لغة أكثر حزما بقلم : مكرم محمد أحمد

من طرف جواهر الإثنين فبراير 23, 2009 11:50 am

نقطة نور
بقلم : مكرم محمد أحمد

لغة أكثر حزما

تحتاج
مصر في تعاملها مع إسرائيل بعد الذي حدث لاتفاق التهدئة إلي لغة جديدة‏,‏
ليس بالضرورة أن تكون لغة عداء وكراهية‏,‏ لاتغلق الباب أمام إمكانية قيام
مصالحة عربية إسرائيلية مهما تكن محدودة‏,‏ لكن شرطها الأول أن تكون لغة
اكثر حزما ترفض التسويف والمماطلة اللذين يشكلان السمة الأساسية للمفاوض
الإسرائيلي‏,‏ ولاتقبل أي التزام إسرائيلي إلا أن يضمن المجتمع الدولي
ممثلا في مجلس الأمن أو الرباعية الدولية أو الولايات المتحدة الأمريكية
تنفيذه‏,‏ تعطي علي قدر ما تأخذ وترفض ما ينبغي رفضه بصوت مسموع وتشترط في
تفاوضها حول أي اتفاق جديد مع إسرائيل أن يكون محددا بسقف زمني‏,‏ وتتعاطف
مع حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي‏.‏

وأظن ان
مايفرض هذه اللغة الجديدة علي تعامل البلدين هو صعود اليمين الإسرائيلي
المتطرف علي سلم السلطة بعد الانتخابات الأخيرة‏,‏ والاحتمالات المتزايدة
في أن يرأس بنيامين نيتانياهو رئيس تحالف الليكود الحكومة الإسرائيلية
الجديدة‏,‏ سواء كانت حكومة وحدة وطنية موسعة تضم حزب كاديما برئاسة تسيبي
لفيني كما تضم حزب العمل برئاسة ايهود باراك‏,‏ وهو الاحتمال الأضعف
لصعوبة توافق الأطراف الثلاثة علي برنامج سياسي موحد‏,‏ أم كانت حكومة
يمينية ضيقة تضم تحالف الليكود وباقي قوي اليمين المتطرف‏,‏ يزداد فرص
صدامها مع الإدارة الأمريكية الجديدة لأنها يمكن أن تجر المنطقة إلي حرب
جديدة‏,‏ وسوف يكون مصيرها الفشل المؤكد كما حدث في حكومة نيتانياهو
عام‏1996.‏ وأظن ايضا أن أي مخطط لسياسات مصر المستقبلية مع إسرائيل لابد
أن يضع في حسابه مواقف نيتانياهو في صورته الراهنة‏,‏ الذي يرفض الدولة
الفلسطينية ويرفض عودة الجولان‏,‏

ولايري أية ضرورة للإسراع بتسوية
شاملة لأزمة الشرق الأوسط‏,‏ لأن الأولوية ينبغي أن تكون لإفشال البرنامج
النووي الإيراني الذي يصعب إنجازه دون عمل عسكري‏,‏ لأن إفشال البرنامج
النووي الإيراني بضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية أو مشتركة كفيل وحده
بفض تحالف طهران مع حزب الله وحماس وسوريا‏,‏ وتقليم أظافر طهران عن أي
نشاط تخريبي في الشرق الأوسط‏,‏ أما نيتانياهو المعدل الذي يأمل كثيرون في
أن ينقل مواقفه من اليمين إلي الوسط بدعوي أنه سياسي براجماتي عملي كل
مايهمه هو البقاء في السلطة فلاينبغي أن يكون ضمن أية حسابات عربية حقيقية
إلا أن يحدث ذلك بالفعل‏,‏

لأن تاريخ نيتانياهو ومسلك حكومته
عام‏1996‏ قبل عقد مضي لايؤكد شيئا من ذلك‏,‏ رغم أن نيتانياهو يكرر كثيرا
هذه الأيام قصة لقائه الأخير مع باراك أوباما عندما كان في زيارة لإسرائيل
وهو لايزال عضوا في مجلس الشيوخ‏,‏ واكتشف الاثنان خلال حوارهما في احدي
قاعات فندق الملك داود حجم التشابه المثير في شخصيتهما‏,‏ لأن أوباما
اليساري نقل مواقعه اخيرا إلي الوسط‏,‏ وهذا ما يمكن أن يحدث لنيتانياهو
الذي يقف الآن علي أقصي اليمين‏,‏ ولأن الاثنين أوباما ونيتانياهو سياسيان
عمليان همهما الأكبر الإنجاز وليس الايديولوجيا‏.‏ وأظن أخيرا ان مصر تملك
تجربة تعامل طويل مع بنيامين نيتانياهو خلال رئاسته للحكومة الإسرائيلية
عام‏1996,‏ خلاصتها المفيدة أنه اكبر قادة إسرائيل خداعا ومماطلة‏,‏ كثير
الكلام‏,‏ قليل الانجاز يصعب الثقة به‏.‏

mmahasabo@yahoo.com