نيرون إسرائيل لن نخضع لابتزازه.. ولن نستجيب لضغوطه ونزواته ربط فتح المعابر بالإفراج عن شاليط .. غباء سياسي بقلم:خالد إمام

من طرف سعود الجمعة فبراير 20, 2009 4:13 pm

..وماذا بعد؟!
نيرون إسرائيل
لن نخضع لابتزازه.. ولن نستجيب لضغوطه ونزواته
ربط فتح المعابر بالإفراج عن شاليط .. غباء سياسي
بقلم:خالد إمام
E-mail:khaled@almessa.net.eg

يجب أن يعلم كل قادة إسرائيل أن أحداً لن يستطيع إحراج مصر أو توريطها.. وأيضاً لن ينجح في ممارسة الضغوط عليها.

مصر عندما تتعامل في أي ملف فإنها لا تبغي سوي الصالح العام..
وبالتالي تتعامل بشفافية عالية ومصارحة شديدة لأنها تعلم بخبرتها مع الغير
أنه لا توجد أشياء يمكن إخفاؤها. وبالتالي فإن تعاملاتها دائماً تكون
واضحة وفي العلن.

أيضاً.. مصر ترفض تماماً أي ضغوط عليها من كائن مَن كان.. ولعل أقرب
مثل علي ذلك الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ووزيرة
خارجيته كونداليزا رايس وكذلك الاتحاد البرلماني الأوروبي علي مصر للإفراج
عن أيمن نور رئيس حزب الغد الأسبق ومحاولاتهم تسييس قضيته الجنائية.. حتي
وصل الأمر إلي أن الإدارة الأمريكية طالبت صراحة أكثر من مرة بالإفراج
عنه.. ومع هذا رفضت مصر التدخل في شئونها وأصرت علي الرفض.. إلي أن رحلت
تلك الإدارة اليمينية المتطرفة.

من هنا.. فإذا نقض أحد عهده أو وعده أو حاول تغيير مسار أي تفاوض علي
هواه أو لغرض في نفسه أو مرض بداخله.. فإن ذلك لا يسبب لنا إحراجاً بل
يضعه هو في ورطة كبيرة نتيجة رد الفعل المصري في هذه الحالة والذي حتماً
يتفق مع كبرها ووضعها وتأثيرها.

* * *

العالم كله مقتنع بأن لا حل في الشرق الأوسط بدون مصر.

والدنيا بأسرها حتي الإسرائيليون أنفسهم مؤمنون تماماً بأن الحرب علي غزة ما كانت لتتوقف بدون المبادرة المصرية.

ودول الشرق والغرب لديها قناعة وإيمان بأن التهدئة وتثبيت وقف إطلاق
النار والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية وفتح المعابر ورفع الحصار والإعمار
ثم المضي في عملية السلام لابد أن يمر عبر مصر.

ومصر عندما تدخلت في هذا الموضوع الشائك.. فلأنها تحمل الملف من
بدايته وهي أدري بدروبه ونتوءاته. ولوجود حدود مشتركة مع الطرفين
المتقاتلين. وهناك قنوات سياسية ودبلوماسية بين مصر وإسرائيل تسمح بنقل
الرؤي المختلفة وتبادل المقترحات ومناقشتها.. لا فرضها.

في نفس الوقت.. فإن دولاً عربية وإقليمية حاولت تجنيب مصر وأن تحل هي
مكانها.. لكنها فشلت في ذلك لأن مصر شريك فعال وليست مجرد وسيط يمكن
استبداله بوسيط آخر.

بالطبع.. فإن هذه الشراكة لها أعباؤها وضماناتها.. وأول الأعباء أن
يكون لدينا نفس طويل وأن نتحمل مناورات ومماطلات الطرفين. وأهم الضمانات
أن تكون هناك صراحة وشفافية في التعامل بين الشركاء وألا يفاجئ طرف الطرف
الآخر بمستجدات استراتيجية تقلب الموازين والطاولة رأساً علي عقب أو تُعقد
الأمور أكثر مما هي معقدة.

* * *

التفاوض علي التهدئة بين إسرائيل وحماس استند من البداية علي ضمان عدم
إطلاق الصواريخ من غزة علي البلدات الإسرائيلية.. وفي مقابل ذلك عدم
العدوان علي القطاع وفتح كلي للمعابر الستة من الجانب الإسرائيلي أمام
مستلزمات الحياة الغذائية والطبية وجزئي بنسبة 80% كبداية أمام مواد
البناء والتصنيع.

