وداعا يا حبيبي.. "الخلع" طريقي

وداعا يا حبيبي.. "الخلع" طريقي

* وسط مئات القضايا والحكايات الإنسانية
المثيرة التي تزخر بها إحدي محاكم الأسرة ويبذل اعضاء مكتب تسوية
المنازعات الأسرية قصاري جهودهم من أجل التوفيق وإعادة الحياة الأسرية بين
الأزواج بدلاً من تفاقم الخلافات والانفصال وتشريد الأطفال.. وقف اعضاء
الهيئة القضائية بالمحكمة يحملقون في سطور دعوي خلع مثيرة وأمام ملابساتها
في دهشة وذهول لو القتطها مخرج مبدع لأنتج من وقائعها اروع الأفلام
الكوميدية.. أم لأربع بنات جامعيات تطلب الخلع من زوجها بعد عشرة دامت
بينهما حوالي ثلاثين عاماً دفع التفكك الأسري إلي جحود البنات وإنكار صنيع
الأب اللاتي خرجن من صلبه.. تربصن به في الشارع وإنهلن عليه بالضرب المبرح
فوق رأسه وجسده النحيل علي مرأي ومسمع من المارة بعدما باعته والدتهن
بأبخس الأثمان واحتمي بين احضان زوجة ثانية في عمر اصغر بناته!!

بدأت خيوط هذا الزواج تتشابك منذ تفتحت عيناه علي حب جارته في الصغر
ونما حبها وترعرع بين أعماقه في الصبا خلال دراسته الجامعية وكذلك اصبح هو
بالنسبة لها وهي في الثانوية العامة.. وتخرج وإلتحق بوظيفة مرموقة وإلتحقت
هي بالجامعة وفي السنة النهائية لدراستها طرق باب والدها خاطباً ابنته
وقوبل بالرضا والقبول وخلال شهور محدودة أعد عش الزوجية واصطحب شريكة
العمر من القرية إلي المدينة ليعيشا الحياة الوردية والسعادة الزوجية..
وانطلق يكد ويكدح في عمله ليل نهار وبالمثابرة والطموح جلس فوق كرسي
المركز المرموق والتحقت زوجته بعمل بإحدي الهيئات الحكومية.

وانطلقت بهما سفينة الحياة وسط الأمواج الهادئة وحياة المودة والمحبة
والتفاهم والانسجام تسانده شريكة العمر بدخلها الوفير من عملها وحلت
البركة اركان حياتهما المستقرة ورزقا خلال سنوات بأربع بنات تربين بين
احضان الأمومة الدافئة والرعاية الابوية تحت سقف مسكن اسري فاخر أساسه
الوفاء والاخلاص وسقفه الحب والحنان حتي وصلن إلي بر الأمان والتحقن
بالدراسات الجامعية واصبحن ربيع عمر والديهما والنور الذي يضيء من حولهما
الحياة الهادئة الهنيئة.

رحلة التعاسة!


* ولكن.. يبدو أن دوام الحال من المحال بدأت رياح رحلة التعاسة
والشقاء تهب من حولهم من كل اتجاه يوم احيل إلي المعاش المبكر واراد تشييد
منزل لتأمين مستقبل البنات وتوفير شقة لكل منهن.. وبالمودة والعشرة الطيبة
اتخذ الاجراءات القانونية بحكم قضائي بصحة توقيعه علي عقد بيع وتمليك
المنزل لشريكة عمره.. وهبت رياح المشاكل الزوجية والنكد ليل نهار عندما
أراد تأجير بعض شقق المنزل بايجار محدد المدة لمعاونته علي مواجهة اعباء
الحياة ومتطلبات البنات.

