هل كان ضرورياً تدمير غزة؟ مهمة مصر المستحيلة في المصالحة!بقلم: محمد علي إبراهيم

من طرف حبيبة الكل الأحد مارس 01, 2009 2:16 pm

مصر المستقبل
بقلم: محمد علي إبراهيم
هل كان ضرورياً تدمير غزة؟
مهمة مصر المستحيلة في المصالحة!

يلح علي هذا السؤال باستمرار.. هل كان
ضروريا أن تدمر إسرائيل غزة كي يتفق الفلسطينيون..؟ ملف المصالحة
الفلسطينية كبير وشائك.. فيه دماء وأسري واتهامات متبادلة وتخوين..
الخلافات بين الفلسطينيين جذرية وتدور حول عملية السلام.. هل يتفقون عليها
أو يرفضونها؟ وهم أيضا مختلفون حول حدود الدولة الفلسطينية. هل هي حدود 4
يونيو 1967 أم حدود مايو 1948؟ هناك أيضا فريق ثالث مازال يدعو لتحرير
فلسطين من النهر للبحر.

مصر عندما بذلت جهودا مضنية لإصلاح ذات البين بين الفلسطينيين كانت
تعلم أن الفلسطينيين أصبحوا يسيرون في خطين متناقضين ليس في التكتيك فقط
ولكن في الاستراتيجية أيضا.. الأول يدعو للتفاوض والسلام ويري أن ذلك
سيقطع الطريق أمام السلوك العدواني لإسرائيل ويرغمها علي القبول بالمبادرة
العربية والوساطة الدولية.. والثاني يقول إنه لا فائدة من السلام فقد
جربوه طويلا ولم ينجح.. منذ عام 1993 وحتي الآن لا فائدة. لذلك لابد من
المقاومة.

هنا يجب أن أشيد بدور مصر في تغيير مفهوم حركة "حماس" للمقاومة. فقد
سئل موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في المؤتمر
الصحفي يوم الخميس الماضي عن الأسلوب الذي ستعتمده الحركة في المقاومة
بالمرحلة المقبلة فأجاب ان الاحتلال هو بحد ذاته عدوان علي الفلسطينيين
"كما هو منشور بالجمهورية" وبالتالي فمقاومته مشروعة بكل الوسائل.

هنا يبدو نجاح مصر ظاهرا.. كلام أبو مرزوق مختلف بنسبة كبيرة عما كان
يتردد سابقا.. المقاومة مشروعة بكل الوسائل تعني انك يمكن ان تقاوم
بالسلاح وبالتفاوض.. حركة "حماس" بدأت تدرك انها يمكن ان تكون جناح مقاومة
داخل الدولة.. بدأت "حماس" تستوعب ما اشرت إليه في مقالات سابقة بأنها
اصبحت تميل إلي أن تصبح مقاومة الدولة وليس دولة المقاومة.

كلام أبو مرزوق ناجم عن اقتناعه بأنه يمكن لفصيله ان يقاوم بالسلاح
بينما يستطيع أبو مازن أن يقاوم بالضغط علي إسرائيل بالطريق السياسي
والدبلوماسي واستخدام القوي العربية المؤثرة "مصر والسعودية" والقوي
الدولية المعتدلة في التوصل لنتائج.

لقد تنبهت مصر إلي أن استراتيجية المصالحة بين فتح وحماس ينبغي ألا
تمتد حاليا إلي استراتيجية كل منهما وايهما علي حق وايهما علي باطل.. من
هنا جاءت عبقرية صيغة لاغالب ولا مغلوب.. فقد استفادت مصر جدا من فشل
المفاوضات بين الفصيلين في المرة الأولي.. فقد حدث اثناء تفاوض أبو مازن
مع أولمرت أن "حماس" لم يعجبها أداء محمود عباس في المفاوضات فانفصلت بغزة
عن السلطة الفلسطينية.

مبدأ جميل جدا أرسته مصر عند الفلسطينيين علي اختلاف مشاربهم وهو أن
فلسطين محتلة ومقاومة الاحتلال واجبة كل بطريقته واسلوبه ومنهاجه.

عبقرية مصر انها افهمت الفلسطينيين انه ليس من الضروري ان يغير كل
طرف من الأطراف برنامجه السياسي بحيث يتغلب رأي علي آخر. لكن المهم أن
يكون الاتفاق علي إطار يضبط الخلافات فيما بينهم في المستقبل.

هذا الإطار الذي نجحت فيه مصر ستظهر آثاره الإيجابية سريعاً عند
تشكيل حكومة الوفاق الوطني أو عند إعادة هيكلة منظمة التحرير.. ومن ثم
سيكون لكل فريق رأيه ويتم التوصل إلي التوافق بالحوار وليس من خلال
المسدسات أو إلقاء المخالفين في الرأي من الدور الخامس عشر.

إن مصر قدمت لحماس وفتح "جزرة" تستحق المحاولة.. فالحركة الإسلامية
تواجه موقفاً في غاية السوء في قطاع غزة خصوصاً فيما يتعلق بتعثر إعادة
الإعمار في ظل حكومتها التي لا يعترف بها العالم.. ومن ثم فإن من مصلحة
الدول التي ستقدم أموال الإعمار أن يكون في غزة حكومة متوافقة. كما أن
المصالحة ستجعل "حماس" تحظي بقبول عربي.. أما فتح فإن عودتها إلي غزة
ستفيد أبو مازن في الانتخابات القادمة وتتيح له تجاوز الخلافات حول شرعيته
وعودة أجهزة الحكومة لممارسة دورها في غزة بحيث يشعر الفلسطينيون أن
رئيسهم معهم ويتصرف من منطلق أنه رئيس وليس "كطريد".. مصر تقوم بعمل جيد
بخبرة واحتراف فتعلموا منها.