التعديلات في السعودية بقلم : عبد المعطي أحمد

من طرف هاوى الإثنين فبراير 23, 2009 12:58 pm

أحوال عربية
بقلم : عبد المعطي أحمد

التعديلات في السعودية

التعديلات التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين أخيرا جاءت من دون إعلان مسبق‏,‏ ولم يصاحبها أي ضجيج‏.‏

فالملك
عبد الله بن عبد العزيز من ملوك العرب القليلين الذين يؤمنون بأن الذي
يعمل لايحتاج الي من يطبل له‏,‏ أو أن تسلط عليه أضواء الاعلام‏.‏

وهذه
التعديلات هي الأولي منذ اعتلائه العرش في أغسطس عام‏2005,‏ وتأتي في سياق
عملية اصلاحات حذرة شملت الجهاز القضائي‏,‏ ومجلس الشوري‏,‏ وسلك
التعليم‏,‏ الي جانب المؤسستين العسكرية والدينية‏,‏ وتهدف الي دفع
المجتمع السعودي نحو الانفتاح‏,‏ وقبول التعددية الثقافية والدينية‏,‏
وفهم لغة العصر‏.‏

واللافت في هذه التعديلات أن الملك أعفي الشيخ
إبراهيم الغيث رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏(‏ الشرطة
الدينية‏)‏ من منصبه‏,‏ وعين بدلا منه الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين
الذي يعد أحد أبرز مستشاري الديوان الملكي‏,‏ وهو رجل اصلاحي‏,‏ وأكثر
انفتاحا من سلفه‏,,‏ سيعمل علي ضبط الهيئة والحفاظ علي كرامات الناس‏,‏
وتوضيح الكثير من المغالطات التي وقع فيها الكثير من الشباب بسبب الغلو‏,‏
والتشدد‏,‏ والتخويف‏,‏ والتسرع في اطلاق الأحكام‏.‏

وقد طمأن
الرئيس الجديد للهيئة الناس عندما قال في تصريح عقب تعيينه إن الهيئة تحت
ادارته ستسير علي مبدأ حسن الظن‏,‏ وأن الأصل أن المتهم بريء حتي تثبت
ادانته‏,‏ وأن رجال الهيئة لن يكونوا غلظاء علي الناس‏.‏

واللافت
أيضا أنه تم اعادة تشكيل هيئة كبار العلماء وزيادة عدد أعضائها من مختلف
المذاهب السنية المالكية والشافعية والحنفية بعدما كان يطغي عليها المذهب
الحنبلي‏,‏ وبالتالي فان الفتاوي ومند الآن ستكون معبرة عن آراء المذاهب
الأربعة‏,‏ ولن تكون حكرا علي مذهب واحد فقط‏.‏

وكانت الخطوة
المهمة والجريئة في هذه التعديلات تعيين نورة الفائز نائبة لوزير التربية
والتعليم لشئون الفتيات‏,‏ وهي أول امرأة سعودية تشغل منصبا بهذه
الدرجة‏,‏ وهي استاذة قانون أتت من معهد الادارة الذي صمد أمام هجمات
التيار المتطرف في مجال التعليم‏.‏

وهذا الأمر الملكي هو أكبر رد
علي من يساوره شك في حقوق المرأة السعودية وتمثيلها في مختلف المجالات‏.‏
وقد اختصر سنوات طويلة في انتظار مثل هذا التحول المهم كي تشارك المرأة
السعودية في صنع القرار المتعلق بمستقبل التربية والتعليم والتي هي أهم
المحاضن التي ينشأ فيها الجيل الجديد بكل تطلعاته الوطنية والدينية‏.‏
فالاصلاح الحقيقي يبدأ أولا في التعليم حتي تصلح بقية القطاعات في
الدولة‏.‏

الاصلاحات السعودية محاولة للمضي في القرن الحادي
والعشرين بعقلية متفتحة علي الآخر‏,‏ ورؤية تسعي إلي تكريس الدور السعودي
إقليميا وعالميا بما له من ثقل اقتصادي وديني‏.‏