع إلي الفضائيات والصحف والمظاهرات التي
ساروا فيها تعبيراً عن اعتراضاتهم عن عدد من القوانين مثل الإشراف القضائي
علي الانتخابات أو مد سن القضاة أو التعديلات الدستورية أو غيرها.

قرار المستشار أحمد الزند بعدم تحدث مجلسه إلي الصحافة يهدف إلي عودة
الاحترام لمنصة القضاء.. النادي ليس جهة تشريع ولا هو مختص بإصدار فتاوي
قضائية وليس من مهامه أن يكون مرجعية تشريعية.. نادي القضاة ليس من مهامه
التشكيك في الأحكام والدخول في خصومة مع طرف دون آخر.. القرار الذي اتخذه
المستشار الزند بعدم تحدث مجلسه للصحافة والإعلام ليس فيه ترفع عن
الصحفيين أو اعتبارهم "كفاراً" كما قالت صحيفة. ولكن القرار هدفه أن ينأي
المجلس عن أي خصومات تستدرج إليها من الصحافة الخاصة أو الحزبية أو
القومية.

المعركة الانتخابية انتهت بفوز الزند وقائمته باكتساح. طبعاً الفريق
الآخر لم يتقبل هذا.. تصوري أن ذلك شيء طبيعي فكل من يخسر انتخابات حتي لو
كانت في ناد رياضي أو حتي نقابة عمالية يشير إلي أن الناجح دعمته الحكومة
أو أنفقت عليه.. وحدث نفس الشيء في انتخابات القضاة فقد زعم بعض أعضاء
القائمة التي لم تفز أن الحكومة فرضت حصاراً مالياً علي النادي وأنها حشدت
مؤيدين لقائمة الزند في أوتوبيسات من المحافظات وجاءت بهم للقاهرة
بالإضافة إلي تقديم إغراءات مادية للقضاة كي ينتخبوا المجلس الجديد.

والحقيقة أنني وإن كنت قد آليت علي نفسي عدم الكتابة عن نادي القضاة
بعد ذلك. إلا انني لاحظت من حجم الهجوم والانتقاد الذي تعرض له المجلس
الجديد ان هناك اصرارا علي جر النادي إلي مواجهة وتصفية حسابات بين
المجلسين القديم والجديد.

ان الذين خسروا قضاة والذين فازوا زملاؤهم في نفس المهنة الرفيعة ولا
يصح ان يتلاسنوا.. الخاسرون اتهموا القضاة بالتزوير وهذا لا يجوز.. كانوا
يطالبون باستقلال القضاء ونزاهته فلما خسروا شككوا في النتيجة واتهموا
زملاءهم بالتزوير.. هذا تناقض غريب.. وهناك تناقض آخر في تقسيم القضاة إلي
حكوميين ومستقلين.. لا يليق ان يعلن احد شيوخ القضاة الاجلاء والذي ارتبط
بالمجلس السابق ان القضاة اصبحوا ألعوبة في يد الطغاة.

المستشار احمد الزند الرئيس الجديد للنادي اراد ان يحصن هذه المهنة
السامية من المزايدات والتجاذبات فابتعد بنفسه وزملائه عن مواطن الزلل أو
ان يصبحوا وقودا لنار تلتهم القضاء الشامخ.

لقد رفض رؤساء نوادي الاقاليم الاتهامات التي ساقها ضدهم مجلس
الادارة السابق خصوصا الاتهام القائل أن نجاح المجلس الجديد جاء بدعم
حكومي.. واعتقد انه لا يليق إلقاء التهم جزافا علي الآخرين.

لقد اختارت القائمة التي نجحت في الانتخابات شعارات مماثلة لأي
شعارات يرفعها المتنافسون.. وكان منها "لا للوقفات الاحتجاجية.. ولا
للتظاهر في الشوارع.. ولا لرفع الاعلام السوداء علي مقر النادي.. ولا
لدخول منظمات وحركات غير شرعية".. وطالما ان قضاة مصر انتخبوا المجلس
الجديد بناء علي الشعارات التي رفعتها قائمة الزند. فالقضاة ليسوا راضين
عن الأسلوب السابق في إدارة النادي.

لقد اصبح نادي القضاة بعد الانتخابات الأخيرة ناديا لقضاة مصر اسما علي مسمي. أما النادي السابق فكان ناديا لقضاة القاهرة.





التجسس حلال عند نصر الله !



كنت أتصور أن التجسس حرام والتنصت جريمة.. يقول الله تعالي
في كتابه العزيز: "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا. أيحب أحدكم أن يأكل
لحم أخيه ميتاً فكرهتموه".. لكن في لبنان الأمر مختلف.

