كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف هاواى الأحد فبراير 22, 2009 10:00 am

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

هذا
الذي نطالعه بين الحين والحين علي صفحات بعض الصحف وكذلك بعض الفضائيات
العربية يصب في خانة التأكيد علي أننا أمة عاجزة وأننا أضعنا سنوات طويلة
من عمرنا نلهث وراء سراب اسمه الوحدة العربية وننتقل من فشل إلي فشل في كل
المحاولات والتجارب الوحدوية‏..‏

ثم إن هذا الذي يكتب في بعض الصحف
ويقال علي شاشات معظم الفضائيات يمثل وجها واحدا من وجوه عديدة للحقيقة‏,‏
فواقع الانكسار والعجز لا يختلف عليه أحد ولكن الخطر أن يتم توظيف هذا
التوصيف الصحيح لواقع العجز والانكسار في ترسيخ الانطباع بأن الفكرة من
أساسها فكرة باطلة وخيالية‏!‏

إن من يقولون أو يكتبون باتجاه تيئيس
الأمة يتجاهلون أن مشروعات الوحدة والتكامل العربية لم تخفق لأنها مشروعات
غير واقعية وإنما سبب الفشل يرجع إلي أن الذهاب إليها لم يبدأ من النقطة
الصحيحة بالاعتماد علي وعي الشعوب واحتياجاتها المصلحية‏.‏

إن من
الظلم للتاريخ وللحقيقة أن تتواصل محاولات إلقاء الغبار علي كل المحاولات
والتجارب الوحدوية دون الإشارة ـ وبصراحة ـ إلي أن مسئولية الفشل ترجع إلي
استمرار تغليب النزعات القطرية وغياب ثقافة المصلحة المشتركة التي تشطب من
قاموس الثقافة العربية كل مفردات التمايز بين الأقطار لكي تحل محلها ثقافة
الدعوة للحدود المفتوحة والمبادلات التجارية الحرة تحت مظلة من نظم بنكية
وجمركية ترسخ اليقين لدي الشعوب بأهمية الوحدة بدلا من التعقيدات الفظة
التي تنفر الناس من مجرد الاقتراب من الحدود الجغرافية‏.‏

أريد أن
أقول بوضوح إن التفكك والتشرذم العربي الراهن ينبغي أن يكون مدخلا لفتح
الباب أمام حوار حر وصريح حول كيفية التوفيق بين المصالح الذاتية لكل قطر
علي حدة وبين المصالح العربية القومية العليا التي تخدم في نهاية المطاف
أمن وسلامة واستقرار وقوة كل بلد عربي دون استثناء‏!‏

إن من الغريب
أن يتحدث البعض عن تجربة الاتحاد الأوروبي كنموذج لوعي وإدراك الأوروبيين
لمخاطر البقاء كدول فرادي في عصر التكتلات ثم ـ في ذات الوقت ـ يشكك في
مصداقية الوحدة والتكامل العربي رغم أن مقومات بناء الوحدة عندنا أكثر
توافرا وتوافقا عن أوروبا من ناحية اللغة والجغرافيا والتاريخ‏.‏

وربما
يزيد من حدة الشكوك في دوافع معظم ما يكتب ومايقال تلك الهجمة الشرسة ضد
الجامعة العربية‏..‏ تارة باسم عيوب وثغرات في ميثاقها‏..‏ وتارة أخري
باسم انتفاء الحاجة لاستمرارها‏!‏

إن الذين يريدون هدم الجامعة
العربية لكي يهدموا فكرة العروبة من أساسها يتجاهلون عمدا أن هذه المنظمة
وكما يعبر عنها اسمها‏,‏ هي تجمع للدول العربية‏,‏ وإذن فإن إرادة هذه
الجامعة تعكس مجموع إرادات هذه الدول‏..‏ ولو كانت الإرادة العربية تعكس
واقع القوة والقدرة لما كان هذا هو حال الجامعة العربية وحال العرب بوجه
عام‏.‏

إنها مجرد خواطر في ذكري مرور‏51‏ عاما علي قيام أول وحدة
اندماجية عربية في التاريخ الحديث بين مصر وسوريا في الثاني والعشرين من
فبراير عام‏1958.‏

attalla@ahram.org.eg