تساؤلات عبدالله نصار

من طرف سوسو الثلاثاء فبراير 24, 2009 11:56 am

تساؤلات
عبدالله نصار
gomNASSAR@YAHOO. COM

وافق الرئيس حسني مبارك علي إعفاء صغار المزارعين من نصف مديونياتهم المستحقة لبنك التنمية والائتمان الزراعي.

القرار يأتي لانصاف المزارعين ومواجهة تداعيات الأزمة المالية.. وقالت
الصحف ان اجتماعا سيعقد خلال أيام لمناقشة حد الإعفاء والأعباء التي
تتحملها وزارة المالية.

ولايجوز بأي حال الالتفاف حول مبادرة الرئيس التي يجب أن تكون قابلة
للتنفيذ علي أرض الواقع بفهم لأوضاع الفلاح المصري المتدهورة وبعد أن نالت
فئات أخري في المجتمع مزايا وتسهيلات وزيادات في الأجور وغيرها.. ولكن
الفلاح المصري يعاني ويقترض.. ويتعثر في السداد.. ويطرق أبواب السجن لأنه
يشعر أنه بلا سند حتي جاءت هذه المبادرة التي يجب أن تكون واضحة.. هناك
مبالغ صغيرة يجب اسقاطها ومحوها وتنظيف محفظة البنك منها لأنه ربح من عرق
الفلاح بما يكفي وجاء الوقت خلال أزمة مالية أن يتم تخفيف الأعباء علي
هؤلاء.. ومبالغ أخري والتي أشارت إليها توجيهات الرئيس وهي الإعفاء من نصف
المديونية وإعادة الجدولة للباقي بما يتفق وظروف الفلاح علي آجال طويلة.

وهناك تجارب في دول أخري مثل الهند التي قامت باسقاط المديونيات عن
المزارعين التي تقل عن 5 آلاف دولار وإعادة الجدولة بعد اسقاط نصف
المديونية للمبالغ التي تعادل 10 آلاف دولار وهي حوالي 55 ألف جنيه مصري
القرار الهندي صدر العام الماضي لانقاذ المزارع الهندي من حالات الانتحار
التي بلغت نحو 180 ألف حالة خلال عام واحد وفي مصر.. هناك من يدخلون
السجون بسبب هذه المديونيات وأعبائها والفوائد التي لاتتناسب مع تكلفة
الانتاج الزراعي وما يحققه المزارع في ظل احتقارات لمستلزمات الانتاج
وتلاعب في أسعارها بعد أن رفعت الدولة يدها عن هذه المستلزمات وأصبح
الفلاح ضحية للبنك الذي يحصل علي فوائد عالية. والقطاع الخاص الذي يقدم
المستلزمات للانتاج بأسعار لاتتناسب مع تكلفة الانتاج.. وأصبح الفلاح
المصري عاجزاً عن تدبير شئون حياته اليومية بعد أن كان يطعم أولاده من
أرضه ولايعتمد علي الآخرين الا في حالات محدودة.. وزادت البطالة في
الريف.. فالأرض وانتاجياتها لاتسمح باستيعاب عمالة جديدة ولهذا جاءت
مبادرة الرئيس مبارك التي يجب أن تكون واضحة.

اسقاط فوري للمبالغ التي تقل عن 10 آلاف أو 12 ألف جنيه واعفاء نصف
المديونيات التي تصل إلي 40 ألف جنيه أو 50 ألف جنيه.. وقد شعرت بالكارثة
عندما نشرت بعض الصحف أن المديونية المستهدفة هي 10 آلاف جنيه وهو مبلغ
صغير لايوفر مستلزمات انتاج لفدان واحد ولايشتري ثلاثة رءوس من المواشي..
وكل ما ينتظره المزارعون في الريف الآن هو تنفيذ مبادرة الرئيس كما يريدها
لتخفيف آثار ووطأة الأزمة المالية فالعاملون والموظفون في الدولة نالوا
زيادة في الأجور وإن لم تكن مرضية.. والأطباء رفعوا أجور الكشف.. وسائق
الميكروباص رفع أجرة الانتقال.. والحكومة زادتها رفعت أسعار السولار مرتين
وترتب عليها ارتفاع تكلفة نقل المحاصيل.. وكلها أعباء علي الفلاح التي
لايشعر من يمثلوه في المجالس النيابية بهمومه ومشاكله في السنوات الأخيرة
فكيف يدرك الأفندية في القاهرة مايجري في الريف الآن.

كم وصلت تكلفة الانتاج.. وماهي الأعباء التي يتحملها الفلاح.. وماهو
الدعم الذي يحصل عليه أسوة بباقي المواطنين أنني أخشي من أن يحاول البعض
اجهاض مبادرة الرئيس بمنح هذه الميزة للزراع التي انتظروها لسنوات طويلة..
ولايجب أن يستثمر البنك عرق المزارعين وجهدهم في بناء أبراج وعمارات سكنية
في الدقي والتجمع الخامس ويمنح أجورا خيالية للعاملين فيه والفلاح يتضور
جوعا ويتألم من تدبير شئون حياته.

وقد تكون الفترة الماضية قبل الأزمة المالية مؤلمة بالنسبة للزراع
وتعثرهم في سداد مديونياتهم ولكن بعد الأزمة المالية والزيادات المتلاحقة
في مستلزمات الانتاج سيتحول هؤلاء إلي نزلاء في السجون.

ويخطيء من يعتقد أن اهمال القطاع الزراعي والاستماع لأصحاب الأصوات العالية في القطاع الصناعي هو الطريق لاحتواء الأزمة المالية.

فكيف تضحي الحكومة باعتمادات وتيسيرات وتخفيضتن للمصانع ومساندة
للمصدرين وتترك العمود الفقري للعملية الانتاجية في مصر وهم الزراع
وأولادهم وأسرهم.

ولايجب أن ننسي أن الأزمة المالية ستزيد الأزمة الغذائية اشتعالا ولا
سبيل الي مواجهة ذلك الا بالاهتمام بالقطاع الزراعي ومساندة المزارعين ان
المزارعين يستحقون المساندة ليس قبل المصدرين والصناع فقط.. ولكن قبل كل
الفئات الأخري.. لأن انهيار الزراعة علي النحو الحالي هو أزمة تمويل
بالدرجة الأولي.. وبسبب مايقوم به البنك من مضايقات وملاحقات وفوائد
مرتفعة ورسوم ادارية لقروضه أصبح المرابين يتحكمون في الفلاح ويوقع لهم
ايصالات أمانة تقود أيضا إلي السجن وتشريد الأسر وتبوير الأراضي الزراعية
بعد حبس عائل الأسرة.إننا نطالب بنظرة عادلة تضع الفلاح علي خريطة
الاهتمام وينال نصيبه مثل الفئات الأخري في المساندة والدعم والتيسيرات
وحتي لايصبح منبوذا وهو العمود الفقري للانتاح والانتاجية
كلمات لها معني

ابدأ العمل مع الشيء الصحيح

وليس مع الشيء المناسب

* بتر داكر رجل أعمال أمريكي