قبل حوالي أسبوعين ثار في لبنان نقاش أو سجال حاد مفاده هل التجسس أو التنصت شرعي! وإذا كان شرعياً فمن الذي يتجسس علي من؟


البرلمان اللبناني له لجان مثل كل برلمانات العالم ومثل مجلس الشعب
المصري.. رئيس لجنة الإعلام والاتصالات في البرلمان اللبناني هو نائب عن
كتلة "الوفاء للمقاومة" وهم مجموعة تنتمي لحزب الله.. وقد عقدت اللجنة
اجتماعا لتبحث قضية هامة هي من يملك الحق في التنصت؟ ولمزيد من الفكاهة
كان اجتماع اللجنة سريا.. لكن قبل أن نناقش ما دار في اللجنة. يهمني
الاشارة إلي أن التنصت معروف في لبنان منذ عام 1976 أي بعد دخول القوات
السورية إلي لبنان لدعم المسيحيين الموارنة وحمايتهم من الثورة الفلسطينية
و"أبوعمار"!

وقد زاد هذا التنصت بعد توقيع اتفاق الطائف 1989 لدرجة ان اللبنانيين
كانوا إذا ما تحدثوا تليفونيا وخاضوا في مسألة اعتبروها حساسة يقولون
لبعضهم "نكمل علي المقهي".. والمقهي كلمة متعارف عليها في لبنان تشير إلي
ضرورة الحذر حتي لا يكون التليفون مراقبا وتوضح أن هذه المنطقة في الحديث
حساسة علينا الابتعاد عنها.. أما إذا جاء ذكر حسن نصر الله عرضا في الحديث
فإن المتحدث أمامه طريقان لا ثالث لهما إما ان يغلق الخط في وجهك أو يقول
لك نكمل في لندن.!!

في اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات البرلمانية كان للنواب اللبنانيين
مطلب واحد فقط هو مكافحة التنصت غير الشرعي!! معني ذلك أن هناك تجسساً
شرعياً ومسموحاً به!

الحقيقة ان حزب الله ونوابه أصبحوا يملكون أكبر شبكة تجسس علي
المصالح الحكومية والوزارات وخصومهم النواب.. ولعلنا نتذكر أن انقلاب 7
مايو الماضي في لبنان كان بسبب شبكة الاتصالات التي ركبها حزب الله في
لبنان ورفض أن يفكها أو يرفعها.. الحزب اعتبر شبكة اتصالاته خطاً أحمر لا
يجوز التراجع عنه أو المفاوضة عليه.

هذه خطورة أن يكون بالدولة أي دولة حزب أو جماعة منفلتة ..لقد أدي
انهيار مؤسسات الدولة في لبنان أن أصبح لحزب الله علمه وجيشه وأجهزة تنصته
الخاصة.

لماذا يطالب حزب الله في لبنان أن يكون التجسس شرعياً؟ لأن الحزب
ببساطة أقوي من الدولة.. ميلشيات حزب الله أقوي من الجيش اللبناني.. شبكة
الاتصالات الخاصة به تتجسس علي مؤسسات الجيش الحكومي كلها.. عندما أصبحت
المقاومة أقوي من الدولة في لبنان أصبح لها الحق في التجسس عليها. وأصبح
لها الكلمة العليا في تقنين هذا التنصت بحث يكون حزب الله هو الوحيد
المسموح له بتركيب أجهزة تجسس وتشغيلها.

حزب الله قرر أن يكون تجسسه علي الحكومة شرعيا حتي لو تعارض ذلك مع
النص القرآني.. حزب الله فسر الآية الكريمة التي تنهي عن التجسس بأية أخري
هي "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله
وعدوكم".

وهكذا وضع حزب الله اللبنانيين في مصاف الأعداء.. مثلهم مثل
إسرائيل.. لا يمكن أن تنقلب الأحزاب علي الدولة وتعاديها.. لا ينفع أن
يكون اللبناني عدوا لشقيقه.. حزب الله خون اللبنانيين كلهم واستباح
أعراضهم وشرفهم وأسرارهم.. حزب الله لديه استعداد كبير أن يستبيح الحرمات
وينتهك الخصوصيات.

حسن نصر الله يعتبر نفسه نبياً ينبغي ان تسقط دونه الأستار وتلغي
الحواجز.. الحزب نصب نفسه ولياً علي أمور اللبنانيين فمن حقه أن يعرف متي
يضاجع الرجل زوجته ومتي يذهب الأبناء للمدارس وما هو دخل الأسرة. وهل هناك
مصاعب مالية كبيرة.. في هذه الحالة ربما يتدخل الحزب ويجند رب العائلة أو
أحد أفرادها نظير مبالغ مالية تسددها إيران.

شبكة التجسس هدفها الأساسي زرع الولاء لإيران لدي اللبنانيين وشراء الذمم ومعرفة نقاط الضعف لممارسة ضغوط قوية علي الشعب.


ألم أقل لكم أن دولة المقاومة هي أخطر ما يهدد الوطن العربي كله. فهو
خيار مدمر لأنه ينتصر للفوضي والإضرابات علي القوانين والتنظيمات.. ربنا
يستر.