وهنا.. رفضت زوجته بإصرار دون مبرر واحتدم النقاش بينهما وتناست عشرة
السنوات والأمراض المضنية التي افترست جسد شريك العمر من الهم والكمد
والحزن.. هجرته والبنات إلي المنزل الجديد.. تركوه وحيداً سجين فراش
الأمراض وساءت حالته الصحية وخلال زيارة قريب له راح يهمس في أذنيه بأن
يتزوج من ترعاه بعدما هده الزمن واقعده المرض.. وبطريقة تقليدية قدم له
صورة فتاة جارته في المسكن فقيرة الحال تناسي امام جمالها الفاتن فارق
السن اربعين عاماً بينهما وسرعان ما اصطحبه قريبه لأسرتها لم تتردد الفتاة
لحظة واحدة ارتأت في ماله الوفير ما يحقق لها الاحلام والآمال ويعوضها
حياة الحرمان لضيق ذات اليد لوالدها وارتأت فيه الرزانة والوقار واغدق
عليها بسخاء من الملابس والمصوغات وعقد قرانهما ليضمهما مسكن الزوجية بين
جدران شقة الزوجة الأولي المتمردة وفوق المنقولات.

الضرة


* وما أن علمت أم البنات بوجود الضرة في حياته هرولت إلي هناك وانهالت
عليها أقذع الألفاظ مسغلة تواجد زوجها للعلاج بإحد المستشفيات وعندما عاد
توجه لمعاتبة زوجته الأولي بالمنزل علي فعلتها اللاأخلاقية وما أن غادر
المكان اندفعت بناته خلفه وانهلن عليه بالضرب المبرح فوق رأسه وانقذه
المارة من مخالبهن واجريت له الاسعافات الأولية بالمستشفي من الكدمات
والسحجات التي اصابته.. واصطحبه أهل الخير إلي قسم الشرطة لتحرير محضر
بالواقعة اللاإنسانية لتتسمر قدماه أمام ضابط النوبتجية عندما اخبره بأن
زوجته والبنات حررن ضده منذ دقائق محضراً تضمن اتهامه باقتحام منزل
التعاسة وتحطيم المنقولات والأجهزة الكهربائية وإثارة الرعب والفزع في
قلوبهن.

وقف في ذهول وراح يضرب "كفا بكف" من كيد النساء الذي غلب كيد
الشياطين فهو لا حول له ولا قوة.. احيل المحضر إلي النيابة وبعد التحقيقات
افرجت عنه بالضمان الشخصي ليفاجأ بعد عودته باختفاء زوجته الصغيرة
وملابسها وامتعتها من دولاب غرفة النوم وعادت إلي أهلها خشية بطش ضرتها
وبناتها.

اغرورقت عيناه الذابلتان بالدموع التي انسابت فوق تجاعيد وجهه كماء
النار ليعيش مأساة حياته اللاإنسانية معلقاً بين السماء والأرض بين زوجة
متمردة وجبروت بناتها وبين زوجة ساذجة قليلة الخبرة هاربة من الفزع والخوف
ليعيش حياته المدمرة وسط رحلة التعاسة والعذاب.

الخلع يا حبيبي!!


* ولكن الزوجة المتمردة لم ترتض وتكتف بتقويض وتدمير حياة محبوبها
شريك عمرها.. تمادت بجبروتها وطرقت باب محكمة الأسرة واقامت ضده دعوي طلاق
بالخلع ليفاجأ بمحضر المحكمة يطرق باب شقة الدمار ويعلن بموعد المثول امام
مكتب تسوية المنازعات الأسرية بمحكمة الأسرة واصرت المتمردة علي العناد
والانفصال من حياته بعدما أكلته لحماً ورمته عظاماً واهنة من يراه يتخيل
أنه في التسعين في ارذل العمر بعدما تكومت هموم الدنيا فوق رأسه وافترست
الأمراض المضنية قواه ليعيش سجيناً بين جدران عش الزوجية المدمر ليصدق
القول في حق زوجته إذا باعت رخص امامها كل شيء حتي شريك العمر إذا كره
زوجته يبيع ملابسه للخلاص منها ليعيش بعيداً عن النكد ووجع الدماغ.. فلم
يبق في صحته قوة ولا في عمره فسحة للصراعات في خريف العمر مع زوجة متمردة
وجحود بناتها اللاتي صدق فيهن قول الله تعالي: "إن من أزواجكم وأولادكم
عدواً لكم فاحذروهم".

يعطيكـ العافيهـ


ع


المجهود الاكثر



من


رائعـ


لاعدمناكـ