يومان للطغاة‏!‏بقلم : عبدالله عبدالسلام

من طرف ktkt السبت فبراير 28, 2009 10:34 am

أفق جديد
بقلم : عبدالله عبدالسلام

يومان للطغاة‏!‏

تذكروا
جيدا هذين اليومين‏,‏ فسوف يكون لهما ما بعدهما في العالم العربي كله‏:‏
غدا‏(‏ الأحد‏)‏ الأول من مارس‏,‏ والأربعاء المقبل‏(4‏ مارس‏),‏ إنهما
لحظتان نادرتان من ساعة الحقيقة التي غابت طويلا عن دنيا العرب‏,‏ وآن لها
أن تعود‏.‏

اليوم الأول‏,‏ أي غد‏,‏ تبدأ فيه رسميا أعمال المحكمة
الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري
وآخرين‏,‏ واليوم الثاني ستعلن فيه المحكمة الجنائية الدولية قرارها بشأن
إصدار مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير‏,‏ الذي يتهمه مدعي عام
المحكمة بارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور‏.‏

ما يجمع بين
اليومين أنهما ينهيان‏,‏ وإلي الأبد‏,‏ اليقين الذي وصل إلي مرتبة العقيدة
حول استحالة محاسبة الطغاة والقتلة الذين يتحصنون وراء مناصبهم‏.‏ ما يجمع
بينهما أيضا أن هناك من يدعي أن مثل هذه المحاكمات ستفجر الأوضاع داخل
السودان ولبنان‏,‏ وكأن الكشف عن القتلة الحقيقيين مدان‏,‏ أما ارتكاب
الجرائم نفسها فهو مبرر لأنه يتم في جنح الظلام‏.‏

محكمة الحريري
ستقول لمن ارتكب جرائم الاغتيال في لبنان‏:‏ مضي زمن الإفلات من العقاب‏,‏
وكل مجرم‏,‏ حتي لو كان رئيسا‏,‏ سيلقي جزاءه‏,‏ لكن الرسالة الأهم هي أن
العالم ليس مستعدا لعقد صفقات أو مساومات مع الطغاة لإبعاد شبح الإدانة
عنهم مقابل تهدئة الأوضاع هنا أو هناك‏.‏

أما محكمة دارفور فتلك
قصة أشد مأساوية وفظاعة‏,‏ إنها تتعلق بقتل‏300‏ ألف شخص‏,‏ وتشريد‏2.2‏
مليون آخرين حسب إحصاءات الأمم المتحدة‏,‏ وبرغم هول الجرائم وبشاعتها فإن
هناك من العرب من انتفض رافضا طلب المدعي أوكامبو باعتقال البشير‏,‏ لا
لشيء إلا لأنه رئيس دولة له حصانة تحميه من الاعتقال والمحاكمة‏.‏ إذن أين
حصانة الضحايا؟ ألم يكن البشير مسئولا عنهم وعن حمايتهم من القتل
والتشريد؟ ألا يحق مساءلته عن المصير الذي آلوا إليه؟

ثم إن النظام
السوداني نعت المحكمة بأقذع الألفاظ‏,‏ فهي ناموسة في أذن فيل‏,‏ وقرارها
لا يساوي الحبر الذي كتب به‏,‏ وسيولد‏,‏ ميتا‏.‏ حسنا‏..‏ إذا كانت لا
تساوي شيئا فلماذا يجيش النظام كل تلك الجهود لمعارضتها؟ ولماذا يلهث
للتوصل إلي تسويات متسرعة‏:‏ لعل قرار الاعتقال يتم تجميده أو إلغاؤه؟

وقد
كانت الفرصة متاحة خلال الأشهر الماضية أمام الخرطوم لتنهي المأساة في
دارفور بشكل دائم وحقيقي فماذا حدث؟ تركزت الجهود علي إنقاذ البشير لأنه
الرئيس أما أهالي دارفور فلهم رب يحميهم‏.‏

الأحد والأربعاء يومان
سيدرك خلالهما الطغاة أن عيون العالم تراقبهم‏,‏ وتحصي عليهم جرائمهم‏,‏
وسوف تحاسبهم عليها‏.‏ إنها مجرد بداية لزوال نظرية مازالت رائجة في
عالمنا العربي‏,‏ مفادها أن أفراد الشعب وحدهم معرضون للمحاكمات
والإدانة‏,‏ أما الحكام فهم منزهون ومحصنون مهما فعلوا‏.‏

aabdelsalam65@gmail.com