الضحية والجلاد محمد العزبي

من غير ليه
الضحية والجلاد
محمد العزبي
ezaby azaby @ yahoo. com

تمنيت يومها لو كنت فعلت مثلها. أمسك
بتلابيبه وأعلن بطلان صلاته في المسجد الصغير بمدينة في أقصي الصعيد. حيث
فوجئت به يمسح وجهه بعد الدعاء ويطأطيء رأسه متمتما والمسبحة في يده.

اكتفيت يومها بسؤال: هل يغفر الله له؟!


كانت صدفة غريبة أن يلتقي السجان والسجين في جو مختلف. ولكنها تتكرر بل من بين الضحايا والجلادين من أصبحوا أصدقاء.. سبحان الله.


رأيته عاتيا مفتريا يتيه بجبروته ومن يأتمرون بأمره وبسياطه ووسائل
تهديده وتعذيبه وكلماته النابية. يهين بها أحرارا رغم القيود في ايديهم
وراء قضبان الزنازين في معتقل القلعة وسجون أخري فلم يك وحده ولم تكن فترة
زمنية طارئة.

ورأيته بعدها وقد فقد بريقه. فتمنيت ان أفعل به ما فعلته الفتاة
الأثيوبية بمن عذبها وعذب أهلها قبل أن يصبح جرذا يختفي في ثياب حامل
حقائب بفندق بعيد.

لم تقل انه كان "عبد المأمور" أو كان يؤدي واجبه وقد اتقن عمله وتفنن
فيه ولم يحصل علي وسام من سيده. فقد سقط عصر الزبانية ولو انه - للأسف -
يتكرر ويعيد التاريخ نفسه.

تعرفت عليه رغم مرور أكثر من عشرة أعوام وفي مكان لم تكن تتوقعه. علي
باب أحد فنادق مدينة اتلنتا في الولايات المتحدة الأمريكية. يحمل حقائب
الزبائن.

لم يكن وجهه قد غاب عن عينيه منذ كان مسئول "الرعب الأحمر" الحي الذي
تعيش فيه الطفلة "هيردت أبيبي جيري" بالعاصمة الأثيوبية اديس أبابا عددا
من سنوات حكم منجستو ميريام التي طالت سبعة عشر عاما قضاها في حلقات
مستمرة مما أسماه عمليات التطهير التي جعلته يستحق لقب "جزار أديس أبابا"
بدأها بخطاب في الميدان الرئيسي للعاصمة معلنا بدء الحملة الدموية بتحطيمه
زجاجة صغيرة كانت مملوءة علي ما يبدو بالدم!

اختطفت الشرطة الفتاة الصغيرة هيردت وشقيقتها من منزلهما بملابس
النوم ليعلقوها عارية تماما من قدميها بعد تكميم فمها وعذبوها بتهمة ان
طفلا آخر من الجيران عمره 11 سنة سمعت الشرطة ان عنده مسدسا فأخذوه قبلها
وعلقوه من قدميه ايضا وكان الدم ينزف من جسده بغزارة عندما رأته وقالوا
لها بأن الطفل يقول بأنه اعطاها المسدس وحتي اليوم لا تعرف شيئا عن أي
شيء.

بعد شهرين حبس وعذاب وتقرير بأنها لم تعد تتحمل المزيد وقد تموت
تركوها لتهيم علي وجهها وتسير علي اقدامها إلي اريتريا المجاورة ومنها
بدأت رحلة الهجرة حتي حصلت علي جواز سفر كندي وأصبحت مهندسة وذهبت إلي
أمريكا وهناك اخبرتها صديقة تعمل في أحد الفنادق بأنها رأت الشيطان الذي
كان يعذب الفتاتين يعمل حمالا في نفس الفندق.

أصرت الفتاة علي السير في إجراءات تسليمه وتقديمه للمحاكمة وأقامت
مركزا لتوثيق أهوال الرعب في اثيوبيا بشهادة الشهود والحصول علي أفلام
فيديو وصور الضحايا.

صدر الحكم علي الرجل بالسجن مدي الحياة!!


عقبال كبيرهم "منجستو" الذي يختبيء في حماية روبرت موجابي طاغية زيمبابوي وقد صدر ضده حكم غيابي في أثيوبيا بالاعدام!!