كاد الاتفاق فعلاً يتم هذا الأسبوع.. ولكن فجأة تفتق ذهن إيهود
أولمرت رئيس وزراء إسرائيل عن "عُقدة" تمنع الاتفاق وهي أن يتم الإفراج عن
الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط مقابل فتح المعابر.. وهو شرط جديد
لم يكن وارداً أو اتُفق علي التفاوض حوله.

بالطبع.. فإن الربط الآن بين فتح المعابر والإفراج عن الجندي يعرقل
فرص التوصل إلي اتفاق للتهدئة ويوتر الأجواء وهو ما عبر عنه عاموس جلعاد
رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية وكبير المفاوضين
الإسرائيليين مع مصر بشأن التهدئة عندما شن هجوماً حاداً ولاذعاً علي
أولمرت نتيجة هذا التراجع المفاجئ وغير المبرر والذي يثير الدهشة
والاستغراب.

تساءل عاموس: ماذا يريد أولمرت بالضبط؟.. هل يريد أن تتخلي مصر عن
الملف؟ أم يرغب في أن تحل قطر بدلاً منها رغم ارتماء الدوحة في أحضان
إيران؟

وصف موقف أولمرت عندما يخسر مصر بأنه تهور وجنون وأبدي امتعاضه من سعي حكومته إلي التحالف مع دول أخري لا وزن لها في المنطقة.

* * *

واضح من موقف أولمرت أنه لعبة توازنات انتخابية لترجيح كفة حزب علي
آخر. أو ضرب حزب بالمنافس له. أو حرق أوراق بعض القادة والسياسيين حتي لا
يكون لهم دور مستقبلي. أو نزوة من نزواته الكثيرة.

إن أولمرت يستخدم حالياً فلسفة "نيرون" في الحرق الشامل والرهان علي
الدم العربي للتغطية علي مخازيه وفساده.. دون حتي أن يراعي مصالح بلاده.

فما دام سيتواري للأبد.. لا مانع أبداً لديه من الاضرار
بالفلسطينيين. والإسرائيليين معاً. ونسف العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.
وزيادة التطرف بين الإسرائيليين رغم أنهم في غير حاجة إلي مزيد من التطرف
بعد أن وصلوا الذروة في هذا المجال.. والأهم فرض واقع جديد علي الحكومة
القادمة بأن تكون "إرهابية" وليست "متطرفة" فقط.

* * *

ما يفعله أولمرت.. ليس عقلاً ولا منطقاً ولا مسئولية أبداً.

هل من العقل أن يربط مصير 1.5 مليون فلسطيني في غزة وسكان الجنوب الإسرائيلي كله.. بحرية جندي إسرائيلي واحد؟!

.. وهل من المنطق أن يجري التفاوض طوال هذه المدة وفق ثوابت محددة.. ثم يأتي فجأة ويغير تلك الثوابت بلا مبرر أو أسباب؟!

.. وهل من المسئولية التي يفترض أن يتحلي بها كرئيس حكومة أن يفكر

كما شهد بذلك شاهد من أهلها في أن تحل دولة أخري أياً كانت بدلاً من مصر في هذا التفاوض؟!

***

أن يفكر هكذا.. فإنه لابد من محاكمته بتهمة الغباء السياسي إضافة إلي
ما هو متهم به من فساد سياسي وأخلاقي.. لأنه لم يقرأ الخريطة التاريخية
والجغرافية جيداً.

أولمرت يعلم جيداً أن أي اتفاق بواسطة دول أخري لن يكون ملزماً لنا..
وقد وعت حماس ذلك فكانت أذكي منه ورفضت أن يكون لأي دولة غير مصر دور في
الأزمة.

وفي رأيي الشخصي.. فإن مصر ليس لديها مانع في أن تترك الجمل بما حمل
وتسلم الملف لأصحابه حتي يختاروا من يريدون.. فهي ليست صاحبة مصلحة شخصية
فيه.. وإذا كانت لنا أي مصلحة فإنها لا تتعدي تحقيق الأمن والاستقرار
بالمنطقة ومنع الحروب التي تخطف الأرواح وتنشر الخراب والدمار.

لكن.. ليتأكد أولمرت ومن علي شاكلته أننا لن نخضع للابتزاز مهما كانت الأسباب والدوافع ولن نستسلم لأي ضغوط.

وعلي الباغي.. تدور الدوائر.