قرآن وسنة د. عبد الله النجار

قرآن وسنة
د. عبد الله النجار

ليس لتلك الفتاة الفرنسية التي قتلها
المجرمون في ميدان الحسين ذنب أو جريرة. فهي لم تأت إلينا لعمل عدائي. أو
مهمة كريهة. ولكنها حلت -مع من جاءوا معها- ضيوفا كراما أعزاء علينا.
وسواحا عاشقين لحضارة بلدنا وأصالة تقاليدنا وكرم ديننا. وأمثال أصحاب تلك
الدوافع النبيلة والمقاصد السامية لا يستحقون الغدر والخيانة. ولا يباغتون
خسة ونذالة بما يهدد سلامة أبدانهم. أو يعجل بنهاية حياتهم. بل يجب لهم حق
الضيافة وجميل الوفادة وكرم الإسلام. وهذه السائحة وأمثالها هم المقصودون
ببر المعاملة المنصوص عليه في قوله تعالي: " لا ينهاكم الله عن الذين لم
يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله
يحب المقسطين" ومن القسط الذي يجب فعله أن يعامل كل وطني هؤلاء الوافدين
السواح بما يجب أن يعامل به من حماية مقومات حياته والإحساس بالأمان
والطمأنينة في غدوه ومراحه. ما يري البسمة علي الوجوه وعبارات الترحيب
والكلام الطيب علي الشفاه ذلك ما يحبه الإنسان لنفسه وهو حد القسط المطلوب
في الآية الكريمة وأما منزلة البر التي أوجبها الله لهم. فهي فوق ذلك
بكثير. إنها تتجاوز الحق إلي مقام الإحسان والإكرام. والمبالغة في حسن
الوفادة والترحيب والتعامل لكن المجرمين الذين نفذوا جريمة التفجيرات في
ميدان الحسين لم يحترموا تلك القيم الإسلامية الرفيعة. ولم يلتزموا بأحكام
الإسلام السامية. وباعوا أنفسهم للشيطان بعد أن تركوا ضمائرهم للموت
والضياع بيد هؤلاء الخونة الذين استعملوهم أدوات لتنفيذ ما يعتمل في
قلوبهم من الحقد الدفين علي أرض الكنانة وعلي الإسلام وعلي كافة أبناء هذا
البلد المكافح الصبور ففعلوا تلك الجريمة الشنعاء التي تدل علي خسة لا
نهاية لها وإجرام فاق الحدود ليس انتصارا للإسلام أو دفاعا عنه. ولكن
انتصارا عليه وانتقاصا منه. لقد أساء هؤلاء المجرمون إلي الإسلام أبلغ
إساءة بتلك الجريمة الوقحة التي تدل علي منتهي الاستهانة بإحكامه
والاستخفاف بأصوله وفروعه ولن يغفر الله لهم ما فعلوا وسوف يكون نبي
الإسلام نفسه هو خصيمهم يوم القيام فهو القائل: "من آذي معاهدا فأنا خصيمه
يوم القيامة" والسائح معاهد فإذا أوذي من مجرم كان النبي خصيمه يوم
القيامة وكفي بهذا وعيدا.