من الواقع محمد فوده

من الواقع
محمد فوده

فقدت إيران خلال الشهرين الماضيين البقية
الباقية من تعاطف المصريين معها. وخاصة بالنسبة للموقف العدائي للولايات
المتحدة والدول الغربية ضدها بسبب برنامجها النووي.

كان للمصريين منطق واضح في تأييد إيران رغم الخلافات التي كانت
تفتعلها أحيانا مع مصر يقوم علي أنه مادامت إسرائيل تملك سلاحا نوويا تهدد
به المنطقة في حالة نشوب نزاع مسلح. فلماذا تنكر أمريكا والغرب علي إيران
امتلاك سلاح نووي؟! إن هذا يعني ويؤكد أن واشنطن والغرب يكيلان بمكيالين
رغم أن إيران أكدت في أكثر من مناسبة أن تطويرها للتكنولوجيا النووية إنما
هو من أجل الاستخدام السلمي لها.

وكان من المفترض أن تحافظ إيران علي تعاطف المصريين معها سواء كان
هذا التعاطف شعبيا أم حكوميا.. فلقد أعلنت مصر علي لسان أكثر من مسئول في
أكثر من مناسبة أنها ضد شن حرب علي إيران بسبب برنامجها النووي. وإنما يجب
معالجة هذا الأمر من خلال المفاوضات السياسية.

لكن يبدو أن المسئولين في إيران ليسوا بالذكاء الذي كنا نتوقعه.. فقد
تدخلوا بقوة لإيجاد شقاق بين الأشقاء العرب حول كيفية مواجهة العدوان
الإسرائيلي علي غزة. وشجعوا سوريا وقطر التي تحاول أن تجد لها مكانا بين
الكبار علي أن تقفا موقفا مضادا لكل الدول العربية تحت زعم أنهما مع
"حماس" يشكلون الجبهة المتشددة ضد الدول العربية المعتدلة وعلي رأسها مصر
والسعودية.. وأحدثوا بهذا الموقف فرقعات اعلامية لم تسفر عن شيء ملموس علي
أرض الواقع. في الوقت الذي ظلت فيه مصر تعالج الموقف بواقعية حتي نجحت في
وقف نزيف الدماء الفلسطينية التي أريقت بفضل السياسة الخاطئة لحماس.

ثم ها هي إيران تفقد مزيدا -ليس من تعاطف المصريين وحدهم وإنما- من
تعاطف العرب جميعا شعوبا وحكومات من خلال الأطماع التي أعلنت عنها في
مملكة البحرين الشقيقة.. فلم يكف إيران أنها استولت علي ثلاث جزر في
الخليج تابعة لدولة الإمارات الشقيقة فإذا بها تفاجئنا بالاعلان أن مملكة
البحرين جزء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

هكذا بكل بساطة تفقد إيران بسياستها الطائشة تعاطف وتأييد الدول
العربية لها. في الوقت الذي هي فيه أحوج ما تكون إلي هذا التأييد ضد محور
إسرائيل- أمريكا- أوروبا.. بل انها لم تفقد التعاطف فقط بل كسبت عداوة هذه
الدول!!

إسرائيل وأمريكا تخططان الآن لتصفية البرنامج النووي الإيراني ليس عن
طريق الحرب بعد أن رأت الدولتان أن الحرب يمكن أن تشعل المنطقة بأسرها
فقررتا اتباع أسلوب الاغتيالات ضد المسئولين والفنيين بهذا البرنامج..
وبدأتا تنفيذه الفعلي!!

فماذا ستفعل إيران ومخابراتها لا تستطيع مجاراة الموساد الإسرائيلي ولا وكالة المخابرات الأمريكية؟!