كل يوم بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

من طرف ادهم الأربعاء فبراير 25, 2009 10:36 am

كل يوم
بقلم : مـرسي عطـا الـلـه

هذه
المشاورات المكثفة التي تجري علي أرض مصر من أجل استعادة الوحدة الوطنية
الفلسطينية وتحقيق التهدئة كمقدمة لإعادة إحياء عملية السلام تؤكد من جديد
أن الدور المصري لايمكن التعامل معه علي أنه مجرد وسيط أو عامل مساعد إنما
هو دور رئيسي ومحوري ولاغني عنه‏..‏

وبصرف النظر عن عدم صحة بعض
الانتقادات الحادة لدور مصر أخيرا فإن هذه الحملة الظالمة كانت بمثابة
اعتراف بقيمة ووزن وتأثير مصر في مسار الأحداث بشكل عام وفي مسار عملية
السلام بشكل خاص‏..‏ ولكن الحمقي دائما يعجزون عن الفهم الصحيح لكيفية
توظيف الدور والوزن والتأثير المصري‏.‏

إن وزن وتأثير مصر يفرض
عليها دورا محددا تتمسك به وتحرص عليه من أجل سلام عادل يطوي إلي الأبد
صفحة العداء والمواجهة بين العرب وإسرائيل‏..‏ وليس كما يتوهم البعض دورا
يساعد علي تسوية هشة تنمو في ثناياها من جديد كل مشاعر المرارة والحقد من
جانب الذين يراد إجبارهم علي قبول ما هو دون الحد الأدني من مطالبهم
العادلة وحقوقهم المشروعة‏.‏

ومصر تعلم تماما أنها لاتملك في يدها
عصا سحرية تلقي بها فيخرج منها حل سحري لأن ذلك عمل من أعمال الحواة التي
لا تجيدها مصر‏...‏ وإنما مصر تملك فقط عزيمة جادة وإرادة صادقة وبيانا
واضحا وتحتاج فقط من جميع الأطراف دون استثناء أن يكونوا علي استعداد
للقبول بسلام حقيقي‏.‏

لقد فتحت مصر أذنيها تماما واستمعت بعقل
وقلب مفتوح لما يعتقد الفلسطينيون أنها حقوق لايمكن التنازل عنها أو
التفريط فيها‏..‏ وأيضا استمعت لما يعتقد الإسرائيليون أنه ضروري وحيوي
لاحتياجاتهم الأمنية ثم عكف بعض خبرائها المختصين علي طرح بعض الأفكار
التي يمكن أن تساعد علي تلبية أية رغبات ومطالب مشروعة من جانب هذا الطرف
أو ذاك ودون قفز أو خروج علي المبادئ الأساسية والحاكمة للعملية
السلمية‏,‏ وبالذات مرجعيات التفاوض المتفق عليها في مؤتمر مدريد والتي
تشمل قراري مجلس الأمن رقمي‏242‏ و‏338‏ وصيغة مبدأ الأرض مقابل السلام ثم
إن مصر يحكمها في تحركاتها تجاه عملية السلام ماهو أكثر من مرجعيات
التفاوض ومقررات الشرعية الدولية‏..‏ مصر تحكمها قيم أصيلة ومبادئ رفيعة
وتراث عظيم لايؤمن علي الإطلاق بتميز شعب علي شعب أو تفضيل حق لطرف علي حق
الطرف الآخر وإنه إذا كان هناك من يعطي الأولوية لاعتبارات الأمن فإنه
عليه أن يدرك أن الأمن حق للجميع وليس لطرف واحد مثلما أن السلام حق
للجميع وعليهم جميعا أن يدفعوا ثمنه وكل الاستحقاقات الواردة بشأنه‏.‏

لعلي
أكون أكثر وضوحا وأقول إن بعض الغمز واللمز عن أن مصر تشارك في طبخة جديدة
للتسوية السلمية ليس مجرد أكاذيب ظالمة إنما هو افتراءات وقحة سواء كانت
مجرد تسريبات مقصودة في بعض الصحف أو هلفطة مؤسفة علي ألسنة بعض من
يتحدثون عبر الفضائيات العربية‏.‏

مصر لا تعرف في سياستها منهج
الطبخة ولاتؤمن في استراتيجيتها الإقليمية بصيغة التسوية‏,‏ إنما مصر تعرف
الوضوح وسياسة الخط المستقيم ولاتري بديلا عن السلام الحقيقي الذي يمكن له
أن يدوم وأن يعيش استنادا إلي مشروعيته وعدالته وتلبيته للحقوق الثابتة
والمتكافئة للجميع‏.‏

attalla@ahram.org.eg