مصر.. بين البشير وبشار!



لا أعتقد ان هناك زعيما في عالم اليوم يواجه ما يواجهه
الرئيسان البشير السوداني وبشار السوري.. الاثنان مطاردان من محكمة
دولية.. الأول تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية المنبثقة عن مجلس الأمن
وتهمته قتل 300 ألف من أهالي دارفور وتشريد 3 ملايين والثاني التهمة ليست
موجهة إليه بشكل شخصي وإنما طالت نظام حكمه بسبب ما يشاع عن تورطه في مقتل
رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.

المشكلة ان الرئيسين يتعاملان مع الحكم المتوقع صدوره ضدهما بأسلوبين
مختلفين.. فالأول وهو البشير يبدو غير مكترث بالمحكمة وإجراءاتها ويتصور
ان عدة مظاهرات تسير لتؤيده بالخرطوم وشجب أي قرار اعتقال يصدر ضده في
القريب العاجل كفيل بغض النظر عنه..

والرئيس بشار يتعامل مع قرار المحكمة الدولية لاحتمال استدعاء بعض
أركان حكمه لهذه المحاكمة. بطريقة تختلف عن البشير فهو ارتبط بعلاقة وثيقة
مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "رئيس مجلس الأمن حاليا" ويتصور أن هذه
العلاقة ستجعله يتجنب المحاكمة.

لكن الحقيقة ان الاثنين يواجهان تهما سياسية.. وهذه التهم وان كانت
لا تعني ان الزعيمين ارتكبا الجرم ولكنهما غير معفيين من المسئولية فلا
يستطيع رئيس دولة أن يغسل يديه من مقتل 300 ألف شخص وتشريد 3 ملايين.. ولا
يمكن للرئيس الثاني الدفاع عن التسجيلات التي قدمتها المحكمة الدولية
المخصصة لمحاكمة قتلة الحريري ويشاع انها لبعض أركان حكمه.

المشكلة أن الزعيمين يواجهان اتهامات في توقيتات قاتلة.. فالأول إذا
صدر بحقه مذكرة اعتقال فسيكون قد دخل في متاهة جديدة من العقوبات
والحصارات والعزل. والخطورة ان الذين دعموا الخرطوم حتي الآن لن يغنوا
عنها شيئا لأنهم ببساطة لا يستطيعون شيئا لإجهاض بنود القانون الدولي.. لن
يغني عن السودان منظمة الوحدة الافريقية أو المظاهرات المؤيدة للبشير فلا
فعالية لهم.

مشكلة البشير أنه ما أن خمدت دعاوي الانفصال في الجنوب حتي تذكر أهل
دارفور ذات مرة انهم كانوا سلطنة مستقلة..! وقرروا أن يعودوا لجذورهم ..و
"الدارفوريون" يرفضون أن يكونوا قطعة لحم تنهش فيها ميلشيا الجنجويد
المدعومة من الخرطوم.

والرئيس بشار إذا صدرت أحكام ضد بعض أركان نظامه . فستكون العاقبة
وخيمة.. فربما تتعرض سوريا لعقوبات اقتصادية.. وتتعطل مفاوضات السلام مع
إسرائيل ويستغل أي حكم صادر ضدها لمساومتها علي الأرض والمياه.. ولن ينفع
ساعتها التشدد مع ميلشيات أو تحريك أوراق مثل حزب الله وفصائل الجهاد
وحماس.

أي قرار تصدره المحكمة الدولية ضد سوريا كفيل بأن يجعل حماس وحزب
الله حركتي إرهاب وليس مقاومة ويفقدهما الكثير من الزخم الذي حصلتا عليه
عند تصديهما للعدوان الصهيوني.

لن تنفع سوريا أو السودان مظاهرات تؤيد نظامي الحكم وتقول "لن تحكمنا
أمريكا أو السي أي ايه".. دمشق والخرطوم تعتقدان ان واشنطن هي المحرك
الرئيسي للقلاقل نحوهما لأغراض في نفسها.

مصر لها موقف واضح من البلدين.. الخلافات السياسية شيء وأن يتعرض
نظام عربي لملاحقة دولية جنائية شيء آخر.. مصر تنصح بالتهدئة حاليا ولديها
من الخيارات ما يتيح حفظ ماء وجه السودان وسوريا.. لديها الكثير من الخبرة
الدولية والعالمية والاقليمية.. لديها ذخيرة دبلوماسية وحنكة تمكنها من
تعطيل القرارات لو صدرت أو تجميدها لحين التوصل إلي صيغة توافقية مع
المجتمع الدولي.. ومصر تعلم ان الخلافات بين الدول تنتهي إذا تعلقت الأمور
بالأمن القومي العربي وهو بالتأكيد يتكامل بشكل ملح مع نظيره المصري..
وعند هذه النقطة تسقط الخلافات!